1441/02/02


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/02/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الاعتكاف.

مسألة 9: إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلاً وجبت الكفّارة، و في وجوبها في سائر المحرّمات إشكال، والأقوى عدمه و إن كان الأحوط ثبوتها، بل الأحوط ذلك حتّى في المندوب فيه قبل تمام اليومين [1] و كفّارته ككفّارة شهر رمضان على الأقوى[2] و إن كان الأحوط كونها مرتّبة ككفّارة الظهار

    1. كان الكلام في ان وجوب الكفارة هل يختص بالواجب المعين كما نسب الى المشهور ام انه ثابت في كل اعتكاف وان كان مندوبا وذكرنا ما يمكن ان يستدل به للاختصاص الذي ذهب اليه المشهور وكان اخرها التمسك بصحيحة ابي ولاد بالبيان الذي نقلناه عن الجواهر

وناقشه السيد الخوئي [3] (قده) بان الصحيحة تدل بمفهومها على عدم وجوب الكفارة مع الاشتراط فيكون هذا تفصيلاً بين الاشتراط وعدمه لا بين وجوب الاعتكاف وعدمه، ووجوب الكفارة لا مانع من الالتزام به في المندوب اذا لم يشترط فلو لم يفسخ وجامع فلا مانع من ان تترتب الكفارة عليه، وكانه يريد ان يقول بان مقتضى الجمع بين هذه الادلة هو ان الصحيحة تخرج صورة الاشتراط من المطلقات فانها تدل بالمفهوم على انه لا كفارة مع الاشتراط وهو معنى التفصيل بين الاشتراط وعدمه

وذكر بعض الاعلام ما حاصله ان الاشتراط كناية عن الفسخ والرجوع عن الاعتكاف وليس المقصود به هو مجرد الاشتراط بل الاشتراط الذي يعمل به المعتكف بمعنى انه يفسخ إعمالاً لهذا الاشتراط فان هذا المعنى واضح في مورد الرواية فان المراة كانت في انتظار زوجها فبلغها قدومه وكانت قد اشترطت في اعتكافها فمن الواضح انها تفسخ وتخرج للقاء زوجها، فكانه افترض في الرواية انها بعد ان اشترطت رجعت وفسخت الاعتكاف، واما اذا لم تشترط فهي باقية على اعتكافها فيقع الجماع في الاعتكاف وتترتب عليه الكفارة، فالتفصيل يكون بين الفسخ وعدمه لا بين الاشتراط وعدمه، ويكون مقتضى الجمع بين الادلة هو اخراج صورة فسخ الاعتكاف عن الحكم بترتب الكفارة على الجماع، وبناءً على هذا لا تترتب الكفارة لو فسخت سواء كان الفسخ مع الشرط ام بدونه كما في اليومين الاول والثاني من الاعتكاف المندوب او الاعتكاف الواجب الموسع، واما اذا لم يفسخ فسواء كان عدم الفسخ من جهة تعذر الفسخ كما في اليوم الثالث او مع امكانه الا انه لم يفسخ كما في اليومين الاول والثاني ففي هذه الحالة هي باقية على اعتكافها ويكون الجماع واقعاً في اثناء الاعتكاف فتترتب عليه الكفارة

وهذا وجه لا باس به وبناءً عليه فان الكفارة لا تخص الاعتكاف الواجب بل تشمل الاعتكاف المندوب حينئذٍ

بقي شيء: وهو انه لا اشكال في ان صحيحة ابي ولاد ليست شاملة للواجب المعين فانه يجب الشروع فيه عند حلول وقته ولا اشكال في انه لا يجور الرجوع فيه حتى مع الاشتراط، الا ان كلامنا عن الاعتكاف المندوب، نعم لو افسد الواجب المعين المضيق بالجماع فان الكفارة تترتب لاطلاق الادلة

وسواء كانت صحيحة ابي ولاد ناظرة الى هذه الصورة ام لا فهذا لا يؤثر على الحكم بترتب الكفارة على الجماع فيه، وان هذا الاعتكاف لا يقبل الاشتراط بمعنى انه لا يجوز الرجوع فيه حتى مع الاشتراط، وبما ان الصحيحة ذكر فيها الاشتراط فلا يبعد ان يقال بانها ليست ناظرة الى الواجب المعين

    2. ومنشا الاختلاف في كون كفارته مرتبة او مخيرة هو اختلاف الروايات فلدينا طائفتان من الاخبار:

الطائفة الاولى: ما دل على انها مرتبة

منها: صحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) عن المعتكف يجامع ؟ قال : «إذا فعل ذلك فعليه ما على المظاهر»[4] وواضح من الاية الشريفة ان كفارة المظاهر مرتبة لا مخيرة

ومنها: صحيحة ابي ولاد عن ابي عبد الله (عليه السلام) : «فإن عليها ما على المظاهر»[5]

الطائفة الثانية: ما دل على انها مخيرة:

منها: موثقة سماعة الاولى عن ابي عبد الله (عليه السلام): «هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان»[6]

ومنها: موثقة سماعة الثانية (اذا لم نرجعهما الى رواية واحدة مروية بطريقين) عن ابي عبد الله (عليه السلام): «عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا : عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا»[7]

ومنها: رواية عبد الاعلى بن اعين عن ابي عبد الله (عليه السلام): «قال : عليه الكفارة ، قال : قلت : فإن وطأها نهارا؟ قال : عليه كفارتان»[8] وهو اشارة الى كفارة شهر رمضان

والمنسوب الى المشهور الذهاب الى انها مخيرة كما في الحدائق والجواهر وهو منسوب للشيخين المفيد والطوسي والسيد المرتضى (قدهم) واتباعهم، نعم نقل العلامة في المختلف عن ظاهر ابن بابويه انها مرتبة ومال اليه في المدارك وعلله بصحة المستند وممن ذهب الى ذلك السيد الخوئي في تعليقته على العروة الوثقى في هذا المورد وفي مبحث كفارة الصوم ولكنه في المستند يرى انها مخيرة لا مرتبة، وقد يقال بوجود جمع عرفي بين الطائفتين كما اشار اليه السيد الحكيم [9] (قده) بحمل الطائفة الاولى على الاستحباب والافضلية لانها تدل على وجوب العتق تعييناً مع القدرة عليه بينما اخبار الطائفة الثانية تدل على انه يجوز تركه الى بدله حتى مع القدرة عليه، فمن هنا يقال بان الاخبار المخيرة صريحة في جواز ترك العتق الى بدل بينما الاخبار المرتبة ظاهرة في وجوبه تعييناً فيكون اختيار العتق مع القدرة عليه مستحباً لا واجباً

وقد حمل العلامة في المنتهى وصاحب الوسائل روايات الطائفة الاولى على انها في مقام التشبيه في المقدار لا في الكيفية

والذي يمكن ان يقال هو انه اذا تم الجمع الذي ذكره السيد الحكيم (قده) وهو الحمل على الاستحباب فهو، وننتهي الى نتيجة ان الكفارة مخيرة واما اذا ناقشنا في هذا الجمع باعتبار ان الروايات ليست واردة بلسان الامر بالعتق انما هي وردت بلسان عليه ما على المظاهر فكانها تريد ان تقول عليه كفارة الظهار، فحينئذ يقع التعارض المستقر بين الطائفتين وهنا نقول ان تم ما يقوله السيد الخوئي بان الاخبار الدالة على انها كفارة مخيرة مخالفة للعامة لانه لم يذهب احد من العامة الى انها كفارة افطار شهر رمضان، فتكون اقرب الى الصواب، واما اذا لم يتم هذا فحينئذ تصل النوبة الى التساقط فلا يشمل دليل الحجية اياً منهما فنرجع الى الاصول العملية، والاصول الجارية في المقام هي الاصول التي تختار في مسالة دوران الامر بين التعيين والتخيير، والتعيين فيه كلفة زائدة يمكن نفيها بالاصول المؤمنة وهذا يثبت التخيير

ومنه يظهر ان الصحيح في هذه المسالة على كل التقادير المتقدمة هو التخيير، ولكن لا اشكال في ان الترتيب احوط لوجود الروايات التي تكاد تكون صريحة في انها كفارة ظهار