36/07/20


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة.....)
الكلام في عنوان الاكراه وما يترتب عليه
فالإكراه عبارة عن توعد شخص قادر شخصاً آخر بأنزال الضرر فيه أو في متعلقيه عندما يفعل الفعل الفلاني أو لا يفعله, لكن المكره عندما يأتي بالفعل (كالمفطر مثلاً) يكون مختاراً متعمداً ملتفتاً إلى أن هذا مفطر.
ومن هنا يقال بأن التعمد يصدق في محل الكلام لأن هذا تعمد للإفطار والمفروض أن موضوع وجوب الكفارة هو تعمد الافطار, وقد وقع الكلام بينهم في امكان تخريج عدم وجوب الكفارة في المكره بالرغم من صدق التعمد (موضوع الكفارة) وقد ذُكرت وجوه في المقام نذكرها ونبين ما فيها:
الوجه الاول: ما ذكره السيد الحكيم (قد) (وأما في الأول فلأنه وإن كان يصدق الافطار عمدا، لكن – لاختصاص الكفارة أو انصرافها إلى خصوص صورة تحقق الإثم والذنب، وهو منتف في الاكراه - لا تشمله أدلتها)[1]
وبناءً على هذه الدعوى لا تثبت الكفارة في محل الكلام لإنتفاء الذنب والاثم, لأن المكره لا اثم عليه وما صدر منه ليس فيه ذنب.
ويختص الحكم بما اذا كان هناك ذنب واثم كما لو كان الفعل( تناول المفطر) بدون اكراه, فأنه يشمله الدليل ويدل على وجوب الكفارة فيه.
الوجه الثاني: وهو مذكور في كلمات الكثير من الفقهاء لكننا ننقله عن السيد الخوئي (قد) _ وقد تقدم سابقاً_ فهو يتمسك بحديث الرفع لنفي وجوب الكفارة عن المكره بأعتبار أن الاكراه ورد فيه وهو يفرق بين القضاء كأثر يترتب على تناول المفطر وبين الكفارة فهو يقول بأن القضاء لا يمكن نفيه بخلاف الكفارة حيث يمكن نفيها بحديث الرفع حيث يقول (قد) (وأما القضاء فإن كان من الأحكام المترتبة على نفس الفعل، أعني ارتكاب المفطر كالكفارة فلا مانع من نفيه لحديث رفع الاكراه، ولكنك عرفت أنه من آثار ترك المأمور به وعدم الاتيان به في ظرفه الملازم لفعل المفطر فلا مجال حينئذ للتمسك بالحديث، لأن المكره عليه هو الفعل وليس القضاء من آثاره، فاطلاق دليل القضاء على من فات عنه الواجب في وقته هو المحكم . فالتفرقة بين الكفارة والقضاء واضحة. هذا فيما إذا كان ارتكاب المفطر بإرادته واختياره ولكن عن اكراه)[2]
وقد ناقشنا السيد الخوئي (قد) بأن الذي يفهم من الروايات الكثيرة أن القضاء يترتب على استعمال المفطر ايضاً وذكرنا الكثير من الروايات التي يفهم منها ذلك.
أما محل الكلام فأن السيد الخوئي يقول بإمكان نفي الكفارة بحديث الرفع وقد تقدم سابقاً ذكر نكتة على اساسها نلتزم بما قاله السيد الخوئي (قد) ( نفي الكفارة بحديث الرفع) والنكتة هي أننا نستظهر من حديث الرفع _ بقرينة ما يفهم منه عرفاً _ من أن الرفع بالعناوين المذكورة فيه من الاكراه والاضطرار إنما هو لأجل اعتبار هذه العناوين معذرة للمكلف, فكون المكلف (اخطأ أو أكره أو أضطر أو لا يطيق أو ....) عذر.
وبناءً على هذا الفهم فأن الظاهر أن المرفوع بحديث الرفع يختص بما اذا كان للاختيار والعمد دخل فيه, ومثل هذا الاثر الذي يكون ترتبه على موضوعه مدخلية للعمد والاختيار يرتفع بحديث الرفع فيعتبر في المرفوع الذي يراد رفعه بحديث الرفع أن يكون الاختيار والعمد دخيلاً في ثبوته لموضوعه, وعندئذ يأتي حديث الرفع فيرفع ذلك وحينئذ يصح أن يقال بأن هذا صدر منه اكراهاً والاكراه عذر, ومثال ذلك في الحد على شرب الخمر فأن العمد والاختيار دخيلان في ترتبه ولذا يدفع الحد بأدنى شبهة فضلاً عن النسيان, فينتفي الحد بحديث الرفع لأنه مترتب على شرب الخمر الذي موضوعه مقيد بالعمد والاختيار فإذا صدر اكراهاً يكون الاكراه معذراً.
وهذا يمكن تطبيقه على الكفارة فأن ترتبها على استعمال المفطر للعمد والاختيار مدخلية فيه, وهذه نفس النكتة التي اشار اليها السيد الحكيم (قد) من أن الكفارة أما مختصة بفرض الذنب والاثم وإما منصرفة إليه, والاثم والذنب يترتب على الفعل عندما يكون مختاراً وعامداً, وحينئذ يمكن التمسك بحديث الرفع _ عند الشك_ لنفي الكفارة عندما يصدر تناول المفطر بأحد هذه العناوين التي ذكرت.
نعم لا ينطبق هذا الكلام على القضاء لعدم مدخلية العمد والاختيار في القضاء, فالقضاء يعني أن الفعل الذي جئت به ناقص يجب استيفاءه _في خارج الوقت بعد فواته_ والاتيان به كاملاً, وحينئذ لا يمكن رفع وجوب القضاء بحديث الرفع وان امكن رفع الكفارة به.
فالنتيجة في المقام الاول هو أن الصحيح اشتراط ترتب الكفارة بالعمد والاختيار وانها لا تثبت في موارد السهو والنسيان والاجبار والالجاء والاكراه.

المقام الثاني: في تعميم الحكم لجميع المفطرات أو اختصاصه ببعضها.
الرأي الاول: ما ذهب إليه السيد الماتن حيث عمم الحكم لجميع المفطرات,
الرأي الثاني: وهو اختصاص وجوب الكفارة ببعض اقسام المفطرات والمتيقن منها الاكل والشرب والجماع والبقاء على الجنابة وامثال ذلك, أما اذا احتقن عمداً بالمائع مثلاً فلا تجب عليه الكفارة.
وثمرة النزاع لا تظهر في المفطرات التي نصت الادلة عليها كما في الجماع والاكل والشرب, فهي ليست محلاً للنقاش وإنما النقاش في غير هذه الموارد.
وقد استدل على التعميم لجميع المفطرات بأن هناك روايات معتبرة وصحيحة مفادها أن من افطر يوماً من شهر رمضان فعليه كفارة وذلك من قبيل صحيحة عبدالله بن سنان (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال : يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، فان لم يقدر تصدق بما يطيق)[3].
حيث قالوا أن المستفاد من الرواية أن وجوب الكفارة يترتب على من (أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر) وعليه فكل واحد من المفطرات المتقدمة اذا ثبت كونه مفطراً يكون داخلاً في هذه الرواية وتدل الرواية على ترتب الكفارة على من ارتكبه من دون عذر.