36/05/01


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, المفطر العاشر : تعمد القيء, مسألة 76

قال الماتن
مسألة 76 ) :( إذا كان الصائم بالواجب المعين مشتغلا بالصلاة الواجبة فدخل في حلقه ذباب أو بق أو نحوهما أو شيء من بقايا الطعام الذي بين أسنانه وتوقف إخراجه على إبطال الصلاة بالتكلم بأخ أو بغير ذلك، فإن أمكن التحفظ والإمساك إلى الفراغ من الصلاة وجب وإن لم يمكن ذلك ودار الأمر بين إبطال الصوم بالبلع أو الصلاة بالإخراج فإن لم يصل إلى الحد من الحلق كمخرج الخاء وكان مما يحرم بلعه في حد نفسه كالذباب ونحوه وجب قطع الصلاة بإخراجه، ولو في ضيق وقت الصلاة وإن كان مما يحل بلعه في ذاته كبقايا الطعام ففي سعة الوقت للصلاة ولو بإدراك ركعة منه يجب القطع والإخراج، وفي الضيق يجب البلع وإبطال الصوم تقديما لجانب الصلاة لأهميتها وإن وصل إلى الحد فمع كونه مما يحرم بلعه وجب إخراجه بقطع الصلاة وإبطالها على إشكال وإن كان مثل بقايا الطعام لم يجب وصحت صلاته وصح صومه على التقديرين لعدم عد إخراج مثله قيئا في العرف)[1]

يمكن افتراض حالات ثلاثة.
الاولى: ان اخراج هذا الشيء لا يتوقف على ابطال الصلاة, كما لو اخرجه بأصبعه, وحينئذ لا اشكال في وجوب اخراجه, وصحة صومه وصلاته, وهذا الفرض خارج عن محل الكلام ولم يتعرض اليه السيد الماتن.
الثانية: أن اخراج هذا الشيء متوقف على ابطال الصلاة ولو بالكلام بحرفين (أخ) مع افتراض التمكن من الامساك والتحفظ إلى أن يفرغ من الصلاة, وحينئذ يجب عليه ذلك.
وما ذكره السيد الماتن من وجوب التحفظ والامساك مسلم بضيق الوقت, فأنه يحرم عليه قطع الصلاة, وأما في سعة الوقت, فأن وجوب التحفظ والامساك مبني على مسألة جواز ابطال الصلاة الواجبة وعدمه, وقد ذكروا في محله ان الدليل على عدم جواز ابطال الصلاة الواجبة هو التسالم والاجماع فقط, ولا يوجد دليل لفظي يدل على ذلك, لكي يمكن التمسك بإطلاقه لأثبات حرمة قطع الصلاة في محل الكلام (أي في حالة سعة الوقت).
وقد التزم السيد الماتن في وجوب التحفظ وعدم جواز قطع الصلاة في فرض ضيق الوقت وسعته, ولكن قد يشكل في أن دليل عدم جواز قطع الصلاة لُبّي, يقتصر فيه على القدر المتيقن, وليس من المعلوم شموله لمحل الكلام, وحينئذ يمكن ان يقال بعدم وجوب التحفظ وجواز قطع الصلاة.
ولا يبعد أن هذه الحالة داخلة في معقد الاجماع, بأعتبار أن ظاهر معقد الاجماع والتسالم بين الفقهاء هو حرمة قطع الصلاة الواجبة, إلا في حالة وجود حاجة لقطعها, وفي ما نحن فيه لا توجد الحاجة, لإمكان التحفظ الى ان تنتهي الصلاة, وحينئذ تصح فتوى السيد الماتن في وجوب التحفظ وعدم جواز قطع الصلاة.
الثالثة: وهذا الحالة كالحالة الثانية إلا انه لا يمكن فيها التحفظ والامساك الى نهاية الصلاة, فيدور الأمر بين ابطال الصوم بالبلع فتصح الصلاة, وبين ابطال الصلاة بإخراجه بالتكلم ويصح منه الصوم.
وقد ذكروا في هذه الحالة صوراً اربعة, لأن الداخل في الفم إما أن يكون مما يحرم أكله في نفسه, أو مما يحل أكله, ثم تارة نفترض وصوله إلى الجوف, وأخرى نفترض عدم وصوله.
فالصورة الاولى: أن نفترض أن هذا الشيء مما يحرم أكله ولم يصل إلى الجوف, وإنما ما زال في فضاء الفم وتوقف اخراجه على ابطال الصلاة.
حكم السيد الماتن في هذه الصورة بوجوب اخراجه, وقطع الصلاة, ولم يفرق بين ضيق الوقت وسعته, وحينئذ يصح منه الصوم, أما في سعة الوقت_ ولو بإدراك ركعة_ فإن وجوب الصوم يقدم على وجوب الصلاة, وذلك لأن وجوب الصلاة له بدل اختياري, دون وجوب الصوم (لأن المفروض ان الصوم واجب معين).
ولا يرد في المقام ما دل على عدم جواز قطع الصلاة, لأنه جائز في موارد الحاجة _ كما اجابوا_ والفرار من الحرام حاجة تكفي لقطع الصلاة, خصوصاً أن المقام فيه عنوانين من الحرام الاول أن هذا الشيء الذي ابتلعه حرام بنفسه, والثاني حرمة ابطال الصوم.
أما الكلام في فرض ضيق الوقت.
فلا يمكن القول بأن الصوم اهم لأن الصلاة لها بدل اختياري لأن الفرض هو ضيق الوقت, وحينئذ يدور الامر بين قطع الصلاة وتصحيح الصوم وبين ابطال الصوم وتصحيح الصلاة.
وقد حكم السيد الماتن وغيره بوجوب اخراجه وقطع الصلاة, كما حكم في سعة الوقت, وقد ذكروا ان الوجه في ذلك هو أن التزاحم يقع بين وجوب الصلاة من جهة وبين وجوب الصوم وحرمة ما يحرم أكله من جهة اخرى, أي أن هناك حرمتين انضمت احداهما الى الاخرى, وهما حرمة ابطال الصوم وحرمة أكل ما يحرم أكله وكلاهما زاحما حرمة قطع الصلاة.
ويقول السيد الخوئي(قد)[2] _ في مقام توجيه هذه الفتوى_ بأن الصلاة وإن كانت أهم من الصوم, (لأنها عمود الدين, وان قبلت قبل ما سواها......), لكن عندما ينضم الى حرمة ابطال الصوم حرمة شيء آخر, لا تكون الصلاة اهم منهما, وكأنه اذا دار الامر بين ارتكاب حرام بعنوان واحد, وبين ارتكاب حرام بعنوانين, يكون الحرام الذي بعوانين اهم, وفي محل الكلام ابتلاع هذا الشيء يتحقق فيه حرام بعنوانين, واخراجه يتحقق فيه حرام بعنوان واحد.
لكن من الصعب الالتزام بهذا الكلام _ تقدم الحرمة التي تتحقق بعنوانين على الحرمة التي تتحقق بعنوان واحد_ على نحو القاعدة الكلية, لأنه قد يكون الملاك الموجود في الحرام الذي بعنوان واحد اهم من محرمات كثيرة, ولعل الصلاة من هذا القبيل, فتكون اهم ملاكاً من ملاك حرمة ابطال الصوم وملاك اكل الشيء الحرام.
نعم الذي يرجح ما ذكروه هو ان الصلاة لها بدل لكن اضطراري, وهو القضاء , أي ان اصل الصلاة لا تفوته, وانما الذي يفوته هو مصلحة الوقت.
والنتيجة يُحكم هنا بوجوب قطع الصلاة, ويصح منه الصوم, فإذا اخرجه (الشيء بالكلام او نحوه), يحكم ببطلان صلاته وصحة صومه.