36/07/13


تحمیل
الموضـوع:- مسألة ( 15 ) - المكاسب المحرمة -كتاب التجارة.
النقطة الثالثة:- الأحوط وجوباً عدم تمكين الكافر من المصحف المبارك إلّا إذا كان ذلك لهدايته وإرشاده.
والمناسب أن يقال:- إنّ التمكين بمجرده لا محذور فيه إلّا إذا لم يلزم عنواناً ثانوياً كالهتك والاهانة، فالتمكين إذا كان موجباً لذلك كما لو فرض أنّه يضع رجله على القرآن الكريم أو ما شاكل ذلك فهذا التمكين يستلزم الاهانة والهتك فهنا لا يجوز ذلك، ولا نقول ذلك بنحو الاحتياط الوجوبي بل نقول لا يجوز ذلك بنحو الفتوى، أما إذا فرض أنّ التمكين ليس للهديّة وفي نفس الوقت لا يوجب الاهانة والهتك كما لو فرض أنّ القرآن الكريم كان موضوعاً إلى جنبة أو في منطقةٍ أعلى منه وهو لا يهين القرآن الكريم فمجرد تمكينه لا محذور فيه، اللهم إلّا أن يدّعي مدعٍ أنّ نفس التمكين فيه شبهة الإهانة الوهتك والعهدة عليه.
إذن لنجعل المدار على الإهانة والهتك، فمتى لزم ذلك فلا يجوز بنحو الفتوى لا بنحو الاحتياط الوجوبي ومتى لم يلزم ذلك فيجوز بلا حاجة إلى احتياط وجوبي.
النقطة الرابعة:- هل يجوز بيع الكتب المشتملة على بعض الآيات والروايات والأدعية على الكافر أو تمكينه منها أو لا؟
والجواب:- نعم لا محذور في ذلك فإن عنوان الاهانة والهتك والسبيل والعلّو لا ينطبق على ذلك مادام الكتاب ليس قرآناً، نعم نستدرك ونقول إنَّ مثل نهج البلاغة والصحيفة السجّاديّة أو الكتب الأخرى المشتملة على الأدعية كمفاتيح الجنان أو غير كتب الأدعية التي فيها استشهاد بالقرآن الكريم وبالروايات الشريفة بكثرة فهذه أيضاً لابد وأن يلتفت إلى أنّه قد يلزم محذور الاهانة والهتك عند تمكين الكافر منها رغم أنّها ليست بقرآن ولكن مع ذلك كثرة القرآن الموجود فيها أو الدعاء قد يوجب ذلك، فالمناسب جعل الضابط والمدار على الاهانة والهتك للدعاء وللقرآن من دون فرقٍ بين نفس القرآن وبين الكتب المشتملة على الأدعية والقرآن الكريم.

مسألة ( 15 ):- يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمراً، أو الخشب مثلاً ليعمل صنماً أو آلة لهوٍ أو نحو ذلك سواء اكان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أو في خارجه.
وإذا باع واشترط الحرام صح البيع وفسد الشرط.
وكذا تحرم ولا تصح إجارة المساكن لتباع فيها الخمر أو تحرز فيها أو يعمل فيها شيء من المحرّمات، وكذا تحرم ولا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غيرها لحمل الخمر، والثمن والأجرة في ذلك محرّمان.
وأما بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمراً أو إجارة السكن ممن يعلم أنه يحرز فيه الخمر أو يعمل بها شيئاً من المحرمات من دون تواطؤهما في عقد البيع أو الاجارة أو قبله فقيل إنه حرام وهو أحوط والأظهر الجواز.[1]
..........................................................................................................
هذه المسألة تحتاج إلى توضيح، وفي البداية نقول:- فرق هذه المسألة عن المسالة ( 8 ) الواردة في آلات اللهو والقمار هو أنّ تلك المسألة تتناول البيع لشيءٍ تكون فائدته منحصرة بالحرام، أمّا هنا فالعنب أو الخشب لا تنحصر فائدته في الحرام بل له فائدة محلّلة وفائدة محرّمة ونحن هنا نريد أن نتكلّم عن حالات هذا القسم فإنّ لهذا القسم ثلاث حالات:-
الحالة الأولى:- أن يباع ولا تكون الفائدة المحرّمة مشترطة ولا يُعلَم بتحققها، كأن يبيع عنباً لشخصٍ ولا يشترط عليه أن يصنعه خمراً ولا يعلم أنّه يصنعه خمراً، إنّ هذه الحالة جائزة بلا إشكال وتدخل في المسألة الثامنة حيث ذُكِر فيها أنّ بيع الآلة المشتركة لا مشكلة فيه، وهذا من المشتركات أيضاً، وإنما ذكرت هذه الحالة لأجل استيعاب حالات البيع.
الحالة الثانية:- أن يباع العنب وهكذا الخشب وغيرهما من هذه الاشياء بشرط أن يصنعه خمراً، وهنا حكم(قده) بالحرمة التكليفيّة وببطلان الشرط دون بطلان أصل المعاملة- فالشرط باطل وبطلان الشرط لا يستلزم بطلان المعاملة-.
وتلحق بها صورتان:-
الصورة الأولى:- أن يفترض التواطؤ على صنع العنب خمراً لا أنه يشترط في متن العقد، يعني أنّه اتفاقٌ من دون اشتراطٍ لفظيّ صريح - والتواطؤ يكون أثناء العقد أو قبله -.
وهنا الحكم هو الحكم - أي أنّ المعاملة حرام تكليفاً وفساد التواطؤ لا يوجب فساد المعاملة -.
ولكني ألفت النظر إلى شيء:- وهو أنّه(قده) ذكر هذه الصورة وألحقها في الحالة الأولى في عبارة المتن بشكلٍ يوحي أنها حالة أخرى وقد تكون مغايرة من حيث بعض الجهات والحال أنها نفسها غايته أن الفارق في أصل الحالة الثانية أنَّ الشرط صريح فيقول له ( أبيعك العنب بشرط أن تصنعه خمراً )، أما في هذه الحالة الملحقة فهو لا يصرّح بذلك بل يوجد اتفاق بينهما قبل العقد أو في اثنائه ولكن من دون أن يذكر في متن العقد، فلنلاحظ عبارة المتن حيث قال:- ( يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل تمراً أو الخشب مثلاً ليصنع صنماً أو آلة لهو أن نحو ذلك سواء كان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أن في خارجه وإذا باع واشتر الحرام صحّ البيع وفسد الشرط ) ، إن قوله ( وإذا باع واشترط ) يوحي بأنّه هنا يوجد اشتراط وهناك لا يوجد اشتراط والحال أنّه في كليهما يوجد اشترط ولكن في واحدةٍ يوجد اشتراط صريح وبالحمل الاوّلي وفي الثانية غير صريح وبالحمل الشائع، فواقع الاشتراط موجودٌ ولا فرق بينهما ولكن عبارته قد صاغها بشكلٍ يوحي بالمغايرة.
ثم قال:- ( وإذا باع واشترط الحام صح البيع وفسد الشرط )فهذا يوحي بأنّ فساد الشرط يكون هنا أمّا في صورة التواطؤ فلا والحال أنه واحدٌ من هذه الناحية.
الصورة الثانية:- أن يفترض أنّ المعاملة ليست بيعاً وإنما هي إجارة، كأن آجر البيت ليصنع فيه الخمر أو السيارة ليحمل فيها الخمر أو ما شاكل ذلك فهنا تكون المعاملة حرام كما في صورة البيع واشتراط الحرام ولكن الفارق هو أنّ المعاملة هناك صحيحة والفاسد هو الشرط أما هنا فأصل الاجارة يكون فاسداً.
ولماذا يكون الشرط الفاسد ليس مفسداً لمعاملة البيع لكنه يفسد الإجارة ؟
والجواب:- إن النكتة هي أنّه في البيع يكون التمليك للعنب وتمليكه شيءٌ جائز ولا مشكلة فيه غايته اشترط إلى جنبه شيئاً محرّماً ويكمن أن يقال - على كلامٍ وقيل وقال- إنّ الشرط الفاسد مفسدٌ أو لا ؟ ولكن بالتالي وقعت المعاملة على الأمر الحلال - وهو العنب -، فأصل المعاملة يمكن الحكم بصحته لأنه تمليكٌ لشيٍ جائز.
وهذا بخلافه في الإجارة فإنّ إجارة السيارة لحمل الخمر يعني أنّ الإجارة هي تمليك للمنفعة وهي حمل الخمر وحمل الخمر حرام، فأصل هذا التمليك هو تمليكٌ لما هو حرام فلا يقع صحيحاً.
الحالة الثالثة:- أن يبيع العنب أو الخشب ويعلم أنه يصرفه في الحرام حتماً ولكن لم يشترط عليه ذلك، فهنا حكم البعض بحرمة هذه المعاملة، ولكن السيد الماتن(قده) يرى أنها جائزة وإن قيل بحرمتها من قبل بعض.