1440/06/26


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : خاتمة : في النسبة بين الامارات والأصول

الوجه الثالث في تفسير تقديم الامارة على الاستصحاب : هو الحكومة وتقريبه بان مفاد دليل الاستصحاب هو الحكم ببقاء الحالة السابقة ومدلول هذا الدليل كاي قضية حقيقية يؤخذ الموضوع فيها مقدر الوجود فعلى تقدير وجود يقين سابق وشك لاحق ببقاء المتيقن يحكم ببقاء المتيقن فلو جاء دليل اخر ونفى الشك تعبدا يكون حاكما عليه، ودليل الامارة ينفي الشك واحتمال الخلاف تعبدا وهو معنى الحكومة ، ومن هنا يقال بانه لا تنافي بين دليل الاستصحاب ودليل اعتبار الامارة بل لا منافاة بين كل دليل حاكم ومحكوم فيعمل بكل منهما فالدليل الدال على حرمة الربا ليس بينه وبين الدليل الدال على نفي الربا بين الوالد وولده فيعمل بالدليل المحكوم بان يلتزم بانه على تقدير تحقق ربا فهو حرام واما الدليل الحاكم فيعمل به باعتبار انه ينفي الموضوع وتحقق الربا ، ونفس الكلام يطبق في محل الكلام بان يقال بان الدليل الدال على اعتبار الامارة حيث يجعل لها العلمية يكون حاكما على دليل الاستصحاب الذي اخذ في موضوعه الشك لانه يكون رافعا للشك فيعمل بكل منهما اما الدليل المحكوم فبان يلتزم بانه كلما كان هناك شك في الحالة السابقة يلتزم ببقاء الحالة السابقة

واما الدليل الحاكم فبان يلتزم بان الامارة ترفع الشك فتكون حاكمة على ذلك الدليل ، ومقتضى العمل بالدليل الحاكم هو تقديمه على الدليل المحكوم وهذا لا يفرق فيه بين ان تكون الامارة مخالفة بحسب المؤدى للاستصحاب او موافقة له

والسر فيه ان الامارة ترفع الشك الذي هو موضوع الاستصحاب وهو يرتفع سواء قامت الامارة على خلاف المؤدى ام على وفاقه فلو كانت الحالة السابقة هي نجاسة الثوب مثلا وقامت الامارة على نجاسته فهذا يعني ارتفاع الشك بنجاسته لانك صرت عالما بنجاسته تعبدا ، فلا مجال لتوهم اختصاص الحكومة بصورة ما اذا كانت الامارة مخالفة للاستصحاب فان دليل الامارة عندما يجعل الامارة علما فانه يرفع الشك ببقاء الحالة السابقة ، ومن هنا يظهر بان ما قد تفيده عبارة صاحب الكفاية من اختصاص الحكومة بصورة مخالفة الامارة للاستصحاب لا وجه له الا تخيل ان الامارة تلغي احتمال خلاف الحالة السابقة و الامارة اذا كانت موافقة فانها لا تلغي ذلك الاحتمال فان الامارة ليس لسانها لسان الغاء مخالفة الحالة السابقة بل ان دليل اعتبار الامارة يلغي احتمال مخالفة الامارة للواقع مما يعني ارتفاع الشك وبارتفاع الشك تكون حاكمة على الاستصحاب .

والحكومة المدعاة في المقام ليست مبنية على دعوى ان الأصول اخذ في موضوعها الشك بخلاف الامارات ليجاب عنها بما تقدم من ان عدم العلم ماخوذ في كل منهما لبا وواقعا لاستحالة الإهمال في الواقع واستحالة شمول دليل حجية الامارة لصورة العلم بالخلاف فهذان الامران يستدعيان تقييد موضوع الامارة بالشك وعدم العلم .

وانما الحكومة المدعاة في المقام ناظرة الى دعوى عدم المنافاة بين دليل اعتبار الامارة ودليل الاستصحاب فيتعين العمل بكل منهما فدليل الاستصحاب قضية حقيقية وهي الحكم ببقاء ما كان على تقدير تحقق الشك ببقاء الحالة السابقة وعندما تقوم الامارة فان دليل اعتبارها يرفع الشك تعبدا ونتيجة الاخذ بالدليل الحاكم بعد فرض عدم المنافاة بينهما هو ان هذا الدليل يتقدم على ذاك بالحكومة باعتباره رافعا لموضوعه تعبدا وواضح ان هذا التقريب يبتني على اصل موضوعي لابد من التسليم به حتى يصار الى هذه الحكومة وهو ان دليل اعتبار الامارة يتكفل جعل العلمية وإلغاء احتمال الخلاف او بعبارة أخرى تنزيل الامارة منزلة العلم في الاثار فكما ان العلم يرفع موضوع الأصل العملي كذلك الامارة ترفع موضوع الأصل بالتنزيل والتعبد ومن هنا صارت حكومة لا ورود

والفرق بين هذه الحكومة والورود السابق هو انه في الورود كان يدعى بان دليل اعتبار الامارة يرفع موضوع الأصل العملي حقيقة من دون ان يكون هناك نظر في الدليل الوارد الى اثار العلم وتنزيل الامارة منزلة العلم وانما باعتبار كون الامارة حجة وباعتبار ما تقدم من ان المراد من العلم في دليل الأصل هو الاعم من العلم الوجداني والتعبدي او بحسب احد التقريبات المتقدمة ان المراد بعدم العلم عدم الحجة وهذا يلتقي مع السابق لان العلم التعبدي أيضا حجة ، والامارة حجة لانها علم تعبدي فهي بذاتها ترفع موضوع الأصل العملي ، بينما الحكومة تنظر الى اثار العلم وتنزل الامارة منزلة العلم في تلك الاثار فالحكومة تتوقف على النظر .