36/11/07


تحمیل

الموضوع: أصناف المستحقين للزكاة[1]

لا شبهة في أن ولد الزنا ولد للزاني حقيقة وجميع آثار الولد مترتب عليه، فلا يجوز إذا كان له ابنا أن يتزوج بأخته أو بعمته أو بخالته، أو إذا كان بنتا فلا يجوز التزويج بأخيها أو أبيها أو عمها أو خالها وما شاكل ذلك فجميع أحكام المصاهرة مترتبة عليه ما عدا الإرث فإن الإرث قد ثبت بدليل خاص ولو لم يكن دليل في البين فلا نقول بعدم التوارث، فولد الزنا لا يرث من ابيه الزاني وبالعكس، وأما من أمه الزانية فهو يرث وبالعكس وإن كان لنا احتياط ولكن ذهب جماعة إلى أنه يرث من أمه الزانية باعتبار أن مورد النص هو الأب أي أن ابن الزنا لا يرث من ابيه الزاني وبالعكس.

ولكن مع ذلك ذهب جماعة إلى ان ولد الزنا ليس بولد شرعا، ولا شبهة في أن الولد أمر عرفي وأمر لغوي وليس فيه حقيقة شرعية، فإن الحقيقة الشرعية إنما تتصور في المجعولات الشرعية كالعبادات إذ هي مجعولات من قبل الشارع ووضع ألفاظها لعله من قبل الشارع، واما الأمور العرفية التكوينية فلا تتصور فيها الحقيقة الشرعية، والولد أمر عرفي وهو ما انعقدت نطفته من ماء رجل، فهو لده، وهذا أمر عرفي وليس فيه حقيقة شرعية فلا وجه لدعوى أن ولد الزنا ليس بولد ولا يمكن استفادة ذلك من روايات الإرث، فإن روايات الإرث ظاهرة في أن الزنا مانع من الإرث في مقام نفي الإرث وهذه الروايات تدل على أن الموضوع ثابت يعني أنه ولد له ولكن لا يرث منه أي في مقام نفي الحكم مع ثبوت الموضوع، فإذن هذه الروايات تدل على ثبوت الولدية لا على نفيها باعتبار ان مفاد هذه الروايات نفي الحكم كالقاتل فإن القاتل لا يرث ولكنه ولد وأب وكالرق والكافر وولد الزنا أيضا كذلك فإذن هذه الروايات تدل على ثبوت الموضوع والمنفي فيها الحكم دون الموضوع.

واما روايات الفراش فإنها أيضا لا تدل على ذلك ك ( الولد للفراش وللعاهر الحجر)[2] و( الولد لغية )[3] فهذه الجملة لا تدل على نفي الولدية، والولد لغية يعني أن الولد ابن الزنا لأن معنى اللغية الزنا والولد لغية يعني أنه من الزنا وليست في مقام نفي الولدية بل في مقام إثبات أنه ابن الزنا وولد الزنا فهذه الروايات أيضا لا تدل على نفي الولدية.

وقد يدعى الانصراف في البين أي أن الروايات التي تدل على تحريم الزكاة على الهاشمي منصرفة الى الهاشمي إذا كان من الحلال وأما الهاشمي إذا كان من الحرام فهي منصرفة عنه.

وهذه الدعوى أيضا لا أساس لها إذ لا وجه لهذا الانصراف بعد صدق عنوان الهاشمي سواء كان الولد من الحلال أو من الحرام فعلى كلا التقديرين يصدق عليه أنه ولد الهاشمي فهو هاشمي بلا فرق بين ان يكون من الحلال او الحرام.

فالنتيجة انه لا دليل على نفي الولدية ولم يرد في شيء من الروايات حتى رواية ضعيفة على نفي الولدية عن ولد الزنا، فلا شبهة في أن ولد الزنا ولد للزاني حقيقة وجميع آثار الولد مترتب عليه من أحكام المصاهرة وغيرها إلا الإرث فقط فإنه قد خرج بدليل.

هذا تمام كلامنا في أوصاف المستحقين.

ثم بعد ذلك ذكر الماتن ( فصل في بعض أحكام الزكاة ) وذكر (قده) أن فيه مسائل:

الأولى: الأفضل بل الأحوط نقل الزكاة إلى الفقيه الجامع للشرائط في زمان الغيبة لأنه أعرف بمواردها ومواقعها ولا سيما إذ طلب الزكاة من المزكي، ثم ذكر ( والأقوى عدم الوجوب).

وينبغي لنا تقديم مقدمة قبل الدخول في أصل المبحث.

فإن الحكومة في الخارج على نوعين حكومة شرعية وهي قائمة على أساس القوانين الإسلامية والشرعية وهي حكومة شرعية، وعلى رأس هذه الحكومة المعصوم كالنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) أو أحد الأئمة الأطهار( عليهم السلام ) فإن المعصوم الذي في رأس الحكومة له ولاية وهو الذي أعطى الولاية للحكومة الإسلامية الشرعية، فالحكومة الشرعية لها ولاية على التصرف في الأموال المباحة كالأرضي الموات والأراضي المعمورة طبيعيا لا بشريا والمعدان بتمام أصنافها وأقسامها فإنها من المباحات الأصلية وجميع الناس بالنسبة إلى هذه المباحات على حد سواء ولكل فرد من أفراد الناس له حق الاستفادة من هذه المباحات الأصلية نعم لا يجوز له أن يمنع غيره من الاستفادة منها او يتجاوز حده، فالأمام الذي هو في رأس الحكومة أعطى الولاية للحكومة للتصرف في هذه المباحات الأصلية وللتصرف في شؤون الناس فيما إذا كان فيه مصلحة لهم.

واما في زمان الغيبة إذا كان على رأس الحكومة نائب الأمام فالولاية ثابتة لنائب الأمام وبإمكانه اعطاء هذه الولاية للحكومة لكن مشوط بشرط وهو أن يتمكن من تشكيل الحكومة الشرعية وحينئذ له اعطاء الولاية للحكومة بالتصرف في الأموال المباحة وتمليكها وتملكها، واما إذا لم يتمكن من ذلك فالحكومة لا ولاية لها في التصرف في الأموال المباحة كالأراضي الموات والمعادن والأراضي المعمورة طبيعيا فليس لها التصرف فيها وتملكها فإن التصرف فيها وتملكها بحاجة إلى أن يكون للحكومة وكالة من الناس أو ولاية على الناس ، وكلا الأمرين مفقود، فإن هذه الحكومة بما أنها ليست شرعية فليست لها ولاية على الناس، كما أنها ليست وكيلة من قبل الناس فمن أجل ذلك ليس لها استملاك الأموال المباحة ومن أجل ذلك لا تكون مالكة للمعادن ولا للأراضي الموات ولا للأراضي المعمورة طبيعيا فإن تمليكها بحاجة إلى سبب فإما أن تكون للحكومة ولاية والمفروض أن لا ولاية لها وأما أن تكون وكيلة عن الناس والمفروض أنها ليست كذلك.

فمن أجل ذلك لا تكون الحكومة مالكة لشيء من المباحات الأصلية لا الأراضي الموات ولا الأراضي المعمورة طبيعيا ولا المعادن بتمام انواعها وأقسامها من المعدان الباطنة والظاهرة وما شاكل ذلك.