37/04/29


تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد(المورد السابع).
يوجد اختلاف بين الروايتين فالأولى فيها (فرأوا أنه الليل) والثانية فيها (فظنوا أنه ليل), وهذا قد يؤيد ما ذكرنا من أن المقصود بالظن هو الاعتقاد لأن المراد ب(فرأوا أنه الليل) الاعتقاد بأنه الليل فالتعبير بالظن في الرواية الثانية مع قوة احتمال(وذلك هو الظاهر) أن الرواية واحدة يراد به نفس معنى قوله (فرأوا أنه الليل) وهو الاعتقاد, وهناك فوارق جزئية لا تؤثر في البحث من قبيل أن الرواية الاولى فيها (فافطر بعضهم) والثانية (فأفطروا), والظاهر أن النسخة التي تقول فأفطروا _كما راجعت في كثير من نسخ الكافي_ يخالفها كثير من النسخ التي تقول (فأفطر بعضهم) فتتفق مع الرواية الثانية وهو الانسب لأن جواب الامام عليه السلام عندما يقول على الذي افطر صيام ذلك اليوم يفهم منه أن هناك من لم يفطر وانه ليس عليه صيام ذلك اليوم.
والاستدلال بالرواية على وجوب القضاء وفساد الصوم يكون بهذا الشكل, أن الامام عليه السلام حكم بوجوب القضاء في هذا الفرض بقوله (على الذي أفطر صيام ذلك اليوم) حيث يفهم منه وجوب القضاء, ويقول المستدل أن الآية الكريمة ذكرها الامام عليه السلام لتعليل وجوب القضاء أي لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم (وأتموا الصيام إلى الليل) يعني أن الواجب الشرعي هو أن يصوم من طلوع الفجر إلى الليل وحيث أن هذا المكلف بحسب الفرض لم يأتِ بهذا الواجب لأنه افطر قبل غروب الشمس فيجب عليه القضاء.
ثم فرع على الاستدلال بالآية الشريفة وقال (فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا) والذي اكل قبل أن يدخل الليل هو نفس الشخص الذي سألوا عنه, وقوله لأنه اكل متعمداً لا يراد بها تعمد الافطار بل تعمد الاكل في قبال من اكل ناسياً حيث لا يجب عليه القضاء وكذلك في قبال من اُجبر على اكل شيء فهو لم يتعمد الافطار, ومحل الكلام عمن لم يتعمد الافطار لأنه يعتقد دخول الليل نعم هو اكل متعمداً فيجب عليه القضاء دون الكفارة.
اُعترض على الاستدلال بالرواية كما في الرياض وغيره ونحن ننقله عن الرياض (إذ ليس فيه إلا الأمر بصيام ذلك اليوم . والمراد به إتمامه، دفعا لتوهم أن الافطار في الأثناء مبيحة في الباقي. ولا ينافيه الاستدلال بالآية الكريمة، بل يؤكده، لدلالتها على وجوب الامساك إلى الليل مطلقا أكل في الأثناء أم لا. وكذا قوله تفريعا عليها : ( فمن أكل )، بل قوله في تعليل القضاء بأنه) : أكل متعمدا يؤكد إرادة ما ذكرنا، وإلا فالأكل بظن الغروب ليس أكلا متعمدا، كما لا يخفى)[1]
فمفاد ما ذكره (قد) أن الرواية تفيد وجوب القضاء عند الاكل بعد انكشاف الخلاف وهو المراد من قول الرواية (فمن أكل) فتكون اجنبية عن محل الكلام ولا تفيد وجوب القضاء بالأكل قبل انكشاف الخلاف بل هي ظاهرة في صحة الصوم في ذلك وان كان يجب عليه الامساك في باقي النهار, هذا الذي ذكره السيد في الرياض وذكره غيره ايضاً.
وذكر السيد الحكيم (قد) في المستمسك وجهاً آخر لكون استدلال الامام عليه السلام بالآية مؤيداً لهذا المعنى (إن الرواية ليست دالة على وجوب القضاء وغير ناظرة إلى ذلك وإنما تدل على وجوب الامساك في باقي النهار), وقال (قد) أن حمل قوله على الذي افطر صيام ذلك اليوم على وجوب القضاء يوجب توقف الاستدلال بالآية على مقدمة مطوية وهو خلاف الظاهر, وكأنه يريد أن يقول أنه اذا قلنا بأن الرواية تدل وجوب الامساك في باقي النهار فاستدلال الامام عليه السلام على ذلك بالآية لا يتوقف على مقدمة مطوية بينما اذا قلنا أن المقصود هو وجوب القضاء يكون استدلال الامام عليه السلام بالآية يتوقف على مقدمة مطوية وهو خلاف الظاهر لأن الظاهر من الاستدلال بالآية انها تدل على المطلوب مباشرة, لا أن تتوقف على مقدمة مطوية.
وهذا الكلام يمكن تفسيره بـأن يقال أن مقصوده أن المقدمة المطوية هي (أن مخالفة الأمر بالإتمام تكون موجبة لبطلان الصوم وبطلان الصوم يوجب القضاء), ومفاد الآية وجوب اتمام الصوم إلى الليل, ولا تدل على وجوب القضاء الا بهذه المقدمة, وعلى هذا يصح الاستدلال بالآية لكن هذه مقدمة مطوية, بينما اذا قلنا أن الامام عليه السلام استدل بالآية على ما يدعيه (قد)_ حيث أنه يرى أن الرواية تدل على وجوب الامساك في باقي النهار _فلا نحتاج إلى هذه المقدمة المطوية بل تدل عليه مباشرة, لأن الآية تقول يجب اتمام الصوم إلى الليل.
اقول يمكن تفسيره بهذا التفسير ويكون حينئذ مؤيداً لما ذهبوا إليه.
ويلاحظ على الاعتراض
أما بالنسبة إلى ما ذكره السيد الحكيم (قد) فيمكن أن يقال أن الأمر ليس بهذا الشكل فكما أن الاستدلال بالآية على وجوب القضاء يحتاج إلى مقدمة مطوية فالظاهر أن الاستدلال بها على صحة الصوم وعدم وجوب القضاء يحتاج إلى مقدمة مطوية ايضاً, وذلك لأن المفروض أن بعضهم على الاقل افطر قبل غياب الشمس وهذا يعني أنه لم يأتي بالواجب فإذا اردنا الاستدلال بالآية على صحة صومه وعدم وجوب القضاء عليه لابد من فرض مقدمة شرعية تعبدية غير عرفية تقول أن الافطار الواقع في النهار في هذه الحالة ليس مضراً بالصوم شرعاً وان كان مضراً به عرفاً, وهذا حكم شرعي تعبدي يجعل افطاره وتناوله للطعام عندما ظن غياب الشمس بحكم العدم وحينئذ نحكم بصحة الصوم وبعدم وجوب القضاء وان كان يجب عليه الامساك بقية النهار, فالاستدلال بالآية _ حيث قال الامام عليه السلام أن هذا لا يجب عليه الا أن يمسك في باقي النهار وهذا يعني أن صومه صحيح ولا يجب عليه القضاء_ على ما قاله الامام عليه السلام يتوقف على أن نقول أن افطار هذا الشخص المفروض في الرواية بحكم العدم بنظر الشارع وان لم يكن كذلك بنظر العرف , وحينئذ يقال بأن الآية تقول يجب عليه الامساك في باقي النهار, إذن يحتاج إلى ضم مقدمات وهي أن هذا بحكم العدم وحيث أنه صار بحكم العدم وهو افطر فلا يتخيل أن يجوز له الافطار بعد انكشاف الخلاف بل يجب عليه الامساك بعد انكشاف الخلاف, فدلالة الآية على ذلك تتوقف على مقدمات ايضاً.
بعبارة اكثر وضوح
نحن لا نريد القول بأن الامام عليه السلام يريد أن يستدل على وجوب الامساك بقية النهار فقط لأن هذا يستبطن افتراض صحة الصوم وعدم وجوب القضاء, وهذا المعنى (صحة الصوم) لا تدل الآية عليه الا بضم مقدمات, ويمكن أن يقال بأن هذه المقدمات اخفى من المقدمة المطوية التي يتوقف عليها الاستدلال على البطلان ووجوب القضاء لأن المقدمة المطوية هي أن هذا المكلف لم يأتي بالواجب فصومه باطل وهذه المقدمة واضحة فكل من يأتي بالواجب يفسد عمله ووجوب القضاء على من افسد عمله قضية واضحة ايضاً فهي ليست قضية خلاف الارتكاز, أما تلك المقدمات فهي خلاف الارتكاز فأن القول لمن يبطل صومه أن ابطالك لهذا الصوم بحكم العدم ومن يفطر أن افطارك كلا افطار خلاف الارتكاز.