36/03/12


تحمیل
الموضـوع:- مسألة ( 448 ) – أحكام المحصور.
المحصور في الحج:-
وقبل أن نبيّن الحكم المرتبط بذلك نشير الى قضيّةٍ وهي أنّ نسخ مناسك السيد الخوئي(قده) في هذا الموضع - يعني في المحصور في الحج - قد اختلفت فبعضها توجد فيها زيادة وذلك في الطبعات القديمة والبعض الآخر حذفت منه هذه الزيادة كما هو الحال في الطبعات الجديدة، وقد أشرنا إلى هذه الزيادة فيما سبق فإن المتن الذي نقلناه كان يشتمل على تلك الزيادة أمّا ما عليه الطبعة الجديدة من دون الزيادة فالعبارة هي هكذا:- ( وإن كان المحصور محصوراً في الحج فحكمه ما تقدّم . والأحوط أنه لا يتحلّل من النساء حتى يطوف ويسعى ويأتي بطواف النساء بعد ذلك في حجٍ أو عمرة ) [1]، وفي الطبعات القديمة توجد إضافة بعد هذه العبارة وقد ذكرناها عند قراءة المتن، وأنا أسير على هذه الطبعة التي ليس فيها هذه الزيادة لأننا نحاول الاختصار في هذا الموضوع.
إنه ذكر بالنسبة إلى المحصور في الحج أحكاماً ثلاثة:-
الحكم الأوّل:- إنّه يتحلل بالذبح الهدي في محلّه ولا يكفيه الذبح في مكانه . وبهذا يشترك المحصور في الحجّ مع المحصور في عمرة التمتع بخلافه في المحصور في العمرة المفردة فإنه مخيّر بين الذبح في مكانه أو في محلّه، أمّا هذا مع المحصور في عمرة التمتع فيتعيّن عليه أن يذبح في محلّه.
الحكم الثاني:- الأحوط وجوباً أن لا تحلّ له النساء إلا بطوافٍ وسعيٍ بل وبطوافِ نساءٍ . وهو بهذا يتّحد مع المعتمر بالعمرة المفردة ويختلف عن المعتمر بعمرة المتعتع فإن المعتمر بعمرة التمتع قلنا يكفيه ذبح الهدي في محلّه لحلّية النساء أمّا هنا فالأحوط وجوباً.
الحكم الثالث:- إنَّ الطواف والسعي يأتي بهما في حجٍّ أو عمرة.
أمّا بالنسبة إلى الحكم:- فالوجه في ذلك هو نفس الوجه الذي ذكرناه بالنسبة إلى المحصور في عمرة التمتع حيث قلنا إنّ الروايات الواردة في قضيّة الإمام الحسين عليه السلام والتي دلّت على جواز أن يذبح المحصور في مكانه هي خاصّة بالمعتمر بالعمرة المفردة ولا تعمّ غير ذلك فنبقى حينئذٍ نحن وما دلّ على أن المحصور يلزم أن يذبح في مكانه أعني مضمرة زرعة وصاحبتها فهاتان كانتا تدلّان على أنّ المحصور في الحج يذبح في محلّه والمحلّ هو منى وفي العمرة يذبح في محلّه والمحلّ هو مكّة فنتمسّك بهذه الروايات من دون أن توجد روايات أخرى حتى نحكم بالتخيير . إذن الوجه في عدم التخيير هو نفس الوجه الذي ذكرناه في المحصور في عمرة التمتع من دون اختلافٍ وهذا الحكم وقد أشار إليه(قده) بقوله:- ( وإن كان المحصور محصوراً في الحج فحكمه ما تقدّم ) يعني بالنسبة إلى الذبح فلابد من الذبح في محلّه ولا يكفي الذبح في مكانه.
وأما بالنسبة إلى الحكم الثاني فالسؤال:- إنَّه ما الفارق بين هذا وبين المعتمر بعمرة التمتع ؟ فإن الوجه الذي ذكره في عمرة التمتع لإثبات حلّية النساء بعد الذبح هو انقلاب النسبة حيث قال إنّه بعد انقلاب النسبة تعود صحيحة معاوية التي قالت إنَّ المحصور لا يتحلّل من النساء بخلاف المصدود منحصرة بخصوص العمرة المفردة وأمّا المعتمر بعمرة التمتع أو الحاج فيكون داخلاً تحت صحيحة البزنطي التي دلّت على أنّه يحلّ له بالحصر كلّ شيءٍ حتّى النساء، إنّه فيما سبق ذكر هكذا بالنسبة إلى عمرة التمتع فلماذا حينما وصل إلى المحصور في الحج غيّر وقال الأحوط وجوباً له أن لا تحلّ له النساء والحال أنّ كبرى انقلاب النسبة بالبيان المتقدّم سارية المفعول حتى في المحصور في الحج ؟!
يمكن أن يجيب(قده) ويقول:- لو خلّينا نحن وما ذكرناه سابقاً من كبرى انقلاب النسبة فالأمر كما ذكرتم - يعني المناسب أنّ حكم المحصور في الحج هو حكم المحصور في عمرة المتمتع في حلية النساء حينما يذبح الهدي في محلّه - ولكن هناك شيء جعلنا نحتاط هنا وهو دعوى الإجماع على أنّ المعتمر بعمرة التمتع هو الذي تحلّ له النساء ولا حاجة إلى طوافٍ وسعيٍ وأمّا غير المعتمر بعمرة التمتع فيلزمه لحلّية النساء الطواف والسعي، أنه توجد شبهة إجماعٍ لا أنّه إجماع حتميّ حجّة وإلا لو كان حجّة وحتميّاً لكنّا نفتي بعدم حلّية النساء ولكن لأجل أنّ الإجماع الكاشف عن رأي الإمام ليس ثابتاً بنحو الجزم بل هناك شبهة الثبوت احتطنا بنحو الاحتياط الوجوبي وقلنا الأحوط وجوباً أن لا تحلّ النساء لهذا المحصور في الحج ويكون حكمه كالمحصور بالعمرة المفردة لا تحلّ له النساء إلا بالطواف والسعي، أمّا ما هو منشأ شبة الإجماع ؟ إنّه توجد عبارة في الجواهر توحي بوجود إجماع على أنّ غير المعتمر بعمرة التمتع - يعني المحصور في العمرة المفردة والمحصور في الحج - يجب عليه لأجل حلّية النساء الطواف والسعي، والعبارة هي أنّه نقل عن الشهيد في الدروس أنّ المعتمر بعمرة التمتع إذا أُحصر حلّت له النساء بلا حاجة إلى طواف النساء، فهو قد حكاه عن صاحب الدروس، ثم قال:- استدل له بأنّه لا يحتاج المعتمر بعمرة التمتع إلى طواف النساء بصحيح البزنطي أنّه إذا ذبح المحصور يحلّ له كلّ شيءٍ[2] . إذن المعتمر بعمرة التمتع تحلّ له النساء
وهذا لا بأس به ولكن الإشكال الذي يأتي هو أنّه لماذا تخصّص هذا بالمعتمر بعمرة التمتّع فصحيحة البزنطي عامٌّ يقول إنّ النساء حلالٌ ولا تختصّ بالمعتمر بعمرة التمتع بل في مطلق المحصور حيث جاء فيها:- ( سألت أبا الحسن عن محرمٍ انكسرت ساقة أيّ شيءٍ يكون حاله وأيّ شيءٍ عليه ؟ قال:- هو حلالٌ من كلّ شيءٍ، قلت:- من النساء والثياب والطيب ؟ قال:- نعم من جميع ما يحرم على المحرم ) [3]، وهذا ناظر إلى المحرم الذي انكسرت ساقة وليس مختصّاً بالمعتمر بعمرة التمتع فلماذا خصّص صاحب الدروس حلّية النساء بلا حاجة إلى طوافٍ بالمعتمر بعمرة التمتع ؟! أجاب صاحب الجواهر(قده) قائلاً:- ( لكن فيه أنه مطلقٌ شاملٌ للعمرة المفردة والحج بأقسامه ولا قائل به حينئذٍ وإخراج ما عدى العمرة المتمتع بها بالإجماع وإن كان جمعاً بين الصحيح إلا أنّه غير منحصر في ذلك إذ من المحتمل حمله على التقيّة )، إنّ هذه العبارة يفهم منها أنّ صاحب الجواهر يريد أن يقول هناك إجماع ٌعلى أنّ غير المحصور في عمرة التمتّع - يعني في المحصور في العمرة المفردة والمحصور في الحج - يوجد إجماع في حقه على أنّه لا تحلّ له النساء إلا بالطواف والسعي، أمّا هذا الإجماع فليس موجوداً في المحصور في العمرة المتمتّع بها، فلأجل شبة الإجماع هذه لم يحتط في المحصور في عمرة التمتّع لأنه تمسّك بكبرى انقلاب النسبة بلا حاجة إلى الاحتياط، بخلافه حينما وصل إلى المحصور في الحجّ فلم يتمسّك بفكرة انقلاب النسبة ويحكم بحلّية النساء بلا حاجة إلى طوافٍ وسعيٍ بضرسٍ قاطعٍ وبنحو الفتوى بل احتاط للحاجة إلى ذلك لأجل شبهة الإجماع.
وإذا قلت:- لماذا احتاط هنا فقط فشبهة الإجماع كما أنّها موجودةٌ في المحصور في الحجّ فهي موجودة أيضاً في المحصور في العمرة المفردة فلماذا لم يحتط هناك ؟
وجوابه واضح:- إذ أنّه في العمرة المفردة هو أفتى في حلّية النساء بالحاجة إلى الطواف والسعي فهو جزم بالفتوى وقال بأكثر من الاحتياط وتمسّك لأجل ذلك بصحيحة معاوية التي ورد فيها المحصور لا تحلّ له النساء وهو خصّصها بسبب كبرى انقلاب النسبة بخصوص المحصور في العمرة المفردة فالاحتياط هناك ليس له معنى بعدما أفتى بالحاجة القطعيّة إلى توقف حلّية النساء على الطواف والسعي.
إذن هذا الاحتياط له مجال في المحصور في الحج.
بهذا اتضحت نكات المطلب.
ولكن أقول:- هذا كلّه على مساره(قده) ومبناه، وأمّا على ما سلكناه نحن حيث أنكرنا تطبيق كبرى انقلاب النسبة لما أشرنا إليه من تعليقٍ، وبعدما رفضناه نأخذ بإطلاق صحيحة معاوية يعني أنَّ المحصور لا تحلّ له النساء إلّا بالمحلّل، ونقول إنّه في جموع أنواع المحصور لا تحلّ النساء إلا بالمحلّل، وأمّا صحيح البزنطي الدال على حلّية النساء فقلنا إمّا أن نخصّصه بالمكسور أو بمن اشترط بأنّه ( حلّني حيث حبستني ) أو غير ذلك، فبالتالي نأخذ بإطلاق صحيحة معاوية . إذن هذا كلّه على مشربه وأمّا على مشربنا فجميع الثلاثة لا تحلّ لهم النساء إلا بالمحلّل.