24-02-1435


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

35/02/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضـوع:- مسألة (407 ) / الحلق والتقصير / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
ويرد عليه:-
أما بالنسبة إلى الأوّل:- فالشهادة بأنه عليه السلام متمتعٌ ليست شهادة على أمرٍ حدسيّ ليس قريباً من الحسّ حتى ترفض فيه الشهادة وإنما هو حدس قريب من الحسّ من قبيل العدالة أو ما شاكل ذلك فتقبل فيه آنذاك الشهادة وإنما لا تقبل الشهادة على الحدسيّ المحض.
وأما بالنسبة إلى الثاني:- فقد يدفع بأن احتمال تقنّع الامام شيءٌ بعيدٌ فإن القناع يتناسب مع الانسان العادي لا مثل الامام عليه السلام ، على أنه يمكن أن يقال:- إن هذه النسخة لم ينقلها إلا صاحب الجواهر(قده) ولو كان هذا شيئاً ثابتاً لنقله غيره ولانعكس على بقيّة المصادر ، إذن اتفاق المصادر وعدم نقل الخلاف على صاحب الجواهر قد يضعّف من المعارضة وعليه فيبقى الأمر من هذه الناحية يرتبط بنفسية الفقيه فإذا قلنا إن تقنّع الامام شيءٌ بعيدٌ وهكذا اختصاص هذه النسخة بصاحب الجواهر شيءٌ بعيدٌ فحينئذٍ يضعف احتمال كون النسخة هي ( مقنّع ) ويرجح آنذاك ( التمتع ) فيتم الاستدلال بالرواية ، أما إذا فرضنا أن التقنّع أمرٌ لا بأس به بأن كان هناك ظرفٌ طارئٌ استدعى هذا الشيء واختصاص صاحب الجواهر بنقل النسخة أيضاً لا يمنع من الأخذ بها ، فعلى أي حال تكون الرواية من هذه الناحية لا تخلو من شائبة التردّد والاشكال.
إذن اتضح أن هذه الرواية من حيث المتن أو الدلالة محلّ تردّد وتبقى القضيّة نفسيّة من هذه الناحية.
الرواية الثالثة:- صحيحة اسحاق بن عمار:- ( سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المتمتع إذا حلق رأسه ما يحلّ ؟ فقال:- كلّ شيءٍ إلا النساء )[1] ودلالتها واضحة على أن الطيب يحلّ بذلك أيضاً حيث قال عليه السلام ( كل شيء ) يعني يحلّ من كل شيء ومنه الطيب ( إلا النساء ).
وأشكل صاحب الجواهر[2] بإشكالين:-
الاشكال الأول:- إنها قابلة للتخصيص.
الاشكال الثاني:- إنها خبر  . وهو(قده) لم يصغه بصياغة الاشكال وإنما قال ( خبر اسحاق بن عمار ) وهذا معناه أنها ليست تامّة السند.
ويرد عليه:-
أما بالنسبة إلى الاشكال الأول:- أي أنها قابلة للتخصيص ماذا يراد منه ؟ فهل يراد من ذلك أنّا نقيدها ونخصصها بما إذا كان قد زار البيت كما صنع الشيخ الطوسي(قده) بالنسبة إلى الرواية الأولى أعني صحيحة سعيد بن يسار فإنه حملها على حالة ما بعد زيارة البيت فهل إن مقصوده من التخصيص هذا المعنى هنا أو أن المقصود هو أن التخصيص يكون بلحاظ المفهوم يعني أن مفهومها أن كلّ شيءٍ غير النساء هو حلال فنقول إن مفهوم كلّ شيء يحلّ غير الطيب فيصير حينئذٍ تخصيصٌ من قبيل ( لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب عن ثلاث الطعام الشراب والارتماس ) فالمقصود هو أن بعضٌ هنا خصّص وقال إنه توجد عندنا مفطرات أخرى فنقيّد المفهوم وهذا ما صنعه السيد الخوئي(قده).
إذن يوجد احتمالان في مقصود صاحب الجواهر(قده) ، فإن كان يقصد الأوّل - يعني أنه نقيد بما بعد زيارة البيت - فهو(قده) قد ذكر في صحيحة سعيد بن يسار حينما حملها الشيخ على ما بعد زيارة البيت فهو(قده) ردّ على ذلك وقال هو بعيدٌ وإن لم يبيّن وجه البعد ولكن نحن ذكرنا وجه البعد وهو أن الوارد هو السؤال من قبل الراوي فالراوي يسأل ما يحلّ له لا أن الامام عليه السلام ذكر ابتداءً هذا القانون الكليّ فإذا كان الامام يذكر هذا القانون وهو أن الناسك إذا حلق يحلّ له كلّ شيءٍ عدى النساء فهنا عرفاً هذا قابل للتحصيص بما بعد زيارة البيت أما إذا فرض أن السائل سأل ذلك ابتداءً فالتقييد حينئذٍ بما بعد زيارة البيت بعيدٌ لأن السائل قد فرض أنه حلق فقط يعني قبل زيارة البيت فمحلّ كلامه هو هذا فلا معنى بأن يجيبه الامام بجوابٍ يكون المقصود منه ما بعد زيارة البيت والحال أن السائل فرض أن سؤاله قبل زيارة البيت . إذن إذا كان مقصوده هو الأول فهو بعيد كما ذكر في صحيحة سعيد بن يسار.
وإذا كان مقصوده هو الثاني فقد ذكرنا أكثر من مرّة أن مفهوم الحصر ليس من المفاهيم القابلة للتخصيص عرفاً فحينما يقال:- ( لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب عن ثلاث ) فهذا لا يقبل التخصيص لأنه حصرٌ والحصر آبٍ عن التخصيص عرفاً وهنا كذلك فإن الامام عليه السلام قال:- ( كلّ شيء إلا النساء ) فحصر الذي تبقى حرمته بالنساء ومثل هذا آبٍ عن التخصيص . إذن دلالة الرواية على هذا الأساس تامّة ولا إشكال فيها.
وأما بالنسبة الى إشكاله الثاني - أعني السند - حيث عبّر بـــ( الخبر ):- فإنه لو رجعنا الى السند وجدنا صاحب الوسائل يقول هكذا:- ( وبالإسناد عن صفوان عن اسحاق بن عمار ) والمقصود هو ( وبالإسناد السابق ) وإذا رجعنا الى ما سبق وجدنا السند هكذا:- ( محمد بن يعقوب عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن سعيد بن يسار  ) والسند المذكور الى صفوان صحيح معتبر فمحمد بن يعقوب هو الكليني وأبو علي الأشعري هو أحمد بن إدريس الثقة الجليل وهو أستاذ الكليني ومحمد بن عبد الجبار ثقة وثّقه الشيخ الطوسي وصفوان بن يحيى كما تعرف هو علم في رأسه نار فالكلّ ثقاة ، وعلى هذا الأساس تكون الرواية معتبرة السند وليس فيها مجالٌ للخدشة فكيف عبّر بلفظ ( خبر ) فهو شيءٌ لا نعرف له وجهاً إلا اللهم أن يكون مقصوده ليس هو بيان المصطلح وإنما هو كما نقول نحن بأنه خبر أو رواية . إذن الرواية تامة سنداً ودلالةً.
نعم هل نعبّر عنها بأنها صحيحة أو موثقة ؟ على كلامٍ في أن اسحاق بن عمار هل هو واحدٌ أو اثنين فهل هو ابن حيان التغلبي الذي هو ثقة أو إماميّ أو أنه ينحصر بإسحاق بن عمار الساباطي الفطحي فتكون الرواية موثقة وإذا كان ذاك فتكون الرواية حينئذٍ صحيحة ولكن هذه قضيّة ثانية ولكن على كلا التقديرين هي ليست خبراً.
الرواية الرابعة:- صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سئل بن عباس هل كان رسول اله صلى الله عليه وآله يتطيب قبل أن يزور البيت ؟ قال:- رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يضمّد رأسه بالمسك قبل أن يزور )[3].
ويمكن أن يشكل عليها بإشكالين:-
الاشكال الأول:- إن نقل الامام عليه السلام عن ابن عباس هو بنفسه مضعّف للرواية فإنه لا داعي الى نقل الامام عن ابن عباس بل من المناسب أن يبيّن الحكم هو ابتداءً أو أنه ينقله عن آبائه وأجداده عليهم السلام أما أن يبيّنه عن ابن عبّاس فهذا بنفسه يضعّف الرواية ، هكذا قد يشكل.
وهو كما ترى:- فإنه من الوجيه أن تكون هناك نكتة استدعت ذلك ونحن لا نحيط بكامل المشهد والواقعة حتى ننكر حينئذٍ هذا النقل فلعله هناك نكتة ومناسبة استدعت هذا النقل فمن هذه الناحية لا يوجد اشكال مهم.
الاشكال الثاني:- أن يقال:-من قال إن النبي صلى الله عليه وآله كان متمتعاً ؟ بل قد دلت الرواية الصحيحة التي نقلها معاوية بن عمار - وهي رواية طويلة التي تبيّن حج النبي[4] - وهكذا صحيحة الحلبي[5]  أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجّ قارناً وقد ساق معه مائة رأس من الإبل وحينما طاف المسلمون وسعوا نزل جبرئيل عليه السلام فأمر من لم يكن قارناً أو مفرداً بأن يتحلّل والنبي صلى الله عليه وآله بيّن أني لا أتحلل لأني لست مثلكم لأني قد سقت الهدي . إذن هو صلى الله عليه وآله كان قارناً والمعروف أنه لم يحج إلا حجّة واحدة ، فإذن لعله فعل ذلك من هذا الباب - أي من باب أنه قارناً والقارن يجوز له ذلك - نعم ورد في بعض الروايات على ما ذكرنا في محاضرات سابقة أنه صلى الله عليه وآله حج عدّة حجات متستراً إلا من البعيد أن يكون ابن عباس ناظراً الى هذه الحجّات التستريّة  خصوصاً وأنه يقول ( رأيت ) والرؤية إنما تكون في الحجّة الظاهرة البارزة لا الحجّة التسترية منه صلى الله عليه وآله وسلم . وعلى هذا الأساس هذه الرواية محلّ إشكال من حيث الدلالة.