32/07/19


تحمیل

مسألة 278:- لا بأس بوجود السلاح عند المحرم إذا لم يكن حاملا له ومع ذلك فالترك أحوط.

 محصَّل ما أفاده (قده) هو أن المدار في حرمة السلاح للمحرم هو الحمل ، أما إذا لم يصدق الحمل فلا حرمة.

والوجه فيما أفاده هو:- أنا لو رجعنا إلى الروايات الأربع لوجدنا أن ثلاثاً منها أخذت عنوان ( الحمل ) وواحدة أخذت عنوان ( عليه السلاح ) ، فصحيحة الحلبي جاء فيها ( إن المحرم إذا خاف العدو يلبس السلاح فلا كفارة عليه ) ومفهومها ( إذا لم يخف فلا يلبس ) فالمدار على عنوان اللبس ، وهكذا في صحيحة ابن سنان ( أيحمل السلاح المحرم ؟ قال:- إذا خاف فليلبس ) ، وفي رواية الصدوق ( المحرم إذا خاف لبس السلاح ) . إذن هذه الروايات أخذت عنوان اللبس.

 وأما الرواية الرابعة - أعني رواية زرارة - فإنها قالت ( لا بأس أن يحرم الرجل وعليه سلاحه إذا خاف العدو ) . إذن بمقتضى هذه الروايات يكون المدار على عنوان اللبس أو ما هو قريب منه - أعني عليه السلاح - فانه مقارب لعنوان اللبس . هذا ما يمكن به توضيح ما فاده (قده

ولكن يمكن أن يقال:- صحيح أن الروايات قد أخذت العنوان المذكور ولكن لابد من إبداء شيء من المرونة بمقدار ما تساعد عليه مناسبات الحكم والموضوع ، فان التعبد بألفاظ النص والدوران مدارها قد لا يكون محبذاً أحياناً ما دام العرف يساعد على التوسعة قليلاً ومقامنا من هذا القبيل ، فان العرف لا يفهم خصوصية للبس السلاح بل إذا أخذه بيده من دون لبسٍ أو كان جالساً ووضعه إلى جنبه فهذا لا فرق بينه وبين ذاك ، والمدار عرفاً هو صدق كون المحرم مسلحاً سواءً فرض أنه قد لبسه أو انه قريب منه ، بخلاف ما إذا كان مع أمتعته أو كان بعيداً عنه فانه لا يصدق عليه آنذاك أنه مسلح . إذن مناسبات الحكم والموضوع تقتضي أن يُفصَّل هكذا لا كما أفاده (قده) فيقال انه متى ما صدق عليه أنه مسلح لا يجوز ذلك ولو لم يكن لابساً له وأما إذا لم يصدق عليه ذلك فيجوز ، فيجعل المدار على عنوان المسلح عرفاً وليس على عنوان اللبس كما أفاد (قده).

مسألة 279:- تختص حرمة حمل السلاح بحال الاختيار ولا بأس به عند الاضطرار.

والوجه في ذلك واضح وذلك لأمرين :-

الأول:- إن الروايات قد فصلت التفصيل المذكور ودلت وأنه إذا خاف جاز له لبس السلاح ولا يجوز إذا لم يخف . إذن عند الضرورة والاضطرار يثبت جواز اللبس لدلالة نفس الروايات على ذلك.

والثاني :- بقطع النظر عن ذلك فانه يكفينا ( رفع عن أمتي ما اضطروا إليه ) أو ( ما من شيء إلا وأحلَّه الله حالة الضرورة ) أو ما شاكل ذلك.

 إذن الحكم المذكور ينبغي أن يكون واضحا.

مسألة280:- كفارة حمل السلاح شاة على الاحوط.

 بعد أن عرفنا حرمة حمل السلاح للمحرم من غير ضرورة نسأل أنه لو فرض أنه خالف وأثم فهل تثبت عليه كفارة ؟

 قد يقال إن عليه شاةً على الاحوط كما أفاد (قده)

 ولعل الوجه في ذلك احد الأمور التالية:-

الأول:- التمسك برواية علي بن جعفر المتقدمة وانه إذا اجترح المحرم ما فيه دم ذبحه في أي موضع شاء . وقد تقدم أن السند والدلالة ضعيفان . وإذا كان هذا هو مستنده (قده) لكان المناسب أن يحتاط استحباباً لا وجوباً فان ظاهر العبارة أن الاحتياط وجوبي حيث قال ( كفارة حمل السلاح شاة على الاحوط ) وقد تقدم منه أنه متى ما كان المستند هذه الرواية فالاحتياط يكون استحبابياً.

الثاني:- صحيحة زرارة المقدمة ( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شيء ومن فعله متعمداً فعليه دم شاة )[1] بدعوى أن أحد العناوين المذكورة هو لبس الثوب الذي لا ينبغي لبسه ، والمذكور وان كان هو عنوان الثوب ولكن يعمم لكل ما لا يجوز لبسه وان لم يكن ثوباً فتثبت الشاة.

وفيه :- إن هذا التعميم شيء صعب ، والمناسب إذا أريد التعدي هو أن يحتاط بنحو الاستحباب لا بنحو الوجوب ، فلو كانت هذه الرواية هي المستند فالأجدر أن يكون الاحتياط استحبابياً.

الثالث:- إنا إذا رجعنا إلى الروايات الأربع السابقة لوجدنا أن الرواية الأولى - أعني صحيحة الحلبي - حكمت بالكفارة فقالت ( إن المحرم إذا خاف العدو يلبس السلاح فلا كفارة عليه ) ومفهومها ( انه إذا لم يخف ولبس السلاح فعليه كفارة ) وحيث انه لا يحتمل أن تكون الكفارة أكثر من شاة فيقتصر عليها. هكذا قد يوجه كون الكفارة شاةً رغم عدم ذكر عنوان الشاة في الصحيحة.

وفيه:- صحيح أن كلمة ( الكفارة ) لا يحتمل أن يكون المقصود منها أكثر من شاة ، ولكن يحتمل أن يكون أقل منها ككفٍ من طعام ، وحيث أن المأمور به هو عنوان الكفارة وذلك يصدق بدفع كف من طعام فالمناسب هو الاقتصار على الكف من الطعام ، وإذا أردنا أن نحتاط بالشاة فينبغي أن يكون الاحتياط استحبابياً.

إن قلت:- إن المورد من موارد العلم الإجمالي ، بمعنى أن ذمتنا قد اشتغلت بالكفارة بمقتضى الصحيحة ، وحيث أنها مرددة بين الشاة والكف من طعام ولا يحتمل أكثر من ذلك فيكون العلم الإجمالي منجزاً ، ومقتضى القاعدة الأولية وان كان هو لزوم الجمع بين الشاة وكف الطعام ولكن إذا قبلنا أن من وجب عليه الأقل يجزيه دفع الأكثر - كما هو ليس ببعيد - فيكفي دفع الشاة ويكون مقتضى الاحتياط الوجوبي ذلك .

قلت:- إن هذا وجيه لو كان المقصود من كلمة ( الكفارة ) في الصحيحة هي الكفارة المعينة واقعاً والتي هي مرددة عندنا ، فانه ما دمنا مكلفين بها فيأتي ما ذكر ، ولكن لِمَ لا نقول إن المقصود من كلمة ( الكفارة ) هو طبيعي الكفارة لا كفارة معينة واقعاً ، وهذا وان لم نجزم به لكنه شيء محتمل ، ومعه يجزي مطلق الكفارة ولو كان ذلك كفاً من طعام.

[1] الوسائل 13 157 8 بقية كفارات الاحرام ح1