31/11/14


تحمیل

الموضوع: المسالة 230 .

 الكلام تارة يقع بلحاظ الكفارة وتارة بلحاظ الحرمة التكليفية

 اما بلحاظ الكفارة فقد تقدم الكلام عن ذالك، وقد اتضح ان الكفارة ثابتة بصحيحتين وقد كان هناك صحيحة ثالثة معارضة اسقطناها عن الحجية بسبب الهجران

 ثم ذكرنا ان الكفارة تختص بما اذا فرض ان النظر كان عن شهوة مع الامناء اما اذا تخلف احد الوصفين فلا كفارة لقصور المقتضي، كما تقدم

الحرمة التكليفية

 اما بلحاظ الحرمة التكليفية فالكلام:

تارة يقع لو كان النظر بشهوة مع الامناء

واخرى لو كان النظر بشهوة دون امناء

وثالثة لو كان النظر لابقصد الشهوة ولكن تحقق الامناء

اما الاول فلو كان النظر بشهوة مع الامناء فقد ذكر السيد الخوئي في المعتمد ج 4 ص 106 ان بالامكان الحكم بحرمته لوجهين

الاول: التمسك بتلك القضية الكلية اعني حرمة جميع الاستمتاعات على المحرم فيدخل في ذالك مقامنا فيكون محرما

وفيه ماتقدم من انه لن تثبت عندنا هذه الكبرى الكلية

الثاني: التمسك بما دل على ثبوت الكفارة في حق من نظر وامنى كصحيحة مسمع المتقدمة وهكذا صحيحة معاوية غايته احداهما ذكرت ان عليه بدنة والاخرى ان عليه جزور وهما واحد كما تقدم

 ونظم الى ذالك مقدمة اخرى وهي ان صحيحة ابي بصير دلت على ان الكفارة ان ثبتت فهي لاجل انه نظر الى مالايحل حيث قال (عليه السلام) اني لم اجعل عليه الكفارة لانه امنى لا انه نظر الى مالايحل فيثبت بذالك ان النظر اثناء الاحرام هو امر غير جائز وهو المطلوب

وفيه

اولا: انه من الجنبة الفنية قابل للمناقشة حيث يمكن ان يقال لاحاجة الى هذا التطويل وذالك بضم مقدمة الى مقدمة فنحن في غنى عن المقدمة الاولى ويكفينا التمسك بصحيحة ابي بصير هي قد دلت على ان النظر حال الاحرام شيئ محرم حيث قال (عليه السلام) اني جعلت الكفارة لانه نظر الى مالايحل ان هذا المقدار كاف في الوصول الى ما اراده بلا حاجة الى هذا التطويل

ثانيا: انه قد تقدم ان صحيحة ابي بصير يمكن ان يدعى انها ناظر للنظر لغير الزوجة وذكرنا لذالك قرينتين

 احداهما التعبير بالمرأة حيث جاء هكذا رجل نظر الى ساق امراة فامنى والقرينة

 الثانية انها في مقام التعليل قال لانه نظر الى مالايحل فمتعلق النظر جعل مالايحل لا ان النظر بنفسه محرم ولايحل بل متعلقه لايحل وهذا يتحقق في النظر الى الاجنبية فان النظر الى ساقها نظر لشيئ لايحل اما النظر الى الزوجة فلو كان محرما فهو لس نظرا الى مالايحل بل نفس النظر لايحل

 وعليه كلا الوجهين قابلان للمناقشة وبالتالي يكون الحكم بحرمة النظر الى الزوجة بشهوة مع الامناء غير ممكن صناعيا

 نعم لو فرض ان النظر قصد به الامناء من البداية لان الهدف هو ذالك فهنا يمكن التمسك بالارتكاز المتشرعي الذي اشرنا اليه سابقا حيث ذكرنا وجود الارتكاز بين المتشرعة على المنافاة بين حيثية الاحرام وحيثية الاستمتاعات بالدرجة العالية التي منها ماقصد به الامناء، اما اذا لم يقصد الامناء وانما قصد النظر بشهوة فقط وتحقق الامناء بعد ذالك كما هو محل كلامنا فشمول الارتكاز له ليس جزميا فان الارتكاز دليل لبيّ والقدر المتيقن منه ما اذا قصد به الامناء اما اذا تحقق النظر بشهوة من دون قصد الامناء ولكن تحقق صدفة فيشك شمول الارتكاز له فيقتصر على القدر المتيقن والاطلاق لامعنى للتمسك به لانه خاص بالادلة اللفظية

 نعم اذافرض ان فقيها جزم ان ذالك الارتكاز المتشرعي وسيع ويشمل حتى ما اذا لم يقصد الامناء فذاك مطلب اخر ولكن نحن حيث لانجزم فمن حقنا الاقتصار على القدر المتيقن

ان قلت ما هو الوجه في حجية الارتكاز المتشرعي

قلت ان الوجه في ذالك قانون استحالة صدور المعلول بلا علة، وذالك ببيان ان هذا الارتكاز كيف حصل في اذهان المتشرعة افهل يحتمل انه حصل في هذا وذاك صدفة وبلا منشأ ان لازم هذا تكرر الصدفة وصدور المعلول بلا علة اي تحقق الارتكاز بلا منشا وهو باطل فلابد ان يكون له منشأ وليس هو الا الوصول يدا بيد عن معدن الطهارة اي الامام صلوات الله عليه

ان قلت لعله نشأ من بعض المستندات المذكورة في الروايات من قبيل احرم لك شعري ودمي ومخي وعظامي وما شابه ذالك، فانه يفهم منه وجود منافاة بين الاحرام وبين الاستمتاعات

قلت ان هذا الارتكاز او ضح بكثير من هذه المستندات فان هذه المستندات اما شيئ لم يلتفت اليه المتشرعة كما هو الحال في حقنا ولكن رغم ذالك نشعر بوجود منافاة بين الاحرام وبين الاستمتاعات او انها التفت اليها ولكنها تحتاج الى بيان وتهذيب اي هي اخفى من الارتكاز فلا يحمل استناد الارتكاز اليها، وهذا مطلب سيال نستفيد منه كل ارتكاز متشرعي

والخلاصة انه لايمكن الحكم بحرمة النظر بشهوة حتى وان تحقق الامناء اتفاقا، نعم اذا قصد الامناء فيمكن الحكم بالحرمة الى ذالك الارتكاز ويبقى على الفقيه ان يلتفت الى ان الصناعة وان لم تقتضي الفتوى بالتحريم ولكن الانتقال الى الاحتياط الوجوبي شيئ جيد لاحتمال شمول ذالك الارتكاز للمورد المذكور

 هذا اذ كان النظر بشهوة مع الامناء

اما الثاني: وهو اذا كان النظر بشهوة من دون امناء

 فهو على ما اخترناه لايكون محرما بالاولى اذ في الحالة الاولى لم نحكم بالتحريم صناعيا

 هذا ولكن السيد الخوئي في المعتمد ج 4 ص 107 الى الوجه الاول من الوجهين السابقين اي حرمة مطلق الاستمتاع فان هذا مصداق لذالك، اذ النظر حسب الفرض صدر بشهوة فيكون مشمولا لتلك الكبرى ولكننا لانقبل الكبرى فالحرمة مشكلة مضافا لما دل على الجواز وهو صحيحة على بن يقطين عن ابي الحسن (عليه السلام) سالته عن رجل قال لامراته او لجاريته بعدما حلق ولم يطف ولم يسع بين الصفا والمراة اطرحي ثوبك ونظر الى فرجها قال لاشيئ عليه اذا لم يكن غير النظر ، وسائل الشيعة ج 13 ص 137 الباب 17 من كفارات الاستمتاع الحديث 4، بعد ضم مقدمة ان النظر الى الفرج يلازم عادة اثارة الشهوة والامام (عليه السلام) رغم هذا حكم بجوازه ولايحتمل ان يكون لاكفارة عليه ولكنه محرم عليه فهو امر غير محتمل

 اذاً لاحرمة في هذه الحالة للقصور في المقتضي كما او ضحنا بل للدليل على الجواز كما في الصحيحة، ولكن يبقى الاحتياط الوجوبي شيئا جيدا

اما الحالة الثالثة اي اذا كان النظر بغير شهوة ولكن تحقق الامناء اتفاقا وتلك الكبرى الكلية التي تمسك بها السيد الخوئي لاتاتي هنا فالمحرم هم الاستمتاع والنظر ليس بقصد الشهوة وقد تحقق الامناء اتفاقا ولكن قد حكم بالحرمة رغم هذا لصحيحة معاوية المتقدمة سالته عن محرم نظر الى امراته فامنى او امذى وهو محرم قال لاشيئ عليه ولكن ليغتسل ويستغفر ربه ان المفروض ان النظر لم يصدر بشهوة ولكنه امنى او امذى اتفاقا والامام (عليه السلام) نفى الكفارة واثبت الحرمة بقرينة الامر بالاستغفار

والجواب ان الاستغفار في المقام لابد من حمله على الادب الشرعي ولايحتمل ان يكون من جهة ارتكاب المحرم اذ المفروض ان النظر تحقق بلا شهوة فلايحتمل ان يكون محرما، اذا احتمال الحرمة ليس بثابت فامر الامام (عليه السلام) بالاستغفار من باب الادب الشرعي كما فيمن جامع زوجته قبل المشعر الحرام حيث قال (عليه السلام) ان كانا جاهلين استغفرا ربهما ولا شيئ عليهما والامر بالاستغفار يحمل على الادب الشرعي

 فالجزم بالتحريم في الحالات الثلاثة مشكل صناعيا نعم في الحالتين الاوليين يصار الى الاحتياط الوجوبي لاحتمال شمول الارتكاز بخلافه في الحالة الاخيرة فانه لاداعي حتى للاحتياط الوجوبي لان النظر ليس بقصد الشهوة

انتهت هذه المسألة