37/11/20


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/11/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

الى هنا قد تبين ان المالك اذا علم باشتغال ذمته إما بالخمس او بالزكاة فهذا العلم الاجمالي منجز بالنسبة الى المالكين[1] لان الخمس ملك الى جهة والزكاة ملك الى جهة ، ولا فرق بين ان يكون الخمس والزكاة متساويين أم كان احدهما أكثر من الاخر كما اذا علم اجمالا ان ذمته مشغولة بخمسين دينار زكاة واربعين دينار خمسا او بالعكس كما اذا علم اجمالا ان ذمته مشغولة بخمسين دينار خمسا واربعين دينار زكاة ، وكما لو علم اجمالا انه مديون بدينار ولكنه لا يدي انه مديون لزيد او لعمر وهو يلحق بالعلم الاجمالي بين المتباينين.

نـعم اذا علم اجمالا بانه مديون لزيد ولكن لا يدي انه مديون بدينار واحد او بدينارين ففي مثل ذلك ينحل العلم الاجمالي الى علم تفصيلي باشتغال ذمته بدينار واحد وشك بدوي في الزائد ولا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة او استصحاب عدم اشتغال ذمته بالزائد ، واما في المقام فالعلم الاجمالي منجز وان كان امره دائرا بين الاقل والاكثر.

واما هذا العلم الاجمالي بالنسبة الى ما في الذمة[2] فهل هو منحل او لا يكون منحل؟

الجواب:- ان الامر بالنسبة الى ما في الذمة فهو يدور بين الاقل والاكثر فهو يعلم باشتغال ذمته بالأقل ويشك في اشتغال ذمته بالزيادة كما اذا علم ان ذمته اما مشغولة بخمسين دينارا زكاة او اربعين دينار خمسا فهو يعلم ان ذمته مشغولة بأربعين دينار على كل حال سواء أكان خمسا او زكاة ولكن يشك في اشتغال ذمته في الزائدة ، فلا مانع هنا من استصحاب عدم اشتغال ذمته بالزيادة.

ولكن هل هذا الاستصحاب يجري وليس له معارض او لا يجري؟

بيان ذلك:- تارة يكون المالك هاشميا واخرى يكون المالك غير هاشمي.

اما اذا كان المالك هاشميا فتارة يكون الاكثر هو الزكاة والاقل هو الخمس واخرى الاكثر هو الخمس والاقل هو الزكاة.

فان كان الاكثر خمسا والاقل زكاة ، فقد يقال ــ كما قيل ــ ان استصحاب عدم اشتغال ذمته بالزيادة معارضة باستصحاب عدم كون الاقل زكاة.

ولكن الامر ليس كذاك فان كون الاقل زكاة ليس فيه حكم الزامي فالمالك مخير بين اعطائه للفقير الهاشمي واعطائه للفقير غير الهاشمي ولا إلزام بالنسبة الى المالك فهو غير ملزم بإعطائها للفقير الهاشمي فقط ، والاصل الترخيصي لا معنى لجريانه في المقام ، إذ في المقام لا يوجد حكم إلزامي كي يكون الاصل الترخيصي نافيا للحكم الالزامي ، اذن لا معنى لاستصحاب عدم كون الاقل زكاة ، فهذا الاستصحاب لا يجري في نفسه لان الاصل الترخيصي انما يجري فيما اذا كان هناك حكم الزامي فيكون الاصل الترخيصي نافيا للحكم الالزامي واما في المسالة لا يكون الا الحكم الترخيصي من الاول اذن لا معنى لجريان هذا الاصل.

واما اذا كان الاقل خمسا والاكثر زكاة ، فحينئذ استصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة يجري وهو معارض باستصحاب عدم كون الاقل خمسا لأنه اذا جرى استصحاب عدم كون الاقل خمسا فمعناه انه يجوز اعطائه للفقير الغير هاشمي وهذا غير جائز ، اذن هو ينفي الحكم الالزامي لان المالك ملزم باعطائه للفقير الهاشمي وهذا الاستصحاب ينفي ذلك ، فاذا جرى كلا الاستصحابين لزم المخالفة القطعية.

واما اذا كان المالك غير هاشميا فأيضا تارة يكون الاقل خمسا و الاكثر زكاة واخرى بالعكس.

اما على الاول[3] فكلا الاصلين لا يجري لاستلزامه المخالفة القطعية فان استصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة معارض باستصحاب عدم كون الاقل خمسا فان معنى عدم كون الاقل خمسا انه يجوز اعطائه للفقير الغير الهاشمي ، وهذا لا يمكن فمن اجل ذلك لا يجري.

واما العكس كما اذا كان الاقل زكاة والاكثر خمسا فاستصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة يجري ، ولكن هل هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم كون الاقل زكاة فان الاقل اذا لم يكن زكاة فيجوز اعطائه للفقير الهاشمي وهذا لا يمكن فالتعارض في كلتا الصورتين موجودة ويسقط كلا الاصلين معا ، هكذا ذكر بعض الاعلام.

النتيجة:- الظاهر ان هذه البحوث مجرد افتراضات لما ذكرناه سابقا من ان العلم الاجمالي انما لوحظ بالنسبة الى المالكين لا بالنسبة الى ما في الذمة ، اذ لا اثر لهذا العلم الاجمالي بالنسبة الى ما في الذمة سواء أكان خمسا ام كان زكاة وسواء أكانا متساويين ام كانا مختلفين قلة وكثرة فلا اثر له اصلا ، والاثر انما يترتب على كونهما من المالكين والخمس ملك لجهة والزكاة ملك لجهة اخرى فهما ملك لمالكين وهو يعلم بانه مديون بأحدهما اما مديون بالزكاة للفقراء او مديون بالخمس للإمام (عليه السلام) مع فقراء السادة وهذا العلم الاجمالي منجز بلا فرق بين ان يكون طرفاه متساويين او غير متساويين ، اذن استصحاب عدم اشتغال الذمة الزيادة في نفسه لا يجري لأنه لا يترتب عليه أي اثر فانه لا يجري في نفسه اذا لم يكن العلم الاجمالي منحلا لكي قال انه معارض او لا يكون معارضا.

نعم هنا بحث آخر وهو انه على المشهور بين الاصحاب ان المالك مخير بين اخراج الزكاة من نفس النصاب او اخراج الزكاة من جنس آخر وكذا الحال في الخمس فالمالك مخير بين اخراج الخمس من نفس المال المتعلق بالخمس او من مال آخر من جنس آخر سواء أكان من أحد النقدين اولا؟

فهل هنا فرق بين ان يعلم ان ذمته مشغولة بالنقد زكاة وخمسا او ذمته مشغولة بالزكاة نقدا او بالخمس جنسا او بالعكس كما لو علم ان ذمته مشغولة بخمسين دينارا خمسا او مشغولة بشاة او تبيع او تبيعة او ما شاكل ذلك.

يأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.

 


[1] - مراده الجهة التي تملك الخمس وهو الامام (عليه السلام) وفقراء السادة والجهة التي تملك الزكاة وهو الفقراء.
[2] - لان الكلام تارة يكون في العلم الاجمالي بالنسبة الى المالكين واخرى يكون في العلم الاجمالي بالنسبة الى ما في الذمة.
[3] - الاقل خمسا والاكثر زكاة.