37/05/21


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, مسألة 2.

الرواية الثالثة: صحيحة محمد بن مسلم (عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، قال : سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلي ؟ قال : لا يؤذنه حتى ينصرف)[1]

أي لا يعلمه ولا يخبره أن في ثوبه دماً إلى أن ينصرف من الصلاة وقد اُستدل بها على حجية خبر الواحد بأعتبار أن نفس النهي عن اعلام المصلي بالنجاسة لا وجه له لو لم يكن خبره حجة لأنه لو لم يكن كذلك فأعلامه وعدم اعلامه سيان, لعدم ترتب الاثر على كل حال.

ويمكن أن يخدش في هذا الاستدلال بأن الذي يظهر من الرواية أن النهي عن الاعلام بسبب افادته للاطمئنان أو العلم في تلك الواقعة, وذلك بنكتة أن المخبر رأى الدم في ثوب المصلي واذا اخبره بذلك فأن الاخبار يساوق التفات المخبَر (المصلي) وحصول العلم له بنجاسة ثوبه, فهو يرتب الاثر _ الذي لا يريده الشارع اثناء الصلاة_ بأعتبار أن هذا الاخبار يساوق حصول العلم له بوجود النجاسة, وهذا لا يعني أن اخباره يكون حجة حتى في فرض الشك الذي هو محل كلامنا ولا يثبت الحجية التعبدية.

الرواية الرابعة : صحيحة عبدالله بن سنان (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : اغتسل أبي من الجنابة ، فقيل له : قد أبقيت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء ، فقال له : ما كان عليك لو سكت ، ثم مسح تلك اللمعة بيده)[2]

الاستدلال بالرواية يكون بأعتبار ظهورها في توبيخ المخبِر ولا وجه لهذا التوبيخ لو لم يكن الاخبار حجة, كما أن الامام عليه السلام رتب الاثراً على اخباره ومسح اللمعة بيده.

وهذه الرواية اشبه بالرواية السابقة في كونها قضية حسية وقابلة للملاحظة بتقريب أنه عليه السلام مسحها بيده فيكون الاخبار موجباً للعلم بها, فعلى فرض دلالة الرواية على حجية الخبر في هذه الحالة فأن هذا لا ينفع في اثبات الحجية التعبدية لخبر الثقة.

الرواية الخامسة: معتبرة عبدالله بن بكير (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلى فيه وهو لا يصلى فيه ، قال : لا يعلمه ، قال : قلت : فإن أعلمه ؟ قال : يعيد)[3]

ووجوب الاعادة يعني ترتيب الاثر على اخبار المخبِر أن هذا الثوب فيه نجاسة مع أنه خبر في الموضوعات الخارجية, ولا يقال بأن هذا الكلام يفيد الاطمئنان, لأن الرواية مطلقة من هذه الناحية ولا داعي لتقييدها بالاطمئنان, فكلام المخبِر حجة سواء افاد الاطمئنان أم لا.

لكن المشكلة في هذه الرواية أن المخبِر صاحب يد لأنه هو صاحب الثوب, وعليه فإذا دلت الرواية على الحجية فأنها تدل على حجية خبر صاحب اليد_ وكثير من الروايات يرد فيها هذا الاشكال_ وهو لا ينفعنا في المقام لعدم امكان اثبات الحجية لخبر غير صاحب اليد كما هو المفروض.

الرواية السادسة: صحيحة حفص بن البختريّ (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في الرجل يشتري الامة من رجل فيقول : إنّي لم أطأها ، فقال : إن وثق به فلا بأس أن يأتيها ، الحديث)[4]

الاستدلال بالرواية يكون بأعتبار قول الامام عليه السلام (إن وثق به فلا بأس أن يأتيها) والوثوق بالشخص غير الوثوق بخبره, فالوثوق بخبره يكون وثوقاً شخصياً وهو يساوق الاطمئنان وليس هو محل كلامنا, وظاهر الرواية الوثوق بالمخبر_ بقرينة اضافة الوثوق إليه_ الذي يساوق الوثوق النوعي (محل الكلام), وحينئذ يقال أن هذه الرواية تدل على حجية اخبار المخبر اذا كان فيه وثوق نوعي(أي اذا كان ثقة) حتى وان لم يحصل له وثوق شخصي بنفس الخبر ومطابقته للواقع.

والمشكلة في هذه الرواية أن المخبِر صاحب يد ومن الصعوبة جداً التعدي من مورد الرواية إلى غيره كما هو المطلوب في محل الكلام.

الرواية السابعة: رواية معاوية بن وهب (عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : قلت: جرذ مات في زيت او سمن او عسل ، فقال : اما السمن والعسل فيؤخذ الجرذ وما حوله ، والزيت يستصبح به)[5]

والرواية تامة سنداً بلا اشكال, وهي بهذا الشكل الذي نقله الشيخ الكليني لا يمكن الاستدلال بها, لكن الشيخ الطوسي نقلها في التهذيب بسند تام ايضاً ويضيف اليها عبارة يذكرها صاحب الوسائل (وقال في بيع ذلك الزيت : يبيعه ويبينه لمن اشتراه ليستصبح به)

وفيه منع ذلك لأحتمال كونه من باب أن يخرج المخبِر(البائع) عن المسؤولية والعهدة فيكون الأمر بالبيان ناظراً إلى البائع(فيقال في تقريب الاستدلال أن الأمر بالبيان لا معنى له عرفاً مع عدم القبول), ولا يدل على وجوب قبول الخبر.

نعم يمكن الاستدلال بذيل الرواية حيث يقول (يبيعه ويبينه لمن اشتراه ليستصبح به) فكأن الرواية ظاهرة في المفروغية عن جواز الاستصباح بهذا الزيت لمن يشتريه, وهذا يعني ترتيب اثر على كلام المخبر, فالقضية ليست قضية خروج البائع من العهدة بل يبينه لكي يستصبح به المشتري ولا ويستعمله في الاستعمالات المشروطة بالطهارة فتكون الرواية من هذه الجهة دالة على حجية خبر الواحد.

ويجاب عنها بما تقدم من أن البائع صاحب يد ويكون كلامه حجة عند الاخبار ويجب ترتيب الاثر على كلامه ولا تنفع الرواية في محل الكلام.

ومن جملة الروايات ما ذكره السيد الخوئي (قد) وغيره ما ورد في الباب الثالث من ابواب الاذان والاقامة حيث تقول بأن المؤذن مؤتمن وقد يستدل بها بل استدل بها السيد الخوئي (قد) على حجية خبر الواحد بالنكتة التي تقدمت وهي أن الاذان اخبار فعلي وليس اخباراً قولياً بدخول الوقت, و يقول (قد) أنه لا فرق بينهما _لعدم الخصوصية للإخبار الفعلي _ والرواية تدل على حجية الاخبار الفعلي بدخول الوقت فيكون قول المؤذن مؤتمن ويرتب عليه الاثر فيكون اخباره بدخول الوقت حجة, كما أن مقتضى اطلاق الروايات عدم تقيدها بحالة الاطمئنان.

نعم يحتمل أن الرواية غير ناظرة إلى كل مؤذن بل إلى مؤذن خاص وهو المؤذن الموظف (الراتب) وقول مؤتمن قرينة تساعد على أن المقصود به هو المؤذن المكلف بهذه الوظيفة, أما المؤذن غير الراتب فغير واضح اثبات حجية اخباره الفعلي بهذه الرواية.