01-11-1434


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

34/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضـوع:- مسألة ( 385 ) / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وله(قده) كلام آخر تعرض فيه لشيخ الطائفة فقال:-ومن هنا يتبين التأمل فيما ذكره شيخ الطائفة(قده) فإنه ذكر ( ان من اشترى الهدي وتبيّن العيب فلا يجزئ [1] وذلك لصحيحة علي بن جعفر ) ثم قال - وهو بيت القصيد - ( وأما ما رواه عمران الحلبي [2] فمحمول إما على الهدي المستحب [3] أو على حالة تعذّر الرد [4] ) فهنا نحمل الرواية على الاجزاء في احدى هاتين الحالتين وبهذا يرتفع التنافي هذا ما ذكره الشيخ الطوسي(قده).
 والسيد الخوئي(قده) يقول للشيخ الطوسي(قده):- إن هذا لا معنى له إذ صحيحة عمران الحلبي صريحة في الاجزاء في حالة التبيّن بعد الشراء ونقد الثمن ومادامت صريحة في ذلك فتقيّد - كما قلنا سابقاً - الرواية الاولى الدالة على عدم الاجزاء - اي صحيحة علي بن جعفر - بما اذا فرض أن ذلك كان قبل نقد الثمن والرواية الثانية التي دلت على الاجزاء - أي رواية معاوية - بعد الشراء ونقد الثمن لا أنه بعد نقد الثمن وحده المناسب هو هذا فإن رواية الحلبي شاهد للجمع لا ما ذكرته.
 اذن للسيد الخوئي كلامان ففي الكلام الاول ذكر ان بين الرواية الاولى والثانية تعارض بالعموم من وجه والثالثة تكون شاهد جمع وتظهر النتيجة هي الاجزاء اذا حصل التبيّن بعد الشراء ونقد الثمن معاً وعدم الاجزاء في غير ذلك وهذه الفتوى الموجودة في متن المناسك ، والكلام الثاني هو أن ما ذكره الشيخ الطوسي(قده) من ان رواية عمران الحلبي نحملها على المستحب او تعذّر الرد ليس له داعٍ بعد فرض أنها تصلح أن تكون شاهدَ جمعٍ.
 وكلا هذين الكلامين قابلان للتأمل:-
 أما كلامه الاول:- فنحن قد نوافقه بحسب النتيجة ولكن لنا تعليقات فنيّة:-
  التعليق الاول:- إنه قال إن النسبة بين الرواية الاولى والثانية هي التعارض بنحو العموم من وجه ثم قال إن مادة الاجتماع هي ما لو حصل التبيّن بعد الشراء وبعد نقد الثمن ، ثم قال إن الرواية الثالثة تصلح أن تكون شاهد جمعٍ ، ونحن نقول:- الرواية الثالثة مادامت شاهد جمعٍ حيث فصّلت بين حالة التبيّن بعد الشراء ونقد الثمن فيجزي وفي غير ذلك لا يجزي فلا نحتاج الى التطويل السابق - يعني كون النسبة بين الاولى والثانية هي العموم من وجه وأن مادة الاجتماع كذا - بل حتى لو فرض أن التعارض كان بنحو التباين بأن دلت الاولى على عدم الاجزاء مطلقاً والثانية على الاجزاء مطلقاً فرغم هذا تصلح أن تكون الثالثة شاهد جمعٍ حيث فصّلت . اذن لا داعي لأن نكثف الجهود لإثبات ان المعارضة بين الاولى والثانية هي العموم من وجه بل يكفينا أن نقول إن بينهما معارضة فالأولى دلت على عدم الاجزاء والثانية دلت على الاجزاء سواء كانت النسبة هي بنحو التباين او بنحو العموم من وجه فهذا ليس له داعٍ مادام هناك تعارض فالثالثة تكون شاهدَ جمعٍ ، فما أريد التأكيد عليه وهو أنه لا داعي لتسليط الاضواء على كون النسبة بين الاولى والثانية هي العموم والخصوص من وجه بل يكفي ان تكون النسبة هي التباين فيكفيه ان يقول إن هناك تعارض بينهما فالثالثة شاهد جمع.
 التعليق الثاني:- إنه(قده) ذكر أن الرواية الثانية هي مقيّدة بحالة كون التبيّن بعد نقد الثمن فإنه آنذاك يثبت الاجزاء ومطلقة من ناحية كون هذا التبيّن قبل الشراء أو بعده ، ونحن نقول:- إن مورد الرواية والسؤال فيها هو عن حالة حصول التبيّن بعد الشراء فهو قد اشترى ثم تبيّن العيب وفي مثل ذلك حكم الامام عليه السلام بالاجزاء إن كان التبيّن بعد نقد الثمن وبناء على هذا يصير مضمونها هو الاجزاء بشرطين الاول هو ما اذا فرض أن ذلك التبيّن حصل بعد الشراء وهذا القيد قد فرض في مورد السؤال والشرط الثاني هو ما اذا كان التبين بعد نقد الثمن فلاحظ الرواية فإنها قالت هكذا:- ( رجل يشتري هدياً فكان به عيب ، فقال عليه السلام:- إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه ) فالكلام هو فيما اذا اشتراه ثم تبيّن العيب . اذن كيف يمكن أن نقول إن هذه الرواية اعتبرت في الاجزاء قيداً واحداً فقط وهو نقد الثمن كلا بل هناك احتمال - ويكفيني الاحتمال أن القيد الاول حيث قد فرض في السؤال فحينئذ يكون مُحرَزاً وثابتاً من دون حاجة الى أن ينبه الامام عليه وبناء على هذا يكون مضمونها نفس مضمون الرواية الثالثة التي اعتبرت في الاجزاء الشراء ونقد الثمن ، ولكن كما قلت لك أن النتيجة لا تتغير اذ بالتالي تكون الاولى الدالة على عدم الاجزاء مطلقة والثانية والثالثة يشتركان معاً في التقييد فالثانية والثالثة تقيّدان الاولى التي هي مطلقة وقالت ( لا يجزي ان تبيّن بعد الشراء ) فتقيّد بما اذا فرض أن ذلك قبل نقد الثمن والمقيّد هو الرواية الثالثة والثانية معاً وبالتالي لا تتغير النتيجة . اذن كان من المناسب للسيد الخوئي(قده) فنيّاً للوصول الى نفس النتيجة ان يقول إن الاولى مطلقة والثانية والثالثة مقيدات فتقيّدان الاولى الدالة على عدم الاجزاء بما اذا كان التبيّن قبل نقد الثمن فلا يجزيه اذا حصل التبيّن بعد الشراء وقبل نقد الثمن وأما إذا كان التبيّن بعد الشراء ونقد الثمن فيحكم بالاجزاء فالنتيجة نفس النتيجة ولكن بهذا الطريق الفنّي بلا حاجة الى الاستعانة بفكرة شاهد الجمع بل بفكرة التخصيص.
 التعليق الثالث:- إنه(قده) ذكر أن الرواية الاولى - أعني صحيحة علي بن جعفر - هي مقيّدة بحالة الشراء ومطلقة من حيث النقد وعدمه ، ونحن نقول:- هي ليست مقيّدة بالشراء وانما الشراء قد ذكر من باب بيان الفرد الخفيّ يعني هكذا قال السائل:- ( سأله عن الرجل يشتري الاضحية عوراء فلا يعلم الا بعد شرائها ) إنما أكد السائل على أنه اتضح ذلك بعد الشراء لا من باب خصوصيّةٍ لذلك بل لاحتمال أنه يجزئ آنذاك - يعني اذا كان التبيّن بعد الشراء - فالإمام عليه السلام حينما حكم بعدم الاجزاء فبالأولى يثبت عدم الاجزاء لو كان العيب ثابتاً ويُعلم به قبل الشراء فالشراء إذن لا خصوصية له فهي تدلّ على عدم الاجزاء لا بقيد أن يكون التبيّن بعد الشراء بل لو كان قبل الشراء فذلك أولى . إذن هي تدلّ على عدم الاجزاء مطلقاً - يعني سواء كان التبين بعد الشراء او قبله قبل نقد الثمن او بعد - فهي مطلقة من جميع الجهات لا أن فيها جهة خصوصٍ يعني أن السيد الخوئي(قده) قال هي خاصة بما اذا كان التبيّن بعد الشراء ونحن نقول كلا بل حتى لو كان التبيّن قبل الشراء فالحكم هو هو . اذن لا توجد جهة خصوصيّة في هذه الرواية بل عدم الاجزاء ثابت مطلقاً من دون تخصيصٍ ببعديّة نقد الثمن أو الشراء ، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات اليها فأحياناً قد يتماشى الانسان مع ألفاظ الرواية ويغفل عن المضمون الذي تريد أن تقوله فلو تماشينا مع ألفاظ الرواية فصحيحٌ هي مقيّدة بما بعد الشراء ولكن اذا نظرنا الى المضمون فالمضمون يريد أن يقول لا يجزئ مطلقاً - يعني بعد الشراء وبالأولى لو كان قبل الشراء - فهي رواية دالة على عدم الاجزاء بشكلٍ مطلق.
 ولكن هذه القضية التي ذكرتها وإن كانت فنيّة إلا أنها لا تغير من النتيجة شيئاً لأنه اذا كانت مطلقة فنسأل حينئذٍ عن الرواية الثانية هل هي مقيّدة كما نحن فهمنا وقلنا إن حال الثانية هو حال الثالثة يعني الثانية مقيدة بما بعد الشراء والنقد كالثالثة فإذا اخترنا هذا فتصير الثانية والثالثة معاً مقيدتين لإطلاق الاولى والنتيجة نفس النتيجة ، واذا فرض أننا قلنا كما قال هو(قده) - يعني أن الثانية هي مطلقة من حيث الشراء يعني ذكرت قيداً واحداً وهو نقد الثمن ولم تذكر القيد الثاني وهو الشراء - فنقول النتيجة هي نفس النتيجة أيضاً باعتبار أن الثانية أضيق من الاولى فالأولى لم تعتبر قيد الشراء ولا قيد نقد الثمن وجاءت الثانية واعتبرت في الاجزاء نقد الثمن فتقيّدها وجاءت الثالثة واعتبرت الشراء أيضاً فتقيّدها بقيدٍ آخر فتعود النتيجة هي أن الأولى مقيّدة بالقيدين معاً وتصير النتيجة كما هي ولا تتأثر بما أشرنا اليه . إذن من هنا اتضح أن هذه التعليقات الثلاثة التي أشرنا اليها هي تعليقات فنيّة ولا تؤثر من الزاوية العمليّة ، هذا كله بالنسبة الى كلامه الأوّل.


[1] الاستبصار، الطوسي، ج2، ص269.
[2] وهي رواية الحلبي التي دلت على الاجزاء لو تبين العيب بعد الشراء ونقد الثمن .
[3] يعني الاضحية.
[4] تعذر رد الحيوان على البائع.