38/02/05


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

تحصل مما ذكرنا ان مقتضى القاعدة عدم جواز اعطاء الزكاة للفقير ليحج بها او يزور بها اذا كانت الزكاة من سهم الفقراء ، فان مقتضى الآية الكريمة والروايات التي تصنف مصارف الزكاة الى ثمانية أصناف انه لابد من صرف سهم كل صنف فيه وسهم الفقراء لابد ان يصرف في نفقته وفي مؤونته من المأكل والمشرب والمسكن وما شاكل ذلك من حوائجه وضرورياته ، وأما إعطاء سهم الفقير ليحج به فهو خارج عن مورد الآية والروايات ، إذ لم يصرف سهم الفقير فيه بل صرف سهمه في شيء آخر لا في مؤونة الفقير ولهذا مقتضى الآية الكريمة والروايات لابد ان يعطى سهم كل صنف له ولا يجوز صرفه في شيء اخر.

ولا فرق في ذلك بين اعطاء الزكاة للفقير ليحج به او اعطائها له بعنوان مؤونته فلا يجوز للفقير ان يحج به بان يصرف في غير مؤونته ولا يجوز له ذلك فلا فرق من هذه الناحية.

مضافا الى ما ذكرنا من انه ليس للمالك هذا الاشتراط بان يدفع الزكاة للفقير ويشترط عليه ان يصرفها في الحج او في الزيارة او في غير ذلك فليس له الولاية على هذا الاشتراط ، فان ولايته انما هي في صرف الزكاة في مواردها إما بنحو التمليك او بنحو المصرف.

وأما بحسب الروايات التي استدل بها فهذه الروايات لا باس بها فان بعض هذه الروايات تشمل ما اعطى سهم الفقير للفقير أي لمؤونته ولكن يجوز له ان يحج به وان يتزوج به وما شاكل ذلك ، ولكن بعض هذه الروايات مطلقة وبإطلاقها تدل على الجواز فانه يمكن ان يدفع الى الفقير من سهم الفقير للزيارة وللحج وهذا جائز ، فان صحيحة علي ابن يقطين تشمل ذلك وكذا صحيحة محمد ابن مسلم ، فان صحيحة علي بن يقطين ، أنّه قال لأبي الحسن الأوّل (عليه ‌السلام) : يكون عندي المال من الزكاة أفاُحج به مواليّ وأقاربي ؟ قال : نعم ، لا بأس)[1] . فانه يشمل الزكاة من سهم سبيل الله وسهم الفقراء فيشمل كلا السهمين ، وكذا صحيحة محمّد بن مسلم أنّه سأل أبا عبد الله (عليه ‌السلام) عن الصرورة ، أيحجّ من الزكاة ؟ قال : نعم)[2] ، فهذا يشمل سهم الفقراء ايضا.

ولعلّ السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) لم يتعرض لهذه الروايات لانصراف هذه الروايات الى سهم سبيل الله ولا يشمل سهم الفقراء فلاجل ذلك لم يشر الى هذه الروايات في تقرير بحثه.

ولكن بعض هذه الروايات ظاهر في ان الحج من سهم الفقراء ، ومنها موثقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال : إذا أخذ الرجل الزكاة فهي كماله يصنع بها ما شاء ، قال : وقال : إنّ الله فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلاّ بأدائها وهي الزكاة ، فإذا هي وصلت إلى الفقير فهي بمنزلة ماله يصنع بها ما يشاء ، فقلت : يتزوّج بها ويحج منها ؟ قال : نعم ، هي ماله ، قلت : فهل يؤجر الفقير إذا حجّ من الزكاة كما يؤجر الغني صاحب المال ؟ قال : نعم)[3] ، فان هذه الموثقة ظاهرة في ذلك ، وكذا صحيحة ابي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (عليه ‌السلام) : إنّ شيخاً من أصحابنا يقال له : عمر ، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج ، فقال له عيسى بن أعين : أما إنّ عندي من الزكاة ولكن لا اُعطيك منها ، فقال له : ولمَ ؟ فقال : لأنّي رأيتك اشتريت لحماً وتمراً ، فقال : إنّما ربحت درهماً فاشتريت بدانقين لحماً وبدانقين تمراً ثمّ رجعت بدانقين لحاجة قال : فوضع أبو عبد الله (عليه ‌السلام) يده على جبهته ساعة ثمّ رفع رأسه ، ثم قال : إنّ الله نظر في أموال الأغنياء ثمّ نظر في الفقراء فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به ، ولو لم يكفهم لزادهم ، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويتصدّق ويحجّ)[4] ، فان هذه الصحيحة ظاهرة في اعطاء سهم الفقراء لا اعطاء سهم سبيل الله.

وكيفما كان فالروايات لا تكون قاصرة من ناحية الدلالة وتامة من ناحية السند.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): الثالثة والعشرون: يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل الله في كل قربة حتى إعطائها للظالم لتخليص المؤمنين من شره إذا لم يمكن دفع شره إلا بهذا)[5] .

ان العبرة إنما هي بانطباق سبيل الله ، فكل شيء ينطبق عليه سبيل الله يجوز صرف سهمه فيه كبناء المساجد والمدارس الدينية والجسور والطرق والحسينيات والخانات وهكذا اصلاح ذات البين ومساعدة المرضى وما شاكل ذلك ، فان كل عمل قربي وكل عمل يصدق انه سبيل الله يجوز صرف سهمه فيه.

والسيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ذكر على ما في تقرير بحثه ان سبيل الله منصرف الى جهة عامة كالمساجد والمدارس والخانات والجسور والطرق وما شاكل ذلك ، أما اذا كان شخصيا كتزويج الاغنياء او اولاده او بناته فهو غير مشمول لسبيل الله وان كان التزويج محبوبا وموجبا لدخول السرور في قلب المؤمن الا ان سبيل الله منصرف عن ذلك فلا يشمله.

بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.