38/03/26


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكرنا انه لا شبهة في ان الزكاة عبادة ويظهر ذلك من اهتمام الشارع بالزكاة في الروايات وفي الآيات فان في كثير من الآيات ذكرت الزكاة قرينا للصلاة وهذا يدل على اهمية الزكاة ، وايضا جعلت الزكاة من أحد الخمسة التي بني الاسلام عليها ، فلو كانت الزكاة واجبا توصليا ولم يعتبر فيها قصد القربى فلا اهمية لها لان المكلف أتى بها بقصد القربى او لم يأتي بها فهو يجزي ، اذن الاهتمام بالزكاة يدل على انها عبادة كالصلاة والصيام والحج.

مضافا الى ان سيرة المتشرعة جارية بل سيرة المسلمين على انها عبادة ويعتبر فيها قصد القربى.

ودعوى أن إهتمام الشارع بالزكاة من جهة العدالة الاجتماعية فان الشارع جعل الفقراء شريكا في اموال الاغنياء لمصلحة عامة وهي العدالة الاجتماعية واستقرار البلد وأمنه بحيث لا يكون احدا محتاجا الى الاخر.

مدفوعة فانه يكفي في ذلك الروايات الواردة في المقام وان الشارع جعل الفقراء شريكا في اموال الاغنياء فلو لم تكن الزكاة في اموال الاغنياء المحدودة كافية لزاد الشارع لكن الزكاة في هذه الاموال كافية للفقراء.

واما اهتمام الشارع في الآيات وفي الروايات وجعلها من أحد الخمسة هذا الاهتمام يدل على انها كالصلاة وكالصيام ، وكيفما كان فلا شبهة في ان الزكاة عبادة ويعتبر فيها قصد القربى.

ولكن هل يعتبر قصد القربى في اخراج الزكاة وعزلها وتعيينها ام يعتبر قصد القربى في دفع الزكاة الى الفقير واعطائها الى الفقير؟

الجواب:- ان الظاهر هو الاول وان المعتبر هو قصد القربى في اخراج الزكاة وفي عزلها وتعيينها والنكتة في ذلك ان الزكاة ملك للجهة لا ملك للفقير الموجود في الخارج أي هي ملك لعنوان الفقير وطبيعي الفقير فان عنوان المسجد مالك وعنوان المدرسة مالك وغيرها من العناوين هي غير واعية ومع ذلك هي مالكة ، فجهة الفقراء هي تملكها وهي شريكة مع المالك من حيث تحققها ففي زكاة الغلاة الاربعة من حين انعقاد الحبة مثلا في زكاة الحنطة اذا انعقدت الحبة فعشرها للفقير وتسعة اعشارها للمالك او نصف العشر للجهة وهي عنوان الفقير والباقي ملك للمالك فهي من هذا الزمان يشترك الفقير مع المالك في العشر ونصف العشر ولهذا يجوز للمالك عزل الزكاة واخراجها من هذا الحين ولا يجب عليه الحفاظ عليها ، وكذا في سائر الغلاة واما في زكاة النقدين فأيضا الامر كذلك فاذا ملك عشرين مثقالاً فالفقير شريك مع المالك في نصف العشر فاذا ملك اربعين مثقالا فالفقير شريك في مثقال واحد من اربعين مثقالا فمتى ما تحققت الزكاة فطبيعي الفقير وطبيعي الجهة شريك مع المالك ، اذن الزكاة تختلف باختلاف اصنافها وعلى هذا فإخراج الزكاة وعزلها وتعيينها اعطاء للزكاة واداء للزكاة فان اداء كل شيء بحسبه فان اداء شيء للانسان الواعي لابد ان يعطي بيده واما مجرد الاخراج او التعيين والعزل ليس اداء بالنسبة الى الانسان الواعي والبصير ، واما اذا كان المالك جهة غير واعية وغير بصيرة فأدائها انما هو بتعيين الزكاة للجهة المالكة وعزل الزكاة للجهة المالكة فان هذه الجهة مالكة من حين انعقاد الزكاة وشريكة مع المالك في العشر ونصف العشر ، فان اخراج المالك للزكاة من ماله وعزلها هو اعطاء للزكاة للجهة المالكة ، فان اعطاء كل شيء بحسبه فان اعطاء الزكاة للجهة غير الواعية هو تعيين الزكاة لها.

اذن يصدق عنوان الاداء وعنوان الاعطاء وعنوان الدفع من حين الاخراج والعزل اذا كان المالك هو الجهة ولهذا يعتبر فيه قصد القربى.

واما ايصالها الى الفقير الخارجي فلا يعتبر فيه قصد القربى فيمكن ايصالها باي شيء كان فيمكن ايصالها بيد طفل او بيد مجنون او ايصالها بظهر حيوان ولا مانع من ايصالها باي طريق كان.

اذن الواجب هو قصد القربى حين اخراج الزكاة وتعيينها وعزلها لا حين ايصالها الى الفقير.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): الخامسة والثلاثون: إذا وكل شخصا في إخراج زكاته وكان الموكل قاصدا للقربة وقصد الوكيل الرياء ففي الإجزاء إشكال وعلى عدم الإجزاء يكون الوكيل ضامنا)[1] .

تقدم ان الماتن (قدس الله نفسه) ذكر ان الوكيل على قسمين تارة وكيلا في اخراج الزكاة وعزلها واخرى وكيلا في دفع الزكاة الى الفقير وايصالها الى الفقير ، أما اذا كان وكيلا في اخراج الزكاة فهو ينوي القربى بدل المالك واما اذا كان وكيلا في الايصال فالمالك ينوي القربى حين اخراج الزكاة وعزلها فاذا نوى المالك القربى حين الاخراج ثم أوكل في ايصالها الى الفقير شخصا فلا اثر لنية هذا الشخص الرياء فان الرياء اذا كان في امر اخر غير الواجب لا اثر له فان الرياء انما هو مانع عن صحة الواجب في اثناء العمل واما اذا كان الرياء في امر خارج عن الواجب لا في نفس الواجب ولا في جزئه ولا في قيده فلا اثر ، اذن الرياء في الايصال لا اثر له.

وبناء على هذا فاذا نوى المالك القربى في الاخراج والتعيين والوكيل نوى الرياء في الايصال فلا اشكال في الصحة ولا وجه للإشكال اصلا.

وكذا لا شبهة في ان المالك اذا أوكل شخصا في اخراج الزكاة فالمالك ينوي القربى لا الوكيل فان نية الوكيل لا تكفي باعتبار ان الوكيل ملحوظ كالمعنى الحرفي وفعل الوكيل فعل الموكل حقيقة فاذا كان فعل الوكيل فعل الموكل حقيقة فبطبيعة الحال يجب على الموكل ان ينوي القربى فلو لم ينوي القربى فلا اثر لإخراج الوكيل ولا لنيته القربى ، اذن المالك هو ينوي القربى سواء أكان يخرج الزكاة بنفسه او يخرج الزكاة ويعينها بالوكالة.

النتيجة ان ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من الاشكال لا وجه له ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.