35/02/03


تحمیل
الموضوع: الصوم : فصل في النية
اتضح مما تقدم بناء كل من السيد الحكيم والسيد الخوئي (قدهما) على لزوم قصد العنوان أي كما ذهب اليه المصنف.
ولكن يتضح من الامثلة التي ذكرها السيد الخوئي قد ان كلام السيد الحكيم لا يتم على اطلاقه فأنه ينتقض في بعض الموارد كالمشي والقيام والقعود.
فهذا عنوان امر به الشارع كما امر بالنذر والصوم فالقاعدة الكلية تقتضي ان المشي لو كان عباديا , فالمكلف اذا اراد المشي بالإرادة التكوينية لابد له من قصد العنوان لأن هذا العنوان (عنوان المشي) هو متعلق للإرادة التشريعية للشارع , وهذا لا يلتزم به.
ويلاحظ على ما ذكره السيد الخوئي بعض الملاحظات التي ترتبط بالتطبيقات .
مثلا:- صلاة الظهر والعصر
فذكر ان تعدد العنوان في الخارج من دون المائز الخارجي بينهما يستلزم تعدد القصد , لأن المائز بينهما حينئذ هو القصد.
فالعنوانان اما ان يكونا مترادفين ولا مائز بينهما واما ان يكونا غير مترادفين ولابد من وجود المائز , والمائز اما ان يكون خارجيا كما ان عنوان المشي يتميز عن عنوان الجلوس والركوع, واما الا يكون المائز خارجيا فحينئذ لابد ان يتميز كل من العنوانين عن الاخر بالقصد .
ويمكن ان يلاحظ على هذا الكلام في انطباقه على صلاة العصر وصلاة الظهر .
بأن يقال ان المائز الخارجي بين صلاة العصر وصلاة الظهر موجود في المقام فلا نضطر الى القول بالمائز القصدي, والمائز هو عبارة عن ان هذه قبل هذه ( التقدم والتأخر ) فواقعا ان صلاة الظهر متقدمة على صلاة العصر , بمعنى ان اول اربع ركعات يصليها المكلف بعد الزوال هي صلاة الظهر وان الاربع التي يصليها بعد الاربع الاولى فهي عصر , فالأولى ظهر وان سماها عصرا , فهي غير قابلة ان تجعل عصرا , وكذلك الكلام في العصر فهي الاربع التي يصليها بعد تلك الاربع وان قصدها غير العصر فهي لا تقع الا عصرا .
واستدل قد على مدعاه برواية (... الا ان هذه قبل هذه...)[1] أي ان هذه (صلاة الظهر ) قبل هذه (صلاة العصر).
اقول ان هذه العبارة يمكن تفسيرها بكونها اشارة الى المائز الخارج الذي ذكرناه , ونحمل العبارة على ان الامام عليه السلام في مقام الاخبار عن الفارق الواقعي بين هاتين الصلاتين وليس في مقام الانشاء , وسيأتي مزيد من الكلام عن هذا المقام .
الملاحظة الثانية
في القضاء والاداء فيمكن ان يقال ان القضاء والاداء ليس من هذا القبيل , بل يوجد مائز خارجي بينهما فالأداء عبارة عن الاتيان بالعمل في الوقت المحدد له , والقضاء هو الاتيان بالعمل في خارج الوقت المحدد له , فمن يصلي في الوقت يتعين ان تكون صلاته اداء وان لم يأتي بعنوان الاداء , كما ان الذي يصلي خارج الوقت يتعين ان تكون صلاته قضاء .
الملاحظة الثالثة
في القضاء عن نفسه والقضاء عن غيره حيث قال قد ان المكلف اذا لم يقصد القضاء عن نفسه ولا عن غيره فلا تصح صلاته لا عن نفسه ولا عن غيره .
فيلاحظ عليه ان القضاء عن النفس لا يشترط فيه ذلك بل يكفي فيه قصد القضاء , ولا يحتاج ان يقصد القضاء عن نفسه لا عن غيره , نعم القضاء عن الغير يحتاج الى القصد , فأن لم يقصد عن الغير تقع عن النفس , وهذا من قبيل الصلاة فرادى والصلاة جماعة , فالصلاة فرادى لا تحتاج الى قصد العنوان , نعم الصلاة الجماعة تحتاج الى قصد العنوان , فالقضاء عن النفس من قبيل الصلاة فرادى , والقضاء عن غيره من قبيل الصلاة جماعة .
وسيأتي مزيد تنبيه عن هذا الكلام .
والضابط في ما ذهب اليه المشهور بل ادعي عليه الاجماع _ من اشتراط قصد العنوان في غير صوم شهر رمضان _
او بعبارة اخرى ما هو الوجه الفني في اعتبار قصد التعيين في غير شهر رمضان ؟؟
الذي يفهم من كلمات المشهور هو ان كل مورد يتمكن فيه المكلف من ايقاع الفعل على وجوه متعددة يعتبر فيه قصد التعيين , ومثلوا لذلك فيمن كان عليه صيام متعدد وجوبا كالنذر او الاجارة او القضاء فهنا يمكن للمكلف ان يأتي بالصوم لهذا اليوم على عدة وجوه وهنا يلزم قصد التعيين , فلكي يقع الصوم هنا قضاء لابد من قصد القضاء ولكي يقع نذرا لابد من قصد النذر , وكذا الكلام في الندب كما لو اراد ان يصوم الايام البيض او اول الشهر او غير ذلك , فيلزمه قصد التعيين .
واما ما لا يمكن ان يوقعه المكلف على وجوه متعددة فلا , كما في شهر رمضان حيث لا يمكن شرعا ان يوقع المكلف الصوم على وجوه متعددة بل يتعين شهر رمضان وان لم يقصد ذلك .
وهناك ضابط وميزان اخر اشار اليه السيد الماتن وهو يرتبط بما تشتغل به ذمة المكلف (ولو على نحو الاستحباب )فأن كان متعددا يلزمه التعيين وان كان غير متعدد فلا يحتاج الى التعيين.
فمن كان ذمته تشتغل بقضاء صوم رمضان ونذر وغير ذلك يلزمه قصد العنوان للصوم الذي يؤديه ومن لم يشغل ذمته الا عنوان واحد كما لو كان مشغول الذمة بقضاء شهر رمضان فقط .
وكذا الكلام في الندب فمن كان مشغول الذمة (استحبابا ) بالأيام البيض والتي صادف احدهما خميسا وغير ذلك يلزمه قصد العنوان لكي يتعين احد هذه العناوين.
وان كان الصوم ليس فيه خصوصية زائدة على كونه يوم من ايام السنة فأنه لا يحتاج الى قصد العنوان بل يقع مستحبا بمجرد صومه لعدم وجود اشتغال للذمة بصوم اخر.