37/04/05


تحمیل

الموضـوع:- جواز الكلام مع المرأة الأجنبية - مسألة ( 17 (- المكاسب المحرمة -كتاب التجارة.

هذا وقد يشكل على التمسك بالآية الكريمة:- بأنها خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وأله ولا تعم سائر النساء.

ونتمكن أن نغير التعبير ونقول:- يحتمل أنها خاصة بنساء النبي ولا ظهور لها في السعة ، ومن ثم لا يمكن أن نستفيد التعميم ، إما لظهورها في الاختصاص ، أو لاحتمال ذلك ، ولعله لأجل هذا نجد أنَّ صاحب الجواهر(قده) لم يفتِ بحرمة اسماع المرأة صوتها الرقيق وإنما قال لا ينبغي للمرأة ذلك وهذا قد يفهم منه أنه جائز ولكن المستحسن لها العدم ونص عبارته:- ( نعم ينبغي للمتدينة منهن اجتناب اسماع الصوت الذي فيه تهييج للسامع وتحسينه وترقيقه حسبما أومأ اليه الله تعالى شأنه بقوله " فلا تخضعن بالقول " كما أنه ينبغي للمتدينين ترك سماع صوت الشابة الذي هو مثار الفتنة حسبما أومأ إليه أمير المؤمنين عليه السلام في تعليم الناس فيما رواه عنه الصدوق قال:- كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسلّم على النساء ويرددن عليه وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسلّم على النساء ويكره أن يسلّم على الشابة منهن ويقول:- أتخوف أن يعجبني صوتها...)[1] .

إذن هو لم يجزم بالفتوى وانما عبر بـ( ينبغي ) وهذا ربما يفهم منه أنه يجوز للمرأة أن تسمع صوتها وإن اشتمل على الرقّة وما شاكل.

وأكّد السيد الحكيم(قده) في المستمسك[2] على اختصاص الآية الكريمة بنساء النبي صلى ابلله عليه وآله ، فإذا فرض أنّ صاحب الجواهر(قده) لم يصرح بالاختصاص وإنما نحن حملناه ذلك بقرينة قوله ( ينبغي) إلا أنّ السيد الحكيم(قده) صرح باختصاص الآية الكريمة بنساء النبي صلى الله عليه وآله ولا يمكن أن نستفيد منها العموم ، نعم هو حاول استفادة التعميم والحرمة من دليلٍ آخر كالارتكاز أما استفادته من الآية الكريمة فلا.

وذهب السيد الخوئي(قده)[3] الى عدم اختصاص الآية الكريمة بنساء النبي صلى الله عليه وآله وذلك بالبيان التالي حيث قال:- إنّ الآية الكريمة تفيد مطلبين[4] :

الأوّل:- إن نساء النبي صلى الله عليه وآله أفضل من بقيّة النساء ولكن بشرط التقوى ، وليس هو محلّ الكلام.

الثاني:- إن تحقق التقوى يحصل بالطريق الذي رسمته الآية الكريمة وهو ﴿ فلا تخضعن بالقول ﴾[5] و ﴿ وقلن قولا معروفا ﴾ و﴿ وأقمن الصلاة ﴾ و﴿ وآتين الزكاة ﴾ و﴿ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن ﴾ ......الخ . فإذن طريق التقوى رسمته الآية الكريمة، ومحلّ شاهدنا هو ﴿ فلا تخضعن بالقول ﴾ وبذلك يثبت العموم لأن الآية الكريمة بصدد بيان طريق التقوى فيكون هذا مطلباً عاماً كما في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فكما أنّ هذه أمور عامة كذلك عدم الخضوع بالقول عام.

وفيه:- إن من احتمل اختصاص الآية الكريمة بنساء النبي صلى الله عليه وآله قد يبدي الاحتمال والتشكيك هنا أيضا فيقول:- إن التقوى هي ذات مرتبتين - ولا مانع من ذلك - تقوى في نساء النبي صلى الله عليه وآله وهي الأعلائية، وتقوى في حق جميع النساء ، والتقوى التي هي خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وآله تتحقق بهذه الأمور المذكورة في الآية الكريمة وأحدها عدم الخضوع بالقول.

فإذن لا يمكن أن نجزم بأن التقوى التي أشارت اليها الآية الكريمة هي التقوى في حقّ جميع الناس اذ لعله يحتمل أن قوله تعالى ﴿ ان اتقيتن ﴾ أي انتنَّ فقط فتقواكن في هذه الأمور المذكورة.

إن قلت:- إن الصلاة ليست مختصّة - كما قاله السيد الخوئي(قده) - بنساء النبي صلى الله عليه وآله وكذا إيتاء الزكاة فإذن التقوى في الآية الكريمة هي عامّة وليست خاصّة بنساء النبي صلى الله عليه وآله ؟

قلت:- صحيح أن هذه عامة ولكن اجتماع هذه الأمور مع بعضها - بما هو اجتماع - خاص بنساء النبي صلى الله عليه وآله وان كان بعض الأفراد ليس خاصاً.

اذن لا يمكن أن نقول إن الاية الكريمة تبيّن خطّاً عاماً للتقوى إذ يحتمل أنها تبيّن خط التقوى لنساء النبي صلى الله عليه وآله فقط، وعلى هذا يبقى الإشكال - الاختصاص - على حاله.

والأجدر أن يقال:- إن الآية الكريمة قد ذكرت النكتة لتحريم الخضوع في القول وهي ﴿ فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ وهذا بمثابة بيان العلّة لعدم جواز الخضوع بالقول، والعلّة هي ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ وهي تكون محرّمة ومبغوضة وإلا لم تصلح لأن تكون نكتةً لتعليل الحرام ، فالحرام لا يعلّل إلا بالحرام . فإذن هذه العلّة شيء مبغوض ومحرّم.

فاذا ثبت هذا نضمّ مقدّمة أخرى وهي أن العلة - دائماً - تكون أعمّ من موردها لا أنها خاصة به وإلا لم تصلح أن تكون علة ، أو قل:- إن التعليل - دائما - لابد وان يكون بأمرٍ ارتكازي ، والأمر الارتكازي هو مبغوضية الطمع - أعني ( طمع الذي في قلبه مرض) - على عمومه ، وليس الأمر الارتكازي هو من يسمع صوت نساء النبي صلى الله عليه وآله ، بل النكتة هي سماع أيّ صوتٍ من أصوات النساء بلا خصوصيّة لنساء النبي صلى الله عليه وآله ، فعلى هذا الأساس لابد وأن تكون النكتة عامّة ، واذا كانت عامّة فلابد وأن يكون المعلول – وهو ( الخضوع بالقول ) - كذلك ولا تختص بنساء النبي صلى الله عليه وآله.

إن قلت:- لم لا نقول إن المجموع هو ملاك الحرمة وهو العلة ، يعني طمع من في قلبه مرض زائداً أن يكون الصوت لنساء النبي صلى الله عليه وآله ، وعلى هذا لا نستفيد التعميم ؟

قلت:- اتضح جوابه ، حيث إن لازم هذا التعليل بأمرٍ غير عام يعني أن التعليل بنفس المورد وهذا لا معنى له ، فلابد وأن يكون التعليل بأمرٍ عامٍّ حتى يصلح لذلك.

مضافا إلى ما أشرنا إليه من أن التعليل يكون بأمر ارتكازي والارتكاز تقتضي السعة لذا فلا يختصّ بنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

اذن هذه النكتة نكتة عامّة وما دامت كذلك فلابد وأن يكون الحكم عاماً أيضاً ، نعم ما ذكر يكون وجيهاً اذا لم تذكر فقرة ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ ، أما بعد بيان النكتة - وهي ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ - فتكون نكتة عامّة حتى تصلح للتعليل كما أشرنا.

اذن إسماع المرأة صوتها الذي فيه تحسين وترقيق لا يجوز بمقتضى الآية الكريمة.

وممن تمسك بالآية الكريمة السيد اليزدي(قده) حيث قال:- ( ويحرم عليها اسماع الصوت الذي فيه تهييج للسامع بتحسينه وترقيقه، قال تعالى: فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)[6] .

 

الأمر الخامس:- حكم آلات الموسيقى.

والسيد الماتن(قده) لم يتعرض له في المتن ، ونحن نتعرض لذلك فنقول:-

قد يحكم بحرمة استعمال آلات الموسيقى لوجهين:-

الوجه الأوّل:- انطباق عنوان اللهو عليها ، وكلّ لهوٍ حرام.

الوجه الثاني:- استعمال آلات اللهو - بعنوان الاستعمال - هو محرّم.

والفرق بين هذا الوجه والوجه الأول هو أن الأوّل غير ناظر إلى حيثية الاستعمال بل إلى حيثية اللهو بما هو هو ، بينما الوجه الثاني لا ينظر إلى عنوان اللهو بل إلى استعمال آلات اللهو.


[3] موسوعة السيد الخوئي، الخوئي، التسلسل 32 ص82.
[4] وهذا التوضيح مني.