33/02/01


تحمیل
 الموضوع :-

مسألة 296 / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
 ثم ان الشيخ النائيني(قده) ذكر بالنسبة إلى المسلوس أنه يمكن إلحاقه بالمبطون رغم أن الروايتين السابقتين - أعني صحيحة معاوية وصحيحة الخثعمي - قد ذكرتا المبطون ولم تذكرا المسلوس ولكنه يمكن إلحاقه به ، فوَحَّدَ بينهما في الحكم أي سَوَّى بين المسلوس والمبطون في عبارة مناسكه - .
 وأشكل السيد الخوئي(قده) [1] :- بأن الروايات قد ذكرت المبطون فقط فتعميم الحكم للمسلوس لا وجه له.
 ومن هنا نرى أن السيد الخوئي(قده) لم يذكر المسلوس في متن المناسك إلى جنب المبطون وإنما ذكره في النقطة الأولى - أعني صاحب العذر - حيث قال:- ان المعذور في طهارته كالمجبور والمسلوس يكتفي بطهارته العذرية ، أي أنه تمسك بمقتضى القاعدة وهي تقتضي أن عليه أن يباشر الطواف بنفسه ولا يحق له أن يُنيب غيره ويكتفي في طوافه بطهارته التي يؤديها حالة الصلاة ، يعني أنه يتوضأ قبيل الصلاة ويدخل في الصلاة ولا يضرّه إذا نزل شيء من البول أثناءها غايته يستعين بالخريطة على ما تقدم في الرواية ، ويجري الأمر نفسه بالنسبة إلى الطواف فيذهب إلى الطواف ويتوضأ قبيله ويستعين بالخريطة وإذا خرج منه شيء من البول فلا يضره ذلك ، ان هذا تمسك بالقاعدة.
 ولكن لا يبعد ما أفاده الشيخ النائيني(قده):- فصحيح أن الروايتين السابقتين قد ذكرتا المبطون ولكن لا خصوصية له ، فكل من هو دائم الحدث سواء كان بسبب البَطَن أو سلسل البول أو سلس الريح يمكن أن يقال بعموم هذا الحكم له فيكون من حقَّه النيابة على وجه الرخصة كما ذكرنا سابقاً . وتبقى المسالة من هذه الناحية مرتبطة بوجدان الفقيه فرُبَّ فقيه يحكم وجدانه كما حكم وجدان الشيخ النائيني(قده) ورب فقيه آخر يحكم وجدانه بالعكس ويميل إلى ما ذكره السيد الخوئي(قده) ، والأمر سهل من هذه الناحية.
 النقطة الثالثة:- ماذا تصنع المستحاضة أثناء طوافها ؟ ذكر (قده) أن الأحوط لها إذا كانت استحاضتها قليلة أن تتوضأ للطواف مرة وللصلاة بعد ذلك مرة أخرى فتاتي بوضوءين ، وإذا كانت متوسطة فتضم إلى ذلك غسلاً واحداً لهما فتغتسل غسلاً واحداً قبيل الطواف ثم تأتي بالوضوء لأجل الطواف وإذا أكملته تأتي بوضوء آخر لأجل الصلاة ، وأما إذا كانت استحاضتها كثيرة فتكتفي بالغسل إذ أن رأيه بالنسبة إلى المستحاضة بالكثيرة أنها تكتفي بالغسل في صلاتها بلا حاجة إلى ضم الوضوء وهنا أيضاً كذلك تغتسل غسلاً واحداً لطوافها ثم بعد أن تأتي بالطواف تغتسل غسلاً آخر لأجل صلاتها .
 ثم قال:- هذا إذا لم تكن محدِثةً بالأصغر ، أما إذا كانت محدثة بالأصغر قُبيل الغسل فالأحوط لها ضم الوضوء إلى الغسل.
 وأنا أقول:- ومن هنا يكون أمر المستحاضة على رأي السيد الخوئي(قده) فيه شيء من العسر.
 ولو فرض أن المرأة كان يضرها الغسل لبرودةٍ أو غير ذلك فتكتفي بالتيمم . هكذا ذكر (قده) بالنسبة إلى حكم المستحاضة.
 وقبل أن نبين مدرك ذلك نشير إلى نكتتين:-
 النكتة الأولى:- لو رجعنا إلى روايات المسالة لرأينا أنه لا توجد فيها روايات كثيرة ، وفي نفس الوقت ان تلك الروايات القليلة مجملة في تعبيرها ، فهي من حيث الكمِّ قليلة ومن حيث التعبير مجملة.
 وعلى أي حال عندنا روايات ثلاث في المسالة والمهم منها واحدة وهي صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري ومضمونها هو أن المستحاضة إذا قامت بوظيفتها فليأتها زوجها ولتطُف بالبيت ، هذا ما جاء في صحيحة البصري.
 وأما الروايتان الأخريان فهما تشتملان على هذا المضمون وهو أن المستحاضة يجوز لها أن تطوف بالبيت خلافاً للحائض ، ولكن لم تبين كيف ذلك .
 أما رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري فهي ( سألت أبي عبد الله عليه السلام أيطؤها زوجها وهل تطوف بالبيت ؟ ........ تصلي كل صلاتين بغسل واحد وكل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت ) [2] ، وهي كما ترى ركيكة التعبير فانه ذكر المبتدأ بلا خبر حيث قيل ( وكل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت ) انه لا معنى لأن يذكر في جواب المبتدأ صيغة ( فليأتها ) بل التعبير المناسب هكذا ( وإذا استحلت الصلاة بإعمال وظيفتها فيجوز لزوجها ... ) أو ما شاكل ذلك من صيغ التعبير الأخرى ، ولكن رغم أن في التعبير شيئاً من الاضطراب والرِّكَّة ونحن في باب الظهور نتوقف عن التمسك بظواهر التعابير التي فيها شيء من الرِّكَّة ولكن إنما نتوقف فيما إذا أردنا أن نستفيد أموراً دقيقةً من الرواية ، فاستفادة الأمور الدقيقة شيء مشكل ما دام التعبير يشتمل على الاضطراب فان الأمور الدقيقة ينبغي أن تستفاد من الشخص الذي تكون تعابيره منسجمة وجيدة ، وأما إذا كانت هناك رِكَّة في تعبيره فهل انعقدت السيرة على العمل بكلامه ، ومدرك حجية الظهور كما نعرف ليس هو الا السيرة ؟ إننا نشك في انعقاد السيرة في مثل ذلك.
 ولعله يصح لي أن أُمثل بهذا المثال :- وهو موثقة عبد الله بن بكير الواردة في لباس المصلي حيث جاء فيها ( وكل ما لا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وجلده وشعره حرام ) ثم أخذ يكرر هذا التعبير بشكل وآخر بحيث أن الناظر في الرواية يفهم الركاكة في التعبير بوضوح ، انه في مثل ذلك وقع الكلام بين الفقهاء في أنه هل نستفيد من هذه الرواية شرطية حلّيّة الأكل في اللباس أو مانعيَّة حرمة الأكل ؟ فبعض تمسك بالتعبير بالحلّيِّة وقال :- انه قال ( كل ما يحل لحمه فالصلاة في وبره و.. جائز ) فجعل المدار على حلّيّة اللحم ، بينما تمسك البعض الآخر بالتعبير الآخر وقال:- انه قال ( وكل ما لا يجوز أكل لحمه فالصلاة في وبره و ..... حرام ) انه يستفاد من هذا التعبير مانعيَّة حرمة الأكل لا شرطيَّة حلّيَّة الأكل ، وتظهر الثمرة بينهما في مجال إجراء الأصول العملية.
 ونحن في هذا المجال نقول:- ان التمسك بتعبير ابن بكير في هذا المجال شيء مشكل فانا نريد أن نستفيد دقائق هذه الأمور من هذا التعبير ، وهو كما نرى ليس ضابطاً وعارفاً بالتعابير الصحيحة . نعم يمكن استفادت الأمور غير الدقيقة منه إذ بالتالي نستفيد من هذه الرواية أنه يلزم في الصلاة أن لا يكون الثوب أو غيره من حيوان لا يؤكل لحمه ، أما أن حلّيَّة الأكل هي شرطٌ أو أن حرمة الأكل هي مانعٌ فهذه لا يمكن استفادتها من هذا التعبير ، أما أصل الاعتبار في الجملة فهو شيء واضح من الرواية ولا تأمل فيه فنأخذ به.
 إذن نحن نُفصِّل بين ما إذا كان الشخص لا ضبط في تعبيره لا يمكن أن نستفيد من تعبيره دقائق الأمور ، وأما ما ليس من دقائق الأمور وما يكون واضحاً من كلامه بلا حاجة إلى إعمال دِقَّة فهذا نأخذ به .
 وإذا رجعنا إلى روايتنا هذه - وهي صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري - فصحيحٌ أنا نرى شياً من الرِّكَّة في تعبيرها ولكنها واضحة بأنه لو قامت المستحاضة بوظيفتها جاز أمران الأول أن ياتيها زوجها والثاني أن تطوف بالبيت ، ان هذا المقدار واضحة فيه فنأخذ به ولا موجب للتوقف.
 الرواية الثانية:- صحيحة زرارة الواردة في قضية نفاس أسماء ، وهي رواية طويلة وقد جاء فيها ( ان دم نفاسها استمر ثمانية عشر يوماً فسألت النبي صلى الله عليه وآله ماذا تفعل فأمرها أن تضع الخرقة وتطوف ) [3] ، بتقريب:- أن الدم بعد ثمانية عشر يوماً هو استحاضة - بناءاً على أن دم النفاس لا يكون أكثر من عشرة - وأما إذا قلنا انه يمكن أن يكون أكثر من عشرة فلا يمكن التمسك بها.
 الرواية الثالثة:- مرسلة يونس بن يعقوب عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام ( المستحاضة تطوف بالبيت وتصلي ولا تدخل الكعبة ) [4] وهي كما ترى مرسلة ، مضافاً إلى أنها لم تبين الوظيفة وإنما قالت ( تطوف بالبيت ) أي يجوز لها أن تطوف بالبيت،أما ماذا تعمل قبيل ذلك ؟ لم تشر إليه.
 إذن المهم من هذه الروايات الثلاث هي الرواية الأولى - أي صحيحة البصري - فينبغي أن نكون على هدىً وبصيرة منها.


[1] المعتمد 4 321.
[2] الوسائل 13 462 91 ابواب الطواف ح3.
[3] المصدر السابق ح1.
[4] المصدر السابق ح2.