19-01-1435


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

35/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضـوع:- الحلق والتقصير / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
وإن شئت قلت:- إن احتمال الخلل والاشتباه وذلك بذكر هذا بدل ذاك - يعني ذكر أبي بصير مثلاً بدل أبي حمزة - إما أن يكون صادراً من الشيخ الطوسي(قده) مثلاً أو ممن هو يماثله - يعني عن شيخه أو شيخ شيخه - الذي روى له الرواية أو أن الخلل من نفس أبي بصير وعليّ بن أبي حمزة فإن الواقع لا يخلو من أحد هذين:-
أما الأوّل:- فلا موجب له ، يعني هو مجرد احتمال بلا مثبت له فإن الشيخ وجد روايةً معنعنةً بالسند المذكور فرواها ووجد رواية أخرى معنعنة السند الآخر فرواها فهو لم يشتبه ، وهكذا شيخه فإنه لا مثبت لكونه هو الذي قد اشتبه . إذن كلّ واحدٍ من هذه السلسة - أعني الشيخ الطوسي وأستاذه ... وهكذا - لا يوجد ما يثبت أن الاشتباه قد حصل منهم بل هو مجرد احتمال فلا علم إجمالي بأن الشيخ مثلاً قد اشتبه وذكر أبا بصير بدل أبي حمزة.
وأما الثاني:- فهو لا يضرنا فإنا نحتمل أن عليّ بن أبي حمزة باعتبار أنه لم تثبت وثاقته هو قد دلّس وذكر أن أبا الحسن عليه السلام قال لي كذا والحال أنه لم يقل له ذلك ، وهذا بخلافه في حقّ أبي بصير فإنه رجل ثقة واحتمال التدليس في حقه منفيّ مادام ثقة فالتردد إذن يدور بين ما هو حجّة وبين ما ليس بحجّة فلا يكون له اعتبار . فالتدليس إذن إما أن يكون صادراً من الشيخ أو ممن يماثله وهذا لا محرز له - أي أن هذا الاشتباه والخلل قد صدر منهم - بل هو مجرد احتمال لا أكثر ومجرد الاحتمال لا عبرة به ، أو أن يكون هذا العلم من ناحية أبي بصير وابن أبي حمزة وهذا لا يضرنا حتى لو حصل العلم المذكور لأنه علم بين الحجّة واللاحجّة إذ أن نقل أبي بصير حجّة لأنه رجل ثقة وينقل عنه ثقة عن ثقة عن ثقة وهذا بخلاف نقل عليّ بن أبي حمزة فإنه ليس بحجّة فلا عبرة بهذا العلم الإجمالي حتى لو فرض تحققه . إذن لا إشكال من حيث السند ولا من حيث الدلالة فالفتوى على طبق الرواية المذكورة لا موجب للتوقف من ناحيته.
سؤلان:-
السؤال الأول:- إن تلك الرواية قد أخذ فيها بعض القيود من قبيل التقميط - أي شد يديه ورجليه بالحبل - وأيضاً أن يكون في رحله ومع رحله ، وأيضاً في بعض النقل ورد وزن الثمن - يعني إذا وزن الثمن - إن هذه القيود الثلاثة هل هي معتبرة أو لا ؟ يعني هل أن الشراء وحده كافٍ أو لابد من تقميط الحيوان وأن يكون في رحله وأن يوزن الثمن مضافاً إلى الشراء أو لا ؟
الجواب:- يظهر من بعض اعتبار ذلك كصاحب الحدائق(قده) مثلاً ربما يظهر منه ذلك . ولكن من القريب أن تحمل هذه الأوصاف على الطريقيّة والكناية عن كون الحيوان قد صار في حوزته وملكه وعادةً إنما يصير الحيوان في حوزة الشخص وملكة هو حينما يربط لا أنه يترك من دون ربط ويكون مع رحله لا أن يبقى في الصحراء ويوزن الثمن . إذن هذه الأوصاف من القريب جداً أن تكون مذكورة من باب الكناية عن صيرورة الحيوان في حوزة الشخص واعتبارها لا موجب له ، نعم الاحتياط في ذلك شيء حسن ، وهل هو على نحو الاحتياط الوجوبي أو الاستحبابي ؟ ذلك يتبع نفسية الفقيه.
السؤال الثاني:- هل يلزم أن يكون تحصيل الحيوان في منى بحيث يكون تحصيله في غير منى لا يكون كافياً كما لو فرض أنه اشتراه وأودعه في مكّة وبعدُ لم يأتوا به فهل يلزم أن يكون في حوزته داخل منى ولا يكفي أن يكون في حوزته خارج منى ؟
الجواب:- قد يقال باعتبار ذلك والمنشأ لاعتبار أن يكون في منى هو إما تعبير فقد بلغ الهدي محله والمحل هو منى فلابد وأن يكون ذلك ابي تقميط الحيوان في منى أو أن المنشأ لذلك هو التعبير في أن يكون مع رحله وفي رحله والرحل يكون في منى فحينئذ هذا قرينة على أن الحيوان لابد وأن يكون في منى ، إن أحد هذين المنشأين هو السبب لاحتمال اشتراط أن يكون الحيوان قد قمّط وصار في حوزة الناسك داخل منى.
وكلاهما كما ترى ولا يصلحان الا للاحتياط وتبقى درجة الاحتياط كما سبق ولا نكرر.
النقطة الرابعة:- الأحوط أن يكون الحلق أو التقصير في اليوم العاشر - يعني نهار يوم العاشر - لا أنه يكون في ليلة العاشر مثلاً ولا ليلة الحادي عشر أو في اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر بل الأحوط أن يكون في نهار اليوم العاشر ، هكذا قال(قده).
ومن حيث الفتوى:- قيل إن المشهور ذلك - يعني اعتبار أن يكون في نهار اليوم العاشر - ونسب الخلاف إلى  أبي الصلاح الحلبي والعلامة في التذكرة والمنتهى فإن هذين العلمين جوّزا التأخير إلى اليوم الحادي عشر أو ليلة الحادي عشر أو يوم الثاني عشر إلى آخر أيام التشريق واستدلا على ذلك بأن الآية الكريمة بيّنت البداية ولم تنبيّن النهاية فإنها بيّنت البداية وقالت:- ﴿ ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محلّه ﴾ أما النهاية ما هي ؟ هل هي في اليوم العاشر أو في اليوم الحادي عشر ؟ كلا بل يستمر إلى آخر أيام التشريق وصاحب المدارك(قده) قال:- وهو شيء وجيه بيد أن الأحوط أن يكون في اليوم العاشر لأجل أن اجزاءه في اليوم العاشر متيقن وفيما زاد مشكوك فالأحوط الاقتصار على اليوم العاشر قال(قده):- ( والمشهور بين الأصحاب أن وقته يوم النحر بعد ذبح الهدي أو حصوله في رحله على تقدّم من الخلاف ونقل عن أبي الصلاح أنه جوز تأخير الحلق إلى آخر أيام التشريق لكن لا يزور البيت قبله واستحسنه العلامة في التذكرة والمنتهى مستدلاً عليه بأن الله تعالى بين أوله بقوله تعالى " حتى يبلغ الهدي محلّه " ولم يبين آخره فمتى أتى به أجزأ كالطواف للزيارة والسعي . وهو غير بعيد إلا أن الأولى إيقاعه يوم النحر للاتفاق على كونه وقتاً لذلك والشك فيما عداه )[1].
وعلى أي حال يقع الكلام تارةً في أنه هل يجوز الحلق أو التقصير ليلة العاشر يعني بعد أن اشترى الحيوان فيحلق ليلة العاشر - وواضح أن هذا إنما يتصوّر فيما إذا كان قد رمى كما هو الحال في حق الخائف فيقع الكلام في أنه هل يجوز أن يحلق في ليلة العاشر - ومرة يقع الكلام في أنه هل يجوز ما بعد اليوم العاشر - يعني ليلة الحادي عشر أو في اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر - ؟ فالكلام إذن يقع مرّة بلحاظ هذا وأخرى بلحاظ ذاك.
أما بلحاظ ليلة العاشر:- فالمناسب عدم الجواز والوجه في ذلك مركب من مقدمتين:-
المقدمة الأولى:- إنا ذكرنا سابقاً إن الترتيب بين أعمال منى واجب ، يعني الرمي أوّلاً ثم بعد ذلك الذبح ثم بعد ذلك الحلق فالترتيب لازم وذكرنا الوجه في ذلك ولا نكرر.
المقدمة الثانية:- إنه تقدم سابقاً أيضاً إن الرمي يلزم أن يكون في النهار بعد طلوع الشمس لأكثر من رواية دلت على أن الرمي يكون من طلوع الشمس حتى غروبها.
إن لازم هاتين المقدمتين عدم جواز الحلق في ليلة العاشر باعتبار أن الرمي يلزم أن يكون في اليوم العاشر والمفروض أن الحلق يلزم أن يكون بعد الرمي فالنتيجة هي أن الحلق يلزم أن يكون بعد طلوع الشمس أيضاً مادام يعتبر أن يكون الرمي بعد طلوع الشمس ، هكذا يمكن أن نستدل على عدم إجزاء الحلق ليلة العاشر.
بيد أن السيد الخوئي استدل على ذلك بوجهين:-
الوجه الأول:- إنه لو جاز الحلق ليلة العاشر لفعله بعض المسلمين ولنقل ذلك والحال أن السيرة قد انعقدت على الاتيان بالحلق في اليوم العاشر ولم ينقل التاريخ أن أحداً من المسلمين قد حلق ليلة العاشر وهذا يدل على عدم الجواز ليلة العاشر وإلا لنقل ذلك.