38/04/10


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

تحصل مما ذكرنا انه لا تجب زكاة الفطرة لا على المجنون ولا على السفيه ، وحديث رفع القلم وان كان مختصا بالمجنون ولكن هنا روايات اخرى تدل على عدم وجوب الزكاة في مال اليتيم أي لا تجب زكاة الفطرة على الصبي غير البالغ ، اذن لا تجب زكاة الفطرة لا على المجنون ولا على الصبي.

وانما الكلام في ان وجوب زكاة الفطرة هل هو وجوب مالي او وجوب تكليفي؟ ذكرنا ان المعروف والمشهور بين الاصحاب انه وجوب مالي كزكاة المال ولكن اثبات ذلك بالدليل مشكل فان الفرق بين الوجوب المالي والوجوب التكليفي هو ان الوجوب المالي.

اولاً:- اما ثبوت المال في ذمة المكلف كالدين العرفي او الدين الشرعي كما اذا اتلف زكاة فتنتقل الى ذمته او اتلف خمسا انتقل الى ذمته او اتلف مال الغير انتقل الى ذمته فذمته مشغولة بمال الغير بالمثل او القيمة فاذا عرفه لابد ان يؤدي دينه واذا لم يعرف دخل في ردود المظالم لذا وجوب ردود المظالم وجوب مالي وليس وجوبا تكليفيا باعتبار ان ذمة المكلف مشغولة بمال الغير ومال الغير دين في ذمته وعليه ادائه هذا وجوبه وجوب مالي وليس تكليفيا.

ثانياً:- او ان الوجوب المالي ما اذا كان الفقير شريكا مع المالك كما في الزكاة فان طبيعي الفقير شريك مع المالك في العشر او نصف العشر في زكاة الغلاة وكذا في زكاة النقدين فهو شريك مع المالك في عشرين مثقال بنصف مثقال وفي اربعين مثقال بمثقال واحد فهو شريك في العين بنحو الاشاعة وكذا الحال في الخمس فان أدلة الخمس ظاهرة في ان الامام (عليه السلام) والسادة شريك مع المالك في الخمس فان كلمة الخمس ظاهرة في الشركة بنحو الاشاعة ، واما في زكاة الاغنام فهو شريك في الكلي في المعين واما في زكاة البقر والابل فالمعروف والمشهور بين الاصحاب انه شريك في المالية فهو شريك في مالية ثلاثين بقرة بمقدار مالية تبيع هذا هو المعروف والمشهور ولكن حمل الروايات التي تدل على هذا المعنى بحاجة الى قرينة وظاهر هذه الروايات انه تكليف وليس وجوب الزكاة هنا وجوبا ماليا وان طبيعي الفقير ليس شريكا مع المالك لا في العين ولا في المالية وانما يجب على المالك دفع شاة الى الفقير ودفع تبيع الى الفقير هذا هو الواجب عليه.

واما الكفارة فوجوبها تكليفي وليس بمالي فانها لم تثبت المال في ذمة المكلف مثلا اطعام ستين مسكينا لم يثبت في ذمة المكلف فهو مكلف بوجوب الاطعام لا ان مقدار الاطعام من المال ثابت في ذمته وانما الموجه اليه خطاب اطعام مسكين والامر باطعام مسكين موجه اليه كالأمر بالصلاة موجه الى المكلف لا ان المال في ذمته ولهذا لا يكون واجبا ماليا ، وكذا الحال في المال المنذور ، وما نحن فيه ايضا كذلك فان زكاة الفطرة ليست ثابتة في ذمة المكلف وذمة المكلف ليست مشغولة بالفطرة أي بمقدار ثلاثة كيلوا أي بمقدار صاع وانما يجب عليه اعطاء هذا المال للفقير ودفعه الى الفقير فالامر بالدفع والامر بالاعطاء متوجه الى المكلف لا ان ذمته مشغولة بصاع من الطعام ومن اجل ذلك لا يكون وجوب زكاة الفطرة وجوبا ماليا بل وجوبه وجوب تكليفي والمفروض ان الفقير لا يكون شريكا مع المالك في المال الخارجي كزكاة المال ولهذا لا يكون وجب زكاة الفطرة وجوبا ماليا بل هو وجوب تكليفي.

وقد يستدل على ان وجوبها وجوب مالي ببعض الروايات التي ورد فيها ما يدل على عزل زكاة الفطرة وافرازها في مال معين وان العزل يدل على انه واجب مالي ولكن من الواضح ان هذه الروايات لا تكون مشعرة على ذلك فضلا عن الدلالة فان عزل زكاة المال نعم هو من اجل انه حصة الفقراء وان طبيعي الفقير شريك مع المالك والمالك افرز الزكاة وعزلها في مال معين واما زكاة الفطرة فلا يكون الفقير شريكا مع المالك حتى عزلها فالعزل ليس من هذه الناحية بل هو مأمور بذلك أي بعزلها اذا لم يكن هنا فقير فعلا موجودا فعليه عزل زكاة الفطرة في مال معين الى ان يجد فقيرا فيعطيها له فالعزل لا يدل على ان وجوبه وجوب مالي فالعزل من ناحية عدم وجود فقير في يوم العيد فلذا يستحب ان يعطي زكاة الفطرة قبل صلاة العيد فاذا لم يكن فقير عزلها الى بعد صلاة العيد او بعد مضي يوم العيد ثم يدفعها الى الفقير.

وكيفما كان فلا دليل على ان وجوب زكاة الفطرة وجوبها وجب مالي بل هو وجوب تكليفي فقط.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضا)[1] .

أي عن المجنون والصبي وعن عيالهما وقد ورد في بعض الروايات كما في رواية الكليني وكذلك في رواية الصدوق وحيث ان رواية الكليني ضعيفة من ناحية السند ورد هذا الذيل فيها وهي رواية محمد ابن القاسم بن الفضيل البصري أنه كتب إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة اخرى وفي يده مال لمولاه ويحضر الفطر ، أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى[2] ؟ قال: نعم)[3] . فان هذه الرواية تدل على انه يجوز باعتبار انه عائل لليتيم أي هذا العبد الان من عائلة اليتيم فيجب زكاة الفطرة من مال اليتيم اذن يجوز ان يعطي بعنوان زكاة الفطرة من مال اليتيم لعبده ولكن الرواية ضعيفة من ناحية السند ولا يمكن الاعتماد عليها فان هذا الذيل انما ورد في رواية الكليني ورواية الكيني ضعيفة من ناحية السند فان طريق الكليني الى محمد ابن القاسم طريق مجهول وضعيف وهذه الرواية صحيحة على طريق الشيخ ولكن هذا الذيل غير موجود في رواية الشيخ ، وكيف كان فهذا المقطع لم يثبت في رواية صحيحة.

مضافا الى ما ذكره صاحب الجواهر (قدس الله نفسه) من ان الاصحاب لم يعملوا بهذه الرواية فقد اعرضوا عنها واعرض الاصحاب مسقط للرواية عن الحجية ، ولكن هذا غير تام فقد ذكرنا ان اعراض الاصحاب لا يكون مسقطا للرواية عن الحجية ، اذن هذا الذيل غير ثابت من جهة ضعف السند لا من جهة ما ذكره صاحب الجواهر.

وذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه انه لا يمكن الاخذ بهذا الذيل من جهة انه مخالف للأصول ، نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.


[2] - باعتبار ان مولاه قد توفي وانتقل ماله الى ابناء المولى وهم صغار يتامى.