36/03/01


تحمیل
الموضـوع:- مسألة ( 442 )، مسألة ( 443 )، مسألة ( 444 ) - أحكام المصدود.
مسألة ( 442 ):- إذا صُدَّ عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار فقد تمّ حجّه ويستنيب للرمي إن أمكنه في سنته وإلا ففي القابل على الأحوط ولا يجري عليه حكم المصدود.[1]

تشتمل هذه المسألة على أحكامٍ ثلاثة:-
الأوّل:- إنّ من صُدَّ عن المبيت في منى وعن رمي الجمار في اليوم الحادي عشر والثاني عشر فلا يؤثر ذلك على حجّه بل إنّه صحيح.
الثاني:- الأحوط وجوباً النيابة للرمي في سنته إن أمكن وإلا ففي قابل.
الثالث:- لا يترتب عليه حكم المصدود - أعني وجوب الهدي وإعادة الحج في العام المقبل فإن هذين حكمان وأثران للمصدود -.
أما الحكم الأوّل:- فذلك واضحٌ باعتبار أنا عرفنا في أبحاث سابقة أن المبيت في منى وهكذا الرمي ليس جزءاً من الحجّ، نعم هو واجبٌ ولكن بالوجوب التكليفي وليس جزءاً، وعلى هذا من تركهما حتى عن عمدٍ فلا يتصدّع بذلك حجّه.
أما ما هو الدليل على أن هذين خارجان عن الحج ؟
والجواب:- قد تقدّمت الإشارة إلى الدليل أيضاً حيث ذكرت بعض الروايات أنّه يجب طوافٌ آخر بعد الحج - وهو ما يعبّر عنه بطواف النساء - وهذا يدلّ على أنّ الحج قد انتهى يعني أنّه بطواف الحج والسعي ينتهي الحج والرواية تقول ويجب بعد الحج طوافٌ آخر وهذا معناه أنّ الحج قد انتهى، والمسألة مسلّمة تقريباً.
ونقرأ بعض الروايات:-من قبيل صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( القارن لا يكون إلا بسياق الهدي وعليه طوافٌ بالبيت - يعني بعد اعمال منى - وركعتان عند مقام إبراهيم وسعيٌ بين الصفا والمروة وطوافٌ بعد الحج وهو طواف النساء )[2]، وعلى منوالها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( ..... وطوافٌ بالبيت بعد الحج )[3].
إذن لا إشكال في صحّة الحجّ رغم الصدّ عن المبيت في منى وعن الرمي.
وأما الحكم الثاني:- فوجهه واضحٌ أيضاً إذ تقدّم ورود روايةٍ تدلّ على هذا المضمون - يعني على أنّ من ترك الرمي عليه النيابة - وهي رواية عمر بن يزيد، وإنما كانت رواية باعتبار أنّ الراوي هو ولده محمد بن عمر بن يزيد أمّا عمر بن يزيد فهو من أجلّة أصحابنا أمّا ابنه فلم يثبت توثقيه، ونصّها:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام:- من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل فإن لم يحج رمى عنه وليّه فإن لم يكن له وليٌّ استعان برجل من المسلمين يرمي عنه فإنه لا يكون رمي الجمار إلا أيام التشريق )[4].
وإنما كان الحكم مبنياً على الاحتياط دون الفتوى لنكتتين:-
أحداهما:- قد تقدّمت الاشارة إليها وهي أن السند ضعيفٌ فإنّ محمد بن عمر بن يزيد مجهول الحال فلا يمكن الاستناد إلى الرواية على مستوى الفتوى ولكن الاحتياط لا بأس به.
ثانيهما:- إنها واردة فيمن غفل لأنّ الوارد في صدرها هو ( من اغفل رمي الجمار ) بينما كلامنا فيمن صُدَّ ولعلّ المصدود أخفّ حالاً من الغافل فالغافل قد يقال له لماذا لم تضع منبهاتٍ حتى لا تغفل ؟!! أمّا هذا فهو قد صُدَّ من قِبَلِ عدوٍّ خارجيّ فهو أخفّ حالاً فمن الممكن أنّه لا يجب عليه الرمي ولكن الاحتياط شيء حسن.
وهل المناسب أن يكون الاحتياط وجوبياً أو استحبابيا ؟
والجواب:- إن السيد الماتن جعله وجوبياً كما هو الظاهر من عبارته، ولكن يوجد مجالٌ لجعله استحبابياً لأجل النكتة الثانية التي أشرنا إليها فإنّ الرواية كما ذكرنا هي واردة في الغلفة فالتعدّي إلى موردنا إن كان فهو من باب الاحتياط الاستحبابي لا الوجوبي، بل حتى النكتة الأولى إذ يمكن أن يقال إنّه مادام الراوي مجهولاً فهي ساقطة إذن عن الاعتبار إلّا إذا أفتى الأصحاب على طبقها.
وأما الحكم الثالث:- فواضحٌ إذ المصدود هو من صُدَّ عن دخول مكة أو عن أفعالها الركنيّة أو الأعم التي تكون أجزاءً، أمّا إذا كان الصدُّ عن واجباتٍ ليست بأجزاءٍ فلا دليل على انطباق حكم الصدّ عليه إذ هو قد أتى بكامل أجزاء الحج والمفروض أنّه قد تحلّل في اليوم العاشر بالهدي فهو ليس بمحرمٍ حتى يحتاج إلى التحلّل بالهدي ثانيةً.
إذن من ناحية الهدي لا موجب له كما هو واضح لعدم انطباق حكم المصدود عليه كما قلنا إذ لم يُصَد عن شيءٍ من اجزاء الحج، مضافاً إلى أنّه قد تحلّل في اليوم العاشر لأنّه مُنِعَ من المبيت ورمي الجمار لا أنّه مُنِعَ من أعمال الحج في اليوم العاشر.
وما أنّه لا إعادة عليه للحج فقد اتضح أيضاً إذ المفروض أنّه قد أتى بالحج بشكلٍ كامل.
وبهذا اتضحت المسألة بالكامل.
يبقى شيء لا بأس بالإشارة إليه:- وهو أنّ هذا الشخص لم يَبِت في منى ليليةً أو ليلتين ونحن نعرف أنّ حكم من ترك المبيت هو أنه عليه دمٌ، فهل مثل هذا يجب عليه دمٌ أو لا ؟
والجواب:- قد تقدّمت الاشارة إلى هذا المطلب في مسألة ( 429 ) التي تعرضت إلى من ترك المبيت وقلنا هناك إنّ من ترك المبيت عن نسيانٍ أو غير ذلك فلا شيء عليه تمسّكاً بحديث الرفع - أعني حديث ( رفع عن متي ما لا يعلمون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه..... ) [5]-، وفي مقامنا المناسب أن نطبّق فقرة الإكراه فإنّه أُكِره على ترك الواجب وعلى ترك المبيت فيكون حينئذٍ ما هو مترتّب على ترك المبيت مرتفعاً بسبب الإكراه . فإذن يمكن التمسّك بالحديث المذكور.
إن قلت:- إن حديث الرفع لا يثبت صحّة وأنّه أُتِيَ به كما أشرنا إلى ذلك أكثر من مرّة فكيف إذن يثبت في المقام أنّ ما أُتِيَ به صحيحٌ بعد فرض أنّ حديث الرفع هو حديثُ رفعٍ ولا يثبت الصحّة ؟
قلت:- قد اتضح الجواب عن ذلك من خلال ما تقدّم فإن الصحّة ليس لنا فيها شكٌّ إذ المفروض أن المكلّف قد أتى بجميع الواجب وقلنا إنّه حتى لو ترك المبيت عن عمدٍ فهو لا شيء عليه بمعنى أنّ حجّه صحيحٌ . إذن الصحّة لا نشك فيها وإنما الذي نشكّ فيه هو أنّ ذمته هل اشتغلت بالدم أو لا ؟ وحيث إنّه قد أُكْرِهَ على ترك المبيت فحديث الرفع حينئذٍ يثبت لنا رفع ما يترتب على ذلك - أعني الدم -.
إن قلت:- إنّه بهذا تريد أن تثبت أنّه قد تحقّق منه المبيت لأنّ الحديث نطبّقه على ترك المبيت فنقول هو قد أكره على ترك المبيت فيكون هذا مرفوعاً ولازم رفع ترك المبيت يعني تحقّق المبيت وإثبات المبيت والفروض أنّ حديث الرفع لا قابلية له على إثبات الوجود فلا يمكن من خلاله أن نثبت أنّه قد تحقّق منه المبيت.
والجواب:- نحن لا نريد أن نثبت أنّ المبيت قد تحقّق بل نريد أن نقول إنَّ ما يترتب على ترك المبيت - وهو الدم - هو المرفوع لا أنّ ترك المبيت مرفوعٌ حتى تكون النتيجة هي اثبات المبيت . فإذن لا مشكلة من هذه الناحية.

مسألة ( 443 ):- من تعذّر عليه المضيّ في حجّه لمانعٍ من الموانع غير الصدّ والحصر فالأحوط أن يتحلّل في مكانه بالذبح.[6]
..........................................................................................................
ومحصّل المسالة هو أنّه لو فرض أنّ المكلف لم يُصَدّ عن دخول مكة ولا عن أعمالها ولكن هو لم يتمكن من دخولها كما لو انكسرت السيارة ولم تتهيأ سيارة ثانية حتى يواصل السير أو أن نفقته سرقت وليس لديه أموال أخرى ليواصل السير بها أو ما شاكل ذلك، فالمقصود أنه ليس المنع من ناحية مرضٍ حتى يتحقّق الحصر ولا من ناحية عدوٍّ حتى يتحقّق الصدّ وإنما المانع مانعٌ شخصيٌّ يرتبط بالمكلف.
فهل عليه في مثل هذه الحالة التحلّل بالهدي كما هو حكم المصدود ؟
والجواب:- المناسب بمقتضى القاعدة عدم الحاجة إلى ذلك؛ إذ ذكرنا في بداية حكم الصدّ أنّ القاعدة الأوليّة تقتضي فيمن صُدَّ انكشاف بطلان الإحرام فإنّ وجوب الإحرام وجوبٌ ترابطيٌّ فإذا لم تمكن بقيّة الأجزاء ينكشف أنّ الإحرام ليس بواجبٍ وليس بمطلوبٍ وليس بصحيحٍ، نظير أفعال الصلاة فإنّ من لم يتمكّن من أن يواصل إلى تمام الصلاة ينكشف أنّه من البداية لم يتحقّق الدخول في الصلاة لأنّ الواجب ترابطيّ، وهنا أيضاً كذلك بمقتضى القاعدة الأوليّة ينكشف أنّه لم يتحقّق منه الإحرام وإنما الإحرام كان صورياً وإلّا ففي الواقع لا إحرامَ، ولكن خرجنا عن هذه القاعدة لأجل روايات المصدود وأنّه يتحلّل بالهدي، وحيث إنّ هذا المكلف لا ينطبق عليه عنوان المصدود فيبقى الرجوع إلى مقتضى القاعدة بلا مانعٍ فنتمسّك به وعليه فلا حاجة إلى الهدي، نعم الاحتياط بالتحلّل بالهدي شيءٌ حسنٌ لاحتمال أنّ حكم الصدّ يُطبَّق عليه أيضاً وإن لم يكن مصدوداً بالمعنى الحقيقي، فالاحتياط شيءٌ حسنٌ ولا أقل على مستوى الاحتياط الاستحبابي.
مسألة ( 444 ):- لا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنةً أو بقرة أو شاةً . ولو لم يتمكن منه ينتقل الأمر إلى بدله وهو الصيام على الأحوط.[7]
..........................................................................................................
تشتمل المسألة المذكورة على حكمين:-
الأوّل:- إنّ من صُدَّ فيلزمه كما تقدّم التحلّل بالهدي، وما هو الهدي الواجب ؟ إنّه مخيّر بين الأنواع الثلاثة إمّا الإبل أو البقر أو الغنم كما هو الحال بالنسبة إلى هدي الحج.
الثاني:- لو لم يتمكّن من الهدي فالأحوط أن يأتي ببدله وهو الصيام بالنحو المذكور فيمن عجز عن هدي الحج وهو ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
أما الحكم الأوّل - أعني التخيّر بين الانواع الثلاثة -:- فيكفي لإثباته اطلاق كلمة الهدي في الآية الكريمة حيث قالت ﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ﴾[8]وكلمة الهدي كما تصدق على الإبل تصدق أيضاً على البقر والغنم . إذن اطلاق الآية هو بنفسه يكفي لإثبات الحكم المذكور.
نعم هنا تساؤل:- وهو أنّه كيف نثبت أنّ الأقل من هذه الثلاثة لا يكفي من قبيل أن يذبح المكلف طيراً أو عصفوراً أو غزالاً أو ما شاكل ذلك فإنّ هذا يصدق عليه عنوان الهدي فكيف نثبت أنه لا يجزي ؟
والجواب:- الكلام هنا هو نفس الكلام في باب الحج فإن هذا التساؤل يأتي هناك أيضاً وقد تقدّم في مسألة ( 384 )، أنه قد يستدل على ذلك ببعض النصوص - يعني على أنّ الأقل من هذه الثلاثة لا يكفي - من قبيل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في المتمتع قال:- ( وعليه الهدي قلت، وما الهدي ؟ فقال:- أفضله بدنه وأوسطه بقرة وآخره شاة )[9]، بتقريب أنّ زرارة سأل الإمام وقال ( وما الهدي ؟ ) والإمام عليه السلام حدّد الأعلى والمتوسط والأقل فقال الأفضل هو البدنة والأوسط البقرة والآخر هو الشاة، وتقريب الدلالة:- هو إنّ نفس السؤال عن التحديد بقوله ( وما الهدي ؟ ) بإضافة التعبير من قبل الإمام بقوله ( وآخره ) قد يفهم منه عرفاً أنّ أقل ما يجزي هو الشاة لأنّ السؤل كان عن التحديد والإمام عليه السلام جعل آخر ما يجزي هو الشاة فتدلّ حينئذٍ على المطلوب.
إنه إن تمّ هذا وأمثاله فبها وإلا فنتمسّك بالدليل الذي أشرنا إليه أكثر من مرّة وذلك بأن يقال:- إنّ المسألة ابتلائية والمسالة الابتلائية لابد وأن يكون حكمها واضحاً وحيث إنّ الفقهاء لم يحصل بينهم اختلاف في أنّ الواجب هو أحد الثلاثة فيحصل الاطمئنان للفقيه بأن الهدي الواجب هو أحد هذه الثلاثة، هذا كلّه بالنسبة إلى هدي التمتع وقد أشرنا إليه في تلك المسألة.
ولكن يبقى من حقّك أن تسأل وتقول:- إنّ هذا وجيهٌ في هدي التمتع وكلامنا الآن هو في هدي المصدود فكيف نثبت أنّ المقصود من هدي المصدود هو أحد هذه الأمور الثلاثة ولا يجزي الأقل ؟
والجواب:- ربما يقال إنّ كلمة الهدي هي واحدة قد وردت هناك - أي في باب حج المتمتع وأن عليه الهدي كما ورد في الآية الكريمة – كما وردت أيضاً في مقامنا - ﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ﴾ - فإذا كان المراد منه هناك ما أشرنا إليه من الأنواع الثلاثة يثبت أن المراد منها هنا في باب المصدود ذلك أيضاً، إنّه عن قبلنا بهذا الكلام - وهو له وجاهة - فبها ونعمت، وأن رفضناه كفانا مقتضى القاعدة وذلك بأن يقال:- إنّ المصدود لو أهدى أقل من هذه الثلاثة بأن ذبح عصفوراً أو طيراً يشك هل حصل له التحلّل أو لا فإنّه كان محرماً سابقاً جزماً - وقد فهمنا واستنتجنا أنّه محرم جزماً من روايات الصدّ - ونشك أنّ إحرامه زال الآن أو لم يزل فنستصحب بقاء إحرامه على حاله ولا يقفُ هذا الاستصحاب إلّا إذا كان الهدي من أحد الانواع الثلاثة المتقدّمة.
إذن إذا سُدَّ ذلك الباب وقلنا بأنّه لا نجزم بأنّ المراد من الهدي هو واحدٌ في كلا الموردين فمقتضى القاعدة يكفينا.
ولكن ألفت النظر إلى قضية الجانبية:- وهي أنّ هذا الطريق - أعني التمسّك بمقتضى القاعدة - الذي نقول فيه بجريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية، أما بناءً على رأي السيد الخوئي(قده) الذي لا يقول بالجريان للمعارضة بين استصحاب بقاء المجعول مع أصالة عدم الجعل بالمقدار الزائد فلا يمكنه التمسّك بالاستصحاب، أمّا على مثل ما نحن عليه فبإمكاننا القول بهذا المطلب.
وأمّا الحكم الثاني - أعني أنه إذا لم يتمكن من الهدي فماذا يصنع ؟- :- ذكر صاحب الجواهر(قده)[10] - ونسب ذلك أيضاً إلى المشهور - أنّه يبقى على إحرامه ما دام لم يكن عنده الهدي أو ثمنه إلا أن يأتي بعمرةٍ مفردةٍ فيتحلّل بها.
ولكن المناسب هو حصول التحلّل بلا حاجة إلى هدي مادام لا يتمكن عليه إما ببيان أن الآية الكريمة قالت:- ﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ﴾، والتعبير بكلمة ( استيسر ) قد يفهم منه أن المدار على التيسّر، فإذا تيسر الهدي وبالمقدار الممكن لك فبها ونعمت وإلا فلا شيء عليك، فنفس كلمة استيسر تستبطن أنّ الهدي واجب في مقام التحلّل في حالة التيسّر والامكان وإلا فلا حاجة إلى الهدي.
أو يقال:- توجد بعض الروايات الدالة على أنّ من حُبِسَ من المواصلة يحصل له التحلّل القهري سواء اشترط ذلك في بداية الاحرام وقال ( اللهم حلّني حيث حبستني ) أو لم يشترط ذلك فنتمسّك بالرواية، من قبيل صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام :- ( قال:- هو حلٌّ إذا حبسه اشترط أو لم يشترط )[11]، وفي الكافي توجد بدل ( حبسه ) عبارة ( إذا حُبِسَ ) وضمير ( هو ) يرجع إلى المحرِم فتصير الرواية مبيّنة لحكمٍ عامّ كليّ وهو أنّ المحرم متى ما حُبِسَ أي مُنِعَ من المواصلة فهو حلٌّ سواء اشترط من البداية أو لم يشترط فنتمسّك بعمومه أو باطلاقه، نعم خرج من ذلك ما كان متمكّناً من الهدي للروايات الخاصّة أمّا من لم يكن متمكناً فحينئذٍ لا يتوقّف الحلّ على الهدي بمقتضى إطلاق هذه الرواية، فعلى هذا الأساس يحصل له التحلّل القهري إمّا لأجل ما ذكرناه أوّلاً أو لأجل هذا أو لأجل كليهما، ولكن الأحوط أن يأتي بالبدل إن تمكّن منه وهو الصوم فإن الصوم وإن ثبتت بدليّته في باب الحج لمن لم يتمكن على هدي حج التمتع ولكن نقول توجد رواية أو روايتان في المحصور تدلّان على أنّ من لم يتمكن على الهدي يصوم، من قبيل صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السلام في المحصور ولم يسق الهدي - يعني حجّه ليس حجّ قِران وإنما هو حج إفراد أو تمتّع - قال:- ( ينسك ويرجع، قيل فإن لم يجد هدياً ؟ قال:- يصوم )[12]، وقريب من ذلك صحيحته الأخرى لو لم تكن نفسها[13]، وقد قال عليه السلام ( يصوم ) والمقصود من ( يصوم ) هو الإشارة إلى ما هو المعهود يعني في باب حج التمتع، وهذه قضيّة ينبغي الالتفات إليها فإن الذي يأتي من الخارج ويريد التمسّك بإطلاق ( يصوم ) فنحن نقول له توجد مرتكزات واضحة وهي أنّه في باب الحج أنّ الصوم هو ثلاثة زائداً سبعة والإمام عليه السلام أحال على ذلك المعهود وهذه قضية واضحة لا مناقشة فيها.
نعم مورد هذه الرواية هو المحصور وكلامنا في المصدود فلذلك يكون التعدّي إلى المصدود مبنيّاً على الاحتياط .
إذن يسقط الهدي والأحوط الانتقال إلى البدل.