32/03/04


تحمیل

الموضوع: المسالة 250

 كنا نتحدث حول هذا العنوان وهو ان حرمة الجدال تختص بحالة الاخبار او تعم حالة الانشاء؟

قلنا ان هناك حالات ثلاث

الاولى: يكون القسم على امر سابق ومثلنا له (بلى والله فعلت هذا امس)

الثانية: الاخبار يكون عما سياتي كما تقول (بلى والله سافعل ذالك غدا) فهو قسم بنحو الاخبار عن امر سياتي

 وهذان الفردان لا اشكال في تحقق الجدال المحرم فيهما

الثالثة: انما الكلام فيما اذا كان القسم على امر انشائي كأن اقول (بلى والله اطلب منك ان تدعو لي) فهو قسم على الطلب وهو امر انشائي

 فالكلام هل ان مثل هذا هل يكون من الجدال المحرم او لا؟

قد نقول انه من الجدال المحرم تمسكا بصحيحة ابي بصير المتقدمة التي جاء فيها انه يحلف بلسان والله لاتعمله فيقول والله لاعملنه ففي هذه الرواية الامام (عليه السلام) قال لاشيئ عليه لانه اراد اكرام صاحبه فلوكان الجدال يشترط في تحققه ان يكون اخبارا فهنا لايوجد اخبار بل هو طلب

واجبنا عن ذالك ان هذه الرواية هي ذات وجهين فلعل المقصود منها الاخبار او المقصود منها الانشاء فلايمكن التمسك بها لاثبات ان الجدال يصدق في حالة الاخبار او الانشاء

ثم قلنا ان السيد الخوئي ذكر انه يشترط الاخبار ولايكفي الانشاء في تحقق الجدال وتمسك لذالك بصحيحة معاوية بن عمار التي جاء فيها ان كان قسمه بنحو الاخبار الصادق فعليه كذا واذا كان بنحو الاخبار الكاذب فعليه كذا فهذا يدل على ان المدار على القسم هو الذي يتحقق فيه الصدق او الكذب وهذا لايتحقق الاّ في حالة كون القسم على الاخبار

وفيه ان غاية مايستفاد من هذه الصحيحة هو انه في حالة اتصاف المقسم عليه في حالة اختصاصه بالصدق والكذب فهو داخل في الجدال المحرم، والذي يتصف بذالك هو الخبر فغاية مايستفاد منها انه اذا كان القسم على الاخبار فيتحقق الجدال المحرم

 اما اذا لم يكن المورد متصفا بالصدق والكذب الذي هو الانشاء فذالك لايكون من الجدال المحرم فهو شيئ مسكوت عنه

 وهذا ينبغي ان يكون من الامور الواضحة ولا اعلم كيف استدل (قده) بذالك

والاولى في مقام الاستدال على اعتبار الاخبار ان الجدال عرفا لايصدق في حالة الانشاء بل يصدق في حالة الاخبار فقط

 اما لان المعتبر في الجدال الخصومة ولا معنى للخصومة في الانشاء وانما تصح الخصومة بلحاظ الاخبار

 او لانه بقطع النظر عن مسألة الخصومة فالعرف لايرى صدق الجدال في حالة الانشاء

ولو تنزلنا وقلنا ان العرف من هذه الجهة لاوضوح فيه فالامر مجمل من هذه الناحية فيكفينا هذا الاجمال لاعتبار حالة الاخبار تمسكا بقاعدة اصولية والتي هي عرفية وعقلائية قبل ان تكون اصولية وهي

 ان الدليل لايجوز التمسك بعمومة الا بعد احراز مفهومه فلو كان مفهومة مجملا ففي المورد الذي يحرز فيه المفهوم يصح التمسك بالعموم اما في مورد الشك فلايصح التمسك به

 فان العموم يقول ان تحقق هذا المفهوم، فانا اثبت الحكم اما اذا شك في تحققه فانا ساكت

 وهذا ما يمكن ان يعبر عنه بان الحكم لايمكن ان يثبت موضوع نفسه كما اذا قيل الماء مطهر وفرضنا ان الشك شك عرفا هل هو ماء او لا بان كانت الشبهة مفهومية وهنا لايصح التمسك في مورد الشك الذي هو الجليد فان العموم يقول في مورد الماء احكم بانه مطهر اما ان الجليد يشمله مفهوم الماء وان مفهوم الماء وسيع فيشمل الجليد فهذا خارج عن صلاحياتي

 وهذه قضية عرفية قبل ان تكون اصولية

ومقامنا من هذا القبيل فانا اذا شككننا في صدق عنوان الجدال في مورد الانشاء فلا يجوز التمسك بادلة تحريم الجدال في الحج فانه تمسك بالعام في مورد اجمال المفهوم، وكما لايجوز في مورد الشبهة المصداقية التمسك بالعام كذالك لايجوز في مورد الشبهة المفهومية التمسك بعموم العام في مورد الشك

والخلاصة في مورد الانشاء لايمكن الحكم بتحقق الجدال المحرم اما لانه عرفا يعتبر في صدق عنوان الجدال كون المورد من موارد الاخبار او اننا نشك في ذالك فيكفينا الشك

فالنتيجة نوافق السيد الخوئي لكن لامن الطريق الذي سلكه بل من الطريق الذي اشرنا اليه

هل يلزم تحقق الصيغتين معا؟

 تارة يفترض ان تلك الصيغتين تصدران من شخصين او من شخص واحد اي كان يقوا احد الشخصين (بلى والله فعلت ذالك) والاخر يقول في رده (لا والله لم تفعل)

والسؤال هل يعتبر في تحقق الجدال المحرم تحقق كلتا الصيغتين اما من شخصين او من شخص واحد لتحقق الجدال او انه تكفي احدى الصيغتين؟

 ومنشأ هذا التساؤل ان الروايات قالت ان الجدال بلى والله ولا والله فقد يفهم منه ان الحرمة تتوقف على اجتماعهما

 ولكن المناسب كفاية الواحدة في تحقق حرمة الجدال

اما ببيان ان المفهوم عرفا من امثال التعبير المذكور هو ذالك اي ان احدى الصيغتين تكفي في تحقق الجدال المحرم

او ببيان انه لو تنزلنا وقلنا ان لا فهم للعرف بهذا فكفاية احدى الصيغتين شيئ غير واضح

 فنقول آنذاك يكفينا تردد العرف وعدم الوضوح العرفي في كفاية احدى الصيغتين فان ذالك يكفي في تحقق حرمة الجدال تمسكا باطلاق دليل حرمة الجدال الذي قال فلا رفث والا فسوق ولا جدال في الحج فان مقتضى اطلاقه انه متى ما تحقق الجدال كفى ذالك في تحقق الحرمة

 والقدر المتيقن في صورة فقدان الصورتين انه لايتحقق التحريم اما اذا تحققت احدى الصيغتين فنعود الى الدليل المطلق وهو الاية الكريمة

هل يعتبر الكذب في تحقق الجدال المحرم؟

 قد يخطر الى الذهن ان الجدال اذا كان في مورد الصدق فهو ليس من الجدال المحرم شرعا رغم انه جدال عرفا ولكنه ليس جدالا محرما شرعا

 وانما يكون المورد من الجدال المحرم اذا كان الشخص كاذبا في قسمه

ويمكن توجيه ذالك باحد البيانين التاليين

الاول: التمسك بصحيحة ابي بصير حيث جاء في ذيلها انما اراد بهذا اكرام اخيه ثم قال (عليه السلام) انما ذالك ما كان لله عزوجل فيه معصة فيفهم منه ان مورد الجدال المحرم ما اذا كان المورد مصداقا للمعصية وعنوان المعصية لا يصدق الاّ في مورد الكذب اما اذا كان الشخص صادقا فلا يكون المورد فيه معصية حتى يحرم

الثاني: صحيحة يونس بن يعقوب سالت ابا عبد الله (عليه السلام) عن المحرم يقول لا والله وبلى والله وهو صادق عليه شيئ قال لا وسائل الشيعة ج 13 ص 147 الباب 1 من ابواب بقية كفارات الاحرام الحديث8

 فانه يدل على عدم ثبوت شيئ بما في ذالك الحرمة اذا كان الشخص صادقا

 هكذا قد يستدل على اعتبار الكذب في تحقق الجدال المحرم