33/02/24


تحمیل
 الموضوع :-

الشرط الرابع من شرائط صحة الطواف ( الختان للرجال) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
 هذا ويمكن إضافة وجه ثالث بأن يقال:- ان مسالة الختان عامة البلوى وما كان عام البلوى يلزم أن يكون حكمه واضحاً ولا نحتمل أن يكون ذلك الحكم الواضح هو عدم الوجوب إذ قد فرض عدم الخلاف بين الفقهاء في الوجوب وهذا يعطي الاطمئنان للفقيه بكون الحكم الثابت في الشريعة هو الوجوب.
 وأما المطلب الثاني:- فقد تقدم عندنا أن روايات المسألة أربع ، الأولى صحيحة معاوية ثم على منوالها صحيحة حريز وهاتان لا كلام لنا فيهما ، والثالثة هي رواية إبراهيم بن ميمون وعبَّرنا عنها بالرواية وسندها كالتالي ( محمد بن يعقوب عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد الله عليه السلام ) وجميع رجال السند جيّدون فان أبا علي الأشعري من ثقاة أصحابنا ويروي عنه الشيخ الكليني كثيراً ، وهكذا محمد بن عبد الجبار هو من ثقاة أصحابنا ، وصفوان معروف الحال في الوثاقة ، وإنما الكلام في إبراهيم بن ميمون فانه لم يذكر بتوثيق ، نعم هناك طريق قد يخطر إلى الذهن وهو أنه بناءاً على تمامية كبرى وثاقة كل من روى عنه أحد المشايخ الثلاثة - أعني صفوان والبزنطي وابن أبي عمير - تثبت وثاقته فانه في نفس هذه الرواية قد روى صفوان عن إبراهيم بن ميمون وهذا شيء جيد الا أن الكلام في خصوص المقام هو في الصغرى ، يعني لو ثبت أن صفوان قد روى عن إبراهيم بالمباشرة فلا مشكلة آنذاك ولكن لم يثبت ذلك فان هذه الرواية قد رواها الشيخ الكليني بالشكل المذكور ، أي ( صفوان عن إبراهيم ) ، بيد أن الشيخ الطوسي والشيخ الصدوق قد روياها ( عن صفوان عن ابن مسكان عن إبراهيم ) أي توجد واسطة بين صفوان وبين إبراهيم وبالتالي سوف لا تثبت رواية صفوان عن إبراهيم بشكل مباشر ، فلاحظ الطرق التي ذكرها صاحب الوسائل في ذيل الحديث ، وعليه فأمر هذه الرواية من حيث السند شيء مشكل . نعم لو كانت هناك موارد أخرى روى فيها صفوان عن إبراهيم لكان ذلك نافعاً ولكن الأمر ينحصر بهذه الرواية.
 يبقى تحقيق الحال بالنسبة إلى رواية حنان بن سدير:- فهي قد رواها صاحب الوسائل عن كتاب قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمد جميعاً عن حنان بن سدير قال ( سألت أبا عبد الله ...... ) والسند المذكور ربما يمكن تصحيحه فان عبد الله بن جعفر من أجلاء أصحابنا ، وعبد الصمد بن محمد وان كان مجهول الحال ولكن جهالته لا تضر بعد وثاقة محمد بن عبد الحميد فان محمد بن عبد الحميد قد يوثق أيضاً باعتبار أنه ابن سالم العطار وان كان فيه كلام،وحنان بن سدير رجل ثقة. إذن يمكن التساهل من ناحية أشخاص السند . بيد أن المشكلة هي أن الرواية قد رواها الحر العاملي عن قرب الإسناد فلابد من ثبوت طريق معتبر من صاحب الوسائل إلى قرب الإسناد وهذه قضية مهمة ينبغي ملاحظتها إذ كثيراً ما ينقل صاحب الوسائل عن بعض الكتب بالمباشرة فلابد من وجود طريقٍ وهذا الطريق يلزم أن يكون إلى نسخة معينة من الكتاب وليس طريقاً إلى صاحب الكتاب فان ذلك لا ينفع في تصحيح النسخة التي ينقل عنها وهذه قضية ينبغي ان تكون واضحة لنا.
 ونحن نتردد ونشك في كون طرق صاحب الوسائل إلى الكتب التي ينقل عنها هي طرق إلى النسخة المعينة وأنا نحتمل أنها طرق تبركيَّة إلى صاحب الكتاب كما هو الحال في الطرق التي يمنحها أصحاب الإجازات المتأخرون مثل الشيخ أغا بزرك الطهراني(قده) فانه حينما يمنح إجازة لا يكون الهدف منها الا التبرك باتصال السلسلة إلى الإمام عليه السلام وليس ذلك طريقاً إلى نسخة معينة. أما لماذا نتردد في كون طرق صاحب الوسائل هي إلى نسخٍ معينة ؟ ذلك باعتبار مجموعة أمور:-
  1. انه ذكر في مقدمة الوسائل الكتب التي ينقل عنها ، وذكر ذلك أيضاً في آخر الكتاب وكان عدد الكتب مائتي كتاب تقريباً ، وقال في الفائدة الخامسة من الفوائد التي عقدها في آخر الوسائل ( إني سوف أذكر لكم في هذه الفائدة طرقي إلى تلك الكتب التي أنقل عنها ) وصرح بـ( اني أذكرها من باب التبرك وإلا فالكتب التي أنقل عنها ثابتة بالتواتر أو بالقرائن القطعية ) الوسائل 30 169.. إذن هو يصرح بأنها طرق يقصد منها التبرك.
  2. حينما ذكر الطرق ذكر عشرة طرق كلها تنتهي إلى الشهيد الثاني ، أي أن المحطة الأولى التي تنتهي إليها الطرق العشر هو الشهيد الثاني ، ثم من الشهيد الثاني ذكر طرقاً إلى المحطة الثانية وهي الشيخ الطوسي ، إذن جميع هذه الطرق العشر تشترك في أنها تصل إلى الشهيد الثاني ومنه إلى الشيخ الطوسي وقال ( إني أروي هذه الكتب بهذه الطرق ) ومن البعيد أن صاحب الوسائل يروي نُسخاً معيَّنة بطرقٍ متماثلةٍ من حيث الكم والكيف فالعدد واحد والكيف - أي الأشخاص الذين نقل هذه الكتب بواسطتهم - متماثلون أيضاً.
  3. ثم بعد ذكره لتلك الطرق العشر التي تنتهي إلى الشهيد(قده) قال:-( ونروي الكتب المذكورة بباقي طرقها وأسانيدها المذكورة في الإجازات وكتب الرجال ونروي باقي الكتب بالطرق المشار إليها والطرق المذكورة عن مشايخنا وعلماءنا ) الوسائل 30 189. ان هذا الكم الهائل من الطرق يُقرِّب أنها طرق تبركية ومن البعيد أن تكون طرقاً إلى نسخ معينة.
  4. وذكر بعد ذلك ( إني أروي جميع هذه الكتب عن الشيخ المجلسي بسنده المنتهي إلى الشيخ الطوسي ) ثم قال عن الشيخ المجلسي ( هـو آخـر من أجازني وأجـزت لـه ) الوسائل 30 173. وتبادل الإجازة بينهما يُقرِّب أن المسالة تبركيَّة ، ولعله بالتتبع يمكن تحصيل قرائن أكثر.
 ان قلت:- بناءاً على هذا فسوف يأتي الإشكال في حق الشيخ الطوسي أيضاً فانه نقل عن مصادر متعددة وقال ( إني ابتدئ الحديث بصاحب المصدر ) ثم ذكر طرقه إلى أصحاب المصادر والإشكال السابق يأتي هنا ، يعني لعل طرق الشيخ الطوسي ليست طرقاً إلى النسخ بل إلى أصحاب الكتب وما دمنا نتردد ونحتمل ذلك فتسقط جميع هذه الكتب التي ينقل عنها عن الاعتبار.
 ويمكن الجواب:- بأنه توجد قرائن تساعد على أن الشيخ الطوسي(قده) كان نظره منصباً على النسخ من قبيل:-
  1. ذكر في أول المشيخة - المذكورة في آخر التهذيب ( إني كتبت هذه المشيخة لتخرج الأحاديث التي ذكرتها في الكتاب من الإرسال إلى الإسناد ) وهذا معناه أن طرقه طرق إلى النسخ إذ لو كانت إلى أصحاب الكتب دون النسخ فلا تخرج الأحاديث التي ذكرها من الإرسال إلى الإسناد ولا نحتمل أنه يخفى عليه أن الخروج من الإرسال يحتاج إلى طرق إلى النسخة وليس إلى أصحاب الكتب.
  2. انه ذكر في المشيخة وفي الفهرست لكل شخص طريقاً خاصاً به ، يعني طريقه إلى فلان يختلف عن طريقه إلى فلان الآخر وهذا معناه أن المسألة ليست تبركية إذ التبرك يتحقق بذكر طريق أو طريقين بلا حاجة إلى خصوص هذا أو خصوص ذاك أو خصوص الثالثٍ ....... وهكذا ، ان اختصاص كل شخص بطريق خاص به يُقرِّب أنه طريق إلى النسخة وليست المسألة تبركية.
  3. لو كان الهدف هو التبرك فلا حاجة إلى تأليف كتاب باسم كتاب الفهرست أو المشيخة وقضاء العمر العزيز في ذلك فانه بلا فائدة ، وإذا كان الهدف هو التبرك فيكفي أن يذكر طريق أو طريقين أو ثلاثة بلا حاجة إلى إتلاف الأوراق والوقت.
  4. ذكر في ترجمة العلاء بن رزين أن لكتابه أربع نسخ وكل نسخة أرويها بطريق خاص بها.
  5. ذكر في تراجم بعض الأشخاص ما يشير إلى أنه ينظر إلى النسخة دون صاحب الكتاب من قبيل ما ذكره في ترجمة الشيخ المفيد(قده) فانه بعد أن استعرض كتبه قال ( سمعنا منه هذه الكتب كلها بعضها قراءة عليه وبعضها نقرأ عليه غير مرة وهو يسمع ) ، وذكر في ترجمة ابن مهزيار طرقه إلى كتبه ثم قال ( الا كتاب المثالب فان العباس روى نصفه عن علي بن مهزيار ) فلو كانت الطرق إلى صاحب الكتاب فلا معنى لاستثناء النصف ، وقال في ترجمة الصفار ( ان الصدوق روى كتبه كلها الا كتاب بصائر الدرجات ) فلو كانت الطرق إلى صاحب الكتاب دون نفس الكتب والنسخ فلا معنى لهذا الاستثناء ، وذكر عند ترجمة الشلمغاني ما نصه ( أخبرنا جماعة بكتاب التكليف الا حديثاً واحداً في باب الشهادة ) ان هذا الاستثناء لا يتلاءم أيضاً مع كون الطرق طرقاً إلى أصحاب الكتب . وعلى أي حال لابد من مزيد تأملٍ في هذه القضية فإنها مهمة.