1440/03/30


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: أقسام الصوم المحظور/صوم العيدين

 

(إنتهينا في الدرس السابق الى ان الروايات الآمرة بالإحتياط في أيام الإستظهار ظاهرة في لزوم الإحتياط من جهة العبادة، لا من جهة امور اخرى كدخول المسجد والوطئ، وقلنا أن هذا الإحتياط إحتياط ناقص لتعذر الإحتياط التام في المقام، وبناءاً عليه إستدللنا بالروايات على الحرمة الذاتية.)

 

قد يقال: أن الشارع أمر المرأة بترك الصلاة في أيام الإستظهار لا لأجل الإحتياط وأهمية جانب الحرمة _حتى يستكشف من الرواية الحرمة الذاتية_ بل لاجل وجود ما يقتضي ذلك غير الاحتياط ، وهو إستصحاب بقاء التحيض وقاعدة الإمكان[1] _ التي تحكم على كل دم انه دم حيض ما دام يمكن أن يكون حيضاً _ وحينئذ لا تدل الرواية على الحرمة الذاتية، وذلك لأن الإستصحاب تترتب عليه الحرمة الظاهرية في زمان الشك على النحو الذي كانت ثابتة في زمان اليقين، فإذا كانت سابقاً تشريعية فالآن تكون تشريعية أيضاً، وإذا كانت ذاتية فالآن كذلك، فالإستصحاب يجري سواء قلنا بالحرمة الذاتية أو التشريعية. وكذا الكلام في قاعدة الإمكان ، اذ القاعدة -على فرض تماميتها- تثبت بأن الدم في أيام الإستظهار حيض وتترتب عليه الحرمة مثل ما كانت ثابتة في أيام الحيض.

 

لكن نقول: أولاً: بأن الروايات ظاهرة في أن ترك الصلاة يكون لأجل أهمية جانب الحرمة والإحتياط، لا للأصل أو قاعدة الإمكان. وثانياً: لو كان ترك الصلاة مستنداً إلى الإستصحاب أو قاعدة الإمكان لوجب عليها البقاء على التحيض -وبالتالي ترك الصلاة- مادام يمكن جريان كل منهما وإن كان أكثر من يومين، والحال أن الروايات ظاهرة في تركها يوماً أو يومين على نحو التخيير، فلا يناسب أن يكون مستنده الإستصحاب أو قاعدة الإمكان.

 

ناقش السيد الخوئي (قده)[2] في دلالة رواية اسماعيل الجعفي المتقدمة بانه ليس فيها ما يشير إلى كون الاحتياط من جهة ترك الصلاة، وإنما ورد فيها تقعد ايام قرئها، ولعل ذلك من جهة الوطء أو دخول المساجد، فليس هناك تحريم متوجه نحو الاتيان بالصلاة في ايام الاستظهار حتى يستدل به على ان حرمتها ذاتية.

واجيب عنه بان القعود اما ان ينصرف إلى ترك الصلاة أو يشمله، لكونه اظهر اثار الحيض.

وناقش (قده) ايضاً في دلالة رواية عبد الرحمن بن عبد الله :-

اولاً: بان الرواية تقول (فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به ، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين ،) وهذا يعني ان المرأة المأمورة بالاحتياط غير مستقيمة العادة وهي عبارة عن (المبتدأة أو الناسية أو المضطربة)، وقد اثبتنا عدم وجوب الاستظهار في هذه الموارد، ، ثم قال (قده) وقد حملها (غير مستقيمة العادة) صاحب الحدائق على ذات العادة التي تتأخر عادتها يوماً أو تتقدم يوماً، وهو غير صحيح،

وحينئذ لابد من حمل الرواية على معنى آخر.

ثانياً: بان الرواية لم تذكر الاحتياط من جهة العبادة، وليس فيها دلالة على تعيين الجهة التي تقعد من ناحيتها، فالمذكور فيها الوطء والطواف، والطواف وان كان عبادة لكنه لما كان واجباً موسعاً يمكن الاتيان به في وقت آخر اُمرت بالقعود عنه، وحينئذ كيف يستدل بها على الحرمة الذاتية ؟!

ثم ذكر بان ذيل الرواية (و كل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها و لتطف بالبيت) قرينة على ان المنظور بقعودها ايام الاستظهار هو القعود عن الوطء و الطواف حيث ان مفاد هذه الفقرة ان الممنوع منه ايام الاستظهار هذان الفعلان لا العبادة حتى يقال انها نهيت عن العبادة و نستكشف من ذلك الحرمة الذاتية .

_و حيث ان هناك عبارة اخرى في الرواية ورد فيها الصلاة فقد يستعان بها على ان الرواية ناظرة الى الصلاة و هى قوله (عليه السلام) (و ان كان فيه خلاف فلتحتط بيوم او يومين و لتغتسل و لتستدخل كرسفا فان ظهر عن الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا اخر ثم تصلي)

صار السيد الخوئي (قده) بصدد علاجها فقال هذه العبارة لا يمكن الاستدلال بها على ان الرواية كانت ناظرة الى العبادة و الى الصلاة بالتحديد لانه ليس من الواضح ان هذه العبارة تأمرها بذلك بعد ايام الاستظهار _حتى يقال بانها امرت بالصلاة بعد ايام الاستظهار و يستنتج من ذلك انها كانت ممنوعة من الصلاة في ايام الاستظهار و اذا كانت ممنوعة كذلك يستدل بالرواية على الحرمة الذاتية _اذ من الممكن ان يكون امرها بذلك في ايام الاستظهار اى في اليوم و اليومين وذلك لاجل انه لا دلالة في هذه العبارة على وجود الترتب بين ايام الاستظهار _الذي عبر عن ذلك في الرواية ب(فلتحتط بيوم او يومين)_و بين الاغتسال و ادخال الكرسف … ثم الصلاة ، فلعل هذا العطف لبيان الاحتياط .


[1] لاحظ مستمسك العروة الوثقى ج٣، ص٣١١.
[2] موسوعة السيد الخوئي ج٧، ص٣٣٤.