37/02/01


تحمیل

الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 21,22.

قال الماتن

(مسألة 21 ) : (من عليه الكفارة إذا لم يؤدها حتى مضت عليه سنين لم تتكرر (.[1]

وهو واضح لعدم الدليل على أن التأخير سبب للكفارة, فسبب الكفارة هو عبارة عن الافطار العمدي في نهار شهر رمضان وهو قد حصل واوجد الكفارة, أما التأخير فلا يوجد دليل على أنه يوجب الكفارة.

 

قال الماتن

(مسألة 22 ) : (الظاهر أن وجوب الكفارة موسع فلا تجب المبادرة إليها نعم لا يجوز التأخير إلى حد التهاون.)[2]

لا اشكال بأن مقتضى القواعد في علم الاصول أن الأمر ليس فيه دلالة الا على طلب الفعل ووجوب الاتيان بمتعلقه وليس فيه دلالة لا على الفور ولا التراخي, وهذا معناه جواز التأخير وان المكلف مخير بين أن يأتي بالواجب فوراً وبين أن يؤخره وهو معنى جواز التأخير وعدم وجوب المبادرة كما قال السيد الماتن, هذا هو مقتضى القواعد .

نعم قد يقال أن هذا الكلام وان صح في بقية العبادات الا أن الكفارة لها خصوصية تقتضي الالتزام بوجوب المبادرة اليها عند حصول سببها, والخصوصية هي أن الكفارة كالتوبة في رفع الذنب, واذا كانت كذلك وأن التوبة تجب المبادرة اليها ولا يجوز التأخير فيها فأنه من الواجب عزم المكلف على عدم العودة للذنب ولا يجوز له أن يكون متردداً أو عازماً على الرجوع, ومن هنا قالوا بأن التوبة وجوبها فوري لأنها ترفع الذنب ولا يجوز للمكلف أن يبقى على ذنبة بل لابد أن يأتي بما يرفع ذلك الذنب عنه.

والكفارة كالتوبة من هذه الناحية لأنها ايضاً ترفع الذنب الذي ارتكبه فيجب الاتيان بها فوراً كما هو الحال في التوبة.

اجاب السيد الخوئي (قد) عن هذا الكلام بأن الكفارة ليست كالتوبة في رفع الذنب ولا دليل على ذلك فالذي يفهم من ادلة الكفارة بأنها عقوبة الزم بها المكلف لأجل أن لا يرتكب هذا العمل مرة اخرى, وفرق بين العقوبة ورفع الذنب.

ويمكن أن يقال بتعبير آخر أن الفرق بين الكفارة والتوبة أن وجوب الكفارة وجوب شرعي وليس للعقل دخل فيه فلا معنى لأن يقول العقل بأن من يفطر في نهار شهر رمضان عمداً تجب عليه الكفارة الكذائية, وعندما نرجع إلى دليل وجوب الكفارة الشرعي نجد أن الدليل ظاهر في التوسعة وان الشارع جوز التأخير فيه, وحينئذ لا معنى بأن يقال أن العقل يحكم بالقبح عند التأخير ويحكم بوجوب المبادرة, فأن العقل عندما يحكم بالقبح يحكم به مراعاة للمولى فإذا جوز المولى للمكلف تأخير الاتيان بالكفارة فلا مجال لحكم العقل بعدم الجواز ولزوم الاتيان بها فوراً.

أما في التوبة فالأمر يختلف لأن وجوبها عقلي, والعقل هو الذي يحكم بفوريتها للتخلص من الذنب, والادلة التي تأمر بوجوب التوبة هي من قبيل الاوامر الارشادية, ولذا لو لم تكن هناك اوامر شرعية بالتوبة فأن العقل يستقل بوجوبها ويلزم المكلف بها.

إذن وجوب التوبة عقلي والعقل كما يحكم بوجوب التوبة يحكم بلابدية المسارعة بالإتيان بها, فالعقل يحكم بوجوب التوبة فوراً, ومن هنا يتضح أن قياس الكفارة على التوبة ليس فيه محله, ومن هنا يظهر أن الصحيح ما ذكره السيد الماتن من عدم وجوب المبادرة إلى الكفارة وجواز التأخير عملاً بظواهر الادلة.

 

قال الماتن

(نعم لا يجوز التأخير إلى حد التهاون.)

والتهاون: هو التأخير الذي ليس له أي غرض عقلائي وإنما هو تأخير لعدم المبالاة بالأوامر الشرعية.

ولا اشكال أن هذا التأخير بهذا المعنى يعد خروجاً عما تقتضيه عبودية الانسان لله سبحانه وتعالى, والعقل يحكم بقبح هذا الفعل, ومن هنا يمكن أن يوجه كلام المصنف, أي أنه يريد أن يقول بأن التأخير اذا ادى إلى التهاون فأنه يعتبر نوع من التمرد على المولى والقعل يحكم بقبحه, ومن هنا جاء التقييد الذي ذكره السيد الماتن فان اطلاق الادلة وان كان يدل على جواز التأخير لكن هذا له حد _بحكم العقل_ وهو أن لا يؤدي التأخير إلى التهاون.