36/12/19


تحمیل

الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة,18[1] .

 

ادلة التحريم

الدليل الاول: وعبر عنه الفقهاء بعبارات مختلفة بمعنى واحدٍ ففي المدارك (لأصالة عدم جواز إجبار المسلم على غير الحق الواجب عليه)[2] وحق الاستمتاع للزوج غير ثابت اذا كان يؤدي إلى الايقاع في الحرام, فلا يجوز اجبارها على ذلك.

وعبر بعضهم بحرمة اكراه المسلم والتصرف ببدنه في غير ما دل الدليل عليه والمتيقن من الدليل من جواز الاستمتاع بالزوجة ما لم يكن معارضاً لحق الهي واجب على الزوجة.

وتمامية هذا الدليل تتوقف على الالتزام بعدم ثبوت حق للزوج بالاستمتاع بالبضع في ما اذا كان موجباً لوقوع الزوجة في الحرام أو موجباً لتركها لواجب, وأما اذا لم نلتزم بذلك لأطلاق ما دل على ثبوت هذا الحق حتى في هذه الحالة فأنه يجوز للزوج اخذ حقه ولو بالإكراه.

فالمسألة ترتبط بتنقيح حدود حق الزوج بالاستمتاع بالبضع, فهل هو ثابت بشكل مطلق؟؟ أو مقيد بما اذا لم يؤدي إلى وقوعها في حرام أو تركها لواجب؟؟

والذي يبدو _والله العالم_ أن دليل هذا الحق للزوج ليس فيه هذا الاطلاق والسعة بحيث يشمل هذه الحالة, والسر في ذلك هو أن دليل ثبوت حق الاستمتاع بالبضع للزوج مستفاد من الادلة التي تأمر في اطاعة الزوجة للزوج في هذه المسألة, وهذا الدليل مقيد بأن لا يكون في اطاعة الزوج معصية وحرام عليها, فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, وهذا يعني أن الحق ليس مطلقاً.

نعم قد يقال بأن الدليل الدال على ثبوت هذا الحق بشكل مطلق هو قوله تعالى ﴿ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [3]

لكن الظاهر أن الاستدلال بهذه الآية الشريفة ليس في محله لأنها مقيدة بما لم يكن محرم عليها, كما انها مقيدة بما لم يكن محرم عليه كما في حال الحيض والاحرام, ولا اقل من التشكيك في وجود الاطلاق في الآية بحيث يمنع من الاستدلال بها على ثبوت هذا الحق في محل الكلام, ومن هنا يظهر والله العالم _ وان كان المسألة تحتاج إلى تتبع اكثر_ أن الصحيح عدم ثبوت حق الزوج في هذه الحالات, لكن هل أن عدم ثبوت هذا الحق للزوج في هذه الحالات يستلزم حرمة الاكراه بالنسبة للزوج؟؟

والجواب عن ذلك هو عدم الملازمة فيمكن القول بعدم ثبوت الحق له ويجوز له اكراه الزوجة على الجماع في هذه الحالة كما سيأتي.

الدليل الثاني: أن يقال بحرمة التسبيب إلى وقوع فعل الحرام وان لم يقع محرماً من الفاعل حين الاكراه (بسبب الاكراه), فيطبق ذلك في محل الكلام لأن الجماع حرام على الزوجة الصائمة, واذا صدر منها في حالة الاكراه لا يكون حراماً, فإذا تسبب الزوج في ذلك يقال بأنه يحرم عليه لأنه صار سبباً في صدور الحرام من الزوجة وان لم يكن هذا الفعل قد صدر منها على نحو محرم حين صدوره .

ويرد عليه عدم الدليل عليه كقاعدة كلية في جميع الموارد, نعم الارتكاز المتشرعي _ واستندوا على الارتكاز المتشرعي لعدم الدليل حتى على المستثنى_ يسمح بالالتزام بحرمة التسبيب في محرمات معينة كقتل المؤمن وشرب الخمر وما يرتبط بالفروج وامثال ذلك كما تقدم, ويجمعها (ما نعلم بإهتمام الشارع به وعدم رضاه بحصوله في الخارج ولو على نحو غير محرم لكون الفاعل معذوراً).

ومحل كلامنا ليس من قبيل ما نعلم أن الشارع لا يرضى بحصوله في الخارج ولو على نحو غير محرم لكون الفاعل معذوراً, لعدم الوضوح بأن الجماع بالنسبة إلى الزوجة الصائمة من المحرمات التي لا يرضى الشارع بتحققها ولو على نحو غير محرم, وعليه لا دليل على حرمة التسبيب في المقام.

وحاول البعض أن يستفيد حرمة التسبيب من نفس دليل حرمة الفعل, فإذا دل الدليل على حرمة شرب الخمر مثلاً يفهم منه_ بالفهم العرفي_ حرمة الشرب وحرمة التسبيب إلى صدوره في الخارج, أي يفهم من الدليل الذي ينهى عن صدور الفعل أن الشارع لا يرضى بحصول هذا الفعل في الخارج, بقطع النظر عن كونه حاصل من أي شخص وهل يحصل منه بالمباشرة أو بالتسبيب, فالاستثناء المتقدم لقتل النفس المحترمة وشرب الخمر والزنا ليس مختصاً بهذه الامور وإنما هو ثابت في كل حرام.

وهذه الدعوى غير تامة لعدم امكان استفادة حرمة التسبيب من الدليل الذي مفاده حرمة المباشرة فقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)[4] يعني يحرم عليكم اكل الميتة, ولا يصدق على السبب في اكل الميتة أنه اكلها فلا يشمله الدليل, فأثبات حرمة التسبيب يحتاج إلى مؤنة زائدة وهي ما تقدمت من اننا بأرتكازاتنا المتشرعية نعلم بأن بعض المحرمات لا يرضى الشارع بحصولها بأي شكل كان (من الصغير أو الكبير, من المعذور أو غير المعذور).

ومن هنا يبدو أن هذا الدليل لأثبات التحريم محل كلام.