33/01/23


تحمیل
 الموضوع :-

نهاية مسألة 295 و بداية مسألة 296 / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
 والجواب :- ان مثل ما ذكر يشكل تطبيقه في باب المستحبات وإنما هو وجيه في باب الواجبات ففي باب الصلاة الواجبة لو شككنا في أن السورة جزء أو أن الطمأنينة شرط فيصح التمسك بإطلاق حديث ( رفع ما لا يعلمون ) وهذا بخلافه في باب المستحبات ، والوجه في ذلك هو أنه ما هو الهدف من وراء تطبيق الحديث المذكور ؟ هل هو رفع العقوبة المحتملة بمعنى أنه نحتمل ثبوت العقوبة على المكلف من دون وجود هذا الشرط المشكوك لأنه لم يأت بكامل الاجزاء والشرائط ؟ ومعلوم أن هذا وجيه في باب الواجبات وأما في باب المستحبات فلا تحتمل العقوبة لأنّا قد فرضناه مستحباً وفي المستحبات لا عقوبة ، اللهم إلا من باب قصد التشريع والمفروض أن المكلف لم يقصد ذلك ، فإذا كان الهدف من تطبيق حديث الرفع هو رفع احتمال العقوبة فهو واضح الوهن . وأما لو كان الهدف هو تصحيح العمل المأتي به واثبات أن الطواف من دون طهارة من الحدث الأكبر صحيح ومستحب وأن له ثواب كذا وكذا وفي الواقع أن الهدف المهم هو هذا فانا نريد أن نثبت أن ما نأتي به هو متصف بالاستحباب الشرعي وتترتب عليه آثار الاستحباب الشرعي فمن الواضح أن هذا مصداق للأصل المثبت إذ لازم نفي شرطية الطهارة في صحة الطواف المستحب هو أن ما نأتي به يكون مستحباً شرعاً وتترتب عليه آثار الاستحباب الشرعي ، ان هذا أصل مثبت إذ لا ملازمة شرعية بين نفي شرطية الطهارة من الحدث الأكبر في الطواف المستحب وبين كون ما نأتي به هو مستحب شرعاً وإنما الملازمة عادية أو ما شاكل ذلك.
 ان قلت:- هذا صحيح ونقبله ولكن ليكن هدفنا من إجراء البراءة شِقّاً ثالثاً وهو إثبات عدم شرطية الطهارة من الحدث الأكبر في صحة الطواف المستحب وفي استحبابه فنحن نريد إثبات هذا المقدار - يعني أن الطهارة ليست شرطاً في الطواف المستحب - ولا نريد الزيادة وهي أن ما أتينا به مستحب.
 وجوابه واضح:- فان نفي الشرطية نأخذه كاستطراق إلى أن ما نأتي به هو مصداق للمستحب وتترتب عليه آثار الاستحباب الشرعي فالهدف المهم هو هذا - أني لو قمت وطفت كان طوافي مستحباً وتترتب عليه الآثار - وأما مجرد نفي الشرطية من دون إثبات هذا فهو لا يسمن ولا يغني من جوع.
 وإذا كنّا نعبِّر أحياناً بأن هدفنا هو نفي الشرطية ففي الحقيقة إننا نقصد من وراء ذلك الاستطراق إلى إثبات أن هذا الطواف الذي أتينا به مستحب . إذن تمام الهدف هو إثبات أن ما نأتي به مستحب ونفي الشرطية من دون إثبات أن هذا مستحب لا ينفع شيئاً .
 ومثل هذا الإشكال لا يأتي في الواجبات إذ فيها يكون الغرض المهم هو التأمين من العقوبة على ترك الشيء المشكوك شرطيته أو جزئيته ، و ليس تحصيل المؤمن من العقوبة وأما في باب المستحبات فالمفروض أن العقوبة ليست محتملة فلا معنى لأن يكون الهدف هو ما ذكر . وهذه جوهرة ثمينة ينبغي تطبيقها في جميع موارد الشك في الجزئية والشرطية في باب المستحبات ، فكل عمل مستحب إذا شككنا في أنه يعتبر فيه كذا أو لا يعتبر فيه كذا كالاعتكاف فانه مستحب ، فإذا شككنا في أنه هل يعتبر فيه أن يكون في خصوص المساجد الأربعة أو يكفي أن يكون في المسجد الجامع في البلد ؟ فقد يقترح مقترح ويقول لنتمسك بأصل البراءة من شرطية اعتبار خصوصية المساجد الأربعة . وقد اتضح جوابه
 ان قلت:- هناك طريقة أخرى لا يتحقق معها محذور الأصل المثبت وذلك بأن نقول:- ان أصل استحباب الطواف شيء ثابت من الخارج ونحن نشك في اعتبار شرطية الطهارة ، فاصل الاستحباب يكون ثابتاً بذلك الدليل الخارجي والشرطية تكون منتفية من خلال البراءة وبذلك ينتفي محذور الأصل المثبت.
 قلت:- ان ذلك الدليل الخارجي هل يوجد له إطلاق يثبت استحباب مثل هذا الطواف الفاقد للطهارة أو لا ؟ فان كان موجوداً كفانا ذلك الإطلاق وان لم يكن موجوداً فالتمسك به لا يمكن لفرض عدم ثبوت الإطلاق فيه ، على أن مطلوبنا الأساسي هو إثبات أن ما نأتي به مستحب وتترتب عليه آثار الطواف المستحب وهذا لا يثبت بهذه الطريقة وإنما هذه الطريقة تنفع للتأمين من العقوبة الذي يكون في باب الواجبات.
 إذن اتضح من خلال كل هذا اتضح أن الحكم باستحباب الطواف المستحب في حق المحدث بالأكبر إذا كان معذوراً في بقاءه في المسجد شيء مشكل لعدم وجود دليل يثبت الاستحباب في الحالة المذكورة.
 
 
 مسألة ( 296 ):- المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور والمسلوس . أما المبطون فالأحوط أن يجمع مع التمكن بين الطواف بنفسه والاستنابة . وأما المستحاضة فالأحوط لها أن تتوضا لكل من الطواف وصلاته ان كانت الاستحاضة قليلة وان تغتسل غسلا ً واحداً لهما وتتوضأ لكل منهما ان كانت الاستحاضة متوسطة وأما الكثيرة فتغتسل لكل منهما من دون حاجة إلى الوضوء ان لم تكن محدثة بالأصغر وإلا فالأحوط ضم الوضوء إلى الغسل.

 ..........................................................................................................
 تشتمل المسالة على مجموعة نقاط:-
 النقطة الأولى:- ان المعذور في باب الطهارة من قبيل المسلوس والمجبور يكتفي بطهارته العذرية . وما هو الدليل على ذلك - بعد الالتفات إلى أنه لا يوجد نص يقول ان صاحب العذر يكتفي في باب الطواف بطهارته العذرية - وما دام لا رواية فكيف نخرج الحكم المذكور ؟
 والجواب:- يمكن تخريج ذلك من خلال مقدمتين:-
 المقدمة الأولى:- توجد عندنا روايات في حق صاحب العذر كالمسلوس والمجبور تدل على أن وظيفته هي الوظيفة المعروفة من قبيل صحيحة منصور بن حازم ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يعتريه البول ولا يقدر على حبسه ، فقال لي:- إذا لم يقدر على حبسه فالله أولى بالعذر يجعل خريطةً [1] ) [2] هذا بالنسبة إلى صاحب السلس .
 وأما صاحب الجبيرة فتدل على حكمه مثل صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ( سئل عن الرجل تكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة ويتوضأ ويمسح عليها إذا توضأ ، فقال عليه السلام:- ان كان يؤذيه فليمسح على الخرقة وان كان لا يؤذيه فلينزع الخرقة ثم ليغسلها ) [3] .
 وهاتان الروايتان مطلقتان ولا تختصان بباب الصلاة ، ومقتضى إطلاقهما الشمول لباب الطواف أيضاً.
 والمقدمة الثانية:- ان ظاهر هذه الروايات ان ما يأتي به مجزٍ وكافٍ لا أنه وظيفة مؤقتة الآن وعليه بعد ذلك الإعادة مع الوضوء مثلاً ، كلا بل ظاهرها أن ما يأتي به مجزٍ وذلك للإطلاق المقامي فلو كانت الإعادة لازمة لأشار الإمام عليه السلام إلى ذلك فسكوته يدل على الاجزاء .
 فبضم تلك المقدمة إلى هذه يثبت كفاية الطهارة العذرية.


[1] والخريطة هي كل وعاء اعم من كونه من جلد أو من جنس آخر.
[2] الوسائل 1- 297 19 من نواقص الوضوء ح2.
[3] الوسائل 1 463 39 ابواب الوضوء ح2.