38/08/02


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

38/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 35 ) حرمة الكذب – المكاسب المحرمة.

وفيه:- لو سلمنا بالأصول الموضوعية التي ذكرها - ولا نريد أن نناقش في تلك الأصول الموضوعية التي منها أنَّ الشرطية لا مفهوم لها ومن ذلك قوله إن كلمة ( إذا ) توضيح للتقية وليس قيداً راجعاً إلى قوله ( لم يضره ) - نقول شيئاً آخر ، وهو قاعدة عرفية ، وهي أنه متى ما علّقت الرخصة والجواز والاباحة والرفع على وصفٍ يفهم العرف عند عدم تحقق هذا الوصف أنه لا رخصة وأنَّ الرخصة ثابتة في حالة تحقق هذا الوصف أما من دون تحققه فلا تثبت الرخصة.

وهنا نطبّق هذه القاعدة في موردنا ، فلنفترض أنَّ كلمة ( إذا ) الشرطية ليست موجودة والقضية كانت حمليّة خالصة كما لو قالت الرواية هكذا: ( يجوز الحلف كاذباً عند الاضطرار ) فالعرف يفهم من ذلك أنَّ المسوّغ هو الاضطرار ومن دون الاضطرار فلا رخصة ولا اباحة ، وهذه قضية نرى أنها لا بأس بها ، والمجال مفتوحٌ لك قبلت بها أو لم تقبل ، فأنا أرى أنَّ الرخصة متى ما علّقت على وصفٍ - وليس الوصف هو الاضطرار فقط وإنما اتفاقاً في موردنا كان هو الاضطرار وإلا فخُذ ولو غير الاضطرار فمثلاً يجوز لك أن تأكل من سهم الامام عند عدم وجود شيء آخر عندك أو من الأوقاف أو من هذه الأموال التي أعطيتها لك فمن دون كلمة ( إذا ) ومن دون كلمة (إذ) - فليس من البعيد أنَّ هذه الحالة إذا لم تتحقق لا يجوز لك هذا الشيء ، فهنا أيضاًً كذلك.

ولو قلت:- هذا أي مفهوم نسميه ؟

قلت:- لا تقيدني بذلك ، فنحن في الأصول قرأنا أنه إما أنه يوجد عندنا شرط أو وصف أو غير ذلك من المفاهيم فهذا هل يدخل تحت هذا أو لا ؟ فأقول لك: أنا لا أتقيّد بأن يدخل تحت هذا العنوان أو ذاك ، بل المهم أنّا نشعر كعرفيين بأنه يوجد مفهوم أو لا ؟ فإن شعرنا بوجوده فلا يهمّنا أنه يدخل تحت هذا أو ذاك ، بل اجعل له عنواناً جديداً.

فإذن نقول للسيد الخميني(قده):- نحن نستفيد المفهوم من طريقٍ آخر من حيث أنَّ الاباحة والرخصة علّقت على عنوانٍ وهو عنوان الاضطرار فيفهم العرف أنه إذا لم يتحقق عنوان الاضطرار فالرخصة لا تكون ثابتة ، فهذا المفهوم يكون ثابتاً لا من باب ( إذا ) حتى تقول إنَّ كلمة ( إذا ) أو ( إن ) نحن لا نقول بوجود المفهوم لها ، أو أنّ كلمة ( إذا ) لم ترجع إلى عبارة ( لم يضرّه ) ، كلا بل دعنا عن ذلك فهذه الأصول الموضوعية لا نريد أن نناقش فيها ولكن نحن ندّعي هذا المعنى ، فإذا ادّعينا هذا المعنى فحينئذٍ سوف يثبت المفهوم ويتم ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) من التعارض بلا اشكال عليه.

إن قلت:- إنه بناءً على ما تقول يلزم أن نستفيد المفهوم من حديث الرفع ، فهو حينما قال ( رفع عن أمتي .... ما اضطروا إليه ) يلزم أن نفهم من هذا الكلام أنه لا يوجد رافع أقل من الاضطرار وأدون من الاضطرار فينعقد مفهوم والحال أنَّ الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) قال إنَّ رفع ما اضطروا إليه يستفاد منه العقد الايجابي دون العقد السلبي ، يعني يستفاد منه أنَّ الاضطرار يرفع أما أن غيره لا يوجد فلا ، فإذن يلزم أن تدّعي وأن تقبل وترضخ وتقول بأنه يستفاد من فقرة ( رفع عن أمتي ما اضطروا إليه ) أنه لا يوجد رافع غير الاضطرار ؟

قلت:- إنَّ الحديث بما أنه ناظر إلى الرافع العام أي في جميع الموارد والأحكام فنسلّم أنه ينعقد له مفهوم وأنَّ الرافع فقط وفقط هو الاضطرار بشكلٍ عام ولا يوجد رافع آخر يرفع بشكلٍ عام وفي كلّ المجالات إلا هذا الاضطرار وإلا الاكراه وإلا الخطأ .... أي هذه النسعة فنستفيد المفهوم ، فحديث الرفع في صدد أن يرفع في جميع المجالات ، فإذا حصل اضطرار لشخصٍ في باب الحج أو في باب الصوم أو في بابٍ آخر فهذه الأمور ترفع الأحكام في جميع المجالات ، فإذن نستفيد المفهوم لا أنه لا نستفيده ، فالرافع في جميع المجالات ينحصر بالاضطرار وأخواته ، إذن نحن نقبل بأنَّ له مفهوم لا أنه ليس له مفهوم.

هذا كلّه بالنسبة إلى ما أفاده السيد الخميني(قده) والحاج ميرزا علي الايرواني(قده) بالنسبة إلى الاعتراض على الشيخ الأعظم(قده) وهو الاعتراض الأوّل.