38/05/08


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

تحصل مما ذكرنا ان قياس زكاة الفطرة بزكاة المال في المقام قياس مع الفارق ، فان في زكاة المال وقت تعلق الزكاة بالاعيان ـــ سواء يشترط فيها الحول ام لم يشترط ـــ هو وقت انعقاد الحبة ، فاذا انعقدت الحبة تعلقت الزكاة بها شريطة ان يكون المكلف واجدا للشروط ــــ بان يكون بالغا وعاقلا وقادرا ولم يكن مغمى عليه اذا قلنا بان عدم الاغماء شرط ومسلما لو قلنا بان الاسلام شرط ــــ حين انعقاد الحبة وهذا الحين هو حين تعلق الزكاة بها ، وأما اذا لم يكن المكلف واجدا للشروط حين انعقاد الحبة لم تتعلق الزكاة بها لان شروط التعلق غير موجودة فالمكلف صبي غير بالغ او مجنون او مغمى عليه او ليس بمسلم ، اذن بطبيعة الحال لم تتعلق الزكاة بالحبة ، واذا فرضنا انه بعد ساعة تحققت هذه الشروط أي بعد ساعة صار بالغا وصار عاقلا واستيقظ من الاغماء وصار مسلما فلا دليل على تعلق الزكاة بالحنطة فان في وقت انعقاد الحبة لم تتعلق الزكاة بها لعدم توفر شروطها ، واما لو توفرت بعد ساعة فلا دليل على تعلق الزكاة بها فان الدليل الذي يدل على تعلق الزكاة في وقت انعقاد الحنطة هذا الدليل لم يشملها ودليل اخر غير موجود ، وهذا بخلاف زكاة الفطرة فان زكاة الفطرة وقته موسع من غروب ليلة العيد الى قبل صلاة العيد او الى زوال الشمس هذا هو وقت وجوب زكاة الفطرة فان وجوب زكاة الفطرة وجوب تكليفي وزكاة الفطرة لم تتعلق بعين في الخارج والخطاب بزكاة الفطرة موجه الى المكلف فاذا بلغ المكلف او صار عاقلا او اسلم او استيقظ من الاغماء بالليل او بعد الفجر او قبل صلاة العيد او قبل الزوال وجبت عليه الفطرة ، نظير الصلاة فان المكلف اذا كان مجنونا في اول الوقت لم يكن مأمورا بالصلاة اما اذا كان عاقلا في اثناء الوقت صار مأمورا بالصلاة او كان مجنونا الى اخر الوقت ثم صار عاقلا بحيث لم يبقى من الوقت الا بمقدار اتيان الصلاة فقط صار مأمورا بها لان وقت وجوب الصلاة متسع ، لهذا قياس زكاة الفطرة بزكاة المال قياس مع الفارق.

الوجه الثالث:- توجد عندنا روايتان احداهما ضعيفة من ناحية السند والاخرى صحيحة وكلتاهما عن معاوية ابن عمار.

الرواية الاولى:- محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن حمزة ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في المولود يولد ليلة الفطر واليهودي والنصراني يسلم ليلة الفطر ؟ قال : ليس عليه فطرة ، وليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر). فهذه الرواية موردها المولود يولد ليلة الفطر والكافر يسلم ليلة الفطر فتدل على نفي الفطرة عنهما.

ولكن الرواية ضعيفة من ناحية السند فان في سند هذه الرواية علي ابن حمزة البطائني وهذا لم يوثق بل ذكر الشيخ (عليه الرحمة) انه من الكذابين فقد كذب على موسى ابن جعفر (عليه السلام) ولهذا هذه الرواية من هذه الناحية ضعيفة ، وكذا في سندها المتوكل وهو ايضا ضعيف لا توثيق له وكيفما كان فالرواية ضعيفة من ناحية السند.

ومع الاغماض عن سندها وانها تامة من ناحية السند واما دلالتها فقد أشكل في دلالتها السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه وملخص الاشكال ان مورد هذه الرواية هو المولود يولد ليلة الفطرة حقيقة او حكما لان السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) قال ان الكافر كالميت فالكافر اذا صار مسلما كالمولود وفي حكم المولود ، اذن مورد الرواية هو المولود يولد حقيقة او حكما فان هذا الكافر اذا اسلم هو مولود حكما لان الكافر بحكم الميت والمسلم حي ولا يمكن التعدي عن مورد هذه الرواية الى سائر الشروط كالبلوغ والعقل وما شاكلهما.

واما التعليل الوارد في ذيل هذه الرواية (وليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر) فقد نفى الفطرة عن كل من لم يدرك شهر رمضان فعموم التعليل يشمل سائر الشروط ايضا أي من كان فاقدا للشروط في تمام الشهر فلا فطرة عليه ومن كان واجدا للشروط في شهر رمضان فعلية الفطرة ، اذن التعليل عام يشمل سائر الشروط ايضا.

ولكن ناقش فيه السيد الاستاذ (قدس الله سره) وحمل التعليل على مورد الرواية فقال ان المراد من التعليل ليس الفطرة الا على من ادرك الشهر حياً حقيقة او حكما ، اذن لا يمكن التعدي عن مورد الرواية ولا التعدي من التعليل فانه مختص بمورد الرواية ولا يعم سائر الشروط هكذا ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ، وللمناقشة فيه مجال.

اولاً:- اما ما ذكره من ان الكافر في حكم الميت فهذا ليس امراً عرفيا ولا شبهة في انه لا يصح اطلاق الميت على الكافر حتى مجازا فان هذا الاطلاق ليس عرفيا ومبني على المسامحة لان الكفر امر عارض وليس امرا ذاتيا فان الكفر امر عارض على الشخص لا يتصور فيه الموت والحياة ، اذن ما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) من ان الكافر في حكم الميت فاذا اسلم صار حيا حكما هذا مبني على التسامح وليس عرفيا ، اذن لا شبهة في ان الرواية تدل على ان الاسلام شرط والكافر ليس مكلفا بالفروع وليس مكلفا بالفطرة الا اذا اسلم فالاسلام شرط ، اذن المسلم اذا كان واجد لسائر الشروط من البلوغ والعقل وجبت عليه الفطرة اذا ادرك الشهر كذلك واجدا للشروط فحينئذ لا مانع من التعدي الى سائر الشروط فان المكلف اسلامه محرز اذا كان واجدا لسائر الشروط وادرك الشهر وجبت عليه الفطرة ، نعم اذا لم يدرك الشهر فلا تجب.

ثانياً:- واما ما ذكره من حمل التعليل على مورد الرواية هذا بحاجة الى قرينة والا فالتعليل مطلق وتقيده بانه ليس الفطرة الا على من ادرك الشهر حيا حقيقة او حكما تقييده بذلك بحاجة الى دليل والا فالتعليل مطلقة وتقييده بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك.

النتيجة ان ما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) في دلالة هذه الرواية لا يمكن المساعدة عليه.

ولكن الرواية بما انها ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاستدلال بها.

الرواية الثانية:- صحيحة معاوية ابن عمار وهي بنفس هذا المضمون نتكلم فيها ان شاء الله.