37/12/02


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/12/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثامنة: إذا كان عليه الزكاة فمات قبل أدائها هل يجوز إعطاؤها من تركته لواجب النفقة عليه حال حياته أم لا إشكال))[1] .

استشكل الماتن (قدس سره) في جواز اعطاء الزكاة لمن تجب عليه نفقته حال حياته اذا كان فقيرا مستحقا للزكاة.

ويقع الكلام هنا في مقامين.

المقام الاول:- في مقتضى القاعدة. فهل مقتضى القاعدة جواز الاعطاء او عدم جوازه؟.

المقام الثاني:- في النصوص الواردة في هذه المسالة.

اما الكلام في المقام الاول فمقتضى القاعدة جواز اعطاء زكاته بعد موته لمن تجب عليه نفقته حال حياته اذا كان فقيرا ، لان مستحق الزكاة هو الفقير بحسب الكتاب والسنة وهو المالك للزكاة وهو المستحق بمقتضى الكتاب والسنة ، والمفروض ان من تجب عليه نفقته فقيرا ، والمانع من اعطاء الزكاة هو وجوب نفقته على من تجب عليه نفقته ، فمادام الشخص في حياته فانه تجب عليه نفقة الابن والبنت والزوجة والاب والام فوجوب النفقة مانع عن اعطاء الزكاة له اذا كانوا فقراء ، واما اذا مات انتفى وجوب النفقة بانتفاء موضوعه وهو المعيل ، والمقتضي للاستحقاق موجود وهو الفقر والمانع مفقود في المقام فان المانع هو وجوب النفقة وهذا سقط بسقوط موضوعه ، اذن لا مانع من اعطاء زكاته لمن تجب عليه نفقته في حال حياته اذا مات وكان من تجب عليه فقيرا لان المانع سقط بسقوط موضوعه وهو موت الاب او الجد ، اذن مقتضى القاعدة بقطع النظر عن النصوص الخاصة في المسالة هو جواز اعطاء زكاته بعد موته لمن تجب عليه نفقته في حال حياته ، ولا وجه لإشكال الماتن (قدس الله نفسه).

واما الكلام في المقام الثاني فيمكن تصنيف الروايات الواردة في المقام على اصناف ثلاثة.

الصنف الاول:- الروايات المطلقة ، وهي الروايات التي تدل على وجوب دفع الزكاة الى الفقير وهذه الروايات مطلقة وبإطلاقها تشمل كل فقير اذا لم يكن مانع من الاعطاء ، والمفروض ان ورثة هذا الميت من الفقراء ولكن المانع عن اعطاء الزكاة لهم انما هو وجوب نفقتهم على المعيل كالأب او الجد والمفروض ان هذا الوجوب قد سقط بسقوط موضوعه ، اذن لا مانع من اعطاء زكاته لمن تجب عليه نفقته في حال حياته بعد موته لان المقتضي موجود والمانع في المقام مفقود ، اذن هم مشمولون باطلاق الروايات التي تدل على وجوب دفع الزكاة الى الفقير ، فان هذه الروايات بإطلاقها تشمل من تجب عليه نفقته في حال حياته اذا كان فقيرا بعد موته.

الصنف الثاني:- قد ورد في نفس هذه المسالة وهي روايات كثيرة.

الرواية الاولى:- صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج ((عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال : خمسة لا يعطون من الزكاة شيئاً : الأب والاُمّ والولد والمملوك والمرأة ، وذلك أنّهم عياله لازمون له))[2] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على انه هؤلاء الخمسة لا يعطون من الزكاة شيئا ، فلا يجوز للولد ان يعطي زكاته لأبيه او لامه او لولده اعم من الابن او البنت او لزوجته فانهم عياله ولازمون له ولا ينفكون منه فهم كنفسه ، فكما يجب عليه الانفاق على نفسه كذلك يجب الانفاق على هؤلاء ، فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على عدم جواز اعطاء الزكاة لهؤلاء ، ومن الواضح ان هذه تدل على انه اذا كان المعيل حيا واما اذا مات المعيل انتفى اللازم بانتفاء الملزوم ، اذن لا يكون هؤلاء حينئذ لازمون له ولا يكونون عياله لان المعيل قد مات ، والمفروض ان هذا الخطاب موجه الى الاب أي لا يجوز للاب اعطاء زكاته الى ابيه وامه وابنه وبنته وزوجته وعبده لانهم عياله ولازمون له.

الرواية الثانية:- موثقة إسحاق بن عمّار ، ((عن أبي الحسن موسى (عليه ‌السلام) ـ في حديث ـ قال : قلت : فمن الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا أحتسب الزكاة عليهم ؟ قال : أبوك واُمّك ، قلت : أبي واُمي ؟ قال : الوالدان والولد))[3] .

فهذه الموثقة ايضا واضحة الدلالة على عدم الجواز للمعيل اعطاء زكاته لعياله من الاب والام والولد والزوجة والعبد ، واما اذا مات انتفى وجوب النفقة بانتفاء موضوعه فلا مانع من اعطاء الزكاة لهم فان المقتضي موجود وهو الفقر والمانع قد انتفى بانتفاء موضوعه ، فلا مانع من الحكم بجواز اعطاء الزكاة لهم.

الصنف الثالث:- الروايات التي قد وردت في نفس الموضوع.

الرواية الاولى:- صحيحة علي ابن يقطين ((قال : قلت لأبي الحسن الأول (عليه ‌السلام): رجل مات وعليه زكاة وأوصى أن تقضى عنه الزكاة ، وولده محاويج إن دفعوها أضرّ ذلك بهم ضرراً شديداً ؟ فقال : يخرجونها فيعودون بها على أنفسهم ، ويخرجون منها شيئاً فيدفع إلى غيرهم)) [4] .

فان هذه الصحيحة تدل بوضوح على ان ورثته اذا كانوا من الفقراء تعطى الزكاة لهم ، وهذه الصحيحة قد وردت في نفس الموضوع وتدل على جواز اعطاء زكاة الميت لورثته التي هي واجبة النفقة عليه في حال حياته وبعد موته يجوز اعطائها لهم اذا كانوا فقراء ومحتاجين.

اذن هذه الروايات واضحة الدلالة على جواز اعطائهم ، فما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من الاشكال في غير محله.

ولكن قد يقال ـــ كما قيل ـــ انه لا مانع من التمسك باستصحاب حكم المخصص أي استصحاب حرمة اعطاء زكاته لمن تجب نفقته عليه في حال حياته ، فان اعطاء الزكاة لمن تجب عليه نفقته في حال حياته محرم وبعد موته نشك في بقاء هذه الحرمة فلا مانع من استصحاب بقاء الحرمة.

ولكن هذا الاستصحاب لا يجري لعدة امور.

اولاً:- ان هذا الاستصحاب في الشبهة الحكمية وقد بنينا في الاصول ان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لا يجري في نفسه تبعا للسيد الاستاذ (قدس سره) مع الاختلاف في سبب عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، وكيفما كان فالاستصحاب في الشبهات الحكمية لا يجري.

ثانياً:- ان الاستصحاب انما يجري فيما اذا كان الموضوع باقيا والمفروض ان حرمة اعطاء الزكاة تنتفي بانتفاء موضوعها فكيف يمكن جريان الاستصحاب فيها ، فان المعتبر في الاستصحاب بقاء الموضوع والشك انما هو في بقاء الحكم مع احراز موضوعه وفي المقام قد انتفى الموضوع فان الموضوع هو الاب فانه يحرم عليه اعطاء زكاته لمكن تجب عليه نفقته فاذا مات انتفى حرمة الاعطاء بانتفاء موضوعه فلا يمكن حينئذ جريان استصحاب بقاء الحرمة.

ثالثاً:- ان في صحيحة ابن الحجاج ان من تجب عليه نفقته عياله ولازمون له فاذا مات المعيل انتفى اللازم بانتفاء الملزوم ، اذن كيف يجري استصحاب بقاء الحرمة فان الحرمة انما هي فيما اذا كان من تجب عليه نفقته لازم له وعياله والمفروض انتفاء هذا اللازم بموت المعيل فكيف يجري الاستصحاب في المقام.

النتيجة لا يمكن التمسك بالمقام بالاستصحاب.

مضافا الى وجود الروايات فان اطلاق الروايات هو الحاكم على هذا الاستصحاب فاذا دار الامر بين التمسك بالاطلاقات وبين استصحاب بقاء حكم المخصص يتمسك بالاطلاقات فان التمسك بالاطلاقات حاكم على هذا الاستصحاب ، وكذا مضافا الى الروايات الخاصة في المقام.

اذن التمسك بالاستصحاب لا وجه له.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): التاسعة: إذا باع النصاب بعد وجوب الزكاة وشرط على المشتري زكاته لا يبعد الجواز إلا إذا قصد كون الزكاة عليه لا أن يكون نائبا عنه فإنه مشكل))[5] .