35/01/15


تحمیل
الموضوع: الصوم: ضروريات الدين
كان الكلام في الطائفة الرابعة التي يستدل بها في المقام وقلنا ان هناك ملاحظتان على الاستدلال بهذه الطائفة وذكرنا الملاحظة الاولى, وحاصلها ان هذه الاخبار ليس فيها اطلاق يشمل حالة عدم العلم بثبوت ما انكره في الشريعة, وغاية ما تدل عليه هذه الاخبار هو ان انكار ما علم ثبوته في الشريعة يستلزم الكفر والخروج عن الاسلام, وهذا لا ينفع القائل بالسببية بأعتبار انهم يقولون ان الانكار في صورة العلم بالثبوت يستلزم انكار الرسالة .وهذا يؤدي الى القول بالامارية .
وهذا لا يختص بالضروريات وانما انكار أي شيء من الدين مع العلم بأنه من الدين يستلزم انكار الرسالة .
الملاحظة الثانية :- لو سلمنا ان هذه الروايات تدل على السببية لا الامارية فهي لا تدل على السببية المطلقة, بل تدل على السببية المقيدة أي القول الثاني, ومنشأ هذا القول ان ما ذكر في الروايات من حرمة الافطار في شهر رمضان ووجوب الحج وامثال ذلك من الامور التي يعلم بكونها من ضروريات الدين , فكل من يعيش في البلاد الاسلامية يعلم ان هذه الامور من ضروريات الدين وعليه فليس في هذه الروايات اطلاق يشمل حالة الجهل بضروريات الدين فتختص الروايات بما اذا كان المنكر عالما بأن ما انكره ضروريا عند عامة المسلمين .
ولنا تعليق على الملاحظة الاولى :- حاصله ان اختصاص هذه الروايات بصورة العلم بالثبوت لا يعني الامارية ولا يستلزم ان يكون انكار ما كان ثابتا في الدين راجعا الى انكار الرسالة في جميع الحالات , وقد ذكرنا سابقا ما يكون انكارا لما هو معلوم انه ثابت في الدين مع انه لا يستلزم انكار الرسالة .
كما لو ادعى الشخص ان هذا الذي انكره لم يقله الرسول مع علمه بأنه قاله فهذا كذب على الرسول وليس كذبا للرسول .
التعليق الثاني :- لو فرضنا ان المنكر غافل عن الملازمة فلا يشمله كلامهم لأن كلامهم يختص بحال الالتفات لا في حال الغفلة , وذلك لأن الانكار(انكار الرسالة ) من الافعال الاختيارية التي لابد ان يكون المنكر فيها ملتفتا لما ينكره ومع عدم الالتفات لا يمكن الحكم عليه بأنه منكر للرسالة .
ومن هنا يظهر ان اختصاص الروايات (سواء كانت روايات الطائفة الرابعة او الطوائف السابقة) بصورة العلم بالثبوت لا يكون دليلا على اثبات الامارية كما قال اصحاب القول الثالث ولا دليلا على ابطال السببية لأن ذلك مبني على دعوى الملازمة بين انكار ما علم ثبوته في الدين وانكار الرسالة وقلنا ان هذه الدعوى مسلمة في الجملة لا بالجملة .
ومن ذلك يتبين ان الحكم بكفر من انكر ما علم ثبوته في الدين ليس مبنيا على انكاره للرسالة وانما هو لسبب فيه وذلك يدل على القول بالسببية , نعم لا تثبت به السببية المقيدة او المطلقة وانما تثبت به السببية في قبال الامارية , واثبات السببية المطلقة او المقيدة من هذا الدليل يحتاج الى اضافة , والاضافة هي ما ذكرناه سابقا وهي ان كل من يعيش في بلاد المسلمين يعلم ان هذه الامور من ضروريات الدين وهذا معناه ان هذه الروايات ليس فيها اطلاق يشمل حالة الجهل بذلك .
ومن هنا يمكن القول ان هذه الروايات تدل على السببية المقيدة , وعليه لا يحكم بكفر منكر الضرورية اذا كان حديث عهد بالإسلام او كان من البلاد النائية .
هذا كله في القول الاول مع ذكر الادلة التي يمكن الاستدلال بها عليه وتبين ان هذه الادلة الاربعة لا تنهض لأثبات القول الاول (السببية المطلقة )

القول الثاني (السببية المقيدة )
وقد اتضح من البحث السابق اشارات الى ما يمكن الاستدلال به على السببية المقيدة .
والسببية المقيدة :- تعني الحكم بكفر منكر الضروري وان لم يكن مختصا في صورة العلم بالثبوت في الدين بل يشمل صورة عدم العلم بالثبوت في الدين (أي في حال الجهل بالثبوت سواء كان الجهل بسيطا او مركبا) .
نعم يشترط ان يكون عالما بأن ما انكره من ضروريات الدين عند عامة المسلمين .
ويستدل على هذا القول بأمور :-
الاول :- الروايات الدالة على كفر بعض الطوائف كالخوارج والنواصب .
وتقريب الاستدلال بهذه الروايات هو ان يقال ان الحكم بكفر هؤلاء دون بقية المخالفين ليس لأجل انكارهم للإمامة, وانما هو لشيء اختصوا به وهو بغض اهل البيت عليهم السلام , فهم ينكرون مودة اهل البيت عليهم السلام مع انها من ضروريات الدين الثابتة عند معظم المسلمين , ومن هنا يتضح ان الحكم بكفرهم ليس الى انكار الرسالة لوضوح ان الخوارج يؤمنون بالرسالة ويعتقدون انهم هم من يؤمن بالرسالة دون غيرهم .
وبهذا البيان يتضح انتفاء الامارية اما اثبات السببية المقيدة دون المطلقة فهو يتوقف على ما ذكرناه من ان المنكر يعلم ان ما ينكره ضروري عند عامة المسلمين .