1440/03/03


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أقسام الصوم المكروه/ صوم يوم عرفة

 

كان الكلام في الوجه الثاني لإثبات وثاقة "سدير الصيرفي"، و ذكرنا فيه روايتين اللتين نقلهما الكشي في كتابه، و وصل الكلام إلى الرواية الثانية[1] .

 

رجال سند هذه الرواية كلهم ثقات إلا "بكر بن محمد الأزدي" الذي فيه كلام، لأن النجاشي وثقه بعبارة صريحة إذ قال في الرقم ٢٧٣ ما نصه: (بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي الغامدي أبو محمد، وجه في هذه الطائفة من بيت جليل بالكوفة من آل نعيم الغامديين، عمومته "شديد" و "عبد السلام"، وابن عمه "موسى بن عبد السلام"، وهم كثيرون، وعمته "غنيمة" روت أيضاً عن أبي عبد الله عليه السلام، وأبي الحسن عليه السلام، ذكر ذلك أصحاب الرجال، وكان[2] ثقة .....الخ)[3]

 

الشيخ الطوسي ذكره في الفهرست[4] ، و عدّه في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا (عليهم السلام)[5] .

 

الظاهر من عبارات النجاشي و الشيخ هو إتحاد العنوان، و أن هناك شخصاً واحداً و هو " بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي"، و كلام النجاشي صريح في أن "بكر بن محمد الأزدي" هو إبن أخ "شديد" و "عبد السلام".

 

لكن يظهر من الكشي فيما رواه وجود شخص آخر بعنوان "بكر بن محمد"، و أنه إبن أخ "سدير الصيرفي"، حيث قال في الحديث ١١٠٧: ( قال حمدويه: ذكر محمد بن عيسى العبيدي: أن بكر بن محمد الأزدي خيّر فاضل، و بكر بن محمد كان ابن أخي سدير الصيرفي.)[6]

و قال أيضاً في الحديث ١١٠٨: ( علي بن محمد القتيبي، قال: حدثنا أبو محمد الفضل بن شاذان، قال: حدثنا ابن أبي عمير، عن بكر بن محمد، قال: حدثني عمي سدير.)[7]

 

يظهر من العلامة في الخلاصة التعدد، حيث ذكر عنوانين، قال في أحدهما: ( بكر بن محمد بن عبد الرحمان بن نعيم الأزدي الغامدي، أبو محمد، وجه في هذه الطائفة، من بيت جليل في الكوفة، وكان ثقة، وعمر عمراً طويلاً)[8] من الواضح أنه أخذ هذه العبارة من كتاب النجاشي.

و قال في ثانيهما: ( بكر بن محمد الأزدي، ابن أخي سدير الصيرفي، قال الكشي: قال حمدويه: ذكر محمد بن عيسى العبيدي بكر بن محمد الأزدي، فقال: خير فاضل، وعندي في محمد بن عيسى توقف.)[9] العلامة هنا توقف في "محمد بن عيسى"، لكن في موضع آخر يعتمد عليه.

 

كذلك يظهر التعدد من إبن داوود في كتابه حيث ذكر عنوانين[10] ، و في التحرير الطاووسي إقتصر على الثاني[11] ، أي ما ذكره الكشي.

 

و مستند القائلين بالتعدد هو ما ذكره الكشي كما هو واضح من عبائرهم. و من هنا قال الشهيد الثاني في تعليقته على الخلاصة أن "بكر بن محمد" مشترك بين الثقة و هو " بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي الغامدي" الذي وثقه النجاشي، و بين شخص ممدوح قد ورد مدحه بطريق ضعيف الذي ذكره الكشي، و هو "بكر بن محمد الأزدي" إبن أخ "سدير الصيرفي"، و ضعف الطريق يكون ب" محمد بن عيسى العبيدي"، فبالنتيجة هو مشترك بين الثقة و غير الثقة، فلا يمكن الإعتماد على الرواية الثانية.

 

بعضهم إحتمل أن عبارة (و بكر بن محمد كان ابن أخي سدير الصيرفي) ليست من الرواية، بل هي من كلام الكشي، و إستدل الكشي على صحة كلامه بالرواية الثانية التي وردت فيها (حدثني عمي سدير) نقلاً عن بكر بن محمد.

 

و أشكل السيد الخوئي (قد) في المعجم[12] أولاً بأن (الأزدي)

لم يذكر في الرواية الثانية فلا يثبت بها ان سديراً هو عم بكر بن محمد الازدي، لأحتمال وجود شخص آخر باسم بكر بن محمد يكون عمه سدير ولم يكن ازدياً، و ثانيا انه لم يُذكر في الرواية (سدير الصيرفي) وإنما ذكر (سدير) فقط، والذي اضاف (الصيرفي) هو الكشي، و ثالثا بعدم امكان الاعتماد على القتيبي وعليه فلا يمكن الاعتماد على هذه الرواية.

والذي يمكن ان يقال انه لا قرينة على الاحتمال الذي ذكره (قده) من ان هذه الجملة من كلام الكشي، بل ظاهر العبارة انها من كلام العبيدي، ثم انه يوجد احتمال آخر ذهب إليه كثير من المحققين وهو تصحيف شديد بسدير، ثم اضيف الصيرفي بعد ذلك لمعروفية واشتهار سدير بالصيرفي، ويدعم هذا الاحتمال ما ذكروه من ان سدير الصيرفي ليس ازدياً ولا غامدياً وإنما هو مولى بني ضبة، وحينئذ كيف يكون عماً لبكر بن محمد الازدي، وقد تقدم استبعاد انتماء المولى إلى قبيلة عربية وان كان ممكناً كما في زيد بن حارثة.

وعلى كل حال سواء قلنا بالاتحاد _ في بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن نعيم الازدي الغامدي_ كما هو الظاهر وقلنا بان سدير في رواية الكشي هو تصحيف شديد أو قلنا بالتعدد فان بكر بن محمد ثقة على كلا التقديرين، فعلى القول بالاتحاد لنص النجاشي على توثيقه، وعلى القول بالتعدد فان بكر بن محمد الاخر ورد فيه مدح لا يقصر عن التوثيق فقد قال عنه العبيدي انه خير فاضل وهذا المقدار يكفي في اثبات الاعتماد عليه _ونحن نعتمد على كلام العبيدي خلافاً للسيد الخوئي (قده)_ مضافاً إلى رواية ابن ابي عمير عن بكر بن محمد في نفس روايتنا التي يراد بها الاستدلال على وثاقة سدير الصيرفي :( 372 - حدثنا علي بن محمد القتيبي ، قال : حدثنا الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن بكر بن محمد الأزدي ، قال : وزعم لي زيد الشحام ، قال : اني لأطوف حول الكعبة وكفي في كف أبي عبد الله عليه السلام فقال : ودموعه تجري على خديه ، فقال : يا شحام ما رأيت ما صنع ربي إلي ، ثم بكى ودعا ، ثم قال لي : يا شحام اني طلبت إلى الهي في سدير وعبد السلام بن عبد الرحمن وكانا في السجن فوهبهما لي وخلي سبيلهما . )[13]

الكلام في دلالة الرواية على وثاقة سدير الصيرفي

والاستدلال بها مبني على اهتمام الامام عليه السلام بإمر سدير وفرحه عندما خلي سبيله، ولكن قد يقال

اولا ان هذا المقدار ليس فيه ما يدل على التوثيق لأنه يحصل للإمام عليه السلام مع أي شخص من الشيعة لا خصوص الثقات منهم،

و ثانيا ان احتمال التصحيف وارد في هذه الرواية ايضا و القرينة على ذلك انه قرن بسدير عبد السلام بن عبد الرحمن الذي هو اخو شديد فان النجاشي ذكر ان بكر بن محمد اعمامه شديد و عبد السلام بن عبد الرحمن فاقتران سدير بعبد السلام بن عبد الرحمن مؤيد لكون هناك تصحيف في سدير و ان الموجود هو شديد و عبد السلام بن عبد الرحمن

و ان كان قد يبعد ما ذكرناه ان المناسب حينئذ ان يقال ابنى عبد الرحمن بينما الموجود (ابن عبد الرحمن )

و على كل حال الرواية لا دلالة لها بشكل واضح على وثاقة سدير

الثالث: اكثار حنان بن سدير(الجليل) الرواية عن سدير

_بعد الالتزام بان اكثار الراوي الجليل الرواية عن شخص تدل على الاعتماد عليه كما هو صحيح_فان حنان يروي عن ابيه سدير كثيرا بحيث تعارف هذا السند و حسب المراجعة وجدنا خمسين موردا يروي فيه حنان عن ابيه و هو يحقق الاكثار فيوجب الاعتماد على سدير

الرابع : ثناء اهل العامة على سدير بعد طعنهم له انه شديد الرفض فان في ذلك احتمالية ان الرجل قد بلغ الى مرتبة يعترف بها العامة بالرغم من انهم يطعنون فيه بالرفض

و على كل حال مجموع الامور التي ذكرناها تكفي لاثبات وثاقة سدير الصيرفي

 


[1] اختيار معرفة الرجال ج٢، ص٤٧٠، ط مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[2] أي: بكر بن محمد الأزدي.
[3] رجال النجاشي ص١٠٨، ط مؤسسة النشر الاسلامي.
[4] الفهرست ص٨٧، ط مؤسسة نشر الفقاهة.
[5] رجال الطوسي ص١٧٠، ص٣٣٣، ص٣٥٣، ط مؤسسة النشر الاسلامي.
[6] إختيار معرفة الرجال ج٢، ص٨٥٦، ط مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[7] لاحظ الهامش السابق.
[8] خلاصة الأقوال ص٨٠، ط مؤسسة نشر الفقاهة.
[9] لاحظ الهامش السابق.
[10] رجال إبن داوود ص٨٠، ط المطبعة الحيدرية - النجف.
[11] التحرير الطاووسي ص٨٢، ط مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم المقدسة.
[12] معجم رجال الحديث ج٤، ص٢٦٠.
[13] اختيار معرفة الرجال، الشيخ الكشي، ج2، ص470.