1440/01/19


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/01/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تممة مسألة ( 56 ) هل يجوز تعليق العقود ؟ ، مسألة ( 57 ) حكم المقبوض بالعقد الفاسد.

وهو كما ترى مركب من مقدمتين:-

الأولى:- إنَّ العقد المعلق ليس أمراً متعارفاً.

الثانية:- إنَّ الاطلاقات لا تشمل غير المتعارف.

أما المقدمة الأولى التي هي بمثابة الصغرى فيمكن أن يقال:- إنَّ التعليق يختلف ، فهناك بعض أنحاء التعاليق كما ذكر الشيخ النائيني(قده) ، يعني هو شيء غير متعارف ، من قبيل ( بعتك هذه الدار إن ملكتُها أو روثتُها ) فهذا يمكن أن يقال هو شيء غير متعارف ، أو تقول المرأة لشخص ( زوجتك نفسي إن طلقني زوجي ) ، أو ( وهبتك هذا المال إن ملكتُه ) ، أو ( بعتك الطعام إن عرفنا وزنه ) وما شاكل ذلك ، فهذه الأمور يمكن أن يقال هي ليست متعارفة ، وإن اختلفنا في بعض المصاديق ولكن توجد مصاديق غير متعارف التعليق فيها كما ذكر الشيخ النائيني(قده) ، ولكن هناك مصاديق ربما تكون متعارفة ، من قبيل ( بعتك داري إن رضي والدي ) ، أو ( بعتك دراري هذه إن عثرت خلال هذه السنة على دارٍ جيدة ) وما شاكل ذلك ، فالتعليق في مثل هذه الأمور شيء متعارف ، فإذاً لا يمكن أن نقول إنَّ جميع أنحاء التعليق ليست متعارفة كما قال الشيخ النائيني(قده) ، وإنما نسلّم أنَّ يعضها غير متعارف لكن البعض الآخر يمكن أن يدّعى أنه ليس غريباً عن الحياة العرفية والعقلائية.

وأما ما أفاده في الكبرى:- فهذا لا يتناسب مع مبناه ، فإنه لا يعرف عنه القول بأنَّ الاطلاق ينصرف إلى المتعارف ولا يشمل غير المتعارف ، فهو لا يقول بهذا ولا يقول به غيره ، نعم هذا يتناسب مع ما نذهب إليه في باب الاطلاق ، لأننا أضفنا في باب الاطلاق مقدمة جديدة إلى مقدمات الحكمة ، وهي أنه يلزم أن يكون الاطلاق مستهجناً عرفاً على تقدير كون المراد واقعاً هو المقيّد ، فإذا كان الاطلاق مستهجناً ففي مثل هذه الحالة ينعقد الاطلاق ، أما إذا فرض أنه لا يكون مستهجناً على تقدير إرادة المقيّد واقعاً كما لو قلت ( جئني بماء ) فالماء المتعارف هو الماء الموجود عندنا ، فأنا اعتمد على هذا الماء المتعارف عندنا ، فأنت إذا جئتني بماءٍ من البئر فنتمكن أن نقول إنَّ الاطلاق هنا ليس مستهجناً إذا كان مقصودي هو الماء المتعارف ، ففي مثل هذه الحالة لا ينعقد الاطلاق بحيث يشمل ماء البئر أو غيره من المياه ، ومدرك هذه المقدّمة التي أضفناها هي من باب قضايا قياساتها معها ، لأنك تقول الاطلاق ليس مستهجناً لو كان المراد هو المقيّد واقعاً ، فأنت تعترف بأنَّ الاطلاق ليس مستهجناً على تقدير ارادة المقيّد واقعاً ، فإذا كان الأمر هكذا فكيف تثبت أنَّ مراد المتكلم هو المطلق مادامت ارادة المقيّد ممكنة من دون استهجان الاطلاق ؟!! فلعل مراده هو المقيد ، فإذً القضية بديهية وواضحة جداً.

نعم يبقى هذا كما ذكرناه في موضعه المناسب وهو أنه إذاً سوف تنثلم عندنا الكثير من الاطلاقات ولا يمكن الاعتماد عليها ، فإذا كان ماء الفرات متعارف عندنا في النجف الأشرف فيلزم أن أجلب لك ماء الفرات ، أما لو قدمت لك ماء النيل فيلزم أن تقول هذا لا يكفي ، وهل تلتزم بذلك ؟

والجواب:- إنه قلنا يوجد عندنا بديل عن الاطلاق حيث نجزم من الخارج أنه لا فرق بين هذا الفرد من الماء وذاك الفرد ، وهذا ما يسمّى بتنقيح المناط أو إلغاء خصوصية المورد ، فحينئذٍ نتعدّى بهذه الطريق لا بسبب الاطلاق فإنَّ الاطلاق ليس بموجود ، كما لو كان المورد ضيقاً من البداية كما في ( اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه ) فنتعدّى من الثوب إلى العباءة والعمامة وغير ذلك من باب إلغاء الخصوصية ، هنا أيضاً نتعدّى بواسطة إلغاء الخصوصية ، نعم إذا فرض أنَّ المورد تحتمل فيه الخصوصية فلا يمكن حينئذٍ بالتعميم الحكم بنتيجة الاطلاق.

إذاً ما ذكره الشيخ النائيني(قده) من أنَّ الاطلاق لا يشمل الأفراد غير المتعارفة لا يتلاءم مع المبنى المعروف - وهو أنَّ الاطلاق يؤخذ به بعرضه العريض - وإنما يتم على ما ذهبنا إليه.

والخلاصة من كلّ ما ذكرنا:- إنه لم يتم دليل على بطلان العقد المعلّق ، نعم حيث ادّعي الاجماع وشبهة الاجماع موجودة يكون مصير الفقيه إلى الاحتياط شيء وجيه ، فإذاً لا يصح العقد في حالة التعليق على الأحوط وجوباً.

 

مسألة( 75 ):- إذا قبض المشتري ما اشتاره بالعقد الفاسد فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه وإلا وجب رده على البائع . وإذا تلف ولو من دون تفريط وجب عليه ردّ مثله غن كان مثلياً وقيمته إن كان قيمياً . وكذا الحكم في الثمن إذ قبضه البائع بالبيع الفاسد ، وإذا كان المالك مجهولاً جرى عليه حكم المال المجهول مالكه . ولا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم والجهل به . ولو باع أحدُهما ما قبضه كان البيع فضوليا وتوقفت صحته على اجازت المالك...........................................................................................................تشتمل المسألة على عدة فروع:-

الفرع الأول:- يجوز للمشتري[1] التصرف في المبيع إذا أحرز رضا المالك بالتصرف حتى على تقدير فساد العقد.

الفرع الثاني:- يجب ردّ المبيع على الباع عند عدم احراز رضاه بالبقاء.

الفرع الثالث:- إذا تلف المبيع ترتب عليه الضمان من دون فرق بين التفريط وعدمه يكون المشتري ضامنا مادام البيع فاسداً ، فإذا سرق المبيع أو تلف ولو من دون تفريط مع ذلك يكون ضامناً.

الفرع الرابع:- عند التلف يلزم ضمان المثل إن كان مثلياً وقيمته إن كان قيمياً.

الفرع الخامس:- حكم الثمن في كل ما ذكرناه حكم المبيع.

الفرع السادس:- إذا كان المالك جرى عليه حكم مجهول المالك ، يعني لو اشتراه من شخص لا يعرفه ثم تبين أنَّ هذا العقد فاسد ، فهنا يجري عليه حكم مجهول المالك.

الحكم السابع:- لا فرق في الأحكام المذكورة ببين العلم بالحكم والجهل به ، فحتى لو علم أنَّ هذا العقد فاسد وان حكم العقد الفاسد هو عدم جواز التصرف فبالتالي سواء علمت أو لم تعلم بذلك فهذه الأحكام سوف تترتب ، فهذه الأحكام ثبوتها ليس مشروطاً بأن يكون الشخص عالماً بأنَّ هذا العقد فاسد.

الفرع الثامن:- إذا باع المشتري المبيع المقبوض بالعقد الفاسد وقع فضولياً وتوقفت صحته على اجازة المالك ، وهكذا بالنسبة إلى الثمن إذا باعه البائع يقع فضولياً.

أما بالنسبة إلى الفرع الأول:- ففي الحقيقة هنا يوجد حكمان ، الأوّل إنه في البيع الفاسد يكون المبيع باقياً على ملك البائع ، وهذا لم يذكره السيد الماتن في العبارة لأنه شيء واضح ، فإنَّ ذلك هو مقتضى فساد العقد ، فمادام العقد فاسداً فمقتضاه أن يكون المبيع باقياً على ملك البائع ، والحكم الثاني هو أنه يجوز التصرّف شريطة احراز رضا البائع بالتصرّف حتى مع فرض فساد العقد ، وأما إذا لم يحرز رضاه فلا يجوز التصرّف ، لأنه ملك البائع ولا يجوز التصرّف في مال الغير إلا مع احراز رضاه ، هذا شيء واضح ، ومن الوضح أنه لابد وأن نحرز رضاه بالتصرّف حتى على تقدير علم البائع بفساد العقد.

وللتوضيح أكثر نقول:- تارةً يفرض أنَّ البائع يكون جاهلاً بفساد العقد ، وهنا لا يجوز للمشتري التصرف في المبيع ، والوجه في ذلك هو أن جواز التصرف يحتاج إلى أحد نحوين من الرضا إما الرضا المالكي أو الرضا المعاملي ، وكلاهما مفقود ، والمقصود من الرضا المالكي هو أنَّ المالك يرضى كما لو قلت لك ( هذه عباءتي تصرف بها ) فهذا رضا مالكي ، وهذا هو الذي أشار إليه الحديث الشريف:- ( لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منه ) ، وأما الرضا المعاملي فهو أن تحصل معاملة فقلت لك بعتك العباءة وأنت قلت قبلت وتم تسليم الثمن والمثمن ، فهل يلزم بعد تمامية البيع أن يرضى البائع حتى يجوز للمشتري أن يتصرّف في العباءة ؟ كلا ، فسواء رضي البائع أو لم يرض فهذا غير معتبر لأنه يوجد رضا معاملي ، فمعاملة صحيحة قد حصلت والبائع خرج عن كونه مالكاً وصار المشتري هو المالك للعباءة فرضا البائع بالتصرف في المبيع بعد البيع ليس بمعتبر.

وفي موردنا حينما كان البائع جاهلاً بفساد العقد فالمشتري كيف يتصرّف فإنَّ الرضا المالكي من قبل البائع لا نحرزه ؟! إلا أن يقول شخص أنا أعرف أنَّ هذا البائع يرضَ بالتصرّف حتى مع فساد العقد ، ولكن هذا مطلباً ثانياً ، ولكن كلامنا في الحالة العادية وهي أننا لا نحرز رضا المالك للمبيع ، فمادمنا لا نحرز رضاه بما هو مالك فلا يجوز حينئذٍ التصرّف ، والرضا المعاملي أيضاً ليس بموجود ، لأنَّ المعاملة الصحيحة لم تحصل حتى نقول إنَّ رضا البائع إذاً ليس بلازم وإنما تكفي صحة المعاملة في جواز تصرف المشتري ، فلا رضا مالكي ولا رضا معاملي فلا يجوز التصرف ، هذا فيما إذا فرض أنَّ البائع كان جاهلاً بفساد البيع.وأما إذا كان عالماً بفساد البيع فالحكم نفسه ، إلا أنَّ هناك كلاماً.

[1] والمشتري ليس له خصوصية بل ذلك في البائع ايضاً.