1440/08/18


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

الرواية الثانية:- وهي ما رواه الشيخ الطوسي بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار:- ( أنه كتب إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام في رجل باع قطاع أرضين ....... فوقّع عليه السلام لا يجوز بيع ما ليس يملك وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك )[1] .

والكلام يقع مرة من حيث الدلالة وأخرى من حيث السند:-

أما من حيث الدلالة:- فغاية ما تدل عليه هذه الرواية أن بيع ما ليس يملك لا يجوز يعني هو باطل ولكن يصح فيما يملكه وهذا مطلب كلنا يعترف بصحته أما أن المالك لو أجاز هل يقع البيع صحيحاً أو لا يقع فالرواية ساكتة عنه وليست في مقام البيان من ناحيته ، فعلى هذا الأساس هذه الرواية لا يمكن أن نستفيد منها بطلان بيع الفضولي ، بل أقصى ما نستفيد منها أن صحة كل بيع مشروطة برضا المالك وأن البيع الصحيح أن يبيع الانسان ملكه أما لو باع غير ملكه وأجاز مالك الشيء فهل هذا البيع صحيح أو لا فالرواية ليست في صدده ، فإذاً الرواية قاصرة دلالة من هذه الناحية على بطلان بيع الفضولي وإن حصلت الاجازة.

أما من حيث السند:- فقد رواها المشايخ الثلاثة ، فقد رواها الشيخ الطوسي بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ، ورواها الصدوق بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ، ورواها الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن.

أما بالنسبة إلى طريق الشيخ الطوسي:- فنذهب إلى الفهرست فنجده يقول:- ( اخبرنا بجميع كتبه[2] وراياته ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار وأخبرنا جماعة عن محمد بن علي بن الحسين عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار )[3] .

أما الطريق الأول:- فابن أبي جيّد لا يوجد توثيق خاص في حقه إلا أن تقول إنه من مشايخ النجاشي ومشايخ النجاشي بأجمعهم ثقات لبعض العبارات التي تظهر من النجاشي ، وقد بيناها في بعض الدروس المتقدمة ، فإذاً هذا السند يصير على المبنى ، وأما محمد بن الحسن بن الوليد ومحمد بن الحسن بن الصفار لا مشكلة فيهما.

أما الطريق الثاني:- فلا مشكلة فيه إلا أن تثول إنَّ المشكلة في تعبير ( جماعة ) وهي مجهولة ، ولكن المناسب أن يقال إن تعبير ( جماعة ) أقلّها ثلاثة واحتمال ثلاثة من مشايخ الشيخ الطوسي لا يوجد فيهم واحد ثقة بعيدٌ جداً ، وبقطع النظر عن ذلك اجتماع ثلاثة على الكذب شيء بعيد ، فيحصل الاطمئنان بالصدور ، فيكون الطريق معتبراً.

وقال الصدوق(قده):- ( وما كان فيه عن محمد بن الحسن الصفار فقد رويته عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه عن محمد بن الحسن الصفار )[4] .

وهذا الطريق لا مشكلة فيه.

وقال الشيخ الكليني(قده):- ( عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن ) ، ومحمد بن يحيى بقرينة الصفّار هو الأشعري القمّي الذي روى عنه الكليني كثيراً وهو ثقة.

فإذاً الرواية من حيث السند لا إشكال فيها ، وإنما الاشكال في الدلالة.

الرواية الثالثة:- وهي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، وسندها:- ( وعنه عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:- سأله رجل من أهل النيل عن أرض اشتراها بفم النيل وأهل الأرض يقولون هي أرضهم وأهل الأستان يقوقون هي من أرضنا ، فقال عليه السلام: لا تشترها إلا برضا أهلها )[5] .

والمهم هو جواب الامام عليه السلام حيث كان ويجد خلاف بينهم فقال عليه السلام ( لا تشترها إلا برضا أهلها ) .

والكلام تارة يقع من حيث الدلالة واخرى من حيث السند:-

أما من حيث الدلالة:- فغاية ما جلت عليه هو أنه لا يجوز شراء الأرض إلا برضا اهلها وهذا من المسلمات ، أما لو فرض أنَّ المالك لم يبعها هو ولكن بعد ذلك أجاز البيع ورضي فالرواية ليست ناظرة إليه ، هي ناظرة إلى أنَّ الانسان ينبغي له أن لا يشتري أرضاً إلا برضا أهلها وهذا من المسلّمات ، أما أنه لو كانت ملك الغير والغير رضي بعد بيعها فهذه قضية مسكوت عنها ، فإذاً الرواية لا يستفاد منها بطلان بيع الفضولي لو أجاز المالك ، فإذاً هي حيادية من هذه الناحية.

أما من حيث السند:- فلها سندان ، أحدهما ما ذكرناه ، والسند الثاني هو أنّض صاحب الوسائل بعد أن ذكر الرواية قال ( ورواه الكليني عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد أحمد بن محمد عن ابن محبوب مثله ) .

أما السند الأول:- فقد قال صاحب الوسائل ( وعنه ) وبقرينه ما سبق يكون هو أحمد بن محمد ، ولكنه هذا الشخص مشترك ، ولكن بقرينة الطبقة يفهم أنه ابن عيسى ، فإذا رأيته يروي عن الحسن بن محبوب اعرف أنه ابن عيسى ، فإنَّ الراوي الكثير عن الحسن بن محبوب هو أحمد بن محمد بن عيسى ، وهذا مذكور في ترجمته ، وأما بقية السند لا مشكلة فيه ، فإذاً هذا السند معتبر.

أما السند الثاني:- فقد يقال إنَّ سهل بن زياد موجود في الطريق وهو محل قيلٍ وقال ، ولكن نقول: إنَّ هذا صحيح ولكن ورد في السند ( عن سهل بن زياد وأحمد ) ، وأحمد هو بن عيسى ، فإذاً لا مشكلة في هذا السند أيضاً.

الرواية الرابعة:- ما رواه الحميري عن صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وهي:- ( الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه كتب إلى صاحب الزمان عليه السلام إنَّ بعض أصحابنا له ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب للسلطان .......... ، الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا من مالكها أو بأمره أو رضاً منه )[6] .

والكلام تارة يقع في دلالتها وأخرى في سندها:-

أما من حيث الدلالة:- فكما تقدم.

وأما من حيث السند:- فالطبرسي رواها عن محمد بن عبد بن جعفر الحميري ولم نعرف الواسطة بينهما ، فإنَّ الحميري ثقة ، ولكن من قال إنَّ محمد بن جعفر حدّث بذلك فإنه لا بد من وجود وسائط بين الطبرسي في احتجاج وبين الحميري ، فلأجل جهالة الوسائط نتوقف من حيث السند بلحاظها.

وبهذا ننتهي من الروايات وقد اتضح أنَّ الروايات ليس فيها ما يدل على بطلان بيع الفضولي.

ملاحظة:- إنه يوجد كلام جانبي عقائدي ، وهو أنَّ المولى عجل الله تعالى فرجه الشريف هل ولد وموجود أو أنه سيولد ؟ إذا أردنا أن نجمع أخبار وقرائن يحصل من ذلك الاطمئنان ، فنحن توارثنا خلفاً عن سلف مسألة الغيبة وهذه هي أحد العوامل الكبيرة ، وكذلك مسألة السفراء الأربعة ، فنحن تلقيناها يداً بيد ، فهي أيضاً من العوامل المساعدة على ذلك ، وكذلك الروايات الكثيرة الدالة على ولادته ، لكن البعض يأتي ويأخذ رواية رواية ويقول إنَّ هذه الرواية ضعيفة سنداً ، وهذا غير صحيح ، فإنَّ هذه الطريقة تتبع في روايات الآحاد كروايتين أو ثلاث ، لا أنه توجد عندك مائة أو مائتي أو ألف رواية فإنَّ هذا يسمّونه تواتراً ، وحينئذٍ لا يذهب فيه إلى روايةٍ رواية ، وهذا الاشتباه قد وقع فيه البعض ، وواحدة من الروايات الدالة على وجوده عليه السلام هي هذه الرواية فإنها تثبت أنه مولود ، فهي من جملة التواقيع ، والتواقيع عندنا كثيرة فنضم هذه الرواية إلى جملة الروايات المثبتة لوجوده عليه السلام.


[2] أي محمد بن الحسن الصفار.
[3] الفهرست، الطوسي، ص408، رقم الترجمة622.