36/04/17


تحمیل
الموضـوع:- مسألة ( 1 ) - المكاسب المحرمة -كتاب التجارة.
ربما يقال في بيان توثيق الحسين بن يزيد النوفلي والعمل برواياته:- هو إنّ الطائفة قد عملت بروايات السكوني - الذي يروي عنه النوفلي - ومستند ذلك هو أنّ الشيخ في العدّة قال:- ( عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث ونوح بن دراج وغياث بن كلوب والسكوني وغيرهم من العامة )[1]، فالشاهد هو أنه عملت الطائفة برواية جماعة وأحدهم السكوني وهذه مقدمة، ثم نضمّ إلى ذلك مقدّمة أخرى وهي أنّ النوفلي قد أكثر الرواية عن السكوني - وقد قيل هي ( 807 ) مورد روى فيها النوفلي عن السكوني -، وإذا تمّت المقدمة الثانية فحينئذٍ يقال إنّ لازم عمل الطائفة بروايات السكوني هو العمل بروايات النوفلي أيضاً إذ لو لم يعمل برواياته وكان السند ضعيفاً من ناحيته يلزم من ذلك عدم العمل بروايات السكوني وهذا خلف إجماع الطائفة على العمل بروايات السكوني.
إذن اتفاق الطائفة على العمل بروايات السكوني يدلّ بالدلالة الالتزاميّة على عمل الطائفة بروايات النوفلي أو بالأحرى بغض النظر عن النوفلي - يعني يبنى على وثاقته -.
وألفت النظر إلى أنه هل يبنى على وثاقته المطلقة - يعني ولو في غير مورد روايته عن السكوني - أو في خصوص روايته عن السكوني ؟ المهم لنا الآن هو روايته عن السكوني ولا نتكلّم عن النوفلي المطلق فإنّه خارجٌ عن محلّ الكلام، فالنوفلي الذي يروي عن السكوني كما في مورد كلامنا سوف يصير عمل الطائفة بروايات السكوني دالاً بالالتزام على العمل برواياته - يعني البناء على وثاقته والتساهل من ناحيته -.
إن قلت:- إنّ إجماع الطائفة على العمل برواية السكوني يراد به أنه من ناحية السكوني ومن حيثه يعمل بالرواية ولا توقف، فالشيخ الطوسي حينما قال عملت الطائفة بروايات جماعة منهم السكوني يعني أنهم من حيث السكوني لا يتوقّفون أمّا إذا كانت هناك جهة أخرى توجب التوقّف عن العمل بروايته كأن كان هناك شخصٌ ضعيفٌ في السند فهذا خارجٌ عن محلّ كلام الشيخ وعمل الطائفة فإنّ هذا ليس منظوراً إليه وعبارة الشيخ ساكتة عنه.
وشبيه هذا الكلام يقال في موارد منها بني فضّال فإنّ الرواية الواردة في حقّ بني فضّال قالت:- ( خذوا ما رووا وذروا ما رأوا )[2]، وقال جماعة من الأصحاب إنّه لأجل هذه الرواية نأخذ بكلّ رواياتهم ولا توقّف في السند بين نبي فضّال وبين الإمام . فكما قيل هناك بأنّه نأخذ بالرواية ونغض النظر عن ضعف السند هنا أيضاً من المناسب أن نقول كذلك.
ومن جملة من بنى أنه يؤخذ بروايات بني فضال ويغض النظر عن ضعف السند الشيخ الأعظم(قده) وقد بيّن ذلك في موردين من كلامه أحدهما في المكاسب[3] والآخر في كتاب الصلاة[4].
كما ردَّ ذلك وقيل:- بأنّ المقصود من قوله عليه السلام:- ( خذوا بما رووا ) يعني خذوا من حيثهم أما من حيث غيرهم إذا كان يوجد ضعفٌ فهذا مسكوتٌ عنه ويكفينا الاحتمال - يعني الرواية سوف تصير مردّدة بني احتمالين فلا يوجد ظهورٌ لعبارة ( خذوا ما رووا ) بل هي مردّدة بني احتمالين ولا ظهور في أحدهما بعينه -، فكما قيل هذا هناك ففي موردنا يقال كذلك أيضاً فيقال لعلّ المقصود من عبارة الشيخ حينما قال عملت الطائفة بما رواه جماعة من العامة وأحدهم السكوني هو أنّهم يتسامحون من حيث السكوني أمّا من حيثٍ آخر فمسكوتٌ عنه.
قلت:- هذا وجيهٌ إذا فرض أنّ روايات النوفلي عن السكوني لم تكن بمقدار كبيرٍ أمّا بعد أن كانت بمقدار كبير فهذا يعني أنه يلزم طرح نصف روايات السكوني وهذا مخالفٌ لتلك العبارة التي ذكرها الشيخ الطوسي.
ولأجل هذا البيان كنّا نميل سابقاً إلى وثاقة النوفلي وأنّه يتسامح من ناحيته، وقد بنى على ذلك غير واحدٍ من الأعلام منهم السيد الخميني(قده)[5].
والآن نقول:- إنّه حتى لو فرض أنّ روايات السكوني عن النوفلي كانت أكثر من هذا فبالتالي يكون هذا الاحتمال موجوداً - يعني أن مقصود الشيخ الطوسي حينما قال عملت الطائفة برواياته يعني عملت من ناحيته أمّا من ناحية غيره فمسكوتٌ عنه -، وهذا الاحتمال لا يتزحزح بكون رواية النوفلي عن السكوني بمقدار نصف الروايات أو أكثر، نعم لو كان بمقدار جميع روايات السكوني فهنا نقول إنَّ ذلك يدلّ بالالتزام على وثاقة السكوني وإلا يلزم أن يكون هذا العمل بلا مصداقٍ، ولكن مادام توجد موارد أخرى ولو بمقدار ربع روايات السكوني هي ليست عن النوفلي فإذن الطائفة تريد أن تقول نحن نعمل بروايات السكوني من حيثه والمصداقٌ له هذا المقدار - من الربع - فلا يلزم من ذلك لغوية عمل الطائفة.
وعلى هذا الأساس أنّي من المتوقفين من ناحية النوفلي.
الرواية الثالثة:- رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام:- ( سألته عن الماشية تكون للرجل فيموت بعضها يصلح له بيع جلودها ودباغها ولبسها ؟ قال:- لا ولو لبسها فلا يصلي فيها )[6]، ومورد الشاهد هو:- ( يصلح له بيع جلودها ؟ قال:- لا ) . إذن دلالة الرواية واضحة على المطلوب وأنّ بيع جلود الميتة باطلٌ.
وواضح أنّ هذا يتمّ بعد ضمّ ضميمتين:-
الأولى:- إنّ كلمة ( لا يصلح ) تدل على البطلان لا كما قال البعض من أنها مثل كلمة ( لا ينبغي ) فهي أنسب بالكراهة أو هو أعمّ للجامع، فإذا قلنا هكذا فلا يمكن التمسّك بالرواية على البطلان وقد بنى البعض على ذلك.
الثانية:- إنّ هذه الرواية واردة في جلود الميتة ونحن نريد الأعم من ذلك فلابد من ضمّ مسألة الجزم بعدم الخصوصيّة، وهذه قضية وجدانية.
فبعد ضمّ هاتين الضميمتين فالدلالة حينئذٍ تكون تامّة.


[3] كتاب المكاسب، الانصاري، باب الاحتكار.
[4] كتاب الصلاة، الانصاري، في صلاة الظهرين وهي رواية داود بن فرقد.
[5] المكاسب المحرمة، الخميني، ج1، ص346.