33/08/03


تحمیل
 الموضوع:- تكملة مسألة ( 342 ) ، ( 343 ) / أحكام السعي/ الواجب الرابـع من واجبات عمرة التمتع ( السعي ) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 هذا وربما يتمسك لإثبات المدعى أيضاً بصحيحة معاوية المتقدمة الواردة في الكسير ( عن أبي عبد الله عليه السلام:- الكسير يحمل فيطاف به والمبطون يرمي ويطاف عنه ويصلى عنه ) بتقريب يتركب من مقدمتين أيضاً:-
 الأولى:- إن من يقرأ الرواية المذكورة يفهم منها أنه ما دام يمكن للمكلف الإتيان بالمرحلة الثانية فيلزمه ذلك فإذا تعذر لزمه الانتقال إلى المرتبة الثالثة - أعني النيابة عنه - ولذا أمر عليه السلام الكسير الذي يمكنه المرتبة الثانية بأن يطاف به لا أن يطاف عنه ولكن حينما وصل إلى المبطون الذي لا يمكنه ذلك - أي حتى الطواف به - أمر بالطواف عنه . إذن من هنا نستنتج أن من تعذرت عليه المرتبة الثانية في باب الطواف لزمه الانتقال إلى المرتبة الثالثة.
 إذن هذه الرواية دليل على لزوم النيابة عند تعذر المرتبة السابقة ولكن هذا في الطواف دون السعي وكلامنا هو في السعي ولذا نحتاج إلى المقدمة الثانية.
 الثانية:- أن يدعى أن المراد من الطواف في الصحيحة المذكورة ما يعم السعي لما تقدم في الرواية السابقة وبذلك يثبت المطلوب ، يعني أن من تمكن من السعي بالمرتبة السابقة على الأخيرة لزمه ذلك وإذا تعذر لزمه الانتقال إلى المرتبة الأخيرة.
 وهذا استدلال جيّد غير أن المناقشة التي ترد عليه هي:- إن هذا يتم فيما لو فرض أن الرواية المذكورة قد وردت بالمتن المذكور - يعني الطولية بين المرتبة الأخيرة وما قبلها فانه لو كان المتن قد رود هكذا فهو جيد ويتم الاستدلال بعد ضمّ المقدمة الثانية ، ولكن معاوية قد رودت عنه الرواية المذكورة بصيغتين أخريين جعل في أحداهما الكسير والمبطون في عرض واحد من دون طوليّة - أي يطاف عنهما من دون ذكر المرتبة السابقة - وهي ما رواه الشيخ الكليني والصدوق عن معاوية عن أبي عبد الله ( المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما ) [1] فان هذه الرواية لم تجعل المرتبة الأخيرة في طول السابقة ، وفي ثانيهما لم تجعل طوليّة في باب الطواف وهي ما رواه الصدوق بسنده عن معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام ( الكسير يحمل فيرمي الجمار والمبطون يرمى عنه ويصلى عنه ) [2] ففي هذا المتن لم تجعل طولية بين المرتبة الأخيرة للطواف مع المرتبة السابقة عليها وإنما صدر الرواية ناظر إلى رمي الجمار والذيل ناظر إلى الصلاة عنه أو بإضافة الطواف عنه مع الصلاة فلم تجعل طوليّة في باب الطواف وأنه في المرتبة السابقة يطاف به وفي المرتبة اللاحقة يطاف عنه فهذه الطولية ليست موجودة.
 ثم نضم إلى ذلك مقدمة أخرى:- وهي أن الصادر من الامام عليه السلام حيث لا يجزم بأنه الصيغة الأولى التي تنفعنا ويحتمل أن يكون هو الصيغة الثالثة التي هي أجنبية عن المقام فعليه لا يمكن التمسك بالمتن المذكور بعد إجمال وتردد الصادر ، وهذه نكتة ظريفة وسيّالة طبقناها في موارد متعددة ومنها هذا المورد المذكور ، نعم من جزم أو اطمأن بكون هذه متون متعددة صدرت في وقائع متعددة فحينئذ لا مشكلة عنده ويتم الاستدلال بالرواية المذكورة ، ولكن حيث أنّا نحتمل أن الصادر شيء واحد وقد وقع الاختلاف في نقله ولم يثبت انعقاد سيرة على الحكم بالتعدد في مورد احتمال وحدة الصادر فعلى هذا الأساس يحصل التردد في الصادر وبالتالي لا يمكن التمسك بالرواية المذكورة ويبقى حينئذ المدار على الرواية السابقة - أعني صحيحة حريز -.
 وقبل أن ننهي حديثنا عن هذه المسألة نشير إلى أنه كان من المناسب للسيد الماتن(قده) الإشارة إلى أن من أغمي عليه فلم يتمكن من الطواف أو من السعي - وقد يحصل هذا لبعض الحجيج - فيجوز لبعض المسلمين أن يأتي بالطواف أو السعي عنه بلا حاجة إلى أن يفيق هو وينيب كلا بل يتبرع عنه غيره من دون حاجة إلى ذلك أو الحاجة إلى إجازة الولي ، والمستند في ذلك هو صحيحة حريز المتقدمة حيث جاء فيها ( المريض المغلوب يرمى عنه ويطاف عنه ) ولم يقل عليه السلام انه ينيب فيطاف عنه إذ قد فرض أنه مغمىً عليه أو أنه مريض مغلوب فرغم ذلك قال عليه السلام ( يطاف عنه ) ولم يوجه الحكم إلى الولي وهذا معناه أن أي واحدٍ من المسلمين لو تصدى كفى ذلك.
 اللهم إلا أن تقول:- إن هذه الرواية ناظرة إلى حيثية أنه ما دام الشخص مغمىً عليه فالوظيفة هي النيابة ، أما ما هي تفاصيل النيابة وأنه لابد وأن تصدر منه - أي المغمى عليه بعد إفاقته - أو من وليّه أو غيره فهذا مسكوت عنه وليست الرواية بصدده وإنما هي بصدد بيان هذا المقدار فقط ، ولو قلنا هكذا فلا يمكن التمسك بإطلاقها آنذاك.
 ولكن لا نرى موجباً لهذا التضييق فانه كان من المناسب للإمام عليه السلام أن يبين ويشير إلى أن هذا الحكم بشرط أن يفيق فينيب أو بشرط أن الولي هو الذي ينيب أو ما شاكل ذلك وعدم الإشارة إلى هذا يمكن أن يستفاد منه جواز تولّي ذلك بشكل مطلق.
 
 
 
 
 مسألة ( 343 ):- الأحوط أن لا يؤخر السعي عن الطواف وصلاته بمقدار يعتد به من غير ضرورة كشدة الحر أو التعب وإن كان الأقوى جواز تأخره إلى الليل . نعم لا يجوز تأخيره إلى الغد في حال الاختيار.
 ..........................................................................................................
 محصل المسألة هو أن المكلف لو أتى بالطواف فهل يلزم أن يأتي بالسعي متصلاً به بحيث لا تفوت الموالاة أو على الأقل لا يكون الفاصل كبيراً ؟ ومنشأ طرح هذا التساؤل هو ورود بعض الروايات التي توحي بعدم جواز التأخير ، وقد وردت في هذا المجال روايات ثلاث:-
 الرواية الأولى:- صحيحة العلاء بن رزين قال ( سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيا أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد ؟ قال:- لا ) [3] وهي قد دلت على أن التأخير إلى غدٍ لا يجوز بل اللازم الإتيان بالسعي قبل أن يتحقق الغد - أي يأتي به قبل أن يأتي الفجر -.
 نعم هي مضمرة حيث عبّر بقوله ( سألته ) ، ولكن تقدم أنه يوجد بيان عام نثبت به حجيّة مطلق المضمرات.
 ومضافاً إلى ذلك أن الشيخ الصدوق(قده) نقلها بسنده عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام وبهذا الاعتبار قد يقال هي ليست مضمرة بل مسندة إلى الامام عليه السلام والمتن نفس المتن.
 الرواية الثانية:- صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ( سألته عن الرجل يقدم وقد اشتد عليه الحرّ فيطوف بالكعبة ويؤخر السعي إلى أن يبرد ؟ فقال:- لا بأس به وربما فعلته . وقال:- وربما رأيته يؤخّر السعي إلى الليل ) [4] ، وهي تدل على جواز التأخير إلى أن يزول العذر - وهو حرارة الجو مثلاً - والحرارة نأخذها كمصداق للعذر والّا فليس لها خصوصية فالمدار على زوال العذر من دون تقييد بأن لا يكون ذلك إلى غدٍ بل هي مطلقة من هذه الناحية فانه عليه السلام قال لا بأس بالتأخير إلى أن تزول حرارة الجو ولم يقيد ذلك بأن لا تتجاوز نهاية الليل فهي مطلقة من هذه الناحية.
 الرواية الثالثة:- صحيحة محمد بن مسلم ( سألت أحدهما عليه السلام عن رجلٍ طاف بالبيت فأعيا أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة ؟ قال:- نعم ) [5] وهي تدل على أن المدار على زوال الإعياء فيجوز التأخير إلى زواله من دون تقييد بأن لا يحلّ الغد ، فهي مع صحيحة ابن سنان متقاربة أو عين المضمون غايته أن صحيحة ابن سنان واردة في مسألة كون العذر هو الحرّ وهذه ناظرة إلى الاعياء وقلنا أنه لا فرق بينهما من هذه الناحية إذ لا تحتمل الخصوصية لأحد هذين فهما إذن من ناحية المضمون واحد.


[1] المصدر السابق ح3.
[2] المصدر السابق ح7.
[3] الوسائل 13 411 60 من أبواب الطواف ح3.
[4] المصدر السابق ح1.
[5] المصدر السابق ح2.