1441/03/19


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

كان الكلام في الخطأ شبيه العمد وقلنا بان مرادهم من قصد الفعل المعتبر فيه هو قصد الفعل بالنسبة الى المجني عليه ومن هنا قد يقال بان مقتضى اعتبار هذا هو خروج حالتين من الخطأ شبيه العمد:

الاولى: ما اذا قصد الفعل الذي يترتب عليه القتل بالنسبة الى غير المجني عليه كما اذا رمى طائراً فصادف انساناً فقتله،

والثانية: ما اذا لم يكن هناك قصد اصلاً كالنائم في غير مسالة الضئر

وقلنا بان ظاهر النصوص اعتبار قصد الفعل في الخطأ شبه العمد وهذا القيد وان كان مذكوراً في كلام السائل في بعض الروايات لكنه ماخوذ في كلام الامام (عليه السلام) في بعضها الاخر كما في قوله ((والخطأ ان يتعمده ولا يريد قتله)) وعليه لا بد ان تخرج الحالتان المتقدمتان عن الخطأ شبيه العمد

اما الحالة الاولى فخروجها عن الخطأ شبيه العمد ودخولها في الخطأ المحض واضح اذا كان غير المجني عليه ليس بانسان كما في المثال المتقدم، ولكن اذا كان غير المجني عليه انساناً كما اذا رمى زيداً فاصاب عمراً فقتله فقد يقال بانه يستشكل باخراجه من الخطأ شبيه العمد وادخاله في الخطأ المحض باعتبار ان الوارد في نصوص الخطأ المحض عنوان الشيء والظاهر منه ما لو اراد ايقاع الفعل بغير الانسان كما في قوله ((اذا رمى شيئا فاصاب رجلا)) وقوله ((ان يتعمد شيئا اخر فيصيبه)) وقوله ((رمى شاة فاصاب انسانا)) ((انما الخطأ ان يريد الشيء فيصيب غيره))

ويمكن رد هذا الكلام باعتبار ان الظاهر ان هذه العبارات في مقام بيان معنى الخطأ المحض وهو عبارة عن قصد اصابة شيء ووقوع ذلك على غيره، ثم ان الروايات عبرت بالشيء عن ما اصابه فقتله ولا يمكن ان يقال بان المراد به غير الانسان، بل سياتي في الحالة الثانية طرح احتمال ان قصد اصابة شيء غير دخيل في مفهوم الخطأ وانما هو يتقوم بعدم القصد الى الفعل ولا الى القتل بالنسبة الى المجني عليه

وذكر بعضهم بان صورة ما اذا رمى زيدا بقصد قتله فاصاب عمراً مثل ما اذا قدم له طعاماً مسموماً بقصد قتله فاكله عمرو فمات لا تخرج عن الخطأ شبه العمد وان لم ينطبق عليه ضابط الخطأ شبيه العمد من تعمد الفعل بالنسبة الى المجني عليه، ففرقوا بين ما اذا رمى زيداً بقصد قتله وبين ما اذا رماه لا بقصد قتله فاصاب عمراً فقتله، وعللوا ذلك بعدم احتمال الفرق في ثبوت الخطأ شبيه العمد وثبوت الدية على الجاني بين هذا المورد وبين موارد الخطأ شبيه العمد بعد وضوح خروج هذه الحالة من العمد؛ اذ لا يحتمل ان يكون من ضرب زيداً بعصا خفيفة لا بقصد قتله فاتفق موته خطئاً شبيهاً بالعمد بينما يكون من رمى زيداً بقصد قتله فاصاب عمراً فقتله من الخطأ المحض

وفيه ان ما ذكر لا ينهض لاثبات دخول هذه الصورة في شبه العمد بعد عدم انطباق الضابطة عليه، وسياتي في الخطأ المحض انه يدخل فيه صورة ما اذا رمى شخصاً بقصد قتله ظاناً انه كافر حربي محلل الدم وتبين انه مسلم معصوم الدم، ومن الواضح ان هذه الصورة تشترك مع الصورة التي نتكلم عنها في تعمد الفعل وقصد القتل بالنسبة الى غير المجني عليه، ويشتركان في عدم قصد الفعل ولا القتل بالنسبة الى المجني عليه، وانما يختلفان في ان الخطأ في محل الكلام في الفعل بينما في هذه الصورة في الظن والاعتقاد وهذا لا يوجب دخول هذه الصورة في الخطأ شبيه العمد، وما يزيد الامر وضوحاً هو انطباق ضابط الخطأ المحض عليها كما هو مصرح به بالروايات بقوله ((ان يريد الشيء فيصيب غيره))

والحاصل ان المعتبر في الخطأ المحض عدم قصد الفعل ولا القتل به بالنسبة الى المجني عليه وهو متحقق في محل الكلام.

واما الحالة الثانية: وهي ما اذا لم يقصد الفعل اصلاً حتى بالنسبة الى غير المجني عليه كالنائم ينقلب على انسان فيقتله او يفحص برجليه او يده فيقتله، في غير مسالة الضئر

واذا خرج عن الخطأ شبه العمد يدخل في الخطأ المحض وتكون الدية على العاقلة وقد ذهب الى ذلك جماعة من المتاخرين منهم المحقق في الشرائع حيث قال (الراي الاول دخوله في شبه العمد ثم ذكر احتمال دخوله في الخطأ المحض وقال في نسخة وهو اشبه وفي نسخة اخرى والاول اشبه فعلى نسخة وهو اشبه يكون من القائلين بدخوله في الخطأ المحض، والعلامة في القواعد والشهيدان في اللمعة والروضة والمسالك