37/07/10


تحمیل

الموضوع: فصل في شرائط صحة الصوم الاول الاسلام والايمان.

الكلام يقع في الطوائف المتقدمة:-

الطائفة الاولى: ما تدل على عدم استحقاق الثواب وفيها روايات كثيرة منها:- صحيحة زرارة (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: ذروة الأمر، وسنامه، ومفتاحه، وباب الأشياء، ورضى الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته، أما لو أن رجلا قام ليله، وصام نهاره، وتصدق بجميع ماله، وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان)[1]

ويفهم من عبارة (ما كان له على الله حق في ثوابه) نفي استحقاق الثواب, بينما حديث المعلى بن خنيس ورد فيه (لم يكن له ثواب) ويمكن أن لا يكون المقصود بها نفي الاستحقاق.

وراية المعلى بن خنيس (قال: قال أبو عبدالله ( عليه السلام ): يا معلى، لو أن عبدا عبدالله مائة عام ما بين الركن والمقام، يصوم النهار، ويقوم الليل، حتى يسقط حاجباه على عينيه، ويلتقي تراقيه هرما، جاهلا بحقنا لم يكن له ثواب.)[2]

وهي غير تامة سنداً لوجود ابي الصامت في سندها وهو مجهول, ويمكن توثيقة على بعض المباني لوقوعه في اسانيد كامل الزيارات.

وتقريب الاستدلال بهذه الطائفة بدعوى انها تدل على الفساد ولو كان العمل صحيحاً لأستحق الثواب, وهذا الاستدلال مبني على الملازمة بين صحة العبادة وبين استحقاق الثواب, وهي غير ثابتة .

وقد ذكروا أن الثواب أما أن يكون على اساس الاستحقاق وإما أن يكون على اساس الوعد الالهي وإما أن يكون على اساس التفضل, والاول منفي مطلقاً لأن الملكية الحقيقية لله وكل ما يصدر من الانسان يكون من شأن العبودية وليس زائداً عليها لكي يملك الاستحقاق على الله, والثاني والثالث لا يكونان على اساس الاستحقاق, فيتضح عدم الملازمة بني صحة العبادة وبين استحقاق الثواب, بل يكون الثواب أما على اساس الوعد الالهي أو على اساس التفضل, وعلى كلا التقديرين يكون معنى الاخبار أن غير الموالي خارج عن دائرة الوعد والتفضل الالهيين, وحينئذ لا مانع من افتراض كون العمل صحيحاً مطابقاً للإمر لكنه لا يكون مشمولاً للوعد والتفضل الالهي, لأحتمال انهما مشروطان بشروط غير مطابقة الأمر.

الطائفة الثانية: ما دل على عدم انتفاع المخالف بعمله وهي من قبيل رواية أبي حمزة الثمالي(قال: قال لنا علي بن الحسين ( عليه السلام ): أي البقاع أفضل؟ فقلنا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال لنا: أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح في قومه، ألف سنة إلا خمسين عاما، يصوم النهار، ويقوم الليل في ذلك المكان، ثم لقى الله بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا)[3]

وهي مروية في كل من الفقيه وعقاب الاعمال وطريقها في الثاني صحيح أما الاول ففيه أن سند الشيخ الصدوق إلى ابي حمزة الثمالي فيه محمد بن فضيل الازدي الصيرفي وقد تعارض فيه التوثيق والتضعيف, حيث وثقه الشيخ المفيد في رسالته العددية وروى عنه بعض المشايخ الثلاثة الذين لا يروون الا عن ثقة كالبزنطي كما في طريق الشيخ الصدوق إلى ابي حمزة الثمالي وفي موارد اخرى في الكافي وغيره, وفي المقابل ضعفه الشيخ الطوسي صريحاً في الرجال عند ذكره في اصحاب الامام الكاظم عليه السلام وذكره في اصحاب الامام الرضا عليه السلام وقال بأنه رمي بالغلو وحينئذ أن قلنا بأن التضعيف في عبارة الشيخ الطوسي قائم على اساس رميه بالغلو يمكن أن يقال بأنه تضعيف جهتي فلا يقاوم التوثيقات المتقدمة وأما اذا قلنا أن الشيخ الطوسي يذكر امرين الاول أنه ضعيف والثاني أنه رمي بالغلو ولا يبتني الاول على الثاني, يكون ممن تعارض فيه التوثيق والتضعيف والنتيجة هي التوقف في شأنه.

وقد ادعى بعض اهل الفن اتحاده مع محمد بن القاسم بن الفضيل المنصوص على وثاقته, بأعتبار تعاصرهما زماناً واشتراكهما في كثير ممن روى عنهما وممن رويا عنه, ولكن هذا لا يغير النتيجة فيه لتعارض التوثيق والتضعيف فيه.

وعلى كل حال فالرواية صحيحة السند بطريق عقاب الاعمال.

والاستدلال بها بدعوى أن عدم الانتفاع بالعمل يعني عدم ترتب الاثر عليه حتى الاجزاء فيقع العمل باطلاً.

ويجاب عنه أن الاثر المقصود بالرواية هو الثواب, والقرينة على ذلك أن الرواية ظاهرة في التحدث عن اعمال مستحبة لا واجبة, والانتفاع بالعمل المستحب يكون بأعتبار الثواب, وحينئذ تكون اشبه بالطائفة الاولى.