1440/11/05


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/11/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الاعتكاف.

الرابع: البيع والشراء[1] ، بل مطلق التجارة[2] مع عدم الضرورة على الأحوط[3] . ولا بأس بالاشتغال بالأُمور الدنيويّة من المباحات[4] حتّى الخياطة والنساجة ونحوهما، وإن كان الأحوط الترك إلّا مع الاضطرار إليها، بل لا بأس بالبيع والشراء إذا مسّت الحاجة[5] إليهما للأكل والشرب مع تعذّر التوكيل[6] أو النقل بغير البيع.

    1. الظاهر انه لا خلاف في حرمة البيع والشراء على المعتكف كما نص على ذلك اكثر من واحد من الفقهاء وتدل عليه صحيحة ابي عبيدة المتقدمة عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : ((المعتكف لا يشم الطيب ، ولا يتلذذ بالريحان ، ولا يماري ، ولا يشتري ، ولا يبيع ))[7] والقدر المتيقن من هذا النهي ما كان بالمباشرة وقد يتامل في شموله للبيع بالتوكيل باعتبار ان الحكمة من النهي عن البيع والشراء هي من اجل تفرغ المعتكف للعبادة والابتعاد عن الاشتغال بالامور الدنيوية وهو انما يكون في البيع والشراء المباشري دون ما اذا وقع العقد من وكيله ومن هنا قد يشكك في شمول دليل التحريم للبيع بالوكالة، ولكن في مقابل ذلك فان اطلاق الدليل شامل لصورة البيع والشراء بالوكالة فانه يطلق عليه انه باع واشترى،

ثم الظاهر ان المقصود بعدم الخلاف الذي ذكره اكثر من واحد من فقهائنا التحريم لان الظاهر ان بطلان الاعتكاف محل خلاف بينهم كما صرح بذلك في الحدائق ونقل عن الشيخ الطوسي (قده) في المبسوط قوله (لا يبطل عمله وان كان لا يجوز له فعل ذلك)

    2. وهذا هو المحكي عن السيد المرتض في الانتصار، ويقع الكلام في وجه هذا التعميم مع ان المذكور في النص هو عنوان البيع والشراء، والظاهر ان التعميم لا منشأ له الا دعوى الغاء خصوصية البيع والشراء في النص اما بدعوى ان النهي عن البيع والشراء في النص من جهة كونهما منافيين لحقيقة الاعتكاف لما فيهما من الاشتغال بالدنيا والابتعاد عن العبادة، واما باعتبار ان هذا هو الفرد الشائع في مجال الكسب والتجارة، واذا تم هذا الوجه يتعدى الى كل معاملة تشتمل على المبادلة فتشمل الاجارة والمصالحة والمزارعة واشباهها بل قد يقال بالتعدي الى غيرها كالهبة والهدية من العقود التي لا مبادلة فيها، ولكن ما قيل من الغاء خصوصية البيع والشراء وان كان محتملا الا ان الاعتماد عليه لاثبات الحكم الشرعي لا يخلو من اشكال لاننا لا نستطيع ان نلغي احتمال الخصوصية فلا جزم بالغاء الخصوصية ولا استظار لالغائها من الدليل

وبعبارة اخرى ان ما استدل به على الغاء الخصوصية ليس تاما:

اما الوجه الاول فيلاحظ عليه: ان العبادة ليست مقومة لحقيقة الاعتكاف حتى يقال بان البيع والشراء مناف لحقيقة الاعتكاف، فان صحيحة داود بن سرحان التي بينت حدود الاعتكاف لا يفهم منها تقويم العبادة له

ثم لو تنزلنا وسلمنا بان حقيقة الاعتكاف هي اللبث في المسجد للعبادة ولكن من قال بان المقصود ان تكون العبادة مستغرقة لجميع الوقت حتى يقال بان البيع والشراء يكون منافياً لها

واما الوجه الثاني: فان مجرد الظن والاحتمال لا يكفي ظاهراً،

ومن هنا يتبين ان التعدي لمطلق التجارة لا يخلو من تامل وان كان الاحوط هو ترك مطلق التجارة بالنسبة الى المعتكف

    3. الظاهر ان الاحتياط يعود الى الترقي الى مطلق التجارة لا الى استثناء الضرورة كما ذكرنا نحن حيث قلنا بان مقتضى الاحتياط هو هذا

وذكر الفقهاء استثناء ما تدعو الحاجة اليه من البيع والشراء مثل شراء ما يضطر اليه من الماكول والمشروب وبيع ما يتوصل به الى شراء ما يحتاج اليه، وهذا الاستثناء تام وعلى القاعدة ولا يحتاج الى دليل ان كان المقصود من الجواز هو الحكم التكليفي واما ان كان المقصود به الحكم الوضعي او ما يعم كلاً منهما فهذا الاستثناء ليس في محله لان الاحكام الوضعية لا ترتفع بالاضطرار والاكراه، فما ذكره السيد الماتن (قده) من استثناء الضرورة من الحكم لا يبعد ان يكون قرينة على ان مقصوده هو الحرمة التكليفية

    4. وجوازها على القاعدة فان مقتضى الاصل جوازها بعد عدم الدليل على حرمتها، نعم قد تثبت الحرمة ببعض الوجوه الضعيفة وهي مسالة المنافاة باعتبار ان الاشتغال بهذه الامور ينافي حقيقة الاعتكاف التي هي العبادة وتقدم مناقشته وانه لم تؤخذ العبادة في حقيقة الاعتكاف، وان اخذت فليس المقصود استغراق العبادة لتمام الوقت والا يكون النوم منافيا له والحديث مع الاخوان كذلك

    5. وهذا ليس شيئا زائداً على ما ذكرناه سابقا، والمقصود به الحكم التكليفي اي ان الحرمة ترتفع بالاضطرار

    6. واما اذا امكن له التوكيل فلا يجوز له البيع والشراء المباشر، وقد يفهم من عبارة الماتن هنا اختصاص الحرمة بالبيع والشراء المباشر واما بالتوكيل فليس بمحرم، كما ان قوله (أو النقل بغير البيع) لابد ان نفهم منه غير البيع مما لا يدخل بالتجارة لانه يرى حرمة مطلق التجارة، فلعل مقصوده من هذا ما لا يشمله عنوان التجارة كالهبة وامثالها.

 


[1]  .
[2]  .
[3]  .
[4]  .
[5]  .
[6]  .
[7] وسائل الشيعة : 10/553، الباب10 ح1.