35/08/01


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, الاستمناء مسألة 14
الكلام يقع في مقامين :-
المقام الاول : ان هذا الذي يحصل في محل الكلام هل هو جنابة اختيارية ؟ او لا ؟
هناك رأيان في المقام :
الاول: يرى انه يتحقق الاجناب العمدي الاختياري , فخروج المني عند النوم وان لم يكن اختياريا الا انه ينتهي بالأخير الى الاختيار بأعتبار العلم بترتب الجنابة على النوم , فإذا نام واجنب كأنه اجنب عمدا , ومقتضى ذلك بقطع النظر عن روايات الاحتلام هو الحكم بفساد الصوم .
وذكر السيد الخوئي (قد) حيث اختار هذا القول ان هذا من قبيل مسألة التخليل حيث تقدم سابقا وجوب التخليل عند العلم بأن ترك التخليل يؤدي الى دخول بقايا الطعام الى الجوف , فكذلك في المقام فأنه يعلم انه اذا نام يجنب .
الثاني: يرى عدم تحقق الاجناب العمدي في المقام بأعتبار ان ما صدر من المكلف بأختياره هو النوم فقط وهو ليس سببا لخروج المني وانما هو بمثابة الموضوع لخروج المني وحصول الجنابة , بمعنى ان خروج المني يكون مسبب عادة عن تصورات توجب هيجان الشهوة وهو يؤدي الى الاجناب اثناء النوم , فالنوم ليس سببا للجنابة وانما هذه الامور تحصل اثناء النوم , وكأن النوم ظرف لتحقق هذه الامور وليس هو السبب في الجنابة وهذا يعني ان ما يكون المكلف مختارا فيه ليس سببا للجنابة وما يكون سببا للجنابة لا يكون المكلف مختارا فيه , من هنا لا يصح القول ان خروج المني وان لم يكن اختياريا الا انه لما كان منشأه اختياري فيكون هو اختياريا ايضا , أي ان اختيارية الفعل تكون بأعتبار اختيارية منشأه , فأن هذا الكلام لا يصح في المقام لأنه انما يصح عندما يكون منشأ خروج المني في اثناء النوم اختياري , ولكن في المقام منشأ خروج المني ليس اختياريا ايضا , نعم يمكن تطبيق هذا الكلام في مثال التخليل حيث ان الصائم يعلم انه عند ترك التخليل سوف تدخل بقايا الطعام الى جوفه , فدخول تلك البقايا الى جوفه وان لم يكن اختياريا الا ان منشأه اختياري وهو ترك التخليل , ومن هنا يظهر الفرق بين مثال التخليل ومحل الكلام فالنوم ليس منشأ الاحتلام , ولذا قالوا لا يمكن ان نلتزم في المقام بتحقق الاجناب العمدي و ان علم بأنه اذا نام سوف يحتلم ثم نام واحتلم .
والثمرة العملية بين القولين واضحة حيث انه بناءا على القول الاول لابد من الالتزام بالفساد بقطع النظر عن المقام الثاني , فنحتاج الى التمسك بالروايات لأثبات عدم المفطرية , اما بناءا على القول الثاني فلا نحتاج الى دليل على عدم المفطرية لأن الجنابة فيه ليس جنابة اختيارية فلا نحتاج حينئذ الى التمسك بروايات عدم مفطرية الاحتلام للحكم بعدم المفطرية .
والكلام الذي يُذكر في الرأي الثاني وان كان له وجه بالنظر الدقي لكن الظاهر ان العرف يرى ان هذا الفعل اختياري بمعنى ان الذي يعلم ان ما يصدر منه بأختياره يؤدي الى حصول المفطر والمفسد للصوم _ سواء كان منشأ للحصول او معد او غير ذلك _ فالعرف يرى ان هذا الفعل صدر منه بأختياره, وعليه تصدق الجنابة الاختيارية , فإذا اخترنا هذا الرأي كما ذهب اليه السيد الخوئي فحينئذ نحتاج البحث في المقام الثاني .
المقام الثاني : ان ادلة عدم مفطرية الاحتلام هل يوجد فيها اطلاق لتشمل محل الكلام؟ ام لا ؟أي انها تختص فيما لو لم يكن للمكلف دخل اصلا ؟
فعلى القول بالإطلاق لابد من الالتزام بكون ادلة الاحتلام مخصصة لما دل على مفطرية الجنابة الاختيارية, حيث قال بعض المحققين ان الجنابة الاختيارية تشمل محل الكلام كما انتهينا اليه في المقام الاول وادلة عدم مفطرية الاحتلام اخص مطلقا مما دل على مفطرية الجنابة الاختيارية .
وهذه الدعوى تتوقف على اتمام ثلاثة امور:-
الاول : اطلاق مفطرية ادلة الجنابة الاختيارية لتشمل محل الكلام .
الثاني : لابد من اشتراط وجود اطلاق في ادلة الاحتلام, اما على فرض اختصاصها بالاحتلام المتعارف , فأنها لا تشمل محل الكلام .
الثالث : ان النسبة بين ما دل على مفطرية الجنابة الاختيارية وبين ما دل على عدم مفطرية الاحتلام هي نسبة العام الى الخاص حيث ان ادلة الاحتلام اخص من ادلة مفطرية الجنابة الاختيارية .
اما الامر الاول فأن عمدة ما دل على مفطرية الجنابة هو عبارة عن صحيحة القماط المتقدمة سابقا حيث تمسك بها السيد الخوئي واستدل بها وجعلها العمدة في ادلة مفطرية الجنابة وهي أبي سعيد القماط( أنه سئل أبو عبد الله عليه السلام عمن أجنب في شهر رمضان في أول الليل فنام حتى أصبح ؟ قال : لا شئ عليه، وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال)[1]
حيث يفهم من ذلك التعليل الذي تبرع به الامام عليه السلام بقوله(وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال) ان جنابته اذا كانت في وقت حرام فصومه باطل أي عليه شيء وهو القضاء وهذا يعني ان صومه باطل , والمراد من كون الجنابة في وقت حرام أي كونها في النهار حيث ان الجنابة التي هي في وقت حلال فيما لو كانت في وقت الليل , فالرواية تدل على كون الجنابة في النهار تبطل الصوم بغض النظر عن سببها سواء كان جماعا او مقاربة او أي سبب اخر , ومورد هذه الرواية هو الجماع والمقاربة وحينئذ قد يقال ان الجماع والمقاربة هو جنابة اختيارية محضة وعليه فليس في الرواية اطلاق بحيث يمكن التمسك به في محل الكلام (عندما ينام وهو يعلم انه يحتلم عند النوم ثم نام واحتلم ) .
نعم وان كان الجماع والمقاربة ليس لهما خصوصية ويمكن التعدي الى كل جنابة اختيارية محضة بأي سبب كان الا ان هذا التعدي للجنابة الاختيارية المحضة ولا يمكن التعدي الى الجنابة التي تكون مقدماتها اختيارية, فقد يقال بإمكان التشكيك بوجود الاطلاق في المقام بهذا الاعتبار الا ان هذا الكلام غير صحيح فأن مورد الرواية وان كان هو الجماع والمقاربة الا ان كلام الامام عليه السلام (وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال) يُستفاد منه ان العبرة بالجنابة الموجبة للغسل وانها ان حصلت في وقت حلال فهي لا تضر وان حصلت في وقت حرام فأنها تكون موجبة لفساد الصوم ومقتضى الاطلاق انها تكون مبطلة للصوم اذا حصلت في وقت حرام بأي سبب كان سواء كانت اختيارية او اضطرارية او كما في المقام ولنصطلح عليه (شبه اختيارية) فأن تعليق الحكم بفساد الصوم على الجنابة وليس على المقاربة او على الجماع , فأطلاق الرواية يشمل حتى الجنابة الاضطرارية لكن ادلة اعتبار الاختيار في مفطرية المفطرات تقتضي اخراج الجنابة الاضطرارية من هذا الدليل فيبقى الباقي مشمولا لهذا الدليل وهو الجنابة الاختيارية وشبه الاختيارية, فالصحيح ان الامر الاول تام وان الاطلاق موجود فيما دل على مفطرية الجنابة الاختيارية بنحو يكون شاملا لمحل الكلام .
ويضاف الى ذلك ان دليل مفطرية الجنابة لا ينحصر بصحيحة القماط وانما هناك بعض الادلة التي يفهم منها انها ورادة في الاحتلام وان موردها هو مفطرية الجنابة بالاحتلام وهي عبارة عن صحيحة الحلبي(عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في رجل احتلم أول الليل، أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح، قال : يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه .)[2]
حيث ان الرواية تمنع من البقاء على الجنابةالى النهار ومن هذا يفهم عرفا انها تمنع من احداث الجنابة في النهار , لأنه انما حرم البقاء على الجنابة الى الصباح بأعتبار المنافاة بين الجنابة والصوم , وبعض هذه الروايات من هذا القبيل موردها الاحتلام فصحيحة القماط وان كان موردها الجنابة بالمقاربة لكن هناك من الروايات التي يمكن الاستدلال بها على حرمة الجنابة الاختيارية وليس موردها الجماع والمقاربة وانما موردها هو الاحتلام .