32/03/02


تحمیل

الموضوع: المسالة 250

 قلنا ان حرمة الجدال على المحرم هي في الجملة لا اشكال فيها

 و هل تعتبر الفقرتان بلى والله ولا والله او تكفي الخصومة وحدها؟

 قلنا ان العامة قالوا بكفاية الخصومة واخذوا بالمعنى اللغوي بكلمة الجدال وهو ناشئ من تركهم لاهل البيت (عليهم السلام)

 وقلنا بعد البناء على اعتبار الفقرتين فهل لابد من وجود خصومة الى جنب صدور الفقرتين

 قلنا ان صاحب الجواهر نسب الى العلامة في التذكرة وغيره انه يكفي مجرد تحقق الفقرتين ولو لم يكن هناك خصومة

 وقد ذهب السيد الخوئي الى انه لاتعتبر الخصومة بل تكفي الفقرتان

مستندا بذالك الى وجهين

الاول: التمسك باطلاق مادل على ان الجدال هو عبارة عن فقرة بلى والله ولا والله

 من قبيل صحيحة معاوية انما الجدال قول الرجل بلى والله ولا والله ولم يقل (عليه السلام) بشرط انضمام الخصومة الى هاتين الفقرتين وانما جعل هاتين الفقرتين مصداقا للجدال واطلق

 وهذا يفهم منه ان الخصومة ليست معتبرة في تحقق الجدال بمعناه الشرعي

الثاني: انه قد ورد في صحيحة ابي بصير سالته عن المحرم يريد ان يعمل العمل فيقول له صاحبه والله لاتعمله فيقول والله لاعملنه فيحالفه مرارا يلزمه مايلزم الجدال؟ قال لا انما اراد بهذا اكرام اخيه

 ان هذه الصحيحة تدل على ان الخصومة ليست معتبرة فانه (عليه السلام) قد ابرز المانع من تحقق الجدال وانه اراد بذالك اكرام صاحبه ولو كان صدق الجدال يتوقف على الخصومة كان المناسب ان يعلل (عليه السلام) لاجدال اذ لاخصومة فان المناسب عند عدم تحقق المقتضي للشيئ التعليل بعدم المقتضي لا التعليل بوجود المانع والتعليل بوجود المانع يدل على تحقق المقتضي

 فلو كانت النار غير متحققة فمن المناسب ان تقول لا احراق لانه لا نار وليس من الصحيح ان تعلل بالمانع ونقول الرطوية موجودة والامام (عليه السلام) حيث علل بالمانع فمعناه انه لايعتبر في تحقق الجدال الخصومة والا ّ كان المناسب التعليل بان هذا ليس بجدال اذ لاخصومة فيهما

وكلاهما قابل للتأمل

اما الاول: وهو التمسك باطلاق الروايات فباعتبار انه يمكن ان يقال ان هذا الاطلاق نشأ من الاعتماد على قضية مستبطنة واضحة فالكل يعرف ان الجدال لايتحقق عرفا الا اذا كان هناك خصومة فمن المحتمل ان الامام (عليه السلام) قد اعتمد على هذا الوضوح، فاحد الجزئين لتحقق الجدال وهو الخصومة لم يذكره الامام (عليه السلام) اعتمادا على الوضوح العرفي واخذ ببيان الجزء الثاني وهو قول لا والله وبلى والله فان اعتباره خفي فاخذ (عليه السلام) ببيانه

 ولك ان تقول طبق الصياغة الفنية التي اشرنا اليها سابقا وهي ان شرط انعقاد الاطلاق استهجان عدم التقييد لو كان المتكلم يريد الحصة الخاصة المقيدة فهنا لو لم يقيد نستكشف ثبوت الاطلاق اما اذا لم يستهجن من المتكلم عدم التقييد عند ارادته للحصة فلا ينعقد الاطلاق

 وفي مقامنا لو ظهر المتكلم اعني الامام الصادق (عليه السلام) وقال مقصودي من الجدال ما اذا كانت خصومة انظمت الى قول لا والله وبلى والله وليس الجدال مجرد قول لاوالله بدون خصومة وانما لم اقييد لوضوح المطلب عرفا فاننا سنقبل اعتذاره ولا نستهجن منه عدم التقييد بالخصومة ومعه فلا ينعقد الاطلاق

واما الثاني: فوجه التامل باعتبار ان هذه الصحيحة يمكن تصور تحقق الخصومة فيها لان احد الطرفين قال والله لاتعمله والطرف الاخر قال والله لاعملنه وهذا نحو من الخصومة غايته خصومة بين الاحبة وللمودة والاكرام

والنتيجة ان هاذين الوجهين لا يدلان على عدم اعتبار الخصومة في تحقق الجدال بمعناه الشرعي ومعه يلزم التمسك بظاهر اللفظ فان ظاهره العرفي اعتبار الخصومة غايته لم يكتفي الشرع بهذا المقدار بل اضاف قيدا اخر وهو قول لا والله وبلى والله

 اذا الجدال هو الخصومة المقترنة بقول لا والله وبلى والله

 ويمكن ان نظيف بيانا اخر لاعتبار الخصومة، وهو

 التمسك بظاهر (بلى و لا) فانهما تستعملان عادتا اذا كان هناك شيئ من النزاع والخصومة فتقول بلى فعلت او تقول لا لم افعل اما اذا لم تكن خصومة فلايستعان بكلمة (بلى و لا) خصوصا بضم القسم فضم القسم الى (بلى و لا) يرشد الى وجود الخصومة واعتبارها

هل يكتفى بالحلف بغير الصيغتين المذكورتين؟

 نسب صاحب الجواهر في ج18 ص 362 الى الشهيد الاول انه اكتفى بما يوازي الصيغتين من لغة اخرى بل بمطلق اليمين والقسم

 وقد استشكل صاحب الجواهر وقال وكذا الاشكال فيما في الدروس ايضا فانه بعد ان حكى عن بعض الاصحاب تخصيص الجدال بهاتين الصيغتين قال والقول بتعديتها الى ما يسمى يمينا اشبه

 ولم يذكر له دليل على ذالك ولعل الوجه هو التمسك بما دل على ان الجدال هو مطلق اليمين من قبيل صحيحة معاوية الاخرى حيث جاء فيها واعلم ان الرجل اذا حلف بثلاث ايمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه

 انه (عليه السلام) قال اذا حلف بثلاث ايمان والحلف يصدق بغير فقرة بلى والله ولا والله

 هكذا قد يقال في توجيه ما افاده الشهيد الاول

ويرد

اولا: انه قد يقال بعد انعقاد الاطلاق في مثل الصحيحة المذكورة انها بصدد بيان التفرقة بين اليمين الصادقة والكاذبة

 فالصادقة يعتبر فيها المرّات الثلاثة بينما اليمين الكاذبة يكتفى بها بالمرة الواحدة، فهو (عليه السلام) بصدد التفرقة بين اليمين الصادقة والكاذبة ومعه لاينعقد الاطلاق لان شرط انعقاد الاطلاق ان يكون المتكلم في مقام البيان من جهة الاطلاق والامام (عليه السلام) ليس بصدد بيان كفاية مطلق اليمين او اعتبار حصة خاصة وانما هو بصدد بيان انه في اليمين الصادقة تعتبر الثلاث وفي الكاذبة تكفي المرة

ثانيا: لو سلمنا انعقاده فهو مقيد بما دل ان الجدال هو عبارة عن قول لا والله وبلى والله من قبيل صحيحة معاوية الاخرى فقد جاء فيها انما الجدال قول الرجل لاوالله وبلى و الله

وثالثا: لو تنزلنا وقلنا المورد لا يقبل التقييد فتخص للمعارضة بين الرواية التي تكتفي بمطلق اليمين وبين هذه التي تعتبر خصوص الصيغتين فيتساقطان ونرجع الى اصل البرائة في مورد الشك وهو الانعقاد بغير الفقرتين

 وتعود النتيجة واحدة على كلا التقديرين اي سواء قلنا بالتقييد او قلنا بالتعارض والتساقط والرجوع للبرائة

 ولصاحب الجواهر كلام في هذا المقام اي في مقام الرد على الشهيد الاول

 ولكنه لم يرد كما صنعنا وانما قال في ج18 ص 362 ضرورة كونه بعد حمل المطلق على المقيد وهو اشارة الى الرد الثاني- كالاجتهاد في مقابلة النص الحاصر للجدال فيهما والمصرح بعدم كون قول لعمر الله ونحوه جدالا والمعتضد باصل البرائة ونحوه وبالفتاوى ومعقد الاجماع المذكور

 وكان المناسب الاقتصار على الاول، اي ان هذا من موارد الجمع بالتقييد فلامجال لماذكرته وهو كالاجتهاد في مقابل النص ولا يحتاج الى قوله والمعتضد باصل البرائة فهذا لامعنى له

 وهكذا لامعنى لقوله وبالفتاوى ومعقد الاجماع فان فتاوى الاصحاب لا عبرة بها في مقام الترجيح واما الاجماع فلاعبرة به حيث ان المسالة واجدة للنص والاجماع حجة بعد عدم النص

 ولكن المناسب صناعيا هو الاكتفاء بمطلق مايدل على ذات الجلالة وان لم يكن بلفظ الجلالة فيكفي ما يوازيه من قبيل (بلى وملك يوم الدين) ونحو ذالك من الاوصاف المشيرة بالصراحة الى الذات المقدسة

 والوجه في ذالك