35/08/11


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, تعمد الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة صلوات الله عليهم.
بناءا على الكلام المتقدم يتضح انه من الصعوبة الاستدلال بهذه الروايات على بطلان الصوم بالكذب في محل الكلام , نعم من الجهة المقابلة فأن مشهور القدماء ذهبوا الى المبطلية بل اُدعي الاجماع في كلمات بعضهم , مع احتمال تعدد الروايات (وان كان الرأي الصائب الذي ارتأيناه هو الاتحاد ), وافتراض ان ظهور الرواية المشتملة على الوضوء لا يؤثر على ظهور الرواية الخالية من الوضوء , فهذه الامور تمنع من الالتزام بعدم المبطلية على نحو الفتوى, بل تجبرنا على الالتزام بالمبطلية على نحو الاحتياط اللزومي , والظاهر ان هذا الامر هو الذي منع الكثير من الفقهاء المتأخرين من الفتوى بعدم المبطلية مع انهم صناعةً انتهوا الى عدم المبطلية لكنهم مع ذلك في مقام الفتوى لم يفتوا بعدم المبطلية وانما التزموا بالاحتياط الوجوبي من قبيل الشيخ صاحب الجواهر والمحقق الهمداني والسيد الحكيم في المستمسك .
والظاهر ان هذا هو المتعين في محل الكلام .
قال الماتن : الخامس : (تعمد الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة صلوات الله عليهم )
ذُكر الائمة عليهم السلام في بعض الروايات ولم يُذكروا في البعض الاخر فقد ذكروا في الحديث الثاني[1] والرابع[2] والسادس[3] , والحديث الثاني والرابع تامان سندا اما الحديث السادس فغير تام, وبناءا على الالتزام بذلك ولو على مستوى الاحتياط فحينئذ لابد من تعميم المفطرية بالكذب على الائمة عليهم السلام وعدم تخصيصه بالكذب على الله وعلى الرسول, واما الروايات التي لم يذكر فيها الائمة عليهم السلام فلا تنافي ما ذكرنا لعدم كونها في مقام الحصر ولا يستفاد منها ذلك .
(سواء كان متعلقا بأمور الدين أو الدنيا)
وهذا تعميم من جهة اخرى فالكذب على الله ورسوله لا يختصر في الامور الدينية بل يشمل ذلك ويشمل الكذب عليهم في الامور الدنيوية, والكذب عليهم في الامور الدينية واضح كما لو نُسب اليهم قول او تقرير او غير ذلك يستفاد منه حكم شرعي, والكذب في الامر الدنيوي بأن يُنسب اليهم امر يرتبط بأمور الدنيا كما لو قال (قال الامام السجاد عليه السلام كذا وكذا او قال الامام الحسين يوم الطف كذا ( ويذكر شيئا من امور الدنيا )) ووجه التعميم الذي ذكره السيد الماتن هو اطلاق الادلة لأن الوارد في الادلة هو الكذب على الله وعلى الرسول وعلى الائمة, وهو يصدق سواء كان في امر الدين او امر الدنيا , لكن الشيخ كاشف الغطاء تأمل في هذا وادعى اختصاص الكذب في الامور الدينية (وقد نُقل عنه انه ادعى الانصراف الى الكذب في خصوص الامور الدينية ) وذُكر في كلمات بعضهم ان سبب الانصراف هو مناسبات الحكم والموضوع وذلك بأعتبار ان الامور الدينية هي التي يكون بيانها من اختصاص هؤلاء, ويمكن توجيه هذا الانصراف بأن الانسان يشعر بوجدانه الفرق بين قول لا تكذب على زيد وقول لا تكذب على الوزير ( فيما لو كان زيد هو الوزير ) فلا يبعد ان ينصرف الكذب في الثاني فيما يكون بيانه من خواصه, اما لو قال لا تكذب على زيد فهذا الكلام مطلق ولا داعي لتخصيصه , ولعل وجه الانصراف الذي يدعيه الشيخ هو ان هذا ينصرف الى خصوص الامور التي يكون بيانها من اختصاصه, وهذا ينطبق على الله تعالى وعلى الرسول وعلى الائمة عليهم السلام فأن الامور الدينية هي التي يكون بيانها من اختصاصهم فلا يبعد هذا الانصراف في هذا الدليل.
( وسواء كان بنحو الإخبار أو بنحو الفتوى)
وتوهم الفرق بين الاخبار والفتوى, هو انه في الاخبار تتحقق نسبة الشيء الى الله والى الرسول او الائمة عليهم السلام فإذا كان كاذبا يصدق عليه انه كذب على الله او على الرسول او على الائمة عليهم السلام لأنه ينسب شيئا اليهم, فإذا كان كاذبا يكون كاذبا عليهم, اما في الفتوى فليس هناك اخبار عن تحقق نسبة اليهم , وانما يخبر المفتي عن رأيه فليس هناك ما ينسب الى الله او الى الرسول او الائمة عليهم السلام لكي يقال بأنه كذب عليهم , فلو فرضنا ان شخصا مجتهدا افتى بحكم شرعي كاذبا فقال وجوب كذا رأيي والواقع انه ليس رأيه , فهذا لا يصدق عليه انه كذب على الله وعلى الرسول, ومن هنا ينشأ توهم الفرق بينهما , لكن ناقشوا في هذا الفرق وذكروا بأن الصحيح هو عدم الفرق بينهما وذلك لأن الفقيه تارة يقول مثلا قال الامام الصادق عليه السلام وهذا واضح الكذب واخرى يقول ان هذا حلال وهذا حرام فهذا ايضا اخبار عن حكم الله تعالى فإذا كان كاذبا في اخباره يصدق عليه انه كاذب على الله , ومن هنا يقوى ما ذكره السيد الماتن من التعميم , نعم لو صرح المجتهد بأن قال (رأي ان هذا واجب مثلا) فأن هذا يكون اخبارا عن نفسه فإذا كان كاذبا يكون كاذبا على نفسه لا على الشارع المقدس, وان كان هذا ايضا فيه نوع من الاخبار عن الحكم الشرعي فهو وان كان يخبر عن رأيه لكنه يريد ان يقول ان الحكم الشرعي عند الله بحسب رأيي هو هذا فإذا كان كاذبا في رأيه وكان رأيه ليس هذا فلا يبعد انه يصدق عليه انه كاذب في اخباره عن الحكم الشرعي فحتى هذا المورد يحتمل ان يكون فيه كاذبا على الله وتكون المفطرية شاملة له , فالظاهر ان هذا التعميم تام. .
(بالعربي أو بغيره من اللغات )
وهذا تعميم اخر وهو واضح ولا داعي لذكره .
(من غير فرق بين أن يكون بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو الكناية أو غيرها مما يصدق عليه الكذب عليهم)
وهذا هو مقتضى اطلاق الادلة حيث انه يصدق عليه انه كذب عليهم وان كان بالكتابة او بالإشارة او غيرها.
(ومن غير فرق بين أن يكون الكذب مجعولا له ) أي افتراه هو بنفسه
(أو جعله غيره وهو أخبر به مسندا إليه لا على وجه نقل القول، وأما لو كان على وجه الحكاية ونقل القول فلا يكون مبطلا.)
فهنا صورتان الاولى ان ينقل عمن افترى على الامام الصادق مثلا لكن لا على وجه نقل القول بل على وجه الاخبار عن الامام الصادق عليه السلام فأن هذه الصورة تكون موجبة للفساد لأنه يصدق عليها الكذب على الامام عليه السلام واما اذا كان على وجه الحكاية ونقل القول وقال ان فلان قال عن الامام الصادق كذا فهنا يكون ناقلا للكذب وهو صادق في نقله (وناقل الكفر ليس بكافر) .

قال الماتن مسألة 19 ( الأقوى إلحاق باقي الأنبياء والأوصياء بنبينا صلى الله عليه وآله فيكون الكذب عليهم أيضا موجبا للبطلان بل الأحوط الحاق فاطمة الزهراء سلام الله عليها بهم أيضا)
ذكر السيد الخوئي(قد) :( إن كان الكذب على الأنبياء عليهم السلام بما أنهم رسل من الله تعالى ليكون معنى قوله إن عيسى عليه السلام حرم كذا، إن الله تعالى حرمه وإن هذا الحكم ثابت في الشريعة العيسوية فلا ريب في أنه موجب للبطلان، لرجوعه إلى الكذب على الله تعالى، إذ الاخبار عنهم بهذا الاعتبار
إخبار عنه تعالى، ولو بنحو الدلالة الالتزامية، وقد تقدم عدم الفرق في صدق الكذب بين أنحاء الدلالات كما لا فرق بين زمن دون زمن ولو كان متعلقا بما قبل الخلقة وكان في الحقيقة عائدا إلى الكذب على الله تعالى فإنه أيضا محرم ومفطر. وأما إذا كان الكذب راجعا إلى نفس النبي أو الوصي بلا ارتباط له إليه تعالى كما لو أخبر عن عيسى ( ع ) أنه ينام نصف ساعة مثلا، أو أن موسى ( ع ) أكل الشئ الفلاني وما شاكل ذلك فلا دليل على بطلان الصوم به. والوجه فيه أن كلمة الرسول المذكورة في الأخبار بقرينة الاقتران بالأئمة عليهم السلام يراد منها خصوص نبينا محمد صلى الله عليه وآله لا طبيعي الرسول، فليس فيها اطلاق يشمل كل رسول ليكون الكذب عليه مفطرا )[4].