37/04/27


تحمیل

الموضوع:- معونة الظالمين – مسألة ( 18 ) – المكاس بالمحرمة.

وفيه:- صحيح ان الامثلة هي من قببل اعانة الظالم دون اعوان الظلمة ولكن تعبير الامام عليه السلام بقوله (ما احب ) يلتئم مع الحرمة الكراهة ولا يختص بالحرمة وعليه فاستفادة التحريم شيء صعب، نعم لو استفدنا ذلك ثبت المطلوب وثبتت سعة الرواية حتى بلحاظ المباحات لان ( البناء يبنيه ) هو من المباخات ولكن اصل الحرمة ليست ثابتة حيث انه عليه السلام عبر بفقرة لا احب وهي كما قلنا هي أهم كما قلنا.

هذا ولكن قد يقال:- ان الامام عليه السلام في ذيل الرواية عبر بقوله ( ان اعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار ) - والسرادق كما نعرف هو الخيام وما شابه ذلك - وهذا التعبير يدل على الحرمة وقد طبق الامام هذه الكبرى على المقام وبذلك نستفيد من فقرة لا احب بقرينة تطبيق هذه الكبرى ارادة التحريم.

ولكن يمكن ان يجاب عن ذلك ويقال:- انه لابد وان نفترض وجود مسامحة في المقام وذلك شيء لابد منه ولكن يدور الامر بين مسامحة تلتئم مع الحرمة وأخرى لا تلتئم معها وحيث ان المسامحة حتمية فيحصل بذلك الاجمال ، أما كيف ان المسامحة حتمية ؟ ذلك باعتبار ان مورد الامثلة هي من موارد اعانة الظالم كما قلنا وليس مصداقا لاعوان الظلمة فالامام عليه السلام حينما طبق كبرى الاعوان وانهم في سرادق من نار فهذا التطبيق حينئذ يكون مشتملا على المسامحة اذ المورد ليس من اعوان الظلمة بل من اعانتهم فيدور الامر بين مسامحة اولى وهي انه عليه السلام وسع من عنوان اعوان الظلمة وجعله شاملا للاعانة وبذلك يثبت المطلوب فالامام عليه السلام اراد ان يوسع في ذلك بقرينة تطبيق هذه الكبرى على هذه الامثلة فويع في مفهوم اعوان الظلمة وجعله شاملا لمعونة الظلمة وبذلك تكون الرواية دالة على التحريم ، وبين مساحة اخرى وهي ان نبقي عنوان اعوان الظلمة على حاله من دون توسعة بيد ان الامام عليه السلام اراد ان يحذر بن ابي يعفور بتحذير قوي وزائد ومحكم ويريد ان يقول له اني اخاف عليك اذا بنيت لهم بناء او غير ذلك فإنك في يوم من الايام سوف ترتبط بهم ورويدا رويدا تصير مثلهم ومن اعوانهم فلاجل مزيد تحذير قال له الامام عليه السلام ان اعوان الظلمة في سرادق من نار وبناء على هذا لا ننتفع من الرواية لان الامام لم يوسع من مفهوم اعوان الظلمة بل ابقاه على حاله فالمحرم هو الاعوان فقط دون الاعانة ولكن ذكر الاعوان من باب مزيد التحذير.

اذن الامر يدور ببن مسامحتين ومجازين والاول منهما الذي يلتئم مع الاعانة وتحريمها ليس بأولى من الثاني ، فيحصل اجمال فلا يمكن التمسك بالرواية الشريفة ، ولا يخفى لطف ذلك.

وأما من حيث السند:- فجميع رجال السند ثقاة الا بشير فانه لم يوثق الا بناء على كفاية رواية احد المشايخ الثلاثة عن شخص فهنا الراوي هو ابن ابي عمير لان روايته ثابته بسند صحيح فهو يروي عن بشير وبناء على هذا لا مشكلة في الرواية من حيث السند.

الرواية الخامسة:- ما رواه الكشي عن حمدويه - والكشي كثيرا ما يروي عن حمدويه بن نصير وهومن اهل كش وهو ثقه - عن محمد بن اسماعيل الراثي عن الحسن بن علي بن فضال عن صفوان بن مهران الجمال قال:- ( دخلت على ابي الحسن الاول عليه السلام فقال لي يا صفوان كل شيء منك حسن جميل ما خلى شيئا واحدا ، قلت:- جعلت فداك اي شيء ؟ قال:- اكراءك جمالك من هذا الرجل - يعني هارون - قلت والله ما اكريته اشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو ولكني اكريته لهذا الطريق - يعني طريق مكة - ولا اتولاه بنفسي ولكن ابعث معه غلماني ، فقال له:- يا صفوان أيقع كراؤك عليهم ؟ قلت:- نعم جعلت فداك ، قال:- فقال لي:- أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك ؟ قلت:- نعم ، قال:- من احب بقاءهم فهو منهم ومن كان منهم كان ورد النار ، قال صفوان:- فذهبت فبعت جمالي عن آخرها فبلغ ذلك الى هارون فدعاني فقال لي يا صفوان بلغني انك بعت جمالك ، قلت:- نعم ، قال:- ولم ؟ قلت:- انا شيخ كبير وان الغلمان لا يفون بالأعمال ، قال:- هيهات هيهات اني لأعلم من اشار عليك بهذا اشار عليك بهذا موسى بن جعفر ، قلت:- مالي ولموسى بن جعفر ، فقال:- دع هذا عنك والله لولا حسن صحبتك لقتلتك ).[1]

والشاهد في الرواية هو انها دلت بوضوح على ان اعانتهم ولو باكراء الجمال شيء محرم وهذه اعانة على مباح ، فالرواية لو تمت دلالتها فهي تدل على حرمة الاعانة حتى في المباح.

والجواب واضح:- فإنه عليه السلام لم يحرم اجارة الجمال عليهم بل انه لامه على هذه النقطة وعلل بهذا وهو انك تحب بقاءهم حتى يخرج كراءك ، فالمسألة مسألة حب البقاء فمادمت تحب بقاءهم فهذا محرم اما نفس ايجار الجمال فلم تقل الرواية هو محرم ولو كان محرما لكان المناسب ان يؤكد عليه الامام عليه السلام ويقول الاجازة حرام بينما هو لم يبين ذلك وذهب الى مسألة قلبية ، فالرواية ان صح التعبير ادل على الجواز منها على التحريم ، وقد أشار الى ذلك الشيخ الاعظم(قده) في مكاسبه.

هذا مضافا الى انه ورد في السند محمد بن اسماعيل الرازي وهو مجهول لم يوثق.

وقد يقول قائل:- هناك طريق لإثبات وثاقته وذلك بأن يقال إنه ورد في السند احد بني فضال وهو الحسن بن علي بن فضال فبناء على تمامية السند كلما ورد احد بني فضال لقوله عليه السلام ( خذوا ما رووا وذروا ما رأوا ) فحينئذ يتم السند.

والجواب:- انه حتى لو سلمنا بهذه الكبرى فهنا لا يمكن تطبيقها والوجه في ذلك هو انه من قال ان ابن فضال موجود في السند اذ لعل الرازي هو الذي كذب لان الموجود هكذا:- ( الكشي عن حمدويه عن عن محمد بن اسماعيل الرازي عن الحسن بن علي بن فضال ) فلعل الرازي كذب واختلق هذه الرواية على ابن فضال فلا تتمكن ان تقول ان هذه الرواية هي مورد لتذبيق تلك الكبرى ، وانما تكون موردا لتطبيقها فيما لو كان الشخص الضعيف قد ورد بعده ، يعني لو كان الحسن بن فضال يروي عن الرازي فهنا لا يؤثر الرازي ، اما اذا كان الرازي يروي عن ابن فضال فهنا لم يثبت ان ابن فضال موجود في السند فهنا لا يمكن تطبيق هذه الكبرى.

الرواية السادسة:- الكليني عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن هشام بن سالم عن ابي بصير قال:- ( سألت ابا جعفر عليه السلام عن اعمالهم ، فقال لي:- يا ابا محمد لا ولا مدة قلم ان احدهم - احدكم - لا يصيب من دنياهم شيئا الا اصابوا من دينه مثله او حتى يصيبوا من دينه مثله )[2] .

وتقريب الدلالة:- هو ان الامام عليه السلام حرم ذلك حيث قال (لا ) يعني هو لم يجوز اعانتهم والمورد هو مورد اعانة - لانه مدة قلم - فحتى هذا المقدار لم يرتضه الامام وعلل بالتعليل المذكور - الا اصابوا من دينه - ، فاذن الرواية تدل على التحريم.

ولكن يرد على ذلك:- ان الامام قال ( لا ) وهذه الكلمة تحتاج الى تقدير شيء ، وما هو ذلك الشيء المقدر ؟ فهل هو كلمة ( يجوز ) يعني لا يجوز او يقدر كلمة ( احب ) يعني لا احب كما في قضية ابن ابي يعفور ؟ واذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال فإن هذا من موارد هذه القاعدة ، فالتمسك بها لإثبات التحريم صعب رغم ان سندها تام ولكن المشكلة من حيث دلالتها حيث انها ضعيفة.