33/11/01


تحمیل
  (بحث يوم الثلاثاء 1 ذو القعدة 1433 هـ 166)
 الموضوع :- الكلام في المسألة الأربعين / استدلال المشهور لعدم إجزاء حلف الولي عن الصبي بأمرين / الكلام في المسألة الواحدة والأربعين والثانية والأربعين والثالثة والأربعين / كتاب القضاء للسيد الخوئي (قده) .
 
 تقدّم أن المشهور ذهب الى عدم إجزاء حلف الولي عن الصغير بل تبقى حصته إلى أن يبلغ فإذا بلغ وحلف أخذها وذكرنا أن السيد الماتن (قده) خالف في ذلك .
 وقد استُدلّ للمشهور بأمرين :
 الأول : اختصاص اليمين بصاحب الدعوى والحقّ .
 الثاني : منافاة ثبوت حقّ الصبي بحلف الوليّ لما تقدم من أن اليمين لا يثبت بها إلا حقّ المدّعي لنفسه دون حقّ الغير فإنه لا يثبت بيمين شخص آخر .
 واعترض السيد الماتن (قده) على ذلك بما حاصله أن بعض الروايات وإن كان الوارد فيها عنوان صاحب الحق وصاحب الدين فيستشكل في شموله للولي من جهة أن الولي ليس بصاحب الدين او الحق إلا أن هناك روايات قد ورد فيها عنوان المدّعي وهذا صادق على الولي لكونه هو الذي يدّعي على الطرف الآخر أن مال الصبي عنده .
 نعم .. لو كانت الروايات التي ورد فيها عنوان صاحب الحق او الدين لها مفهوم فحينئذ تكون مانعة من التمسك بإطلاق الروايات التي وردت بعنوان المدعي فتكون مقيدة لها فيكون المراد من المدعي حينئذ خصوص ما اذا كان صاحب حق او صاحب مال فهذا الذي يكون يمينه موجباً لثبوت الحق دون غيره ، وأما اذا لم يكن لها مفهوم كما هو كذلك حيث إن العنوان المأخوذ فيها من قبيل اللقب فهي تُثبت أن يمين صاحب الحق يكون مثبتاً للحق وهو لا ينافي أن يمين المدّعي وإن لم يكن صاحب حق يثبت الحق أيضاً / ومن المعلوم أن اللقب لا مفهوم له على الصحيح فلا مانع حينئذ من التمسّك بإطلاق الروايات التي ورد فيها عنوان المدعي لإثبات أن يمين الولي تكون مثبتة لحقّ الصبي .
 هذا ما اعترض به (قده) .. وأقول :
 ما ذكره يمكن أن يكون ردّاً على الدليل الأول الذي ذكره المشهور الذي مفاده التمسّك بأن الوارد في الروايات هو عنوان صاحب الحق وصاحب الدين وهذا لا ينطبق على الولي فيُمكن أن يُرَدّ بأن في البين روايات أخرى ورد فيها عنوان مطلق يشمل حتى الولي ولا موجب لتقييده فيُتمسّك بالإطلاق لإثبات نتيجة مخالفة لرأي المشهور ولكن ما ذكره (قده) لا يصلح رداً على الدليل الثاني الذي لا تعلّق له بعنوان صاحب الحق وصاحب الدين لأن مفاده أن المستظهر من روايات اليمين أن حلف الإنسان لا يثبت به إلا ما يدّعيه لنفسه وحينئذ يقال إن عنوان المدعي لنفسه لا يصدق على الولي لأنه إنما يدّعي لغيره لا لنفسه .
 اللهم إلا أن يُنزّل حلف الولي منزلة حلف الصبي - بنحو من العناية والمجاز - فما يصدر منه فكأنه صادر من الصبي فإذا حلف فكأن الصبي حلف .. ولكن هذا مما يصعب الالتزام به في المقام لعدم الدليل عليه ، نعم .. دل الدليل في بعض الأبواب الفقهية كباب الوكالة على أن ما يصدر من الوكيل يُنسب الى الموكل لأنه صدر منه بإذنه ولكن لم يدل دليل على مثل ذلك في محل الكلام .
 فالصحيح أن ما ذكره السيد الماتن (قده) يصلح أن يكون رداً على الدليل الأول المذكور في كلمات المشهور ولكنه لا يصلح أن يكون رداً على الدليل الثاني المذكور في كلماتهم أيضاً فالدليل الثاني تام لأن الظاهر من أدلة اليمين اختصاصها بالمدّعي لنفسه لا المدّعي لغيره وبهذا نصل الى النتيجة الموافقة لما ذهب إليه المشهور .
 ثم قال (قده) في المسألة الواحدة والأربعين :
 " إذا ادّعى بعض الورثة أن الميت قد أوقف عليهم داره مثلاً نسلاً بعد نسل وأنكره الآخرون فإن أقام المدّعون البينة ثبتت الوقفية ، وكذلك إذا كان لهم شاهد واحد وحلفوا جميعا ، وإن امتنع الجميع لم تثبت الوقفية وقُسّم المدعى به بين الورثة بعد إخراج الديون والوصايا إن كان على الميت دين أو كانت له وصية ، وبعد ذلك يحكم بوقفية حصة المدّعي للوقفية أخذاً بإقراره ، ولو حلف بعض المدعين دون بعض ثبتت الوقفية في حصة الحالف فلو كانت للميت وصية أو كان عليه دين أخرج من الباقي ثم قُسّم بين سائر الورثة .
 قوله : (فإن أقام المدّعون البينة ثبتت الوقفية) وذلك من جهة أن البينة من الطرق المثبتة لمؤدّاها .
 قوله : (وكذلك إذا كان لهم شاهد واحد وحلفوا جميعاً) هذا بناءً على أن الدعاوى المالية تثبت بشاهد ويمين وقد تقدمَ القول بكفايتهما لإثبات الحقوق المالية وإن لم تكن ديناً .
 قوله : (وإن امتنع الجميع لم تثبت الوقفية) وذلك لعدم وجود مثبت للحق من بينة أو شاهد ويمين .
 قوله : (وقُسّم المدعى به) وهو الدار بحسب فرض المسألة .
 قوله : (أخذاً بإقراره) من جهة أن إقرار العقلاء على أنفسهم حجة فيحكم بوقفية حصته .
 قوله : (ثبتت الوقفية في حصة الحالف) وذلك باعتبار أن الشاهد واليمين يُثبت ما يدّعيه من أن الدار وقف ذُرّي .
 قوله : (فلو كانت للميت وصية أو كان عليه دين أخرج من الباقي) أي مما عدا الحصة التي ثبت بموجب اليمين أنها وقف .
 قوله : (ثم قُسّم بين سائر الورثة) أي قُسّم الباقي الذي هو كل التركة ما عدا الحصة التي ثبت بموجب اليمين أنها وقف - بين سائر الورثة حسب طبقات الإرث بعد إخراج الدين وتنفيذ الوصايا .
 ثم قال (قده) في المسألة الثانية والأربعين :
  " إذا امتنع بعض الورثة عن الحلف ثم مات قبل حكم الحاكم قام وارثه مقامه فإن حلف ثبت الوقف في حصته وإلا فلا " .
 تطرّق (قده) في هذه المسألة إلى حكم ما لو مات بعض الورثة قبل حكم الحاكم وبعد أن امتنع عن الحلف فحكم (قده) بقيام وارثه مقامه فهذا إن حلف ثبت كون حصته الموروثة من مورّثة الممتنع عن الحلف وقفاً وإن لم يحلف لم يُحكم بكونها كذلك [1] .
 ثم قال (قده) في المسألة الثالثة والأربعين :
 " تجري القسمة في الأعيان المشتركة المتساوية الأجزاء ، وللشريك أن يطالب شريكه بقسمة العين فإن امتنع أجبر عليها " .
 هذا فصل في القسمة .
 والبحث فيه قد طُرح في عدة أبواب فقهية - فضلاً عن كتاب الشركة الذي هو موضعه الطبيعي - منها باب الفيء والغنائم ومنها باب الميراث كما قد بُحث أيضاً في باب القضاء مثلما صنعه السيد الماتن (قده) باعتبار وجود مناسبة تستدعي ذلك وهي أن القسمة تكون دائماً مورداً للنزاع وخصوصاً في مورد التعديل كما سيأتي بل إنهم ذكروا أن من وظائف القاضي أن يعيّن قسّاماً يقوم بعزل مال بعض الشركاء عن مال الشركاء الآخرين وقد ذُكر كلام طويل في صفات القسّام وشروطه مما هو موكول إلى محلّه من كتاب الشركة .
 هذا .. وعُرّفت القسمة بتعريفين :
 الأول : تمييز حقّ أحد الشريكين - أو الشركاء - عن حقّ الشريك الآخر .
 الثاني : تعيين حقّ أحد الشريكين - أو الشركاء - في المال المشترك .
 والفرق بين التعريفين أن الأول منهما تكون القسمة فيه كاشفة عمّا هو معيّن واقعاً ومميّزة له عمّا سواه بخلاف التعريف الثاني فإن القسمة فيه تكون هي المعينة ولا تعيين واقعاً قبلها .
 ومن هنا عدل بعض المحققين عن التعريف الاول إلى الثاني لأن التمييز يشعر أن هناك تعيّناً في الواقع وخفاء في الظاهر مع أنه لا تعيين قبل القسمة في الواقع لأن كلّ جزء من هذه الأموال هو مشترك بين الشركاء فلا يصحّ أن يقال إن هذه القسمة قد كشفت عما هو معيّن واقعاً ، ومن هذا القبيل ما سيأتي الكلام عنه في القرعة من أنها معيّنة أو كاشفة .
 هذا ولا خلاف بين فقهائنا (رض) في أن القسمة ليست بيعاً كما أنها ليست معاوضة وإن اشتملت على الردّ وكانت قسمة تعديل - كما سيأتي - ولذا لا تترتب عليها أحكامهما ولذلك اتفقوا على أنه لا يدخلها الربا بناءً على اختصاصه بالبيع أو تعميمه للمعاوضات - لأن البيع والمعاوضة متقوّم بالقصد وأما في باب القسمة فلا يوجد قصد بيع أو معاوضة وإنما هناك قصد للاقتسام أي فرز ما يملكه الشريك عن حصة غيره أو ازلة الشيوع بينهما .
 هذه مقدمة لتوضيح القسمة .
 قوله : (المتساوية الأجزاء) هذا تقسيم للقسمة نفسها التي تكون في الأعيان المشتركة إلى متساوية الأجزاء أي إنّ أيّ جزء منها فُرض فهو يساوي أي جزء آخر والى غير متساوية الأجزاء .
 قوله : (فإن امتنع أُجبر عليها) أي من قبل الحاكم لأن هذا يدخل في صلاحياته فإن استطاع أن يُجبره على الاقتسام فهو وإلا تولّى ذلك باعتبار كونه وليّاً للممتنع .


[1] أي وقفاً .