1441/04/21


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 73 ) حكم المال الذي باعه الفضولي عند عدم تحقق الاجازة من مالكه – شروط المتعاقدين.

والآن نبين مستند الشيخ الأعظم(قده) في الميل إلى الضمان ثم ما هو مستنده في التراجع ثم نبين مستنده في الجزم بالضمان ثم ننظر في هذه المستندات: -

أما بالنسبة إلى ميله للضمان: - فقد وجهين لذلك: -

الوجه الأول: - إن المنافع غير المستوفاة مالٌ، وكل مال ينبغي ضمانه.

الوجه الثاني: - إن عدم ضمان المنافع غير المستوفاة منافٍ للاحترام المال وكأنه يريد أن يشير إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( وحرمة ماله كحرمة دمه ) فعدم الضمامان مناف لاحترام مال المسلم الذي دل عليه هذا الحديث، فالمناسب هو الضمان.

وما الفارق بين الوجه الأول والوجه الثاني؟

والجواب: - لا يبعد أن يكون الوجه الأول ناظر إلى قاعدة اليد، يعني إذا كان الاً فلابد ان يكون مضموناً لقاعدة على اليد، أما في الوجه الثاني فهو ناظر إلى جنبة ( وحرمة ماله كحرمة دمه ) فإن المناسب لذلك هو الضمان وعدم الضمان منافٍ لهذه الحرمة للمال التي هي كحرم الدم.

ثم تراجع وقال: -

أما بالنسبة إلى الوجه الأول: - فصحيح أنَّ المنافع وإن كانت غير مستوفاة هي مال ولكن لا يشملها قاعدة على اليد ما أخذت، فإن أخذ المنافع لا يصدق بمجرد وضع السيارة مثلاً في الدار، وإنما أخذها يصير بالاستيفاء مثلاً، أما مجرد وضعها الدار والمنافع كامنة فيها فهنا لا يصدق عليها أنها أخذت.

وأما بالنسبة إلى الوجه الثاني: - إنَّ هذا يتم فيما إذا استوفيت المنافع ولم يحكم بالضمان هنا هذا منافٍ للاحترام، أما إذا لم تستوف وهي موجودة من دون استيفاء فكون عدم ضمانها منافِ لاحترام مال المسلم أوّل الكلام.

ثم بعد ذلك توقف، والتوقف لا يحتاج إلى دليل.

ثم بعد ذلك حكم بالضمان بحو الجزم، ولم يذكر دليلاً لذلك، إلا أنه ذكر أنَّ العلامة ذهب إلى الضمان، كما ادعى ابن إدريس الاتفاق على الضمان في باب العين المغصوبة، فإذا غصب شخص عيناً ولم يستوفٍ منافعها وفاتت فقد ادعى العلامة الاتفاق عند المعاصرين على الضمان، وحيث إنَّ المقبوض بالعقد الفاسد - أي عقد الفضولي غير المجاز - حكمه كحكم المغصوب فيكون محكوماً بالضمان، قال(قد): - ( فالقول بالضمان لا يخلو عن قوة ) [1]

وفي مقام التعليق نقول: -

أما بالنسبة إلى ما ذكره أولاً فنقول: - هل هذه المنافع غير المستوفاة مال أو هي منشأ لمالية هذه السيارة؟ فمرة نقول إنَّ نفس قابلية السير بالسيارة إلى مدينة كذا وكذا هي مال، ومرة نقول إنَّ هذه علّة لصيرورة السيارة يبذل بإزائها كذا مقدار من المال، فالمنافع هي مناشئ لمالية العين لا أنها بنفسها مال؟ يمكن أن يقال إنها ليست مالاً بل هي مناشئ للمالية، ومعه لا يشملها ما دل على ضمان المال.

وإذا أردنا أن نتنزل ونقول مشكوك كونها مال بنفسها أو هي منشأ لمالية العين بحيث ترتفع مالية العين بسبب هذه المنافع يكفينا الشك لعدم جواز التمسّك بعموم ما دل على ضمان المال، لأنَّ ذلك يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

وأما الدليل الثاني الذي تمسّك به فنقول: - إنه من خلال مناقشتنا للوجه الأول اتضحت المناقشة في هذا الوجه، حيث نقول: - إنَّ عدم ضمان المال منافٍ للاحترام وكون المنافع مالاً هو أول الكلام، ولا أقل نشك أنها مال أو ليست بمال ومعه لا يجوز التمسّك بعموم ( وحرمة ماله كحرمة دمه )، لأنه يكون من التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية.

هذا ما ذكره في موقفه الأول.

وأما ما ذكره في موقفه الثاني فنقول:- لو سلّمنا أنها مال[2] فإنَّ التشكيك في صدق الأخذ على الاستيلاء قابل للتأمل، فإنه يكفي في صدق الأخذ الاستيلاء، والعرف ببابك، فإنَّ الدار أو البستان مثلاً يؤخذ ويغصب بالاستيلاء، فإذاً الاستيلاء كافٍ، فإذا منع الغاصب مالك الدار من التصرف فيها فهذا استيلاء، ويصدق حينئذٍ الأخذ، ونطبق حينئذٍ قاعدة ( على اليد ما أخذت ) على مباني الشيخ الأعظم(قده)، فنحن نقول للشيخ الأعظم(قده) إذا جاء شخص وغصب داراً أو بستاناً - أي الأشياء غير المنقولة فإنَّ هذا عام في كل شيء غير منقول - فإنَّ غصبها لا يكون إلا بالاستيلاء وليس بالأخذ، والأخذ نفسّره في كل شيء بحسب، ففي غير المنقولات نفسّره بالاستيلاء، فالاستيلاء يكفي، فإذا كفى في مثل ذلك كفى أيضاً بالنسبة على المنافع، فإن المنافع لا يمكن أن تؤخذ وإنما يكون ذلك بالاستيلاء، فعلى هذا الأساس من المناسب تفسير الأخذ بالاستيلاء وبالتالي يلزم أن يحكم بالضمان لا أنه يتراجع عنه.

وأما ما ذكره في ردّ الوجه الثاني فالجواب: - إنَّ هذا الاستيلاء ولو كان في المخزن إذا كان من دون عوض فحينئذٍ كيف يكون عدم الضمان غير منافٍ الاحترام؟!! نعم لو دفع العوض يمكن أن يقال إنَّ الاستيلاء على المنافع لا يتنافى مع الاحترام، أما إذا حكمنا بأنه لا يضمن كيف لا يكون ذلك منافياً لاحترام مال المسلم؟!!

يبقى ما ذكره أخيراً فنقول: - إنَّ مثل هذا لا يناسب الفقيه الاعتماد عليه، بل لابد وأن يعتمد على أدلة أخرى أما قول العلامة أو غيره فلا يصلح الاستناد إليه.


[2] إذ لو لم نسلّم أنها مال فسوف تكون خارجة عن حديث ( على اليد ما أخذت ) تخصّصاً أو موضوعاً.