33/03/13


تحمیل
 الموضوع :-

الواجب الرابع والخامس من واجبات الطواف ( إدخال حجر إسماعيل في المطاف ) ، ( خروج الطائف عن الكعبة وعن الصفة ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 الرابع:- إدخال حِجْر إسماعيل في المطاف بمعنى أن يطوف حول الحِجْر من دون أن يدخل فيه.

 لا إشكال بين الأصحاب في أن الطائف إذا وصل إلى حِجر إسماعيل عليه السلام فلا يجوز أن يدخله ويطوف بينه وبين الكعبة لا لأنه جزء من البيت حتى يقال ان الطواف بينه وبين الكعبة ليس طوافاً حول الكعبة وإنما هو طواف داخل الكعبة كلا ان المسألة ليست مرتبطة بذلك وقد جاء في صحيحة معاوية بن عمار ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحِجْر أمن البيت هو أو فيه شيء من البيت ؟ قال:- لا ولا قُلامَةَ ظفرٍ ولكن إسماعيل دفن أمه فيه فكره أن توطأ فجعل عليه حَجَراً وفيه قبور أنبياء ) [1] وإنما هو حكم مقطوع ومجمع عليه بين الأصحاب كما جاء في المدارك [2] والجواهر [3] لأجل روايات خاصة نهت عن اختصار الطواف وهي:-
 الأولى:- صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ( قلت:- رجل طاف بالبيت فاختصر شوطاً واحداً في الحجر ، قال:- يعيد ذلك الشوط ) [4] ودلالتها واضحة على بطلان الشوط إذا تحقق من الطائف الاختصار . والاختصار مصطلح لذلك ، وإنما سمي به باعتبار أن اختصار الطريق لغةً هو عبارة عن بلوغ طريق أقرب إلى المقصد ، فمن سلك الطريق الأقرب يقال عنه لغةً أنه اختصر الطريق ، والطائف إذا دخل الحِجْر فقد اختصر الطواف وصار في دائرة أضيق ، انه بهذا الاعتبار عُبِّر عنه بالاختصار . وجاء في رواية الصدوق أنه قال هكذا ( يعيد الطواف الواحد ) يعني لم يُعد ذلك الشوط وإنما قال ( يعيد الطواف الواحد ) والظاهر أن المؤدّى واحد أي لا حاجة إلى إعادة كامل الطواف بل خصوص ذلك الشوط.
 والثانية:- رواية حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام ( الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحِجْر ، قال:- يقضي ما اختصر من طوافه ) [5] ، ودلالتها واضحة على أنه لا يلزم إعادة كامل الطواف ، ولكن قد توحي أنه يكفي قضاء ذلك المقدار الذي وقع فيه الاختصار ولكن بقرينة الصحيحة السابقة نفسره بكامل الشوط لإمكان الجمع بذلك.
 والثالثة:- صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام ( من اختصر في الحِجْر فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ) [6] .
 والرابعة:- ورواية إبراهيم بن سفيان ( كتبت إلى الرضا عليه السلام امرأة طافت طواف الحج فلما كانت في الشوط السابع اختصرت وطافت في الحِجْر وصلت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثم أتت منى ، فكتب عليه السلام :- تعيد ) [7] وهي ضعيفة السند بإبراهيم فانه مجهول الحال.
 والمهم هو الروايات الثلاث السابقة وقد ذكرنا أن بعضها دل بوضوح على أنه يعيد خصوص ذلك الشوط كصحيحة الحلبي - التي هي الرواية الأولى - حيث قال ( يعيد ذلك الشوط ) بينما كان بعضها صالحاً لكون المراد هو إعادة كامل الطواف من قبيل صحيحة معاوية - أي الرواية الثانية - فانه قال ( فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ) ولكن الجمع بينها وضم بعضها إلى الآخر يمكن من خلاله أن يفسر الطواف الذي يعاد هو خصوص الشوط وليس مجموع الأشواط ، ويأتي من السيد الماتن(قده) في مسألة ( 306 ) التعرض إلى ذلك ، أي أنه يكفي إعادة خصوص ذلك الشوط.
 وقد تسأل:- إذا فرض أن الطائف حينما وصل الحِجْر دخله وخرج من دون أن يطوف فهل يضر ذلك بصحة طوافه ؟ المناسب هو العدم لأن المنهي عنه ليس أصل الدخول وإنما الاختصار بمعنى الحركة الطوافية في طريق أخصر فلا دليل على البطلان ويتمسك إما بعموم أدلة الطواف وبقطع النظر عن ذلك يكفينا أصل البراءة أيضاً.
 ولو فرض أن الطائف لم يدخل الحِجْر وإنما صعد عليه فان فرض أنه صعد عليه من دون طواف فلا يضر أيضاً لنفس النكتة المتقدمة ، أما إذا فرض أنه صعد عليه وطاف عليه فهل يضر ذلك بصحة الطواف ؟ والجواب:- ان جزم أن ذلك نحو من الاختصار ومصداق له فيكون مشمولاً لتلك الروايات المتقدمة ويكون حكمه حكم من دخل الحِجْر وطاف حيث يبطل خصوص الشوط الذي وقع فيه ذلك ، وإذا جزمنا بالعدم فالأمر واضح أيضاً ، وإنما الكلام يكون فيما لو شككنا في أن هذا نحو من الاختصار أو لا فالمناسب ماذا ؟ ان ذلك مصداق للمسألة المعروفة التي تقول ( إذا كان لدينا عام وخرج منه بالمخصص المنفصل عنوان مردد بين السعة والضيق - والذي يعبر عنه بالمجمل مفهوماً - فيكون العام حجة فيما عدى القدر المتيقن ) والأمر في المقام كذلك فان العام قال ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) أي أمرنا بالطواف حول البيت ومقتضى ذلك العام أنه يجوز حتى الاختصار فأنه طواف بالبيت بناءاً على أن الحِجْر ليس جزءاً منه كما دلت عليه الرواية الصحيحة ، غايته خرج عنوان الاختصار بالمخصص - أي بالروايات المتقدمة - والقدر المتيقن منه ما إذا دخل الطائف في الحِجْر وطاف فانه مشمول للمخصص جزماً فلا يكون العام حجة فيه أما إذا فرض أنه صعد على الحِجْر فذلك فرد مشكوك للاختصار فلا يجوز التمسك بالمخصص لعدم إحراز أن هذا اختصار حسب الفرض وهو قد نهى عن عنوان الاختصار والحكم - كما نعرف - لا يثبت موضوعه فلا يجوز التمسك به وبالتالي لا مانع من التمسك بالعام أعني ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) ، وربما يأتي فيما بعد التعرض إلى ذلك من قبل السيد الماتن(قده).
 
 الخامس:- خروج الطائف عن الكعبة وعن الصُفَّة التي في أطرافها المسماة بالشاذروان.

 ..........................................................................................................
 لا إشكال في أن الواجب هو الطواف حول البيت وذلك لا يتحقق إذا طاف المكلف داخل الكعبة - بأن فتحت له الباب ودخل وأخذ يطوف فيها أو صعد على سطحها وأراد أن يطوف على سطحها - ان ذلك لا يكفي لأنه ليس مصداقاً للطواف بالبيت وإنما هو طوافٌ في البيت والمأمور به هو ( الطواف بالبيت ) وهذا مطلب واضح ، ولعل المناسب فنياً حذف هذا وعدم الإشارة إليه فان تحقُّق هذا شيء بعيد . نعم المهم هو الثاني وهو الطواف على الشاذروان فانه يقال ان الشاذروان عبارة عن الأساس القديم للكعبة المشرفة إذ قد مرَّت عليها أدوار وفي بعضها هُدِمت أو تهدَّمت وحينما أرادوا إعادة بناءها لم يكن عندهم من الأموال الطيبة ما يسع لبنائها بالكيفية وفي المساحة القديمة فضُيِّقت مساحتها وبقي جزء منها - وهو أساسها وجدارها القديم - خارجاً عنها وأشير إليه باللون الخاص المعروف - الذي هو قريب إلى الحمرة - إشارةً إلى ذلك ، وقد وقع كلام في أن الشاذروان هل هو من جميع أطراف الكعبة أو هو من بعض جهاتها وان كان في زماننا موضوع من جميع جهاتها ، ولكنه هناك كلام هل الأمر واقعاً هو كذلك أو أن القضية حصلت من فعل المتأخرين ؟
 وعلى أي حال إذا ثبت أن الشاذروان هو الأساس القديم للبيت فينبغي أن يكون واضحاً ان الطواف عليه لا يكون مجزياً لأنه ليس طوافاً بالبيت وإنما هو طواف في البيت أو على البيت فان الطواف بالشيء يلزم أن يكون الطائف فيه خارجاً عن ذلك الشيء.
 وقد نقل في المدارك قطع الأصحاب بذلك حيث قال ( فلا يجوز المشي على أساس البيت وهو القدر الباقي من أساس الحائط بعد عمارته أخيراً ويسمى الشاذروان لأنه من الكعبة على ما قطع به الأصحاب ) [8] ، ولكن نقل في الجواهر عن بعض الحنفية أن الشاذروان ليس جزءاً من البيت ولازم ذلك جواز الطواف عليه ، قال في الجواهر ( نعم عن ابن ظهرة من الحنفية جواز الطواف على الشاذروان لأنه ليس من البيت ) [9] .
 إذن ان قطعنا أنه من البيت فلا يجوز الطواف عليه وان قطعنا أنه ليس منه - كما عن ابن ظهرة - فيجوز ، ولكن لو شككنا فالأصل ماذا يقتضي ؟


[1] الوسائل 13 -0 353 30 من ابواب الطواف ح1.
[2] المدارك 8 128.
[3] الجواهر 19 292.
[4] الوسائل 13 356 31 من ابواب الطواف ح1.
[5] المصدر السابق ح2
[6] المصدر السابق ح3.
[7] المصدر السابق ح4.
[8] المدارك 8 133.
[9] الجواهر 19 299.