1440/04/10


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أقسام الصوم المحظور/ صوم أيام التشريق

 

الرواية الثالثة من الطائفة الأولى : صحيحة عمار الثانية

قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صيام أيام التشريق؟ فقال: إنما نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن صيامها بمنى، فأما بغيرها فلا بأس.[1]

و تقريب الاستدلال بها نفس التقريب المتقدم في صحيحته الاولى.

 

الرواية الرابعة : صحيحة زرارة

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن رجل قتل رجلاً خطأ في الشهر الحرام؟

قال: تغلظ عليه الدية، وعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم، قلت: فإنه يدخل في هذا شيء! قال: ما هو؟ قلت: يوم العيد وأيام التشريق، قال: يصومه، فإنه حق يلزمه.[2]

ظاهر هذه الرواية ان يوم العيد غير ايام التشريق خصوصاً انه عبر ب(ايام التشريق)، وان ايام التشريق هي الايام التي تلي العيد. وهذا الكلام و ان لم يصدر من الإمام (عليه السلام) الا انه يكشف عن فهم زرارة بان العيد غير ايام التشريق .

 

الرواية الخامسة: رواية الحسين بن زيد

عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن صيام ستة أيام: يوم الفطر، ويوم الشك، ويوم النحر، وأيام التشريق.[3]

ظاهر هذه الرواية ان ايام التشريق غير يوم النحر و ان ايام التشريق ثلاثة، و ذلك بمقتضى انه ورد في صدرالرواية النهى عن صيام ستة أيام، فاذاعزلنا يوم الفطر و يوم الشك و يوم النحر بقيت ثلاثة ايام هي ايام التشريق.

 

الرواية السادسة : رواية القاسم الصيقل

أنه كتب إليه: يا سيدي، رجل نذر أن يصوم يوماً من الجمعة دائماً ما بقي، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق - إلى أن قال: - فكتب إليه: قد وضع الله عنك الصيام في هذه الأيام كلها، وتصوم يوماً بدل يوم.[4]

و الاستدلال بهذه الرواية يكون بما يفهمه الراوي حيث انه يظهر من هذه الرواية ان المرتكز عنده المغايرة بين ايام التشريع و بين يوم الاضحى.

 

الرواية السابعة : رواية قتيبة الأعشى

قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن صوم ستة أيام: العيدين، وأيام التشريق، واليوم الذي تشك فيه من شهر رمضان.[5]

و هي تامة سنداً، ودلالتها واضحة.

 

الرواية الثامنة : رواية كرام

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم؟ فقال صم، ولا تصم في السفر، ولا العيدين، ولا أيام التشريق، ولا اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان.[6]

وهي تامة سنداً، ودلالتها واضحة، باعتبار ان الإمام (عليه السلام) ابتداءاً نهى عن صوم العيدين و بعد ذلك نهى عن صوم ايام التشريق، و قد عبر ب(ايام التشريق) فتكون ظاهرة في ان المحرم الأيام الثلاثة التي تلي العيد.

 

الرواية التاسعة : رواية الزهري

عن علي بن الحسين (عليه السلام) - في حديث - قال: وأما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى وثلاثة أيام من أيام التشريق، وصوم يوم الشك أمرنا به ونهينا عنه - إلى أن قال: - وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام، وصوم نذر المعصية حرام، وصوم الدهر حرام.[7]

و هي رواية معروفة يستدل بها في عدة أماكن، وعلى ضعف سندها هي تؤيد المعنى الأول، و ان كان قد يظهر منها ان ايام التشريق اوسع من ثلاثة ايام و ان المحرم صومه ثلاثة ايام منها، ولكن هذا لا يهمنا، لان كلامنا لا يدور مدار الاسم الا بمقدار ما نستفيد منه حرمة صوم هذه الأيام، وهي تدل على ان المحرم هو صوم ثلاثة ايام من ايام التشريع غير عيد الأضحى.

 

الرواية العاشرة: رواية كرام

قال حلفت فيما بيني وبين نفسي أن لا آكل طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمد، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله عليه أن لا يأكل طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمد؟ قال: فصم يا كرام، ولا تصم العيدين ولا ثلاثة أيام التشريق، ولا إذا كنت مسافراً، ولا مريضاً.... الحديث.[8]

 

هذه هي الروايات التي يستدل بها على الاحتمال الأول، وإنصافاً لها ظهور فيه، و بعضها تام سنداً، و قد تكون هناك روايات اخرى تدل على ذلك .

 

الطائفة الثانية: في المقابل توجد روايات ظاهرها ان ايام التشريق هي يوم العيد واليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر، وهي:-

 

الرواية الاولى: صحيحة منصور بن حازم

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سمعته يقول : النحر بمنى ثلاثة أيام ، فمن أراد الصوم لم يصم حتى تمضي الثلاثة الأيام ، والنحر بالأمصار يوم ، فمن أراد أن يصوم صام من الغد.[9]

وهي صريحة في كون الايام التي يحرم صومها هي ايام النحر بمنى أي العيد واليومان اللذان بعده.

 

الرواية الثانية: رواية أبي أيوب

عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل كان عليه صوم شهرين متتابعين في ظهار، فصام ذا القعدة ودخل عليه ذو الحجة، كيف يصنع ؟ قال : يصوم ذا الحجة كله إلا أيام التشريق، ثم يقضيها في أول يوم من المحرم حتى يتم ثلاثة أيام، فيكون قد صام شهرين متتابعين، ثم قال: ولا ينبغي له أن يقرب أهله حتى يقضي الثلاثة أيام التشريق التي لم يصمها ، ولا بأس إن صام شهراً ثم صام من الشهر الذي يليه أياماً ثم عرضت علة، أن يقطعه ثم يقضي بعد تمام الشهرين.[10]

فالأيام الثلاثة التي يقضيها في محرم هي عبارة عن العيد واليومين الذين بعده. والرواية من حيث السند تامة.

 

الرواية الثالثة: صحيحة معاوية بن عمار

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن متمتع لم يجد هدياً؟ قال : يصوم ثلاثة أيام في الحج، يوماً قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة، قال: قلت : فان فاته ذلك ؟ قال : يتسحر ليلة الحصبة ويصوم ذلك اليوم ويومين بعده ، قلت : فإن لم يقم عليه جماله أيصومها في الطريق ؟ قال : إن شاء صامها في الطريق ، وإن شاء إذا رجع إلى أهله[11]

المراد بيوم الحصبة اليوم الثالث عشر، والرواية صريحة في جواز صومه.

 

الرواية الرابعة: صحيحة رفاعة بن موسى

قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المتمتع لا يجد الهدي ؟ قال : يصوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، قلت : فإنه قدم يوم التروية قال : يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق ، قلت ؟ لم يقم عليه جماله ، قال : يصوم يوم الحصبة وبعده يومين ، قال : قلت : وما الحصبة ؟ قال : يوم نفره ، قلت : يصوم وهو مسافر ؟ قال : نعم، أليس هو يوم عرفة مسافراً إنا أهل بيت نقول ذلك، لقول الله عز وجل " فصيام ثلاثة أيام في الحج " يقول في ذي الحجة.[12]

والاستدلال بها كالاستدلال بالرواية السابقة.

 

الرواية الخامسة: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج

قال : كنت قائماً أصلي وأبو الحسن (عليه السلام) قاعد قدامي، وأنا لا أعلم فجاءه عباد البصري[13] فسلم ثم جلس ، فقال له : يا أبا الحسن ما تقول في رجل تمتع ولم يكن له هدي ؟ قال : يصوم الأيام التي قال الله تعالى قال : فجعلت سمعي إليهما ، فقال له عباد وأي أيام هي ؟ قال : قبل التروية بيوم ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، قال: فإن فاته ذلك ؟ قال : يصوم صبيحة الحصبة ويومين بعد ذلك ، قال : فلا تقول كما قال عبد الله بن الحسن ، قال : فأيش قال ؟ قال: يصوم أيام التشريق قال : إن جعفراً كان يقول : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر بديلاً [14] ينادي إن هذه أيام أكل وشرب فلا يصومن أحد ، قال : يا أبا الحسن إن الله قال : " فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم " قال : كان جعفر يقول : ذو الحجة كله من أشهر الحج.[15] والاستدلال بها كالاستدلال بما قبلها.

 

الرواية السادسة: صحيحة حماد بن عيسى

قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : قال علي (عليه السلام) : صيام ثلاثة أيام في الحج، قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة، فمن فاته ذلك فليتسحر ليلة الحصبة يعني ليلة النفر، ويصبح صائماً ويومين بعده وسبعة إذا رجع.[16]

والاستدلال بها كما تقدم في ما قبلها.

 

الرواية السابعة : صحيحة عيص بن القاسم

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن متمتع يدخل يوم التروية وليس معه هدي ؟ قال : فلا يصوم ذلك اليوم ولا يوم عرفة، ويتسحر ليلة الحصبة فيصبح صائماً، وهو يوم النفر، ويصوم يومين بعده.[17]

والاستدلال بها كالاستدلال المتقدم.

 

هذه هي الروايات الموجودة في المقام، فلابد من علاج التعارض الظاهر بينهما، لكن هذا يحتاج إلى تقديم مقدمة وهي ترتبط بتسمية أيام التشريق بأيام التشريق. يذكر في كتب اللغة سببين لهذه التسمية،

الأول: -وهو المعروف والمشهور- لأن اللحوم والأضاحي كانت تقدد وتنشر وتبسط تحت الشمس لكي تجف ويستفاد منها بعد ذلك.

الثاني: لأن الهدي والأضاحي لا تنحر حتى تشرق الشمس.[18]

وأيام التشريق بحسب معناها اللغوي تشمل يوم العيد، ولكن يبدوا -والله العالم- أنها إختصت بالأيام الثلاثة بعد العيد، ولم تطلق على يوم العيد، لأن يوم العيد له إسم خاص وهو يوم النحر.


[1] وسائل الشيعة ج١٠، ص٥١٩، أبواب الصوم المحرم والمكروه، ب٣، ح٢، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة ج١٠، ص٣٨٠، أبواب بقية الصوم الواجب، ب٨، ح١، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة ج١٠، ص٥١٤، أبواب الصوم المحرم و المكروه، ب١، ح٤، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة ج١٠، ص٥١٤، أبواب الصوم المحرم و المكروه، ب١، ح٦، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة ج١٠، ص٥١٥، أبواب الصوم المحرم و المكروه، ب١، ح٧، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة ج١٠، ص٥١٥، أبواب الصوم المحرم و المكروه، ب١، ح٨، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة ج١٠، ص٥١٣، أبواب الصوم المحرم و المكروه، ب١، ح١، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة ج١٠، ص٥١٦، أبواب الصوم المحرم و المكروه، ب١، ح٩، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص517، أبواب الصوم المحرم والمكروه، ب2، ح3، ط آل البيت.
[10] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص373، أبواب بقية الصوم الواجب، ب3، ح8، ط آل البيت.
[11] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص180، أبواب الذبح، ب46، ح4، ط آل البيت.
[12] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص178، أبواب الذبح، ب46، ح1، ط آل البيت.
[13] رجل مذموم ورد عن الامام (عليه السلام) انه يقول عنه متصنع.
[14] بديل بن ورقاء الخزاعي من اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله).
[15] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص192، أبواب الذبح، ب51، ح4، ط آل البيت.
[16] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص198، أبواب الذبح، ب53، ح3، ط آل البيت.
[17] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص179، أبواب الذبح، ب46، ح3، ط آل البيت.
[18] لاحظ كتاب العين ج٥، ص٣٨ – الصحاح ج٤، ص١٥٠١ – مجمع البحرين ج٢، ص٥٠٤.