32/04/07


تحمیل

الموضوع: المسألة ٢٥٩

 انتها حديثنا الى المحرم الجديد من محرمات الاحرام وهو رقم 18 من محرمات الاحرام وهو ازالة الشعر عن البدن

قلنا هذه المسالة تتضمن مجموعة نقاط

النقطة الاولى: يحرم على المحرم ازالة الشعر عن بدنه

 وقبل ان نذكر ما يستدل به على الحكم المذكور نشير الى هذه القضية وهي

 ان الحرمة في الجملة ربما لايصعب اثباتها وانما الكلام في اثباتها بشكل مطلق يعني ان الازالة سواء كانت بحلق ام بغيره وسواء كانت في الراس او في بقية البدن وسواء كان لقسم كبير من الشعر ام لمقدار صغير كشعرة او شعرتين

 انما الكلام في اثبات الاطلاق لكل هذه الانحاء وماشابهها فنبحث هل هناك دليل مطلق يمكن من خلاله اثبات التحريم بشكل مطلق

 او ان اقصى ما نملكه هو الدليل على اثبات الحرمة في الجملة

 فهذه القضية لابد من الالتفات اليها

وقبل ان نذكر الادلة نشير الى فتوى الاعلام فيها

 وفي هذا المجال ذكر في المدارك ج7 ص 350 ان العلامة في المنتهى ادعى الاجماع على تحريم ازالة الشعر قليله وكثيره عن الراس واللحية وسائر البدن بحلق ونتف وغيرهما مع الاختيار

 وقريب منه في الحدائق ج15 ص 511

 وفي الجواهر ج18 ص 377 ان ازالة الشعر قليله وكثيره حتى الشعرة ونصفها عن الراس او اللحية او الابط او غيرها بالحلق او القص او النتف او النورة او غيرها مما لم اجد في حرمته خلافا بل الاجماع بقسميه عليه ...الخ

 هذا من حيث الفتوى

واما من حيث الدليل فقد تذكر الوجوه التالية

الوجه الاول: الاجماع المدعى في المسالة من قبل العلامة وغيره

وفيه انه لو سلمنا تحقق اتفاق الفقهاء على الحرمة من دون شذوذ بعض، فيرد عليه ما قرئناه مكررا وهو ان الاجماع انما يكون حجة باعتبار كاشفيته يدا بيد عن رأي المعصوم (عليه السلام) وانما يكشف ذالك لو لم تكن في المسالة اية او رواية او غير ذالك مما يحتمل استناد الاعلام اليه

 اما اذا فرض وجود مثل ذالك جزما او احتمالا فسوف لانجزم بتلقي الفقهاء الحكم يدا بيد من المعصوم (عليه السلام) بل لعلهم استندوا الى الاية او الرواية او غير ذالك فتعود القيمة لهذه المدارك وليس للاجماع بما هو اجماع

 ولعل تلك المداررك بنظرنا قاصرة الدلالة

 اللهم الاّ اذا فرض اتحاد المركز بحيث كان المدرك رواية واحدة واستند الجميع اليها فان هذا يولد الاطمئنان بحقانيتها سندا ودلالة

 اذ من البعيد ان الجميع قد اخطئوا

ونؤكد ان الشرط هو اتحاد المركز ويعلم استناد الجميع اليه وهذا مورد يمكن ان يقال فيه بالحجية ولكن الحجية تكون للمدرك

 وهناك حالة اخرى مستثناة ونحكم فيها بحجية الاجماع وهي

 اذا فرض ان الاجماع بلغ حدا يكاد ان يكون تسالما وضرورة ووضوحا جليا بحيث حتى لو بطل المدرك يبقى ذالك الوضوح صامدا

 من قبيل طهارة الماء في حد نفسه ومطهريته فانه وقع الكلام بين الفقهاء في انه كيف نثبت ان الماء طاهر في حد نفسه واستدل ببعض الروايات ونوقش فيها

 ولكن رغم المناقشة يبقى الفقيه يشعر بضرورة كون الماء طاهرا ومطهرا

 ففي مثل هذه الحالة لايضر وجود بعض المدارك التي يحتمل استناد الفقهاء اليها

 بل يمكن ان يقال حيث انها اقل وضوحا من الاجماع ولاضرورة في المسالة فلا يحتمل استناد الفقهاء الى الروايات لانها اقل وضوحا حسب الفرض، والضعيف ظهورا لايولد ما هو اجلى ظهورا ووضوحا ومعه فيحصل القطع للفقيه ان الحكم المذكور قد تلقي يدا بيد من معدن العصمة والطهارة وهذه طريقة نافعة في اثبات مجموعة من الاحكام التي قد يتعثر اقامة اية او رواية عليها

 وقد نمثل له باعتبار القربة في الوضوء والتيمم والغسل وهكذا في الحج والصلاة والصوم فالقربة في هذه معتبرة جزما ولكن ربما يصعب تحصيل اية او رواية على ذالك

 ففي مثل هذه الحالة يمكن ان نقول ان الوضوح الثابت بين الفقهاء علىمستوى الارتككاز لابد له من مدرك والا فلايمكن صدوره عفوا ولابلا علية

 والايات والروايات التي تذكر في المسالة حيث انها اقل وضوحا من ذالك الارتكاز والاجماع الثابت بين الفقهاء فلايحتمل انهم استندوا اليها

 فيتعين هذا الوضوح يدا بيد من اهل العصمة والطهارة

 والمهم هو كبرى هذه القضية فانها مهمة ولابد من التامل فيها لانها لو تمت فيمكن ان نستفيد منها في غير مورد

 والمهم ان الاجماع في مقامنا ليس بذالك الوضوح والمسالة ليست من الامور الواضحة كطهارة الماء ونحوه فيحتمل آنذالك الاستناد الى احد الامور التي سنذكرها

 وحيث ان المركز ليس واحدا بل هو متعدد فيسقط الالجماع المذكور عن الاعتبار بما هو اجماع

 نعم ربما ان بعض الفقهاء له حسن ظن قوي بالفقهاء بحيث اذا اتفقوا على حكم فانه يحصل له اطمئنان

 وقد قلنا ان بعض الاعلام في النجف الاشرف ينقل عنه انه اذا اتفق ثلاثة من الاعلام ممن يعتقد هو بهم وهو الميرزا محمد حسن الشيرازي في سامراء والشيخ محمد تقي الشيرازي والشيخ الاعظم الانصاري فاذا اتفقوا على حكم فانه يحصل له الاطمئنان فاذا حصل له القطع كفى ذالك كدليل عل الحكم

 وبالجملة فالفقيه اذا كان له حسن ظن قوي بالفقهاء الذين اجمعوا فالامر سهل عنده حتى مع فرض وجود مدرك محتمل

 ولكننا لسنا من هذا لقبيل

 فالاجماع المذكور لاتحصل له قيمة علمية كدليل على الحكم الشرعي

 فنحن في الغالب نتنزل للاحتياط الوجوبي لاجله

 ولايخفى ان المدرك اذا كان الاجماع فلابد من الاقتصار فيه على القدر المتيقن فان الاجماع دليل لبي ولالفظ فيه

 نعم لو ان الكل صرحوا بالتعميم بعرضه العريض فحينئذ سوف يكون التعميم قد انعقد الاجماع عليه

 اما اذا لم نجزم وفرضنا ان العلامة قد ادعى التعميم بعرضه العريض فلابد من الاقتصار فيه على القدر المتيقن

 وبالجملة حتى لو سلمنا بحجية الاجماع في المسالة فحيث انه لبي فيقتصر فيه على القدر المتيقن وهو ثبوت الحرمة في الجملة وليس في جميع الصور والانحاء

الوجه الثاني: قوله تعالى ولاتحلقوا روؤسكم حتى يبلغ الهي محلة فمن كان منكم مريضا او به اذى من راسه

فقد دلت على ان المحرم لايجوز له ان يحلق راسه وهذا المورد الاول للاستشهاد

والثاني ان من كان مريضا ويحتاج الى الحلق فيجوز له التعجيل حتى قبل بلوغ الهي محله ولكن عليه ان يقوم باحد الخصال الثلاثة المشار اليها في الاية الكريمة

والجواب ان غاية ماتدل عليه الادلة هو حرمة الحلق لاجميع انحاء ازالة الشعر بل هي خاصة بحلق الراس

 على انه قد يقول القائل هي لاتدل حتى على حرمة حلق الراس باعتبار انها ناظرة الى الحلق الذي يراد به التحلل من محرمات الاحرام وكانها تريد ان تقول ان التحلل بالحلق لايحصل الاّ اذا بلغ الهدي محله اما اذا اراد المحرم ان يحلق لابقصد التحلل وانما لهدف آخر فهي لاتدل على التحريم

 وبالجملة يكفينا انها خاصة بالحلق ولايمكن ان يستفاد منها الاطلاق

الوجه الثالث: صحيحة حريز عن ابي عبد الله (عليه السلام) لاباس ان يحتجم المحرم مالم يحلق او يقطع الشعرة وسائل الشيعة ج12 ص513 الباب62 من تروك الاحرام الحديث 5

 بتقريب ان قوله (عليه السلام) مالم يحلق وان كان خاصا بالحلق ولايستفاد منه حرمة غير الحلق ولكن قوله او يقطع الشعرة يستفاد منه ان مطلق ازالة الشعر من حيث الوسيلة ومن حيث المكان هو امر لايجوز للمحرم، هكذا قد يقال

 ولابد من ضم ضميمة ايضا حتى يتم الاستدلال وهي ان الصحيحة وان كانت خاصة بمواضع الحجامة وان المواضع التي يراد فيها الحجامة يجوز فيها الحجامة شريطة ان لايقطع الشعر وهذا لايستفاد منه حرمة القطع في المواضع التي لاتقبل الحجامة فيها كجفن العين مثلا

 انها لابد من ضم ضميمة للتغلب على هذا الاشكال بان يقال

 ان العرف لايحتمل الخصوصية من هذه الناحية ويفهم ان نفس ازالة الشعر هو شيئ مبغوض للمحرم

 وايضا لابد من ضم ضميمة اخرى وهي انه قد يقال ان الرواية لابد من حملها على حالة الضرورة فانه من المسلم فقهيا ان المحرم لايجوز له في حالة الاختيار ان يحتجم وقد دلت روايات متعددة على ذالك

 وعليه فحينما قال (عليه السلام) لاباس ان يحتجم المحرم لابد ان يكون المقصود لاباس بالحجامة اذا كانت هناك ضرورة ومع فرض الضرورة مامعنى ان يقول (عليه السلام) ولكن لايحلق ولايقطع الشعرة فما دامت هناك ضرورة فهي كما اباحت الحجامة تبيح قطع الشعر

 فلا معنى للنهي عن قطع الشعر مع فرض وجود الضرورة فلابد من رد العلم بهذه الرواية الى اهلها

 ولابد من ضميمة بان يقال المقصود لو كانت ضرورة فتجوز الحجامة ولكن لابد ان يحاول مهما امكن ان لايقطع الشعر

 فلابد من ضم هذه الضمائم حتى يتم الاستدلال

 ثم بعد ذالك يرد عليها