36/01/28


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة لا عن عمد.
ثالثا: صحيحة ابي سعيد القماط (أنه سئل أبو عبدالله ( عليه السلام ) عمّن أجنب في أول الليل في شهر رمضان فنام حتى أصبح ؟ قال : لا شيء عليه، وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال )[1]
وهذه الرواية على كل حال _ سواء قيدناها بصورة عدم العمد او لا _ تدل على انه لا شيء عليه ويمكن الاستدلال بها في المقام , فإذا كانت مطلقة يمكن الاستدلال بها في صورة عدم العمد على الاقل , وان اختصت بصورة عدم العمد يصح الاستدلال بها ايضا ؛ ونفس الكلام يقال في صحيحة العيص بن القاسم .
رابعا: صحيحة العيص بن القاسم (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل فأخر الغسل حتى طلع الفجر ؟ فقال : يتم صومه ولا قضاء عليه . )[2]
وهذه الرواية ان كانت مطلقة فأنها يصح الاستدلال بها في المقام , وان كان محمولة _ بقرينة الروايات المتقدمة الدالة على وجوب القضاء _ على صورة عدم العمد يصح الاستدلال بها على عدم البطلان في محل الكلام ايضا.
ويضاف الى ذلك ما سيأتي من ظهور الادلة في ان المفطرات بشكل عام انما تفسد الصوم اذا وقعت على وجه العمد , واما اذا لم تكن كذلك فلا تفسده ؛ وقد فرضنا في محل الكلام ان الاصباح جنبا ليس عن عمد .
ولو تنزلنا عن كل ذلك وفرضنا عدم الدليل على البطلان وعدم الدليل على عدمه , فأن النوبة تصل الى الاصل العملي وهو يقتضي عدم البطلان, لأن الاصل يقتضي عدم التكليف بالقضاء.
وظاهر عبارة الماتن هو تعميم هذا الحكم لجميع انواع الصوم
والكلام في المقام فيه تفصيل :
اما قضاء شهر رمضان فسيأتي الكلام فيه وان الاصباح جنبا يبطله اذا كان موسعا .
واما بالنسبة الى شهر رمضان فهو _ الحكم بعدم البطلان فيه _ واضح جدا لأنه مورد النصوص المتقدمة التي اُستدل بها على عدم مبطلية الاصباح جنبا لا عن عمد.
واما الصوم الواجب المعين غير شهر رمضان كالصوم المنذور في اليوم المعين؛ فقد اُستدل على عدم البطلان فيه بوجوه:-
الاول : التمسك بالأصل بأعتبار ان ادلة البطلان مختصة بغير هذا الصوم , بل جميع الادلة سواء كانت دالة على البطلان او دالة على عدم البطلان مختصة بغير محل الكلام .
فأدلة عدم البطلان مختصة بشهر رمضان حيث انها وردت فيه وتدل على عدم البطلان فيه ؛ وادلة البطلان _ اذا وجدت _ فهي ناظرة الى غير محل الكلام ايضا .
اذن لا دليل على البطلان ولا على عدمه في محل الكلام _ الواجب المعين _ فنرجع الى الاصل وهو يقتضي عدم البطلان .
الثاني : التمسك بقاعدة ان المفطرات جميعا انما تكون مفسدة للصوم اذا وقعت على وجه العمد ؛ فأن هذه القاعدة عامة ويمكن التمسك بمفادها لأثبات عدم البطلان في محل الكلام .
الثالث: التمسك بقاعدة الالحاق المتقدمة ولا اشكال في ان مقتضى الحاق الواجب المعين غير شهر رمضان به هو ان يثبت له هذا الحكم الثابت لشهر رمضان (وهو ان الاصباح جنبا لا عن عمد لا يفسد الصوم ولا يوجب البطلان) .
الرابع : التعدي _ وهذا غير مسألة قاعدة الالحاق _ الى الواجب المعين من النصوص الواردة في شهر رمضان بإلغاء خصوصية شهر رمضان بدعوى ان هذا الحكم ثبت له لا لخصوصية فيه, وانما لكونه واجبا معينا لا بدل له في عرضه.
الخامس : التمسك بأطلاق صحيحة محمد بن مسلم ( لا يضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث ...) حيث انها تدل على حصر المفطر بالثلاثة ( الاكل والشرب والنساء والارتماس) فتدل على ان غير هذه الثلاثة لا يكون مضرا بالصوم ومنها الاصباح جنبا لا عن عمد .
وهذه الوجوه بعضها تام يمكن الاستدلال به كالأصل اذا وصلت النوبة اليه , وكذلك الوجه الثاني وهو ان الاصل في المفطرات لا تفسد الصوم الا اذا وقعت على وجه العمد كما سيأتي بحث ذلك .
نعم اطلاق صحيحة محمد بن مسلم لم نقبله سابقا , وكذلك قاعدة الالحاق تقدم التشكيك في تماميتها ؛ لكن بقية الادلة تكفي لأثبات هذا الحكم في الواجب المعين غير شهر رمضان .
ويمكن الاستدلال بالتعدي من نصوص شهر رمضان الخاصة _ وليس بقاعدة الالحاق_ الدالة على عدم المبطلية في الاصباح جنبا لا عن عمد لكن بتقريب حاصله :-
ان يقال ان البقاء على الجنابة حتى طلوع الفجر يوجب في شهر رمضان اضطرار المكلف الى الاتيان بالفرد الناقص _ بعد وضوح ان البقاء على الجنابة حتى طلوع الفجر يوجب منقصة في الصوم _ وهذا في شهر رمضان عندما يبقى المكلف على الجنابة حتى الفجر يكون مضطرا الى الاتيان بالفرد الناقص , لأن شهر رمضان ليس له بدل في عرضه_ لكي يقال له لا تصم هذا اليوم وصم يوما اخر بدلا عنه _ فكل يوم من ايام شهر رمضان هو واجب في حد نفسه ؛ وهذا يعني ان هذا اليوم لا بدل له في عرضه فيكون المكلف مضطرا حينئذ الى الاتيان بالصوم الناقص ؛ وهذا الاضطرار وعدم التمكن من الاتيان بالصوم الكامل فصلت فيه الادلة _ بحسب الظاهر_ بين ما يكون عن عمد وبين ما يكون لا عن عمد , حيث حكمت على ما كان عن عمد ببطلان الصوم وانه يمنع من صحته , ولذا حكمت بوجوب القضاء ووجوب الكفارة عليه, وذلك لأن اضطراره الى الصوم الناقص كان عن عمد فلم يغتفر له الشارع ذلك ؛ اما اذا اضطر الى الفرد الناقص لا عن عمد فأن الشارع صحح صومه , وهذا الكلام كله في شهر رمضان ؛ اما الكلام في الطرف المقابل كالقضاء الموسع او الواجب غير المعين فأن له بدلا في عرضه , والمكلف الذي يبقى على الجنابة حتى الصباح لا عن عمد ليس مضطرا للإتيان بالفرد الناقص فأنه يمكن له ترك ذلك اليوم والاتيان بالصوم في يوم اخر .
وهذه النكتة _ الاضطرار الى الاتيان بالصوم الناقص _ تقتضي التعدي من النصوص الدالة على عدم المبطلية في شهر رمضان الى كل واجب معين , فأنه في كل واجب معين يضطر المكلف للإتيان بالفرد الناقص عند الاصباح جنبا لا عن عمد لأن الواجب المعين لا بدل له.
اما النكتة التي ذكرناها في القضاء الموسع _ عدم الاضطرار الى الاتيان بالصوم الناقص لإمكان الاتيان بالبدل _ فأنها تقتضي التعدي الى كل واجب غير معين.
نعم هذه النكتة تقتضي التفصيل في القضاء بين الموسع والمضيق , حيث ان القضاء المضيق ينبغي ان يلحق بشهر رمضان , بينما القضاء الموسع نلتزم بأن الاصباح جنبا لا عن عمد يكون مفسدا له .
وهذا على خلاف اطلاق الروايات الدالة على المبطلية في القضاء فأنها مطلقة تشمل الموسع والمضيق وسيأتي الكلام عن ذلك ان شاء الله